مقابلات
PrintEmail This Page
جريدة "السياسة" الكويتية
28 كانون الثاني 2005
اجوبة نائب رئيس مجلس الوزراء عصام فارس
جريدة "السياسة"

Iفي المحور الداخلي

- هل تعتقدون ان حكومة الرئيس عمر كرامي سوف تستطيع ان تحقق ما عجزت عنه حكومات الرئيس رفيق الحريري؟ وكيف؟
لا يمكن المقارنة بين الحالتين فحكومات الرئيس الحريري استمرت سنوات في السلطة بينما الحكومة الحالية اتت لمهمتين اساسيتين: تحضير قانون الانتخاب وقانون الموازنة. هذا مع العلم ان الفترة الزمنية لعمرها محدودة بسبعة اشهر بينما التي سبقها كان الوقت امامها متوفراً اكثر.

- لماذا حصل التاخير في تحضير هذين القانونين؟
هذه هي المشكلة فاذا راجعت تصريحاتي منذ اربع سنوات اي بعد انتهاء الانتخابات النيابية الماضية ترى انني طالبت الحكومة بالمباشرة بدرس موضوع قانون الانتخاب وتحضيره وطرحه على الرأي العام كي يصار الى "شرقطة" الأفكار تمهيداً للوصول الى أفضل الصيغ التي نطمح اليها، الا انه مع الأسف الشديد هذا الأمر لم يحصل فدهمنا الوقت ووصلنا الى الوضع الذي نحن فيه.
قلت وأكرر ان اي قانون لا يمكن ان يرضي كل الناس، وسبق وأعلنت انني مع قانون انتتخابي على اساس الأحزاب على ان يسبق ذلك قانون يفرض ان تكون هذه الأحزاب غير طائفية وأعضاؤها ينتمون الى مختلف الأديان والمذاهب، على غرار انظمة جميع الدول المتقدمة والراقية القائمة على أحزاب منها من هو في السلطة ومنها من هو في المعارضة.
ولكن بين التمني والترجمة العملية للتمني بون شاسع وخاصة في لبنان.



- اي تقسيم هو المقبول منكم اكثر؟
اقول لك ما سبق وأعلنت بأن لا مشكلة لي على الصعيد الشخصي مع اي قانون وذلك استناداً الى ما غمرني به ابناء عكار والشمال من ثقة ومحبة وتأييد، ولكن المهم ان يأتي القانون على قياس الوطن ومصلحته العليا وان يحظى بقبول وارتياح لدى مختلف شرائح الشعب اللبناني ولدى الخارج.


- في بداية اجتماعات الحكومة الكرامية تحفظتم وانسجمتم، فهل انتم تختلفون في توجهاتكم مع رئيس الحكومة او مع وزراء في الحكومة، وما صحة ما حصل؟
الحقيقة ان الموضوع أعطي اكثر من حجمه، انا في مجلس الوزراء وخارج مجلس الوزراء لا انظر الاّ الى مصلحة لبنان العليا، وليس على الاطلاق الى اية مصلحة خاصة وهذا يعرفه اللبنانيون والحمدلله، واني عندما ابدي رأياً أفعل وفقاً لقناعاتي بالبند المطروح للمناقشة.
بالنسبة لسؤالك انا كل ما قصدته من مداخلتي هو التأكيد على اهمية مجالس الرقابة وعلى دورها في توفير المعلومات اللازمة لمساعدة الحكومة على اختيار الشخص المناسب في المكان المناسب.
واود في هذا المجال التذكير بأننا لسنا في نظام رئاسي حيث الموظفون الكبار يأتون مع الرئيس ويذهبون معه عند انتهاء ولايته. ففي لبنان الموظف هو الذي يؤمن الاستمرارية الادارية في الدولة وله الحصانة التي لا يحدها الا ّ مجالس الرقابة او رفع الحصانة في مجلس الدولة، وولاؤه يجب ان يكون للدولة قبل ان يكون للشخص او الطائفة او الحزب.
اما عن انسحابي من اجتماع مجلس الوزراء فليس له اي سبب شخصي.




- كيف تصفون علاقتكم بالرئيس كرامي؟
هي علاقة قديمة وأخوية وثابتة، فالخلاف لا يمكن ان يحصل اما التباين في وجهات النظر فهو امر مشروع، ولكن له سقف هو التضامن الوزاري، بحيث يبدي كل وزير رأيه في كل بند اذا شاء ويبقى القرار للمجلس مجتمعاً.

- علاقتكم بالوزير سليمان فرنجية
ممتازة أمس واليوم وغداً باذن الله.

- هل ستتعاونون في الانتخابات المقبلة؟
لا أدري كيف سينتهي مشروع قانون الانتخاب الجديد والتقسيمات الادارية وخصوصاً بالنسبة لطرابلس وعكار، ولكن مجالات التعاون موجودة دائمة، سواء على صعيد روابط الصداقة او على صعيد التزامنا بالمواقف والتوجهات السياسية العامة.

