تصاريح
PrintEmail This Page
ان اكبر جريمة الحديث عن إسقاط رئيس الجمهورية الذي هو رمز الوطن
09 نيسان 2005
في تعليقه على ابرز الملفات الداخلية الساخنة، اعتبر نائب رئيس مجلس الوزراء عصام فارس "ان اكبر جريمة الحديث عن إسقاط رئيس الجمهورية الذي هو رمز الوطن، وإلا نكون بذلك نهدم المؤسسات".

ورأى ان "من الظلم ايضاً اقالة شخص في الشارع قبل صدور نتيجة تحقيق بحقه"، وذلك في رد على سؤال يتعلق بطلب المعارضة اقالة قادة الاجهزة الامنية. ولكنه عبر عن ارتياحه الى تشكيل اللجنة الدولية.
كلام فارس ورد خلال حديثه الى الصحافيين المرافقين للوفد الرسمي المشارك في جنازة البابا يوحنا بولس الثاني في الفاتيكان، وقد استهله بالقول ان "اللبنانيين اجمعوا على ان التعجيل في تأليف حكومة جديدة هو ضرورة وطنية. حتى ان المعارضين الذين لا يريدون المشاركة، يشجعون كثيراً على قيام حكومة جديدة، لانه لا يجوز ابقاء البلاد معلقة في ظل ما تتعرض له. وانا ايضاً اؤيد الرأي القائل بضرورة قيام حكومة جديدة، وان لا تكون حكومة استفزاز او انتصار، لأن لبنان لا يقوم الا على التوافق، ولا يقوم على خاسر ومنتصر".

* وهل ستكون فعلا حكومة بالتوافق؟ وكيف؟

- بالتوافق شكلياً من دون حصول بحث ومناقشة مع المعارضين، لأن لديهم نية ورغبة في قيام حكومة.

* هل يمكن القول انها ستكون ايضاً حكومة "بمن حضر"؟

- يمكننا القول ان الحكومة ستولد في شكل راق. ومن أراد الاشتراك فيها يكون وزيراً، ومن يرد الاستقالة يستقل. واعتقد انها ستعلن خلال الـ48 ساعة المقبلة (اي غداً الاثنين).

* ما هي ابرز المهمات التي ستتولاها هذه الحكومة، غير اجراء الانتخابات ومتابعة عمل لجنة التحقيق الدولي في جريمة اغتيال الرئيس الحريري؟

- سوف تقوم بدورها كاملا، طبعاً، في تسيير الاعمال، وفي بت امور عالقة، ولكن المهمة الاساسية ستكون مواكبة عمل لجنة التحقيق الدولي التي آمل في ان تشكّل وتنجز عملها بسرعة لنخرج من هذه الدوامة ونكشف الحقيقة في جريمة الاغتيال الشنعاء. والمهمة الاساسية الاخرى سحب مشروع قانون الانتخاب الذي لم يجد توافقاً بين جميع الاطراف حوله. لذلك ستأخذ الحكومة برأي جميع من ابدوا ملاحظات. وان شاء الله تخرج بمشروع يرضي الجميع ويرسل الى مجلس النواب لمناقشته واقراره وفق الاصول. في الواقع، نحن اجرينا ثلاث دورات انتخابية، كانت الدوائر الانتخابية، خلالها، للأسف، تفصّل على قياسات معينة. واتمنى اليوم ان يصدر عن مجلس النواب الذي تعود له الكلمة الفصل، قانون يأخذ في الاعتبار كل الهواجس التي مررنا بها منذ قيام الطائف حتى اليوم، وينبثق منه مجلس نواب قادر على مواكبة المرحلة المقبلة.

