مقابلات
PrintEmail This Page
مجلة الأسبوع الإقتصادية
12 حزيران 2003
1- هل ثمة اسباب اقتصادية وراء التغيير الحكومي الذي حصل يحمل ملامح جديدة. وهل تحمل الحكومة الجديدة تعديلاً في خطة الدولة الاقتصادية؟

الحقيقة يصعب القول ان الحكومة الحالية هي حكومة "جديدة"، بل هي طبعة ثانية "معدّلة" ومنقّحة" للحكومة السابقة. ولا حاجة للشرح لأن مراجعة الأسماء تؤكد ذلك.
كما انني لا أرى اسباباً اقتصادية للتغيير انما اسباباً سياسية معروفة.
اما عما اذا كانت الحكومة "الجديدة" تحمل تعديلاً في خطة الدولة الاقتصادية فان هذه الخطة تضمنها البيان الوزاري ولا أعتقد انها تختلف عن بيان سابقتها.
الخطة مهمة ولا شك ولكن الأهم هو التنفيذ. وستثبت الأيام او الأسابيع المقبلة مدى قدرة الحكومة على تنفيذ وعودها وتعهداتها.

2- ما الذي بامكان هذه الحكومة انجازه على صعيد النهوض الاقتصادي ومعالجة عجز الموازنة ولم تتمكن الحكومة السابقة القيام به؟

اقولها بصراحة لدي شكوك بقدرة الحكومة على تحقيق انجازات في هذا الاتجاه وذلك لأسباب عديدة ومنها على سبيل المثال:
- الاستقبال الفاتر الذي قوبلت به لدى الرأي العام الذي كان ينتظر حكومة من نوع آخر
- عجزها عن القيام بالاصلاح الاداري والمالي اللذين لا بد منهما لأي نهوض اقتصادي،
- مناخ المحاصصة والاسترضاء و"الخاطر شان"، والمذهبية والطائفية، التي ما زالت تخيّم كلما كانت محاولة للتعيينات والمناقلات في ادارات الدولة، ومؤسساتها.

3- ما زال الاقتصاد اللبناني في العناية الفائقة، وكانت لاحت بوادر انتعاش. هل ترون امكانية استمرار هذا الانتعاش ولو بطيئاً في ظل التحولات التي ضربت المنطقة؟

ان الانتعاش يحتاج الى تفعيل الدورة الاقتصادية وهذا التفعيل يحتاج الى عناصر عدة وبخاصة الثقة الداخلية والخارجية بلبنان، السلام والاستقرار في المنطقة.
مما لا شك فيه ان اموراً ايجابية حصلت وبخاصة مؤتمر القمة العربية ومؤتمر القمة الفرانكوفونية وباريس 2 مما عزّز ولا شك الثقة بوطننا وأشاع جواً من التفاؤل في الأوساط المالية والاقتصادية. ولكن يبقى علينا المثابرة والمتابعة وتغليب مصلحة لبنان العليا على مصالحنا الذاتية.
اليس من المؤسف ان نلاحظ انه كلما طُرح مشروع على بساط البحث يبدأ الحديث عن الصفقات وعن المستفيدين منها؛ لبنان لا يمكن ان ينهض بهذه الذهنية وبهذا الأسلوب الذي يرافق الحياة السياسية.

4- كانت لكم وجهة نظر في آلية الخصخصة التي اتبعتها الحكومة السابقة، فاين تلتقي واين تختلف مع توجهات الحكومة الجديدة بهذا الشأن؟

انا، طبعاً، مع توجهات الحكومة والا لما قبلت ان أكون فيها. وانا مع مبدأ خصخصة بعض القطاعات عندما تتبين لي الفائدة من خصخصتها. ولكن يكون لي موقف عندما اشعر ان ثمة مصالح وخلفيات "غير شفافة" تتداخل مع هذه المشاريع. والأمثلة على ذلك عديدة والقراءة اليومية للصحف تكفي للدلالة على ذلك.

5- لكم رأي في موضوع تمديد مفعول قانون دمج المصارف، اين اصبح هذا الموضوع في ظل الحكومة الجديدة وهل انتم الآن مع التمديد ام لكم راي آخر ؟

لقد سبق وأعلنت انني مع تمديد العمل بقانون دمج المصارف، والملاحظات التي ابديتها حول هذا الموضوع لا تمس جوهر القانون بل تؤدي الى تحسينه، وخاصة لجهة المسؤولية والمساءلة في حال حصلت تجاوزات.

6- ترأستم في الحكومة السابقة العديد من اللجان الوزارية التي أوكل اليها البحث واعادة النظر في مشاريع ادرجت على جدول اعمال مجلس الوزراء، ما هي الانجازات التي حققتها هذه اللجان؟ وهل تعتزمون لعب نفس الدور في الحكومة الجديدة؟

لقد أوكلت الي رئاسة ما يفوق على 34 لجنة وزارية وانجزنا اعمال لا يستهان منها ورفعناها الى مجلس الوزراء لاتخاذ القرارت النهائية بشأنها، وكلها تتعلق بمشاريع حيوية وضروية وذات صلة بالادارة والاقتصاد والانماء والسلك الخارجي والتربية والبيئة وسواها. وكانت مناقشة هذه المشاريع تستغرق الساعات الطوال وتدرس بأقصى المسؤولية والجدية.
اما بالنسبة للمستقبل فالأمر يعود الى مجلس الوزراء من جهة، ومن جهة اخرى، الى مشاغلي والى الظروف التي اكون فيها.