- هل تتوقعون ارسال مراقبين دوليين لمراقبة الانتخابات النيابية ام ان المراقبة عن بعد قد تكفي؟
ان موضوع ارسال مراقبين دوليين لمراقبة الانتخابات يحصل بناء لطلب من حكومة الدولة المعنيّة، الا انني لا اعتقد ان ثمة ما يحول دون حضور من يرغب، بشكل تلقائي، في مواكبة عملية الانتخاب ومشاهدة ما يجري.

- كيف تقوّمون الوضعين المالي والاقتصادي في لبنان؟
الوضع المالي جيّد ومستقر وممسوك، اما الوضع الاقتصادي فانه اقل ما نتمناه، لارتباطه في العديد من جوانبه بمشكلة المنطقة وبخاصة لجهة اقدام الاجانب والمغتربين اللبنانيين على الاستثمار في لبنان- فالمعلوم ان رأس المال يحتاج الى الثقة والاستقرار والأمن وطالما ان وضع المنطقة غير مستقر فان ذلك ينعكس ولا شك سلباً علينا، ومع ذلك فان اللبناني يملك قدرة هائلة على التكيّف وعلى استنباط الحلول والمخارج ويتمتع ببادرة فردية مميزة تجعله يتغلب على المصاعب والأزمات وقد برهن على ذلك بشكل جلي ابّان الحرب التي عصفت بنا، ولكن ما يحتاجه اللبناني هو العمل الجماعي وعدم جعل المصلحة الفردية تتقدم على مصلحة وطنه العليا، فالطائفيات والأنانيات كانت وبالاً علينا.

- من المعروف ان ثمة ما يشبه اجماعاً لبنانياً حول شخصكم نابعاً من احترام ومن تقدير لانجازاتكم وعطاءاتكم الانمائية والانسانية ولمواقفكم المتميزة دائماً بالتعقل والاعتدال ومن انكم من قلة تعطي الوطن ولا تأخذ منه:
1- فلماذا لا تحاولون ان تكونوا سعاة خير وتقارب بين الموالاة والمعارضة بدل ان تأتي هذه المساعي من سواكم؟
2- لماذا لا تعمدون الى انشاء حزب او حركة تشكل في لبنان القوة التي يمكنها ان تستقطب كل الرافضين للواضع الحالي؟
اولا اشكرك على كريم مشاعرك واني اعتز ان اكون مغموراً بثقة بني وطني ومحبتهم؛ اما بالنسبة لسؤالك فهو موضوع مهم ولا شك وقد فاتحني العديدون به، واذا كانت بعض الظروف حالت سابقاً دون تنفيذ مضمون سؤاليك، فان بنيتي مع مجموعة من المستشارين والمفكرين اعارة هذا الموضوع عناية واهتماماً خاصين لاني مؤمن ان لا خلاص للبنان الا بقيام احزاب او حركات او تيارات غير طائفية تساعد على ارشاد البلاد نحو تحقيق طموحات ابنائها وتطلعاتهم.

- هل تتوقعون ان تجري الانتخابات النيابية المقبلة بشكل طبيعي ام ان مشاكل سوف تعترض طريقها كاعلان المعارضة مثلاً بكل الوانها وحتى تيار الرئيس الحريري مقاطعة هذه الانتخابات؟
لقد تعهدت هذه الحكومة بوضع قانون للانتخاب عادل ومتوازن يفسح في المجال امام الشعب اللبناني بالتعبير الصحيح عن ارادته، واعلنت انها ملتزمة باجراء انتخابات حرة ونزيهة، وبودي الاعتقاد ان الحكومة ستفي بهذين التعهد والالتزام. فاية مصلحة للرئيس كرامي ان ترافق الانتخابات الشكاوي والاعتراضات والمآخذ او ان يرافقها، لا سمح الله، التزوير والضغوطات، واي مصلحة لوزير الداخلية، ومستقبله امامه، ان تكون الانتخابات موضع طعن؟ واي مصلحة للبنان امام الرأي العام المحلي والرأي العام الخارجي ان لا تحصل الانتخابات في أفضل الأجواء امناً ونزاهة وحرية؟

- كيف تنظرون الى موضوع المصالحة الوطنية وهل انتم مع عودة العماد عون الى لبنان ومع العفو عن الدكتور سمير جعجع؟
اهلاً وسهلاً بالعماد عون في وطنه، وبتكاتف جميع اللبنانيين من أجل بناء بلدهم، وليس عندي اي موقف سلبي بالنسبة للعفو عن الدكتور سمير جعجع.

هل انتم راضون عن اصطفاف المعارضة بهذه الطريقة وتلك المطالب المشحونة؟
كل ما يجري ضمن الدستور يرضيني، فمن حق المعارضة- من ضمن الحرية التي يضمنها القانون- ان تتحرك بالشكل الذي تراه مناسباً، وكذلك الموالاة.
هذا هو لبنان، انه بلد الحرية والديمقراطية وبدونهما يفقد احد اهم مبررات تكوينه وديمومته.

