مقابلات
PrintEmail This Page
جريدة النهار
08 أيلول 2003
أجوبة نائب رئيس مجلس الوزراء عصام فارس
على أسئلة جريدة "النهار"
الأستاذ حبيب شلوق


1- من هو عصام فارس؟ كيف وصل الى هذا المنصب؟ ولماذا أصبح رقماً صعباً في المعادلة اللبنانية؟

عصام فارس ابن هذه الأرض اللبنانية، ابن عكار، ابن والدين طيبين كان همهما من هذه الدنيا تربية أولادهما على القيم والأخلاق والتقاليد اللبنانية الأصيلة، ونفخا فيهم روح الطموح والكد والجد، وعلّماهم التعاطي الشريف مع الآخرين وشجعاهم على بناء المستقبل اللائق بهم وعلى ان يكونوا عناصر مفيدة في مجتمعهم وقدوة صالحة بين الناس.
أما كيف وصل الى هذا المنصب فأوجزه لك على الشكل التالي:
دفعني الطموح، كغيري من الكثيرين، الى مغادرة لبنان نحو آفاق جديدة تؤمّن لي المستقبل الذي أحلم به، وقد وفقني الله، حمداً له، وأنعم علي بأكثر مما استحق.

وانطلاقاً من ايماني وشعوري ، بأن عليّ، ازاء بلدتي ومنطقتي ووطني، واجب الاسهام في الخدمة والعطاء والاستنهاض، عمدت ابّان الحرب الشرسة التي عصفت ببلدنا الى مد يد العون والغوث والمساعدة، سواء على المستوى المحلي أو على مستوى الوطن ككل، في العديد من المجالات التربوية والانسانية والاجتماعية والانمائية حتى أن مؤسستي، وأقولها بتواضع، حلّت أحياناً عديدة مكان الدولة في تحقيق العديد من المشاريع التي يحتاجها قضاء عكار.
وفي خضم الظروف الصعبة التي تلت الحرب قررت الانخراط في الحياة السياسية يقيناً مني ان وجودي، سواء في السلطة التشريعية او في السلطة التنفيذية، يمكن ان يكون أكثر فعالية وتأثيراً. فأنت خارج السلطة سلاحك الكلام والتنظير اما داخلها فأنت في البرلمان مشارك في سن القوانين والرقابة على الحكومة وأنت في الحكومة مشارك في صنع القرار السياسي.
أما لماذا أصبحت رقماً صعباً في المعادلة اللبنانية، - وهو ما أعتز به اذا كان ذلك صحيحاً - فسرُّه بسيط: انت قوي ومسموع وفاعل، بالقدر الذي لا تطلب فيه شيئاً لنفسك، وأنت قوي لأنك مستغني: مستغني عن المنصب ومستغني عن المال ولا تقع في الاغرءات المعنوية والمادية وأنت قوي بمحبة الناس وثقتهم وعرفانهم ودعمهم لمواقفك والتفافهم حولك. وأنت قوي لأنك حر وغير ملتزم الاّ لضميرك.

لم أدخل في اي من التجمعات والتكتلات، لم أتصرف من منطاق طائفي او فئوي أو شخصي. أقفلت مكاتب أشغالي في لبنان، بعت المصرف الذي كنت أملكه كي أفصل تماماَ بين موقعي السياسي وموقعي كرجل أعمال.
اما ادائي السياسي وتحديداً في مجلس الوزراء فنابع من قناعاتي ومنها فقط، أوافق على ما أعتقده مفيداً ومنسجماً مع مصلحة الوطن والمواطن، وأرفض ما اعتقده
عكس ذلك. أتحفظ، أعارض، ولكني احترم التضامن الوزاري ومدرك للخطوط الحمر ولخطورة المرحلة ولدقة الظروف الداخلة والاقليمية وأتصرف من منطلقها.

2- يترأس نائب رئيس مجلس الوزراء مجموعة لجان وزارية لمعالجة مواضيع مستعصية. كيف يتعاطى مع هذه اللجان؟ وهل صحيح ان اللجان مقبرة المشاريع؟ وكيف يدرس الملفات؟ وهل يحوطه فريق عمل؟

اني أفخر بأني دحضت مقولة "ان اللجان مقبرة المشاريع"، فاللجان الوزارية التي أترأسها والتي جاوزت الأربعين قامت بمعظم ما هو مطلوب منها ورفعت نتائج عملها الى مجلس الوزراء ولم يبق منها الا القليل للانجاز. ولا بد لي من الاشادة بالجدية وبروح الكفاءة والسؤولية التي تعاطى بها الزملاء الوزراء في معالجة كل المواضيع.

