مقابلات
PrintEmail This Page
جريدة السياسة الكويتية
12 تشرين الثاني 2002
1- نوهتم بالتحضيرات القائمة لانعقاد باريس 2 هل تعتقدون ان الأجواء الحاضرة من دولية واقليمية مهيأة لنجاح هذا المؤتمر أقله من حيث التوقيت؟؟

فعلت ذلك من منطلق مبدئي عندي على المستويين الرسمي والخاص، فأنوّه بالاداء الجيد وبالانجازات وبكل ما هو ايجابي عندما أراه وأنتقد ما يبدو خطأ أو خللاً أو تقصيراً عندما يحصل. فلا أنا من جماعة "عنزه لو طارت" ولا أنا من حملة المباخر.
أما بالنسبة لمؤتمر "باريس 2" فاني أعتقد أن الرئيس شيراك ما كان ليدعو اليه لو لم تتكوّن لديه القرائن والتوقعات بأنه سينجح حتى لو كان النجاح جزئياً، كما أن الرئيس الحريري لا بد انه قد تجمّعت عنده ما يكفي من الدوافع والحوافز ليعتبر ان الوقت ملائم للمؤتمر؛ خاصة وان
عامل الوقت مهم نظراً للعبء المالي الكبير المترتب على لبنان وتفاقم الوضع الاقتصادي والاجتماعي.
وفي كل حال، على الحكومة ان لا توفّر وسيلة تلجأ اليها لتخطي هذه المرحلة.



2- ركّز الرئيس لحود في خطاب القسم على دولة القانون والمؤسسات وأنتم تدعون باستمرار الى ذلك والى دولة الحرية والعدالة والديموقراطية وتكافؤ الفرص والانماء المتوازن. برأيكم هل ذلك بمثابة حلم أم أنه أمل قريب؟؟

دعني أوضح أولاً اننا في نظام برلماني ديمقراطي ولسنا في نظام رئاسي ورئيس الجمهورية ليس ديكتاتوراً ولا حاكماً فرداً ليكون له ما يريد –كما انه ليس في البلاد حزب أكثرية حاكم وحزب أقلية معارض.
فالحكومة مؤلفة من قوى عائلية وطائفية ومناطقية فضلاً عن الحزبية، هذا دون أن ننسى ما سبّبته الحرب من مشاكل ومعضلات وما خلّفت من رواسب وكل ذلك يحتاج الى الصبر والوقت والى اعادة تأهيل البشر والحجر. لأننا ما زلنا، مع الأسف الشديد، نشكو من دولة الطوائف والمذاهب والمزارع والمحسوبيات. ومع هذا فانني شديد الثقة بالانسان اللبناني وبطموحه وبقدرته على ايجاد الحلول والمخارج.
فالانسان هو رأسمال لبنان الأول بما يتمتع به من طموح وذكاء وتوق الى الأفضل.  أضيف الى ما تقدم ارتباط العديد من مصاعبنا السياسية والاقتصادية بالوضع العام في الشرق الأوسط. اننا نتطلع الى حل عادل وشامل في هذه المنطقة لتنعكس نتائجه على دولها وعلى الاستقرار لتتمكن من السير بشعوبها في معارج النمو والازدهار والتقدم. ويقيني ان الرئيس والحكومة يقومان بكل ما بوسعهما للتخحفيف من الهموم والهواجس والقلق، كما ان مجلس النواب متجاوب مع كل ما تقدمه له السلطة التنفيذية من مشاريع قوانين.

3- الوضع في الشرق الأوسط على شفيير الحرب؛ كيف تنظرون الى التطورات المحتملة وهل توافقون الرأي بأن لبنان سيكون الأقل تأثراً بالحرب اذا وقعت؟؟

اعتقد ان لبنان اذا لم يتأثر من الحرب بحد نفسها فانه سيتأثر، ولا شك، بالنتائج التي ستفرزها هذه الحرب، لأن السؤال المطروح ماذا سيحل بمشكلة الشرق الأوسط ككل والصراع العربي الاسرائيلي، وكيف ستحل القضية الفلسطينية وكيف سيعالج موضوع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان؟؟

4- هل يعني ذلك ان ثمة تخوفاً من توطين الفلسطينيين في لبنان؟

انا من الذين يعتقدون انه يستحيل على اية قوة مهما عظمت ان تفرض على بلد ما يرفضه اجماع شعب هذا البلد،
فالتوطين مرفوض لبنانياً والدستور اللبناني تضمّّن هذا الرفض عندما قال "لا توطين ولا تجزئة ولا تقسيم" لأن واقع لبنان الديمغرافي والاجتماعي لا يسمح بالتوطين، فاذا كانت كثافة السكان فيه تجاوزت الخمسماية بالكيلومتر المربع واذا كان العديد من اللبنانيين يهاجرون للتفتيش عن فرص عمل لهم فكيف يمكن للبنان ان يستوعب عدداً اضافياً الى سكانه.
والتوطين مرفوض فلسطينياً لأن هدف الفلسطينيين الأخير هو العودة الى ديارهم ومنازلهم وقد نصّ القرار 194 الصادر عن مجلس الأمن بحق العودة.
والتوطين مرفوض عربياً واحدى قرارات القمة العربية التي عقدت مؤخراً في بلدنا برئاسة الرئيس لحود نصت على ذلك.