* المهل لاجراء الانتخابات شارفت الانتهاء، فأي قانون توافقي يمكن اصداره في هذا الوقت الضيق؟ وهل لا يزال في الامكان إجراء الانتخابات في مواعيدها؟

- سبق ان اعلنت موقفي بضرورة اجراء الانتخابات في مواعيدها. لكنها ليست جريمة كبيرة اذا تحاشينا "سلق" موضوع اساسي كهذا. فالمجلس المقبل سنتعايش معه طوال السنوات الاربع المقبلة، وهو الذي ستنبثق منه ولاية رئاسة جمهورية ستستمر ست سنوات ايضاً. لذلك، لا بأس في ان نأخذ بعض الوقت، وليس وقتاً طويلا، فندرس مشروع القانون هذا، بدلا من "سلقه" ونذهب به الى مجلس النواب الذي له الكلمة الفصل، وحيث لكل فيه رأيه.
ان مجلس النواب هذا شرعي، وهو منتخب من الشعب، واليه يعود صدور القانون. لكنني اكثر ما اركّز على آلية الانتخاب، وليس على التقسيمات الانتخابية والمناطق فحسب، مثلا اليوم اصبح أي بلد افريقي يعتمد على الكومبيوتر في الانتخابات، ونحن لم نعتمد حتى اليوم المكننة في تسيير عملية الانتخاب.

* اذا كنا نتحدث عن اعادة وضع مشروع قانون انتخابي جديد، وعن آلية لاجراء الانتخابات، فكم نحتاج الى تأخير في موعد اجراء الانتخابات؟

- اتمنى ان نركّز على السرعة، ولكنني لا أتمنى اطلاقاً "سلق" الموضوع.
* في هذه الحال، ما هي مدة التأجيل حسب رأيك وانطلاقاً مما اطّلعت عليه من اجواء ومشاورات في هذا الاطار؟
- ليست جريمة اذا ما احتجنا الى التأجيل لبعض الوقت، للاسباب التي ذكرت. واضافة الى ذلك، هناك لجنة تحقيق دولي سوف تجري تحقيقات في لبنان على مدى ثلاثة اشهر في جريمة كبيرة جداً، وقد يكون بعض المرشحين متهمين من بعض الفئات في لبنان، ولا يجوز ان يكون ذلك موضع تأثير في مجرى الانتخابات. فلتكن انتخابات نزيهة تمثل رأي الشعب بموضوعية، وليس رأي شعب متأثر بتحقيق دولي.
في رأيي، يمكن ان نركّز اولا على القانون في انتظار تبيّن معالم وتوجه عمل لجنة التحقيق الدولي. والمهم الا نسلق الانتخابات في هذه المرحلة. وفي الوقت عينه لا يجوز ان يتاجر احد بامور عاطفية من اجل الوصول الى الندوة البرلمانية. كذلك، نحن نمر بمرحلة ما بعد الانسحاب السوري وتأثيره، ويفترض ان نعطي الأمر بعض الفرصة، وندرس قانوناً عصرياً.

* اذا، باختصار، ما هي مهلة التأخير التي تراها انطلاقاً من المعطيات المتوافرة لديك؟

- انا لا اراها كارثة كبيرة اذا ما اخّرناها ثلاثة أشهر.

* ماذا عن الحكومة الجديدة، التي لا بد انك اطلعت على المشاورات الرئاسية التي تمت بشأنها في روما؟

- في الحقيقة، لم أشارك في التفاصيل، لأن لا دور لي في ذلك. ولكنني اطلعت على الاجواء والحرص على التعجيل في تأليف هذه الحكومة، ان لدى المسؤولين، او لدى الاطراف الآخرين الذين نقلت رغباتهم في هذا الاتجاه. ولبنان معروف تكوينه السياسي، وهذه الحكومة ستكون منبثقة منه.

* كنت عبرت عن رغبة في عدم المشاركة في الحكومة، ولكن المعلومات تقول ان هناك تمنياً عليك بالمشاركة، فماذا سيكون موقفك؟

- لا أزال عند موقفي واتمنى عدم المشاركة ولكنني كما قلت، اذا دعت المصلحة الوطنية العليا الى ذلك، لا يمكنني ان اتهرب منها، في هذا الوقت الحرج الذي نمر به الآن. في النتيجة، بلدنا الذي اخذنا قراراً بأن نأتي لخدمته، لن نتخلى عنه في الوقت الصعب. ونحن نمر جدياً بوقت صعب. وكما قلت ان الحكومة ستصدر، ومن يرد يدخل اليها ومن لا يرد لا يدخل.
* علم ايضاً ان الوزير سليمان فرنجيه عائد الى الحكومة وتحديداً الى وزارة الداخلية، وسبق ان اعلن انه لا يمكنه العودة الى الداخلية وسحب مشروع قانون انتخاب أعده بنفسه، فكيف ستحل هذه العقدة؟