اما بالنسبة لاجتماعات مجلس الوزراء، فاني أحضّر جدول أعمال المجلس بنداً بنداً، دون استثناء. واني سعيد بأن أكون محاطاً بفريق عمل يتمتع بالعلم والكفاءة والأخلاق يعاونني في مهامي، ويتصرف "كمجلس وزراء مصغر"، اذا صح التعبير، يسبق اتعقاد مجلس الوزراء الرسمي حيث يصار فيه، وخلال ساعات طوال، الى اشباع الملفات والمواضيع درساً وتمحيصاً وتدقيقا. والمستشارون متنوعو الاختصاصات في السياسة والقانون والاقتصاد والتربية وسواها, واني مرتاح اليهم وان كان يتخلل الاجتماعات احيانا نقاش وحماس و"صراع" فيما بينهم. لكن الأمور تنتهي على خير، ونخرج بعد "شرقطة" الأفكار بالمواقف التي نعتقدها الأصوب والأصح لمصلحة لبنان العليا.

3- حصلت التباسات ومشكلات عدة حيال موضوع صلاحيات نائب رئيس مجلس الوزراء، فما هي أسباب طرح هذا الموضوع؟ وهل تعتقد ان الظروف مؤاتية لاقرار مثل هذه الصلاحيات وكيف ترى الآلية القانونية لها؟

لنتكلم أولا في المبدأ: ان لكل موقع، وعلى كل المستويات، مهاماً وصلاحيات محددة وواضحة. فما هي صلاحيات ومهام نائب رئيس مجلس الوزراء؟ اعتقد ان من حق الجميع معرفتها. فاذا كان الموقع يعني فقط رقم 5 على السيارة والوجاهة والشرفية، فالأفضل الاستغناء عنه.
2- ان هذا المنصب أعطي للروم الأورثوذكس بموجب التركيبة اللبنانية القائمة وفي اطار الحفاظ على الحقوق والتوازن في السلطة بين العائلات الروحية اللبنانية، فمن الطبيعي ان يكون للمنصب وظيفة محددة لا بد من معرفتها.
3- لقد كنت واضحاً عندما قلت ان صلاحيات نائب رئيس مجلس الوزراء يجب ان تحدد بالشكل الذي لا يمس "الثوابت الميثاقية" التي نحن حريصون كل الحرص على احترامها. ولكن ما هو مقصود هو تحاشي الفراغ في السلطة دون انتزاع اية صلاحية من صلاحياته الأساسية والجوهرية كأن يعمد نائب رئيس الحكومة، افتراضاً، في غياب رئيسها، الى تقديم استقالة الحكومة.
أين المشكلة مثلاً اذا اتخذ مجلس الوزراء قراراً ما ثم غاب رئيسه وعمد نائب الرئيس الى توقيع المرسوم الصادر قراره عن مجلس الوزراء؟

وأين المشكلة اذا كان رئيس الحكومة غائباً وحدث أمر خطير وعمد نائب الرئيس، بالتوافق معه، الى الدعوة لعقد مجلس الوزراء من أجل درس الموضوع؟
4- هناك رأي يقول طالما ان رئاسة الحكومة هي للطائفة السنية فان من ينوب عنه يجب ان يكون من نفس الطائفة. انا شخصياً لا مانع لدي. المهم تأمين استمرارية العمل الحكومي وعدم الوقوع في الفراغ. وفي هذه الحال لا بد ان تعطى الطائفة الأرثوذكسية موقعاً آخر يتناسب مع حجمها ووجودها.
هذا مع العلم انه لا يمكن ان نبني وطناً اذا كان كل منا لا يثق الا بابن طائفته. ومع العلم أيضاً ان حرصي على حقوق الطائفة السنية وكل طائفة، لا يقل عن حرصي على حقوق الطائفة التي أنتمي اليها.
اما بالنسبة للآلية القانونية فلا بد من انتظار الظروف المؤاتية لذلك لأنني حريص على عدم تعقيد الأمور وعدم اضافة مشكلة جديدة الى المشكلات الراهنة الموجودة على الساحة السياسية اللبنانية.



