مقابلات
PrintEmail This Page
مجلات الحوادث – لا ريفو دي ليبان- ماندي مورننغ
12 حزيران 2003
- بالرغم من ان نائب رئيس مجلس الوزراء احتفظ بموقعه في الحكومة الجديدة، الاّ ان عدم رضاه عن هذه الحكومة بدا منذ اللحظة الأولى، لماذا؟ وأي حكومة كنتم تطمحون اليها؟

أؤكد لك بكل اخلاص انني لم ولا ولن أطلب شيئاً لنفسي. وأعتقد ان كل من يتابع ادائي السياسي منذ انخراطي في الحياة الوطنية اللبنانية يشهد على ذلك- واني عندما أتكلم، سواء بواسطة وسائل الاعلام او داخل مجلس الوزراء، أحاول ان أعبرّ عن هواجس وهموم الشعب وعن آماله وتطلعاته، وبالتالي فموقفي نابع من هذا المنطلق.
اما بالنسبة لنظرتي الى الحكومة الجديدة تحديداً (أو القديمة الجديدة) بامكانك ان تستطلع رأي 90 بالمئة من الناس وجوابي يكون جوابهم.
بالفعل الشعب كان ينتظر تشكيلة من نوع آخر تعكس حقاً رغباته وتكون حكومة ترضي سواده الأعظم. ولا اعتقد ان هذا الأمر تحقق بحيث بدت الحكومة وكأنها في آخر عهدها حكومة مُقعدة أو تصريف أعمال او أصابها الشلل وعاجزة عن الانتاج والفعالية.



- كيف يمكن بنظركم ان تكون حكومة نهاية العهد وما هي الانجازات المتوقعة منها ؟

الحقيقة ان استحقاقات عديدة تنتظرنا على المستويين الداخلي والخارجي: فداخلياً هناك مشاكل اقتصادية واجتماعية عديدة، وهناك وضع اداري سيئ للغاية، وهناك مناخ طائفي ومذهبي غير صحي، وهناك تفاقم في الدين العام، وهناك وحدة وطنية تحتاج الى ترسيخ وتحصين وهناك قضاء يتوق الى كامل استقلاليته، وهناك المحسوبيات والمحاصصات، وهناك اصلاح مالي واقتصادي مطلوب، وهناك الانتشار اللبناني في العالم لا نعيره ما يستحق من عناية ورعاية، وهناك قانون انتخاب عصري لا بد من اقراره، وهناك اللامركزية الادارية، وهناك المجلس الوطني الأعلى لالغاء الطائفية السياسية وهناك انتخابات بلدية قادمون عليها وهناك استحقاق رئاسة لا مهرب من مواجهته. وهناك وهناك...
هذه هي الانجازات المطلوبة وهذه هي المشاكل الواجب ايجاد الحلول لها.
أما خارجياً، فهناك وضع شرق أوسطي بالغ الدقة ومتغيرات اقليمية مقبلون عليها، وعولمة تشق طريقها بقوة، وعلينا ان نعرف كيف نتعاطى مع كل هذه بمسؤولية وجدية وبعد نظر. والاّ سبقتنا الأحداث والحلول وأصبحنا مهمشين ولا من يسأل عنا.
من هنا حاجتنا الى صحوة توفّر لنا مجاراة الأحداث ومواكبة العصر وتعبئة كل طاقاتنا وقدراتنا ليكون لنا موقع ودور تحت الشمس. هذا هو المرتجى منا سواء بهذه الحكومة او بسواها. المهم النتائج والخواتيم.




- غياب النظام الداخلي لمجلس الوزراء يحول دون الاحتكام الى مؤسسة هذا المجلس عند حصول اي خلاف بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء. لماذا التلكؤ في وضع هذا النظام ومن يمنع ذلك؟

الواقع ان هناك مرسوماً ينظم اعمال مجلس الوزراء صدر عام 1992، الا ان هذا المرسوم ينطوي على نقصان وثغرات واني بصدد تحضير مشروع لاستدراك ذلك في ضوء التجربة التي مررنا بها منذ الطائف حتى اليوم.
ولكن النظام الحالي لا يحول دون الاحتكام الى مجلس الوزراء عند حصول خلاف او تباين بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة لأن الفقرة الخامسة من المادة 65 من الدستور تنص على ما يلي:
"تتخذ القرارات توافقياً فاذا تعذر ذلك فبالتصويت بأكثرية الحضور باستثناء المواضيع الأساسية فانها تحتاج الى موافقة ثلثي عدد اعضاء الحكومة المحدد في مرسوم تشكيلها..."
مما يدل ان العلّة ليست في النص بل في تطبيق النص.