- ما دمنا نريد التعجيل في بت موضوع الانتخابات وقانون الانتخاب، يمكن معالي الوزير فرنجيه ان ينطلق من الدراسات التي لديه في وضع مشروع القانون، اذا كنا نريد ان نعجل. ولكن ان نأتي اليوم بأناس جدد الى وزارة الداخلية ليدرسوا من جديد موضوع الانتخابات، فإن ذلك قد يؤثر ويؤدي الى تأجيلها الى اجل لا يمكن تحديده بين ثلاثة او ستة اشهر او سنة، ولا يكون ذلك كافياً. والوزير فرنجيه اصبح مطلعاً جداً في هذا الاطار. وفي الحقيقة، مررنا بأوقات صعبة، وكان الوزير فرنجيه "قدّ الحمل". واتمنى عليه ان يكون في وزارة الداخلية.

* هل تعتقد ان الحكومة المقبلة ستكون في ارتياح جميع الاطراف، وتحديداً عائلة الرئيس رفيق الحريري؟

- أهم ما في الموضوع ان جميع الاطراف باتوا يريدون تشكيل حكومة.

* البطريرك صفير انتقد (اول من) امس التمديد لمجلس النواب الممددة ولايته في بدايتها وفي نهايتها، فضلاً عن ان هناك تراجعاً في تعهد كان حصل عليه باعتماد الدائرة الصغرى...

- البطريرك صفير مرجعية وطنية، وهو رجل مخلص للبنان، وكل طروحاته تصب في خانة لبنان، وليست في خانة طائفة او فئة. ولكن في واقع الحال، هناك آلية لاجراء الانتخابات. فالحكومة المستقيلة رغم كل الاجتهادات والتفسيرات والفتاوى الدستورية، لا يمكنها ان تجري انتخابات. وممنوع عليها توقيع مراسيم خلال تصريف الاعمال.

* لكنكم شاركتم في اجتماعات المجلس الاعلى اللبناني – السوري وكان هناك بحث في مستوى علاقات دول؟

- انه موضوع مختلف. فالمجلس الاعلى اللبناني – السوري قائم بقانون بذاته. وأنا شاركت فيه، لأن القانون ينص على اعضائه الاربعة، وهو قانون خارج عن التشريع الدستوري الحكومي، ولا علاقة له بالانتخابات او بتسيير اعمال الحكومة. ونحن لم نذهب كحكومة انما كأعضاء في هذا المجلس وفق القانون، والبرهان ان الرئيس بري هو رئيس مجلس نواب وليس في الحكومة. بصراحة اقول انني شخصياً اريد قانوناً عادلاً وحديثاً ولنكف عن سلقه سلقاً، ومع احترامي للجميع، ولمطلب هذا او ذاك من هذا القانون. فليناقش مجلس النواب الموضوع. واعتقد ان لبنان كله ممثل في المجلس وليدل كل بدلوه.

* ولكن اذا كان رئيس المجلس قد اقام مع فريق من هذا المجلس في "عين التينة"، في مواجهة فريق آخر في "البريستول"، كيف يكون الالتقاء في المجلس؟

- في عين التينة" اعضاء فريق قرروا الجلوس بعضهم مع بعض وان يناقشوا ما هو مطروح على الساحة، والاجتماع هناك لا يتم بصفة رسمية او حكومية او مجلسية. لكن هذا لا يمنع ان تجتمع فئات اخرى ايضاً، وهي تمثل شرائح واسعة من اللبنانيين. وهذه ظاهرة صحية، ولا تلغي دور المؤسسات او المجلس، ولكننا كلنا نعود الى مجلس النواب، ونظامنا برلماني.

* ألا زلت تنتمي الى "عين التينة" وقد رأينا في المرحلة الاخيرة انك ابتعدت عن الساحة الداخلية بما فيها من تناقضات ونزاعات وفرز؟
- لا "عين التينة" ولا "قرنة شهوان" ولا "البريستول" تملأ استمارات وتقسم اليمين بالولاء. سبق ان صرحت ان ما اقوم به هو لكل لبنان.

