اجتماعات
PrintEmail This Page
تكريم السفير الاميركي فنسنت باتل
27 تموز 2004
ناشد نائب رئيس مجلس الوزراء عصام فارس الولايات المتحدة ان تنظر الى لبنان كبلد فريد مميز في ديمقراطيته وفي حضارته وان تسعى بجدية لتحقيق السلام العادل والشامل لقضية الشرق الاوسط، وليكون الشرق الادنى خالياً من اسلحة الدمار الشامل.

كلام فارس جاء خلال المأدبة الوداعية التي دعا اليها والسيدة عقيلته في فندق البستان بمناسبة انتهاء مهمة السفير الاميركي فنسنت باتل في لبنان، حضرها وزراء وسفراء ونواب، وشخصيات سياسية، ودبلوماسية، واكاديمية، واعلامية، واقتصادية، ونقابية.

ومما جاء في كلمة فارس : يسرني أن أرحب بكم في هذا الحفل الذي نكرم فيه صديقنا فنسيت باتل بمناسبة انتهاء مهمته كسفير للولايات المتحدة في لبنان. ويسرني أن أعلمكم بأنه سيرجع الى لبنان أحبه ويعيش فيه بصفته الشخصية.
نتعاطى معك كسفير للدولة العظمى في العالم. ومن هذا المنطلق تتكلم معنا انطلاقا من مصالحكم الاستراتيجية في المنطقة. ولا شك أن نظرتنا لهذه المصالح تختلف عن نظرتكم وذلك باختلاف مواقعنا ورؤيانا. تتبين لكم هذه المصالح كعناوين سياسية لا بل عناوين في سياستكم الخارجية. أما بالنسبة لنا فهي من صميم حياتنا ومن صميم واقعنا.
ولكن المصالح العليا للولايات المتحدة وللمنطقة تستدعي ردم الهوة بين النظرتين والتقارب في وجهات النظر.
واسمحوا لي أن أشدد على رسالة طالما تكلمنا بمضمونها سابقا وأوجهها ثانية لسفير الدولة العظمى قبيل مغادرته، ألخصها كما يلي:
1- حاولوا أن تنظروا دائما الى لبنان كبلد فريد مميز في ديمقراطيته وفي حضارته؛
2- اعملوا بجدية لتحقيق السلام العادل والشامل لقضية الشرق الأوسط لأن في تجاهلها الكثير من المآسي عليكم وعلينا؛
3- اعملوا كي يكون الشرق الأدنى، مهبط الأديان السماوية الثلاثة، خاليا من أسلحة الدمار الشامل، دون محاباة لأحد؛
4- انقلوا الى المسؤولين في واشنطن أننا نؤمن بالمبادىء والمثل التي قامت عليها الولايات المتحدة، وأننا نأمل دائما بأن تنعكس هذه المبادىء في معاطاة الدولة العظمى مع لبنان والمنطقة.
صحيح بأنكم تمثلون الدولة العظمى ذات المصالح العسكرية والاستراتيجية ولكن صحيح أيضا أنكم تمثلون حضارة يلخصها الشعب اللبناني بكلمة أميركا. فأميركا للبنانيين، منذ منتصف القرن التاسع عشر، هي ذلك العالم البعيد الذي يهاجر اليه اللبناني كي يعمل فيه ويجد ويبني مستقبلا له ولأولاده. فالشعب اللبناني يعرف أميركا كبلد مضياف، حر، منفتح ذات الامكانات اللامحدودة. ومغتربونا اليوم يعيشون في كل قرية وبلدة ومدينة من الولايات الخمسين.
ونفخر نحن اذ نتطلع الى مئات الآلاف من اللبنانيين في أميركا والى الانجازات التي حققوها كما نفخر بالذين توصلوا منهم الى أعلى القمم ان في الآداب، أو في العلوم، أو في المهن، أو في الصناعة والتجارة، وفي السياسة أيضا. ولن ننسى أن فيلسوفنا جبران، هو فيلسوف أميركا أيضا وان كتاب النبي عنده يأتي بعد الكتاب المقدس في منزلة تداوله بين الأميركيين.