وماذا جدّ لموقع نائب رئيس مجلس الوزراء وصلاحياته؟ ولماذا لا تتقدمون بمشروع لتحديد هذه الصلاحيات؟

في الواقع لقد أجبت على هذا السؤال في أكثر من مقابلة صحفية. وقد تكون مناسبة لاؤكد على ما سبق وقلته وهو ان هذا المنصب موجود عرفاً في معظم الحكومات التي تشكلت منذ عام 1941 حتى اليوم، وكذلك منصب وزير الدولة، صحيح أنهما غير ملحوظين في الدستور الا ان الممارسة- وخاصة على مدى أكثر من ستين عاماً – يعطي العرف قوة الدستور والقانون وهذا ما اجمع عليه الخبراء في هذا الحقل.
الا ان هذا الواقع يجابه بآراء تقول:
- أنه لا يكون للمنصب كيانه القانوني والدستوري الا اذا عيّن صاحبه بنفس الوقت وزير دولة ونائباً لرئيس مجلس الوزراء.
- ان نائب الرئيس يجب ان يكون من نفس طائفة رئيس مجلس الوزراء، أخذاً بالاعتبار التوازن المتفق عليه في لبنان،
- ان لا صلاحيات محددة سواء في الدستور او القانون لهذا المنصب،
ويرد آخرون على ذلك بالقول:
- طالما ان مرسوم تشكيل الحكومة عيّن نائباً لرئيس مجلس الوزراء فهذا يعني انه وزير وعضو كامل في الحكومة.
- ان منح مجلس النواب الثقة للحكومة يفرض ضمناً انه وافق على وجود هذا المنصب.
- ان المجلس الأعلى اللبناني السوري المشكل بموجب "معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق" نصّ على ان نائب رئيس الحكومة هو عضو في المجلس الأعلى المذكور.
هذا فضلاً عن الجانب السياسي للموضوع لجهة ان هذا المنصب مخصص لطائفة الروم الارثوذكس حفظاً للتوازن المعمول به في لبنان وبالتالي من الطبيعي ان يكون له صلاحيات على ان لا تمس هذه الصلاحيات المواضيع الميثاقية المتعارف عليها.
ومهما يكن من امر، ومنعاً للأخذ والرد والسجال فانني سأعمد، في الوقت المناسب، الى تقديم اقتراحات لايجاد النصوص القانونية والدستورية - اذا اقتضى الأمر – لحسم الموضوع ووضع الأمور في نصابها الصحيح.


- سنة ونصف السنة يبقى من عهد الرئيس هل انتم مع انتخاب رئيس جديد ام مع تعديل الدستور للتمديد او للتجديد للرئيس لحود؟

أعتقد ان معركة رئاسة الجمهورية فتحت قبل اوانها ومن شأن ذلك ان يؤثر على فاعلية العمل الحكومي وعلى حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والادارية التي نشكو منها.
البلاد لا تتحمل سجالات وخضّات وتجاذبات وخاصة في ظل المتغيرات التي تشهدها المنطقة، فضلاً عن ان ذلك قد يزعزع الاستقرار الذي نحن بأمسّ الحاجة اليه اليوم أكثر من اي يوم.
لذلك لن اعطي رأياً في هذا الموضوع الا عندما يحين أوانه.


- رئيس الجمهورية في محطات عديدة جدّد تأكيده على المضي في تطبيق "خطاب القسم" – من برأيك أعاق مسيرة تطبيق هذا الخطاب؟ وبالتالي هل تؤمن بقيامة حقيقية للبنان على صعيد القانون والمؤسسات؟ واستطراداً لماذا يقف مجلس الوزراء عاجزاً عن حسم التباينات في وجهات النظر حيال اي قرار من القرارات؟

