مقابلات
PrintEmail This Page
الصحف العربية في بيروت
08 نيسان 2003
نائب رئيس الوزراء اللبناني عصام فارس:
- الدولة ورئيسها، الحكومة ورئيسها وجميع الوزراء يكنون محبة خاصة للكويت
- الكويتيون في لبنان مواطنون وجاليتنا في الكويت.. كويتية
- الاميركيون يحفظون لسورية موقفها التاريخي بالموافقة على القرار 1441
- النظام العراقي لم يقم باي خطوة على مدى 12 عاماً لتفادي الحرب
- لم يشر النظام العراقي مرة واحدة الى ان الكويت دولة مستقلة ولم يقم بأي مبادرة تجاه دول الجوار
- الوزير حمود يكن عاطفة فعلية للكويت الا ان الجميع يعانون حرجاً
- استبعد وجود نياب اميركية لتقسيم العراق ونظام الحكم يحدده "طائف" عراقي
- احد لا يشك في ان اميركا ستربح الحرب لكن السؤال : هل ستربح السلم؟


في حوار مع "الرأي العام" وصحف عربية اخرى
عصام فارس: النظام العراقي لم يقم بأي خطوة على مدى 12 عاماً لتفادي الحرب والاميركيون يحفظون لسورية موقفها التاريخي بالموافقة على القرار 1441

لا يتميز نائب رئيس الحكومة اللبنانية عصام فارس عن سواه من السياسيين اللبنانيين بعلاقاته الدولية المرموقة و"براغماتيته" بل في انه رجل مؤسسة تحوطه الكفاءات والخبرات، مما يجعله نموذجاً مغايراً لما هو سائد في الحياة السياسية اللبنانية.
في المسائل ذات الصلة بالازمات الكبرى، غالباً ما يبدو هذا الرجل المجرب واقعياً من دون التخلي عن ثوابت الموقف الرسمي، وفي المسائل الداخلية فربما هو الوحيد الذي يصطحب ملفات مستوفية التدقيق الى مجلس الوزراء.
ودولة الرئيس الذي "انتزع" حضوراً سياسياً لافتاً، رغم الثغر الدستورية التي تنتاب هذا الموقع الحكومي، استقبل اول من امس مراسلي الصحف العربية في بيروت في جلسة مكاشفة حول بعض العناوين الساخنة، وخصوصاً حرب العراق والمسائل المرتبطة بها، كالموقف الاميركي ومستقبل المنطقة في ضوء ما يجري.

هو ضد الحرب التي لم يسع النظام العراقي الى تجنبها، قلبه على الضحايا وعينه على المساعي التي من شأنها الحد من الخسائر، في رأيه ان الاميركيين سيربحون الحرب لكنه يسأل : هل سيربحون السلم؟ وهو مع الكويت بقدر ما هو مع لبنان.
فارس، وهوعلى علاقة وطيدة مع آل بوش، قال ان الرئيس "جورج بوش – الاب وطاقمه السياسي لم يكن يرغب الحرب ويؤيد اعطاء فرصة اكبر للجهود الديبلوماسية" كاشفاً "ان وزير الخارجية في عهد بوش – الاب جيمس بيكر قال للرئيس الحالي لقد اجتمعت قبل تحديد ساعة الصفر لتحرير الكويت ست ساعات مع طارق عزيز لمنح العراق فرصة لسحب قواته من الكويت من دون حرب، فكان رد بوش – الابن، ها انا مسافر الى البرتغال في فرصة اخيرة الى العراقيين".

ولا يدري دولة الرئيس "الخلفيات الحقيقية التي دفعت بالرئيس بوش - الابن الى اعلان الحرب بهذه السرعة وتصميمه على خوضها"، مقللاً من شأن الكلام الذي يشكك في كفاءة الرئيس الاميركي الحالي "الرئاسة في اميركا، الدولة العظمى في العالم لا يمكن ان تكون هدية، صحيح انه فاز بخمسين في المئة من الاصوات لكن استطلاعات الرأي الحالية تشير الى انه يحوز على ثقة 75 في المئة من الاميركيين".

وبقليل من "الايديولوجية" وبكثير من البراغماتية، قال فارس " نحن ضد الحرب ويحزننا سقوط الضحايا من المدنيين والعسكريين، ونعتقد انه كان في الامكان تفاديها"، لكنه لفت وبـ"مرارة" الى "اننا لم نشهد اي محاولات من جانب القيادة العراقية على مدى 12 عاماً – بعد غزو الكويت- لتفادي ما يحصل، لم تقم تلك القيادة بأي مبادرات ايجابية في اتجاه الاسرة الدولية او في اتجاه تحسين علاقاتها مع جيرانها، استمر في وضع صورة الرئيس بوش – الاب على ارض مدخل فندق الرشيد، ولم يشر مرة واحدة الى ان الكويت دولة مستقلة، لم يسع الى تحسين علاقته بالكويت والسعودية وايران، وحتى مع الاميركيين ولم يقم بأي خطوة ايجابية في شأن الاسرى الكويتيين".