7- كيف تصفون، حالياً، علاقتكم مع الرئبس رفيق الحريري علماً انها شهدت في السابق حالات سلبية احياناً وايجابية احياناً أخرى؟

العلاقات الشخصية بالرئيس الحريري هي دائماً ايجابية وممتازة. اما "حكومياً"، اذا صحَّ التعبير، فمن الطبيعي ان لا تكون المواقف دائماً صورة طبق الأصل، فأحياناً هي متطابقة واخرى يكون لكل منا، كسائر اعضاء الحكومة، آراء ومواقف متباينة والا فلماذا اجتماعات مجلس الوزراء.
من جهتي لا انظر، لدى طرح اي بند من بنود جدول اعمال مجلس الوزراء الا الى مصلحة لبنان سواء في الموافقة او الرفض او التحفظ او الامتناع. ولا اعمل الا من منطلق ضميري وقناعاتي.

8- طالبتم في الحكومة السابقة بتحديد صلاحيات نائب رئيس الحكومة فهل ما زلتم على موقفكم من هذا الموضوع؟

طبعاً، قلتها وأردد ان اي منصب يجب ان تكون له صلاحياته ومسؤولياته والا فلماذا هذا المنصب موجود؟
انا واعٍ تماماً للحساسيات بالنسبة لهذا الموضوع ولذا اكدت وشدّدت على ان هذه الصلاحيات يجب ان لا تمس الأمور الميثاقية التي انا من أكثر الناس حرصاً عليها، بل ان تساعد على تسيير امور الدولة وشؤونها بصورة اكمل وأفضل.

9- يزداد عدد طلاب العلم في لبنان ولكم في هذا المجال مبادرات مشهودة – كيف ترون دور الحكومة لوقف هجرة الأدمغة والمهارات الى الخارج؟

بالفعل ان لبنان يشكو حالياً:
- من كثرة عدد الجامعات التي جاوزت الأربعين
- من ان هذه الجامعات تخرّج طلاباً في اختصاصات بات لا يحتاجها سوق العمل كالطب والهندسة والمحاماة والآداب والاعلام – فضلاً عن المستوى الذي يتدنى.
- بان هذا الواقع ادى اما الى زيادة عدد العاطلين عن العمل او الى تزايد موجة الهجرة، وهو امر مقلق بالتأكيد.
لذلك لا بد من اعارة هذا الموضوع العناية التي يستحقها، اولاً بمناشدة الجامعات التركيز على الفروع والكليات التي يحتاجها سوق العمل وثانياً مناشدة الطلاب التركيز على اختيار الاختصاصات التي تتلاءم مع ميولهم طبعاً ولكن كذلك مع حاجة البلاد اليها.

10- كيف تقيمون مسيرة التكامل الاقتصادي بين لبنان وسوريا والى ماذا تردّون البطء في تناميها وتحقيق ما أقره الرئيسان اميل لحود وبشار الأسد خلال الانعقاد الأخير للمجلس الأعلى اللبناني السوري في قصر بعبدا؟

لا أعرف الأسباب. وقد سبق لي ان ادليت بتصريح حول هذا الموضوع وتساءلت عن سبب التأخير في عدم الترجمة العملية لمضمون البيان الذي صدر اثر لقاء الرئيسين لحود والأسد في قصر بعبدا.
ان التكامل الاقتصادي بين البلدين الشقيقين هو من الأمور المهمة، وان وحدة المسار السياسي تبقى ناقصة اذا لم يرافقها التركيز على تفعيل التعاون في سائر المجالات وأولها التعاون الاقتصادي،
وطالما رددت ان العلاقة اللبنانية السورية يجب ان تكون نموذجاً يقتدى لسائر الدول العربية.
المشكلة ان السياسة تأخذ منا كل مأخذ، والمطلوب ان يدلي كل وزير برأيه وموقفه داخل مجلس الوزراء وهذا حقه، ولكن ان ينكب خارج مجلس الوزراء على الاهتمام الكلي بشؤون الوزراة التي هو مسؤول عنها.

11- ما هو الدور الذي ترونه للبناني في دورة اقتصاد العالم العربي في المرحلة المقبلة؟

لبنان مؤهل ليلعب دوراً رائداً وطليعياً في دورة اقتصاد العالم العربي وفي سواها من المجالات بسبب توافر عوامل هامة لديه ومنها على الأخص:
- ما يتمتع به اللبناني من مهارة وذكاء وتكيف وانفتاح،
- السرية المصرفية التي اعتمدها
- نظام الاقتصاد الحر الذي يتميز به
- موقعه الجغرافي وطبيعته الخلابة وتاريخه وآثاره وتفوقه في الصناعة السياحية والفندقية.
وما نأمله ان يتحقق السلام العادل والشامل في المنطقة ليتمكن لبنان واللبناني من تفجير طاقاته ومواهبه في هذا الاتجاه.