أعتقد ان "النظام" بمجمله يعرقل تطبيق خطاب القسم.
انت تعلمين اننا لا نعيش في ظل نظام أحزاب حيث الأكثرية تحكم وتتحمل المسؤولية والأقلية تعارض مع حقها في استخدام كل الوسائل الدستورية والقانونية لتتحول الى أكثرية تتولى السلطة.
وتعلمين كذلك ان السلطة التنفيذية ليست لا بيد رئيس الجمهورية وحده ولا بيد رئيس الحكومة وحده. بل هي في يد مجلس الوزراء مجتمعاً والمؤلف من شخصيات وتكتلات برلمانية وطوائف ومناطق وأحزاب صغيرة، مما يجعل الأمور أكثر تعقيداً. مضافاً اليها ما خلّفته الحرب من رواسب ومضاعفات وانعكاسات لا يمكن ازالتها بين يوم وآخر. دون ان ننسى الزعامات والمذهبيات. فكيف نستطيع بناء دولة القانون والمؤسسات في ظل واقع كهذا؟
أتصوّر ان القيامة الحقيقية للبنان، التي أشرتِ اليها، لا بد وان يسبقها قانون انتخابي جديد يؤمّن التعبير الصحيح عن ارادة الشعب، وقانون اللامركزية الادارية، وتفعيل الانماء في كل المناطق اللبنانية، والعمل الجدي للتخفيف عن كاهل المواطن اللبناني لجهة تأمين الخدمات الأساسية في التعليم والرعاية الصحية والعمل والمسكن وضمان الشيخوخة ، وصون الحريات والسهر على النظام الديموقراطي ...


- يتساءل الكثيرون عن مغزى صدور قرار الطعن في مرسوم التجنيس عن مجلس شورى الدولة في هذه المرحلة، فما هي قراءتك السياسية للأمر؟ وهل لذلك علاقة بما يحضّر للمنطقة أو من خشية من التوطين بمعنى آخر؟

يُشتم من سؤالك ان قرار مجلس شورى الدولة له دوافع أو خلفيات سياسية انا لا أنظر الى أحكام وقرارات القضاء الاّ من الزاوية القانونية فقط. لأن مهمة القاضي هي اعطاء الحق لمن يستحق وحجبه عمّن لا يستحق بمعزل عن اي اعتبار آخر. وهو ما أؤمن ان قرار الشورى رمى اليه. وبالتالي أفضّل ان لا يكون لي قراءة سياسية للأمر.
اما الخشية من التوطين فان الموقف اللبناني ثابت واجماعي. فالتوطين مرفوض مسيحياً واسلامياً ولبنانياً وفلسطينياً.



- هل تعتقد ان "خريطة الطريق" ستبصر النور تطبيقياً وليس نصاً فقط؟ وما هو الدور الأميركي في جعلها أمراً واقعاً؟

ان الترجمة العملية لخريطة الطريق مرهون، بنظري، بثلاثة:
قدرة أبو مازن على السيطرة على الوضع الفلسطيني،
قدرة شارون في السيطرة على الوضع الاسرائيلي،
قدرة الرئيس بوش على الضغط وهو يلامس الاستحقاق الرئاسي في بلاده.
مما لا شك فيه ان الرئيس بوش وعرابو الخريطة الآخرون (روسيا، الأمم المتحدة، الاتحاد الأوروبي) سجّلوا قفزة نوعية باعتراف اسرائيل بالدولة الفلسطينية واعتراف الفلسطينيين بالدولة الاسرائيلية، الاّ ان "الطريق شاقة وخاصة بالنسبة لموضوع المستوطنات ومصير فلسطيني الشتات ومستقبل القدس.
وبالتالي فان جهوداً دؤوبة اضافية تنتظر الخريطة، من أجل الوصول الى المرمى الأخير،
وهنا يأتي السؤال، الى أي مدى بوسع الرئيس الأميركي ممارسة الضغوط على الطرفين ومعركة اعادة انتخابه على مشارفها؟


- وماذا عن المسارين اللبناني والسوري؟ وعن الانسحاب من الجولان واستكمال الانسحاب من جنوب لبنان وعن قول منسّق الأمم المتحدة في الشرق الأوسط بأن تحريك المسار السوري-الاسرائيلي دون استجابة سوريا للمطالب الأميركية التي حملها الوزير كولين باول؟

قلناها أكثر من مرة ان السلام في الشرق الأوسط لا يمكن ان يتحقق ويدوم الا اذا كان عادلاً وشاملاً، وهذا لا يكون الاّ في العمل على مختلف المسارات انطلاقاً من القرارات الدولية ومرجعية مدريد ومؤتمر القمة العربية في بيروت. فالحلول الجزئية لا يمكن ان تؤدي الى الغاية المنشودة.
اما بالنسبة للهواجس الأميركية ازاء المسار السوري فانني على يقين ان سوريا بقيادة الرئيس الدكتور بشار تتمتع بالحكمة والمرونة الفائقتين، ولن تكون حجر عثرة بوجه السلام اذا ما بُني على أساس المبادئ المشار اليها.