وتساءل فارس مستغرباً " هل بادر الرئيس العراقي الى الاتصال بالرئيس السوري بشار الاسد لشكره على مواقفه، وخصوصاً في قمة شرم الشيخ؟ وانا كنت حاضراً حتى في الجلسات المغلقة وكان للرئيس الاسد مواقف واضحة جداً، وهذا الكلام ليس من باب المزايدة. هل اتصل بالرئيس الفرنسي جاك شيراك الذي بذل جهوداً كبيرة لمنع الحرب؟ انا ملتزم الموقف الرسمي للدولة وما اقوله هو من موقع الدفاع عن العراق، هل يعقل ان القيادة العراقية لم تقم بأي خطوة لانهاء المشكلة على مدى 12 عاماً، كان عليه مساعدتنا لتفادي الوصول الى ما وصلنا اليه".

وفي اعتقاده ان احداً لا يشك في "ان اميركا ستربح الحرب العسكرية بسبب تفوقها، لكن السؤال هل ستربح السلم؟" متمنياً "الخروج من المأزق بأقل ما هو ممكن من الضحايا رحمة بالانسانية"، مشككاً في وجود خطط اميركية لحكم العراق مباشرة، ومشيراً الى كلام كثير عن اطماع بالنفط وسواه، لكنه ذكر بما قاله الرئيس بوش – الاب في محاضرة القاها قبل مدة نفى فيها وجود اطماع بالنفط، الدولة المنتجة تريد بيعه، وهم يشترون.
لم يستطع فارس معرفة حقيقة الاهداف الاميركية من الحرب" هم يقولون انها من اجل الاستقرار في المنطقة وانا اعتقد ان اسرائيل لعبت دوراً تحريضياً لاشعالها"، متسائلاً كغيره "لماذا الحرب؟ الم يكن في الامكان تفاديها؟".

هل كرهاً بالاسلام؟ اجاب فارس "موقف الفاتيكان كان تاريخياً وكذلك موقف الكنائس، حتى في اميركا يحاولون منذ 11 سبتمبر القول ان معركتهم ليست مع الاسلام، ولاول مرة اقيم افطار رمضاني في البيت الابيض، وجورج بوش - الاب في خطاب له زايد علي في الدفاع عن الاسلام. وهو موقف متفق عليه في الادارة الاميركية.
ولا يشاطر دولة الرئيس البعض في استنتاجهم ان حرب العراق ستنتهي الى فرض الاستسلام على العرب واخضاعهم في الموضوع الفلسطينين "على العكس ان الاميركيين الذي سيسعون الى امتصاص نقمة العرب لما يحدث في العراق سيضغطون على اسرائيل. هذا ما حصل في مدرير -1 وما يمكن ان يحصل في مدريد – 2، فإن امكان تحقيق حل شامل في المنطقة لا يقتصر على المسألة الفلسطينية وخريطة الطريق، بل حل للصراع العربي – الاسرائيلي برمته، وخصوصاً ان قمة بيروت في مارس الماضي ارست قواعد لتسوية شاملة".

سئل فارس: الرئيس جورج بوش – الاب اتصل عشية تحرير الكويت عام 1991 نحو 23 مرة بالرئيس الراحل حافظ الاسد الذي زاره الوزير بيكر ثلاث مرات، لماذا اقتصرت الاتصالات مع سورية في عهد الادارة الجديدة على زيارة لوليم بيرنز؟ اجاب: "كولن باول جاء الى سورية ايضاً، وجميع المسؤولين الاميركيين الذي التقوا بالرئيس بشار الاسد يخرجون باعجاب بشخصيته. ودعوني اقول لكم ان بوش – الاب زار اسرائيل مرة واحدة لتقديم التعزية باسحق رابين اسوة بسواه من رؤساء الدول، لكنه لم يزر اسرائيل عندما كان يأتي الى المنطقة، وحل لمرتين ضيفاً علينا رغم الخطر على سفر الاميركيين الى لبنان، والوحيد الذي اقام في قصر الضيافة في بعبدا، الذي اقيم لاستقبال الرئيس الراحل حافظ الاسد في زيارة محتملة للبنان، هو الرئيس بوش – الاب".

