مركز عصام فارس للشؤون اللبنانيّة
PrintEmail This Page
أزمات لبنان والشرق الاوسط في ندوة لمركز عصام فارس للشؤون اللبنانية
04 شباط 2008
عُقِدَ في مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية طاولة مستديرة بحثت في موضوع "لبنان والشرق الأوسط: أزمة الحكم في لبنان، العلاقات العربية والمصالح الدولية". شارك في اللقاء إلى جانب رئيس المركز السفير د. عبدالله بوحبيب، ومستشار المركز د. رغيد الصلح وباحثون وباحثات من المركز عدد من المهتمين والمعنيين بالشأن العام ومن المساهمين والمساهمات في فعاليات سياسية وإجتماعية وإقتصادية وثقافية وتربوية مختلفة.

بعد الترحيب بإسم المركز بالحضور والإشارة إلى الغاية من اللقاء خاصة في ضوء الأزمة المتفاقمة والتي أنجبت إضطرابات إرتدت طابع العنف خلال الأيام الأخيرة، إقترح على المشاركين أنّ يتطرق الحوار والنقاش إلى الأوضاع الدولية لجهة تحديد طابع النظام الدولي وما إذا كان هذا النظام أحادي أم تعددي الطابع. وعلى الصعيد الدولي أيضاً، طرح المركز أسئلة أخرى حول الإرهاب الدولي ومستقبل الحرب ضده، وحول موضوع النفط وإحتمالات إستمرار الإرتفاع في أسعاره والطلب عليه، إلى مسألة نشر الديمقراطية على الصعيد العالمي والإقليمي ودور لبنان
.
وطلب إلى المشتركين أيضاً النظر في مستقبل النظام الإقليمي وحول حظ ما يدعى "بمحور الإعتدال" بالنجاح، وحظ النظام الإقليمي العربي
بالإستمرار. وفي نطاق التساؤل عن الأوضاع العربية، طلب إلى المشتركين أنّ يبدوا رأيهم بصدد مستقبل العلاقات السعودية - السورية وعن إمكانية إحياء المحور المصري- السعودي - السوري.
وأكدّ على أنّ الغاية من كل هذه الاسئلة هي تلمس آثارها على لبنان وعلى الأزمة اللبنانية خاصةً في ظلّ الصراع المتفاقم بين فريق لبناني يتمسك بصيغة نظام الديمقراطية التوافقية وفريق آخر يصرّ على تطبيق النظام الأكثري، وفي ظلّ إستمرار الفراغ الرئاسي. كذلك طلب إلى المشتركين التداول في إحتمال تحوّل لبنان إلى جبهة مفتوحة للصراعات الدولية والإقليمية والحرب ضد الإرهاب، وفي أثر المتغيرات في سوق النفط على الإقتصاد اللبناني وتراجع الطلب على الديمقراطية في المنطقة العربية والعالم الثالث على الأوضاع اللبنانية.
أجاب المشتركون على الأسئلة مركزين بصورة خاصة على الأزمة اللبنانية وعلى تجلياتها الأخيرة مع المرور بالأوضاع الدولية والإقليمية.

فعلى الصعيد الدولي، أكدّ مشتركون أنّ الإنتخابات الرئاسية الأميركية ستشكلّ عاملاً أساسياً لتغيير الوضع في لبنان والمنطقة إذ إنّ وصول الديمقراطيين أو الجمهوريين المعتدلين سوف ينقل السياسة الأميركية من المجابهة التي تعطي أولوية للحلّ العسكري إلى الإحتواء الذي يستخدم الضغط السياسي والإقتصادي، ومن الإحادية إلى التعددية التي تؤكد على أهمية التعاون بين الدول الكبرى وفي إطار المنظمات الدولية. هذا التغيير سوف يؤثر على الأوضاع في لبنان والشرق الأوسط، إذ أنّه من شأنه أنّ يخفف الضغط الخارجي عليهما.

أمّا على الصعيد الإقليمي، فقد إتفق بعض المشاركين على أنّ مشروع الولايات المتحدة الأميركية الهادف إلى نشر الديمقراطية في المنطقة قد تراجع في سلّم أولوياتها وبأنّ الإدارة الأميركية هي اليوم أقرب التركيز على سياسة الإستقرار. أدّى هذا التحوّل في نظر مشاركين إلى إعادة التوازن بين أميركا وخصومها: عادت سوريا لتلعب دوراً أساسياً في كلّ من لبنان وفلسطين والعراق، كما أنّه أفسح المجال أمام بعض قوى المعارضة، مثل الإخوان المسلمون في مصر للتأثير على الأوساط الشعبية. لكن أشار مشاركون آخرون إلى أنّ الإحتلال الأميركي للعراق خلق، بالعكس، حالة من اللاتوازن أثرت على ثلاث ساحات هي لبنان، فلسطين والعراق.

خصص المشتركون القسم الأكبر من مداخلاتهم للوضع الداخلي اللبناني. إتفقوا على أنّ ‘الطائفية المتأصلة’ في الكيان اللبناني أصبحت تشكلّ عائقاً كبيراً لتطوره لاسيّما في ظلّ الصراع المذهبي الذي يخيّم على المنطقة. تناول المشتركون مسألة النظام اللبناني، فإعتبروا أنّنا أمام أزمة نظام حقيقية وليس أمام أزمة عابرة وأنّ هذه الأزمة تتطلّب البحث عن نظام بديل يعيد الإستقرار إلى الحياة السياسية اللبنانية. رأى مشتركون أنّ الأفق مسدود أمام اللبنانيين بسبب إنعدام الثقة بين الأطراف اللبنانية مما يدفع الكتلتين المتناحرين إلى عدم البحث الجدي عن تسوية للمسائل العالقة. لكنّ شدد آخرون على أنّ الحلّ ممكن إذا ما نشأت كتلة وسطية إصلاحية ذات مشروع واضح تخرج البلاد من الأزمة التي يعاني منها وتسمح ببناء مؤسسات الدولة بناءً صحيحاً يلبّي تطلعات الشعب اللبناني.

وخلال المداولات لاحظ المشتركون أنّ نهج العنف في تصاعد مستمر وأنّ لبنان يقترب، ولو بصورة غير إرادية، من أجواء الإقتتال. وأكدوا على ضرورة نبذ هذا النهج والإبتعاد عنه بعد أنّ كلّف اللبنانيين كلفة إنسانية ومادية هائلة خلال حروب السبعينات والثمانينات. كذلك لاحظوا أنّ الإعلام المحلي يلعب دوراً مهماً في تكييف ردود فعل اللبنانيين على الأحداث، ودعا مشاركون الإعلام اللبناني إلى المساهمة في إحتوء التوترات الفئوية ودعوات العنف. كذلك أكدّ على أنّ التدخلات الخارجية تزيد الأجواء تأزماً وتساهم في وضع لبنان على طريق الإنفجار، وإنّ حصر التنافس والصراع في الإطار اللبناني والإبتعاد عن الإتكال على القوى الخارجية يسهل الوصول إلى منع الإنفجار وإلى الوصول إلى التسوية المطلوبة.