4- أين يقف نائب رئيس الوزراء في الصراع بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة؟ وثمة اشارات الى تطور ايجابي حاصل بينك وبين الرئيس الحريري بعد فترة لاح فيها بعض الفتور؟

ان كلمة "صراع" كلمة كبيرة، واذا صح ان الصراع موجود فهذا ولا شك يؤثر بشكل سلبي على ادارة شؤون البلاد والعباد.
انا أفهم ان يكون هناك تباين في الرأي والموقف وهذا طبيعي فنحن في بلد يقدس الحرية ونحن في ظل نظام ديمقراطي، ولكن هناك مؤسسات وهناك دستور نص على ان السلطة الاجرائية هي بيد مجلس الوزراء المفروض فيه ان يضم مختلف الاتجاهات والأحزاب والتيارات ومختلف الطوائف والمناطق والقيادات السياسية. فالخلاف، عندما يظهر، يجب ان ينتهي عند القرار الذي يتخذه مجلس الوزراء والا فعلى المؤسسات الدستورية السلام، لأنها هي المرجع وهي الملاذ والحَكَم.
الشخص له أهميته ولا شك ولكن لا شيئ ولا أحد يعلو على الدستور.

ربما تذكر انني عندما وجدت ان المواضيع والشؤون الأساسية والجوهرية تطرح خارج مجلس الوزراء امتنعت عن حضور جلسات المجلس ثم عدت بعد ان وُضعت الأمور في نصابها الصحيح وعاد مجلس الوزراء الى ممارسة دوره الدستوري.
وهنا لا بد من التذكير والتأكيد ان علينا جميعاً ان نتصرف لا كممثلين لطوائفنا بل كمسؤولين عن شؤون الوطن ككل، فرئيس الجمهورية ليس رئيساً للمسيحيين بل هو رئيس كل اللبنانيين "ورمز وحدة الوطن" كما جاء في الدستور، ورئيس مجلس النواب الشيعي قيّم على المؤسسة التشريعية التي تضم كل الطوائف، ورئيس الحكومة هو رئيس حكومة لبنان وليس رئيس حكومة سنيّة، وعصام فارس بدوره يجب ان ينحو هذا المنحى.
فاذا كان هذا هو اداؤنا جميعاً فعندها استبشر خيراً.
اما جوابي على سؤالك اين أقف في ما سميته "الصراع" بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة فهو ذات شقين: الجانب الشخصي والجانب السياسي.

فعلاقتي الشخصية بفخامة الرئيس سوبر ممتازة وله عندي أعلى درجات المحبة والتقدير كصديق وكرئيس للبلاد. فضلاً عن حرصنا جميعاً على ان تبقى رئاسة الجمهورية صمّام الأمان، وهي الساهرة على حسن سير الدستور والمؤسسات. وعلاقتي بالرئيس الحريري تتسم بسوبر ود وسوبر أخوة وهي نابعة من تقديرنا للعطاءات الكثيرة التي قدمها للبنانيين، وخاصة أثناء الحرب، في مختلف الحقول التربوية والانسانية والخيرية والاجتماعية والانمائية.

اما في المواقف السياسية فاني أقف الى جانب ما اعتقده حقاً وعدلاً. فلا أتطلع الى اي مكسب خاص وليس عندي اي مطالب شخصية كما ليس عندي مواقف "معلّبة" أو مُسبقة من المواضيع. أدل على الخطأ أينما أراه وأشير الى الصواب عندما أجده، عملاً بقول الفيلسوف الكبير أفلاطون الذي قال: "أحب استاذي وصديقي ارسطو ولكني أحب الحقيقة أكثر منه"!!