* لماذا كان ابتعادك في المرحلة الاخيرة اذاً، من الساحة الداخلية؟

- في الحقيقة، كنائب رئيس حكومة مستقيلة، ليس لدي دور في عملية تصريف الاعمال، فلا اعمال لدي اصرفها، وليست هناك اجتماعات مجلس وزراء. لم ابتعد لحظة عن هموم لبنان وأنا اعيش معها ليلاً ونهاراً من خلال مكاتبي. ولم اتهرب مرة من مسؤولياتي. وعندما تقرر عقد المجلس الاعلى اللبناني – السوري شاركت، وعندما تقررت زيارة المشاركة في تشييع قداسة البابا بادرت على الفور الى موافاة الوفد وحتى عندما كنا سنشارك في القمة العربية في الجزائر، كنت جاهزاً للانضمام الى الوفد.
* الضغوط الخارجية على لبنان، هل تؤثر في وضعك او اعمالك في الخارج؟

- على النقيض. انما لم اخلط يوماً بين الوضع السياسي للبنان وبين اعمالي القائمة على الطريقة المؤسساتية. وأنا مرتاح الى النشاط الدولي الحاصل في اتجاه لبنان، فهو يعني ان هناك اهتماماً من كل العالم بلبنان. وهذا الاهتمام يعطيني دفعاً، وأملاً في أننا لا نزال موضع اهتمام العالم كله.

* ما رأيك في اثارة موضوع استقالة رئيس الجمهورية ومحاولة بعضهم اجراء تسويات وصفقات في هذا الاطار؟

- الكلمة الفصل هي لمجلس النواب. نحن مقبلون على حكومة جديدة، ستنبثق منها انتخابات، وبالتالي مجلس نواب. اذا ارتأى الشعب اللبناني
من خلال ممثليه في المجلس، فإن رئيس الجمهورية ليس متمسكاً. انما نحن المتمسكين بالدستور وبوجود رئيس للبلاد. انها اكبر جريمة ان نتحدث عن اسقاط رئيس "وتطليع رئيس"، لأننا نكون بذلك نهدم كل المؤسسات. التظاهر في الشارع يمكن ان يسقط حكومة وان يحدد موقفاً، ولكن هدم المؤسسات خط احمر وممنوع. وممنوع اللجوء الى مثل هذه الامور لمآرب سياسية. أنا ضد اي تحرك حيال رئيس الجمهورية الذي هو رمز وحدة الوطن، لاننا بذلك نكون هدمنا وحدة الوطن. لذلك اتمنى ازالة هذه الطروحات من التداول لأنها مضرة بلبنان، ولنحصر نشاطنا بالعمل الحكومي والبرلماني والديموقراطي، وليحيّد رئيس الجمهورية عن كل هذه المواضيع.

* وما هو موقفك من المطالبة باقالة قادة الاجهزة الامنية، لاسيما من قبل عائلة الرئيس الحريري؟

- ظلم اقالة اي شخص من الشارع. الاقالات يجب ان تحصل بعد تحقيق. واعتقد ان نصف الموضوع قد حُل باللجنة الدولية للتحقيق التي لها كل الحرية في مساءلة اي كان من السياسيين والقادة الامنيين، ومن الجميع. وبالتالي، لا صلاحية لرئيس الجمهورية لاقالة اناس في الوزارات، وهذه من صلاحية الحكومة، وهي مستقيلة. وبالتالي، لجنة التحقيق الدولية ستباشر عملها، والعالم كله ممثل فيها، فلننتظر تحقيقاتها.

* هل أنت خائف على الوضع الاقتصادي في لبنان، في ظل الازمة السياسية القائمة، وفي ظل التفجيرات الأمنية الأخيرة؟

- لا يمكن أحداً ان يصدق ان ما يحصل لا يؤثر في الوضع الاقتصادي والوضع المالي بعد هذه المرحلة التي مررنا بها. مررنا بمراحل أصعب، صحيح ولكن لبنان قادر على النهوض وعلى تخطي الازمات، والمهم ان نعيد توحيد صفوفنا ونجدد التزامنا ببناء لبنان الجديد.