II في المحور الخارجي

- كيف تنظرون الى الوضع في المنطقة؟
ان المنطقة حبلى ولا شك بمتغيرات وتطورات على جانب كبير من الأهمية والخطورة، من أحداث العراق الى غياب عرفات، الى الانتخابات الفلسطينية التي أوصلت ابو مازن الى السلطة، الى الانتخابات العراقية المتوقعة في شهر شباط المقبل الى الانتخابات المزمع اجراؤها في لبنان. كل ذلك مضافاً الى بدء الولاية الثانية للرئيس الأميركي جورج بوش الذي بات أكيداً انه وضع ملف الشرق الأوسط اي النزاع الفلسطيني الاسرائيلي والعربي الاسرائلي على سلمّ اولوياته، وأرى ان علينا مواكبة هذه التطورات وأن نكون في منتهى التنبه واليقظة في التعاطي معها بكل جدية ومسؤولية في اطار عناوين ثلاثة: التماسك اللبناني اللبناني، التنسيق اللبناني السوري، والتضامن العربي.

- كيف يمكن التوفيق بين مطالبة لبنان بتطبيق مقررات مجلس الأمن وخاصة الـ 425 والـ 242 والـ 338 وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 وبنفس الوقت رفض القرار 1559؟
نحن لا نرفض القرار رقم 1559 بل ما قلته بالضبط ان تنفيذ هذا القرار مرهون بتوقيته باعتبار ان هناك ظروفاً اقليمية وظروفاً دولية معروفة من القاصي والداني فضلاً عن الظروف اللبنانية التي لا أحد يجهلها, انا اعتقد ان الأولوية في مثل هذه الأمور هي لتوافق لبناني لبناني حوله ثم لتفاهم لبناني سوري، فهذا القرار يجب ان لا يكون عامل شرخ بين اللبنانيين ولا عامل ضغط على سوريا.

- هل اصبح هذا القرار مدخلاً للانتخابات النيابية كما يبدو من اهتمام السفيرين الأميركي والفرنسي؟
القرار 1559 سيكون ولا شك، احد المواضيع الرئيسية في الحملة الانتخابية ولكن بالتأكيد لن يكون الموضوع الوحيد، لأن هموم الشعب اللبناني عديدة ومتشعبة، من الوضع الاقتصادي والمالي، الى وضع الادارة، الى محاربة الفساد والهدر، الى تحصين القضاء، الى الافادة من طاقات الانتشار اللبناني في العالم، والى غير ذلك من الأمور التي تعكس ارادة الشعب وطموحاته في استكمال بناء دولة القانون والمؤسسات.

- ما هو وجه الشبه بين ظروف معاهدة سايكس بيكو وظروف اعداد القرار 1559؟
لا ارى صلة بين الأمرين واذا كانت لديكم معلومات اخرى فزودوني بها.

- خلال اقل من شهر كما يقال سيصدر قرار كوفي انان حول تنفيذ القرار 1559، هل صحيح ان انسحاباً سوريا شاملاً من لبنان قد يخفف من وطأة قرار انان؟
ليس من صلاحية الأمين العام للأمم المتحدة ان يصدر قراراً لأن هذا من شأن مجلس الأمن مجتمعاً وهذا المجلس فوّض انان بوضع تقرير عن الموضوع خلال ستة اشهر، والمتوقع في هذا التقرير ان ينطوي على ما نفذ وما لم ينفذ من القرار 1559 – وبعدها يبني مجلس الأمن على الشيئ مقتضاه. ولكني لا استبعد ان يتناول بعض اعضاء مجلس الأمن هذا الموضوع خلال مناقشة المجلس طلب لبنان في التمديد للقوات الدولية في الجنوب اليونيفل (UNIFIL)

- على ماذا يستند لبنان برأيكم في مواجهة الاستحقاقات القادمة والمطلوب منه كثير: ارسال الجيش الى الجنوب، فكفكة حزب الله- تجريد المخيمات الفلسطينية من السلاح؟
مواجهة هذه الاستحقاقات تحتاج الى عناوين ثلاث: التماسك اللبناني- اللبناني، التنسيق اللبناني السوري، تمتين صداقات لبنان الدولية من خلال دبلوماسية ناشطة وديناميكية ومتحركة.

- هل تعتقدون انه سيكون للانتخابات العراقية ولتولي السلطة الجديدة في فلسطين تأثيرها على لبنان؟
مما لا شك فيه ان الأوضاع الراهنة في المنطقة والتطورات والمتغيّرات المرتقبة من شأنها التأثير علينا في لبنان، وذلك في ظل الأجوبة على الأسئلة التالية: هل ستؤدي الانتخابات الى الاستقرار في العراق؟ هل سيتمكن النظام الفدرالي المتوقع ان ينجح؟ هل المبادرة الأميركية- وربما الدولية معها- في استئناف المفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية والعربية الاسرائيلية ستسرّع عملية السلام؟