ويسرني يا سعادة السفير أن أتقدم من خلالكم بفائق الشكر والتقدير للشعب الأميركي لما خص به مغتربينا من دعم ومحبة وتكريم. لقد اختار مغتربونا أميركا كبلدهم الجديد، وأعطوه كل ما عندهم. أنهم يفخرون بأنهم لبنانيون - أميركيون ونحن نفخر بما هم يفخرون به.
أنك تمثل يا سعادة السفير دولة عظمى كما تمثل حضارة؛ والدولة والحضارة لا ينفصلان. وأظن أن الكثيرين منا يودون أن تؤثر الحضارة على الدولة وتحول في مسارها.
أني أنتهز هذه المناسبة لأهنئكم على انجاز مهمتكم كسفير للولايات المتحدة في لبنان على أحسن وجه، ولا شك اننا سنفتقدكم كسفير تفهم لبنان وأحبه كما تفهمَّك اللبنانيون وأحبوك.
وباسمي واسم أصدقائك المجتمعين هنا أتمنى لكم أطيب التمنيات وأسعد الأوقات في كل ما تقومون به وما تعتمدون".

السفير باتل رد بكلمة جاء فيها :
عصام فارس
حضرات الوزراء
حضرات النواب
الزملاء في السلك الخارجي
ايها الاصدقاء
دعوني ولو لدقيقة اشدد على هذه الكلمة الاخيرة بالذات "الاصدقاء" لان مفهوم الصداقة كان بالنسبة لي ذات مغزى كبير خلال سنواتي الثلاث في بيروت.
ان حياة الدبلوماسي وما يرافقها من سحر حيناً ومن مغامرة احياناً، ليست متلازمة دائماً مع مفهوم الصداقة. الدبلوماسيون يأتون ويذهبون، الدبلوماسي يمثل سياسة، الدبلوماسي يمثل مسائل شائكة. اما في لبنان فثمة مفارقة. انتم كمجتمع، انتم كافراد، انتم كمؤسسات، انتم كأفرقاء، منفتحون على الاجانب وعلى الدبلوماسيين بشكل فريد فعلاً، حيث ينمو، هذا التفهم الذي تنبثق عنه هذه الصداقات.
ولذا فاني اعتقد انني اتكلم بلسان السلك الدبلوماسي بمجمله عندما اقول ان الخدمة الدبلوماسية في لبنان هي بالفعل شيء مختلف عما هو معتاد.
فالى هذه الصداقات المتمثلة اليوم بكل واحد منكم بيننا، امتناني العميق.
ان هذه الفترة من السنوات التي امضيتها هنا في بيروت لم تكن من الفترات السهلة لا في لبنان ولا في المنطقة ولا حتى في العالم.
ومن سخرية القدر، وطئت قدماي ارض بيروت لتسلم عملي كسفير يوم 11 ايلول عام 2001، وحطت طائرتي في نفس اللحظة التي جرى فيها الاعتداء الاول على نيويورك. هذا الامر بدّل بطبيعة الحال عالمنا، وبّدل وحدد منحى وطبيعة مهمتي في لبنان في الايام والاسابيع التي تلت تلك المأساة. ويومها غمرني التعاطف والدعم وانهمرت علي المشاعر الحارة والتأييد المخلص.
ورغم هذا الانعطاف الذي حصل، حاولت ان تبقى عيني على الهدف، والهدف هو العلاقات اللبنانية الاميركية. ان مظاهر الاسى والتضامن التي احطت بها دلّت على العلاقات الفريدة والتاريخية والخاصة القائمة بين الولايات المتحدة ولبنان.
ان اول علاقة دبلوماسية لنا مع العالم العربي كانت في المغرب. الا ان اميركا بدأت تتعرف على المنطقة يوم راحت قوافل اللبنانيين تتدفق على بلدنا منذ القرن التاسع عشر.