وتوقف فارس في سياق تقويمه للعلاقة السورية – الاميركية امام تجربة القرار 1441 "موقف الرئيس الاسد كان جيداً حين صوتت سورية على القرار 1441 فوفرت الاجماع عليه، الاميركيون يحفظون لسورية هذه النقطة التاريخية في سياق العلاقة بين البلدين"، لافتاً الى "ان التصويت السوري على القرار جاء بعد اخضاعه الى الكثير من التعديلات".
وعن ملابسات عدم الالتزام الاميركي بالقرار 1441 والذهاب الى الحرب، قال "الاميركيون يقولون ان لديهم معلومات عن امتلاك العراق لاسلحة دمار شامل، وما دام المفتشون الدوليون لم يتمكنوا من العثور عليها ولا يمكنهم العثور عليها، فمن واجب العراق الكشف عنها استناداً الى القرار 1441، هكذا يقول"، لافتاً الى "ان الاميركيين يعتقدون ان ما من حرب حصلت على اذن مسبق، ولم يكن ممكناً الحصول على اذن من مجلس الامن، كما ان الفرنسيين والبريطانيين لم يحصلوا على اذن عندما هاجموا قناة السويس ومصر عام 1956".
ورأى "ان الاميركيين يميزون بين حرب تحرير الكويت التي جرت بقرار من مجلس الامن لاخراج القوات العراقية من الكويت وبين ما يجري الان. تدخل القوات الحليفة عام 1991 كان تحريراً لا حرباً، بدليل ان العملية اقتصرت على تحرير الكويت ولم تستمر الى بغداد".

وعلق فارس على المساعدات الاميركية لاسرائيل، مشيراً الى ان الاستراتيجية الاميركية حيال اسرائيل مشكلة حقيقية، سببها وجود لوبي يهودي ضاغط في الولايات المتحدة في مواجهة موقف عربي مفكك. انهم يفضلون اسرائيل عن كل دول العالم وهذا الامر يستدعي الاسف ويتطلب جهداً عربياً متواصلاً".

سئل: يقال ان امتناع المعارضة العراقية عن الوقوف الى جانب الولايت المتحدة يعود الى غضب هذه المعارضة وعدم تأييدها لـ"كرزاي" عراقي ولمخطط اميركي يستهدف تقسيم العراق.. برأيك هل هناك مثل هذا السيناريو؟ فاجاب: "ان العلاقات الجيدة التي تربط اميركا بالدول المجاورة للعراق، وهي التي ترفض تقسيمه وتتضرر من ذلك فيما لو حصل، تجعلني استبعد وجود نيات تقسيمية. اعتقد ان العراقيين هم الذي سيقررون مستقبلاً طريقة الحكم، وطبيعة النظام في بلادهم، وتبدو التركيبة العراقية تتشابه مع التركيبة اللبنانية وقد يتخذون منها نموذجاً(..) وقد يكون الحل بطائف عراقي".

ولفت، في رد على سؤال عن مظاهر الاحتجاج على الحرب التي تأخذ شكل "الفلتان"، الى "ان هناك موقفاً رسمياً حازماً مفاده ان الفوضى ممنوعة، والبرهان ان الاميركيين لم يغادروا لبنان رغم قرار ترحيلهم من بلدان اخرى. الحق في اظهار عواطفنا امر طبيعي في نظامنا الديموقراطي، لكن الامور ممسوكة والفوضى ممنوعة".

• توجد ازمة غير معلنة بين لبنان والكويت منذ مؤتمر وزراء الخارجية العرب في القاهرة وصولاً الى التظاهرات التي استهدفت السفارة في بيروت، كيف تتم معالجة هذا الامر؟

- هذا خطأ وعلينا معالجة الامر، وهو اول سوء تفاهم. الحقيقة ان وزير الخارجية محمود حمود يكن عاطفة فعلية للكويت، الا ان الجميع يعانون حرجاً هذه الايام، الموضوع عينه طرحه علي السفير الاميركي في بيروت اخيراً شاكياً من "اللهجة" ضد بلاده، فطلبت منه مراجعة كل البيانات الرسمية والتدقق فيها. الدولة ورئيسها، الحكومة ورئيسها، الوزراء جميعهم يكنون محبة خاصة للكويت، الوفد الكويتي غالباً ما يكون جارنا في القمم العربية نجلس جنباً الى جنب، الكويتيون في لبنان مواطنون كما الجالية اللبنانية كويتية في الكويت. الا ان موقفنا مما يجري ينطلق من مقررات قمة بيروت التي تقول ان اي اعتداء على دولة عربية اعتداء على كل الدول العربية. ولا يمكننا الا التعاطف مع دولة عربية تتعرض للحرب، هكذا كان موقفنا عندما تعرضت الكويت للاجتياح العراقي.
• لكن لبنان لم يصدر اي موقف من تعرض الكويت لصواريخ عراقية؟

- هذه الامور تحصل في اجواء الحرب. رغم علاقتنا الوثيقة بسورية لم نصدر بياناً نستنكر فيه تعرض حافلة سورية للقصف واستشهاد ركابها، فلا يمكن اعلان مواقف من كل شاردة وواردة.