5- استناداً الى ما تملكون من نظرة شاملة وواعية لأحداث المنطقة والعالم كيق ستكون عليه بنظركم صورة الشرق الأوسط في المرحلة المقبلة؟ وهل ترون، كما يرى بعض المحللين والمراقبين، ان تغييرات ديمغرافية وتقسيمات عرفية ومذهبية ستكون قدراً حتمياً لهذه المنطقة؟؟

من البديهيات القول انه اذا كنا نعرف كيف تبتدىء الحروب فاننا لا نعرف كيف تنتهي.
ومع ذلك فمن المعلوم ان موضوع انشاء الكيانات المذهبية والعرفية في المنطقة انما هو هدف اسرائيلي لتتصارع هذه الكيانات فيما بينها – اذا ما اتيح لها ان ترى النور- وتريح اسرائيل التي كان من اهدافها ايضاً القضاء على النموذج اللبناني، القائم على تلاقي الأديان والحضارات وتفاعلها، لتثبت انه نموذج غير قابل للحياة وبالتالي غير صالح للاقتداء به في فلسطين.
وفي كل حال اني أرى ان تحقيق الكيانات المذهبية امر صعب المنال نظراً للتعقيدات التي تحيط به ولمواقف الدول المعنية بذلك في المنطقة كتركيا والعراق وايران ولبنان.
وان من المفارقات اللافتة في العالم انه من جهة يتجه الى العولمة والانفتاح والاتحاد ومن جهة أخرى يتجه البعض منه الى الانفصال والتجزئة.

6- القضية الفلسطينية الى اين مصيرها برأيكم؟ وهل سنكون قريباً أمام "ترانسفير" فلسطيني جديد بما في ذلك ترحيل ياسر عرفات .

طالما العرب على تفككهم وعدم تضامنهم، فانني لا اميل كثيراً الى التفاؤل.

6- ما هي نظرتكم للحكومة الاسرائيلية الجديدة؟

انا لا أميّز بين سياسة حزب الليكود وسياسة حزب العمل. فقد يختلف الاثنان في الشكل والاسلوب ولكنهما في نهاية المطاف يلتقيان في الأهداف. ولا ننسى ان أكثر الحروب الاسرائيلية جرت في عهد حزب العمل؛ واني اعتقد ان ما يمكن ان يحد من مطامع اسرائيل وعنجهيتها هو التضامن العربي الصحيح في كل المجالات وعلى كل المستويات.

7- كيف تنظرون الى الحملة ضد الارهاب؟؟

نحن أول من دان الارهاب وشجبه لأن لبنان أكثر الذين عانوا منه، وبنفس الوقت كنّا أول من ميّز بين الارهاب وحق الشعوب المشروع من أجل تحرير أرضها من الاحتلال واستعادة سيادتها واستقلالها،
وقد سبق لي وقلت ان القضاء على الارهاب يجب أن يبدأ باستئصال أسبابه ومسبباته فالاحتلال يولّد الارهاب والعنف وكذلك الفقر والبؤس والظلم والأمية والتخلف .
يجب أن تتضافر جهود المجتمع الدولي لمكافحة هذه الآفات من جهة ومن جهة أخرى تمكين الشعوب الواقعة تحت الاحتلال من انتزاع حقوقها المشروعة في الحرية والتحرير وفقاً لما نصّت عليه مقررات الأمم المتحدة والمواثيق الدولية وشرعة حقوق الانسان كما يجب تبني خطة استراتيجية عربية موحدة، وتوظيف قدرات العرب وطاقاتهم لمواجهة التحديات والعمل بشكل جدي لكسب الصداقات والتأثير على الدول المؤثرة وخاصة الولايات المتحدة الأميركية وكيفية التعاطي مع العقل الغربي ووسائل الأعلام الغربية.
واذا كانت اسرائيل قوية بسبب تقدمها العلمي والتكنولوجي وتفوقها العسكري ودعم الولايات المتحدة لها فان من أسباب قوتها أيضاً ما أشرت اليه من ضعف العرب وعجزهم عن التضامن الفعلي لمواجهة العدو المشترك.