5- كنت من الساعين الى انشاء محافظة في عكار وتحقق ذلك. كيف تنظر الى الموضوع؟

هذا صحيح، سعيت الى انشائها وسررت انها تحققت وذلك من منطلق اعتباري انها خطوة ايجابية باتجاه اللامركزية الادارية والانماء المتوازن. فعكار فضلاً عن انها منطقتي ومسقط رأسي وتضم رفات أبائي وأجدادي، لحق بها الكثير من الغبن والاجحاف والحرمان وعانت الكثير من التخلف، وهي لها علينا واجب السهر على نموّها وازدهارها. طبعاً كنا نتمنى لو حصلت التقسيمات الادارية دفعة واحدة وبشكل متكامل على مستوى كل لبنان ولكن الحصول على القليل خير من عدم الحصول على شيئ.

6- كيف يرى نائب رئيس الحكومة قانون الانتخاب المقبل؟ وهل يرى انه سيلد في اللحظة الأخيرة؟

ابادر الى القول ان لا مشكلة لدي على المستوى الشخصي. فان لي من محبة الناس وثقتهم ومما وفقني الله ان أقدمه من عطاءات لعكار وللشمال وللوطن ما يشكل رأس مال شعبي أباهي به.
ولكن ما يهمني من قانون الانتخاب أمران اساسيان: الأول ان يؤمّن التعبير الصحيح عن الارادة الشعبية، والثاني ان ينطوي على الآلية التي توفر حرية الناخب ونزاهة العملية الانتخابية وبخاصة: العازل، ضبط لوائح الشطب، تحديد نفقات الاعلام والاعلان، استخدام المكننة لسرعة اعلان النتائج الخ، وبشكل عام اشاعة المناخ اللازم لانتخابات لا تترك اي مجال للانتقاد والطعن.
اما بالنسبة لتقسيم الدوائر الانتخابية فاننا بانتظار ان تعرض علينا وزارة الداخلية مشروعها الانتخابي لكي ندرسه ونبني على الشيئ مقتضاه.
وما نأمله ان يجري تقديم المشروع بالسرعة الممكنة وان لا ننتظر الأشهر او الأسابيع الأخيرة التي تسبق الانتخاب لنبادر الى طرحه وبالتالي الى سلقه بداعي "انحشارنا" بالوقت.

7- كيف ترى الاداء الحكومي وخصوصاً في ضوء الديون المتراكمة؟
ومن يتحمل مسؤولية تجميد باريس -2-

ان المنطلق لحل اي مشكلة هو الاعتراف بوجودها. والحمدلله ان ذلك قد تحقق وبات ثمة اجماع على ان المشكلة موجودة. يجب ان تكون عندنا الشجاعة في اعلان الحقيقة وهي ان المديونية العامة قد جاوزت الخطوط الحمر. ولا يمكن معالجة ذلك بالتحذير والمسكّنات والمهدئات.
أين أصبحت الخصخصة؟ وأين باريس واحد وباريس اثنين وباريس ثلاثة طالما ما زلنا عاجزين ليس فقط عن تسديد الديون بل عن تسديد فوائد الديون؟ لقد قلت أكثر من مرة انه في ظل الأجواء السياسية غير السليمة، وفي طل استفحال الفساد الاداري لا يمكن ان نأمل بأي تحسن في الوضع، فالودائع التي تصلنا والأموال والمساعدات التي نتلقاها لن تحقق الغاية المنشودة الا اذا كان هناك تصميم اكيد ونهائي على اصلاح الوضعين السياسي والاداري، والا نكون كمن يعبئ المياه في السلال فتذهب هدراً. فهل من مستجيب؟

لقد اعتبرنا ان باريس 2 ليس الحل النهائي بل كان خطوة مرحلية بانتظار ترتيب بيتنا الداخلي وضبط الوضع الاداري وتحسين ادارة مرافقنا الحكومية المنتجة والتعاطي مع موضوع الخصخصة بأقصى درجات المسؤولية والتجرد. لأن الخصخصة لا يجب ان تعني بيع بعض مرافق القطاع العام بأرخص الأثمان بل حسب أسواق السوق وبعد التأكد ان في ذلك مصلحة للخزينة تفوق مدخول ادارة الدولة لهذه المرافق ومع الحرص الدائم على سيادة الدولة في كل الظروف والأحوال وخلق المناخ الضروري لتفعيل الدورة الاقتصادية.