هؤلاء المهاجرون ساهموا في مختلف المجالات تقريبا وما زالوا يساهمون. في نهاية هذا الاسبوع ساذهب الى بشري لاسلم بعض اشياء اخرى مهداة الى متحف جبران خليل جبران الذي كانت له علاقة مع محسنة اميركية هي "ماري هسكل"، الا ان خليل جبران كما عصام فارس، واحد بين العديد من اللبنانيين الذين تفوقوا من "بول أنقا" و"جان ابي زيد" الى "جيم زغبي" هذا اذا اردنا ان نسميهم وفق الاحرف الابجدية من A الى Z، ومن الالف الى الياء ترون لبنانيين اميركيين برعوا واسهموا في كل حقل. وليس فقط اللبنانيون في المغتربات هم الذين عززوا وقوّوا العلاقات ولكن ايضاً رجالات كعصام فارس وعائلته الذين يستضيفوننا اليوم بكرمهم وكياستهم المعهودين. واحد الامثلة على جهودهم في توطيد العلاقات، مشاريعهم الواسعة في الولايات المتحدة ودعمهم "لجامعة تافتس" التي اعرف كم هي عزيزة على قلب نائب رئيس مجلس الوزراء، فضلا عن تحليهم بالقيم والالتزام بها وفضلا عن اسلوب فارس المميز في مقاربته لاعمال مجلس الوزراء.
ومن المزايا الاخرى التي يتمتع بها عصام فارس هو حرصه الشديد واسلوبه الرهيف في الفصل بين المصلحة الخاصة والمصلحة العامة وهذه من القيم التي يتشارك بها مجتمعانا.
واعذروني اذا قلت ان التبادل بيننا لم يكن ذا اتجاه واحد، فالاميركيون اتوا الى لبنان بعدد كبير منذ القرن التاسع عشر الى القرن العشرين ثم القرن الواحد والعشرين، اتوا كمربيّن، اتوا كأطباء، اتوا كابناء لهذا العالم وآثارهم جليّة في لبنان منذ عقود خلت.
ان املنا في السفارة لا بل من اولوياتنا ان نتابع اغناء العلاقات بين الشعبين.
كانت لي فرصة سارة ومميزة اذ اتيح لي ان اتحدث الى المؤسسة اللبنانية للارسال في مطلع هذا الاسبوع حول البرنامج المكثف الذي اطلقناه وما زلنا نغذيه، وهو الاتاحة لعدد وافر من اللبنانيين ان يسافروا الى الولايات المتحدة في اطار التبادل الاكاديمي والمهني وكذلك الاتاحة امام الاميركيين مجال القدوم الى لبنان للغاية نفسها.
وددت في الختام لو كان بامكاني القول ان ليس ثمة ملفات خلافية في علاقاتنا واعني العلاقات بين بلدينا، لانه كان لنا، على مدى ثلاث سنوات، التي انقضت على وجودي هنا، محادثات سرية حادة واحياناً بالغة الحدة حول بعض الفوارق، الا انني استطيع البوح اننا احرزنا بعض النجاح في ردم الهوة بين سياستينا وان تشبثنا القوي بتاريخنا المشترك وقيمنا المشتركة ساعد في ابقاء العين دوماً على الهدف.
اغادر لبنان بارتياح بان هذه الروابط الثابتة ستستمر في تكوين الصخرة الصلبة للعلاقات اللبنانية الاميركية مهما كانت التحديات التي تواجهنا.
شكراً لصداقتكم، شكراً لتحديات السنوات الثلاث الماضية، وحظاً سعيداً للمستقبل.
معرض الصور
 
  • السفير الاميركي فنسنت باتل
    السفير الاميركي فنسنت باتل
  • نائب رئيس مجلس الوزراء عصام فارس
    نائب رئيس مجلس الوزراء عصام فارس
  • نائب رئيس الحكومة عصام فارس والسفير فنسنت باتل
    نائب رئيس الحكومة عصام فارس والسفير فنسنت باتل