8- هل ترى امكان تغيير الحكومة الحالية؟ وكيف؟ ولماذا؟

انا مع تغيير الحكومة اذا تأكدتُ ان خليفتها ستكون أفضل منها والاّ صح فينا قول القائل:
"رُبَّ يومٍ بكيتُ منه فلمّا صرتُ في غيره بكيتُ عليه"
وفي كل حال هناك آلية دستورية معروفة لتغيير الحكومات وتشكليها ومنها استقالة رئيسها او استقالة ثلث اعضائها، او حجب ثقة مجلس النواب عنها...
ولكن المشكلة ليست هنا بل في المناخ السياسي العام المخيّم على البلاد وخاصة في غياب النظام الحزبي بحيث حزب الأكثرية يحكم وحزب أو أحزاب الأقلية تعارض.
فحكوماتنا تتشكل من أشخاص وأحزاب صغيرة وكتل برلمانية وطوائف ومناطق وو... والباقي معروف. هذا فضلاً عن الظروف الداخلية والاقليمية وعن المعطيات التي تباعد بين الواقع والمرتجى.

9- تربط نائب رئيس الحكومة علاقات وطيدة مع المسؤولين السوريين ومع الرئيس بشار الأسد شخصياً فكيف تصف العلاقة اللبنانية السورية في ضوء ما يرشح من فتور سوري مع مسؤولين لبنانيين؟ وكيف يمكن تصحيح هذه العلاقة؟

أنني أفخر بالعلاقة الأخوية التي تربطني بالمسؤولين السوريين وعلى رأسهم سيادة الدكتور بشار الأسد. وهي علاقة لا تنطوي الاّ على الاحترام والتقدير الكبيرين. فسوريا هي الأقرب الينا وما بيننا وبينها ليس بين اي بلدين وشعبين من وشائح التاريخ والجغرافيا والقربى والمصالح والهموم والتطلعات المشتركة. فالسلبية معها مرفوض والاستقواء بها من أجل منافع ومغانم شخصية مرفوض أيضاً؛
فوجودها العسكري مثلاً في الأماكن الضرورية لا يجب ان يُعتبر تحدياً لفريق، واعادة انتشارها من الأماكن غير الضرورية لا يجب ان يعتبر انتصاراً لفريق آخر، فكل هذه الشؤون يجب ان يجري بحثها ومعالجتها بين الدولتين في اطار من الأخوة والتفاهم والمحبة والثقة المتبادلة.
وهنا لا بد من التأكيد على مسؤوليتنا كلبنانيين فلا نعمد الى اشراك المسؤولين السوريين في شؤوننا الداخلية البحتة وفي شكاوى بعضنا على البعض الآخر وفي الأمور الصغيرة التي لا علاقة لها بالمصالح الوطنية والقومية.
لقد شكّلت زيارة الرئيس بشار الأسد للبنان قفزة نوعية أعطت للعلاقات زخماً واندفاعاً وثقة، وعلينا العمل على توظيف وتثمير هذه الخطوة التاريخية لخير الشعبين والدولتين. وقد لفتُ في تصريح غير بعيد الى التلكؤ في تفعيل مضمون البيان الذي صدر اثر لقاء الرئيسين لحود والأسد في لبنان، والى وجوب ترجمته العملية في مختلف المجالات.
اما ما أشرت اليه من فتور سوري مع مسؤولين لبنانيين فلا علم لي به.

10- تشهد السياسة السورية حالياً نوعاً من التجديد حيال تعاطيها مع لبنان، كيف تقوّم هذا التجدد وكيف ترى نتائجه؟

التجديد والتجدد في كل مكان وفي مختلف الحقول أمر ايجابي ومرغوب ومن الطبيعي ان تعمد كل دولة، بين الحين والآخر، الى اجراء تقويم في سياستها فتؤكد على ما هو ايجابي ونافع وتتخلى عما هو سلبي أو عما لم يعد ملائماً للظرف.
هكذا أفهم السياسة بشكل عام، وبهذا المنظار أنظر الى تعاطي السياسة السورية مع لبنان وبخاصة انفتاحها على جميع الفرقاء والفئات والتيارات، وانحسار اقحامنا اياها في كل شاردة وواردة، وخطوات التقارب التي حصلت بين بكركي ودمشق.
وما نأمله ان تتكثف الجهود ويتضاعف التحرك باتجاه علاقات سورية لبنانية مثلى ونموذجية بين الدول ونقية وناصعة كثلج صنين وحرمون.