مركز عصام فارس للشؤون اللبنانيّة
PrintEmail This Page
محاضرة للدكتور ريتشارد فراي : "إيران اليوم: تغيّرات وإتّجاهات
13 شباط 2008
نظّم مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية والرابطة السريانية في مقر المركز محاضرة بعنوان "إيران اليوم: تغيّرات وإتّجاهات" للدكتور ريتشارد فراي، أستاذ الدراسات الإيرانيّة في جامعة هارفرد.

حضر اللّقاء المستشار الإقتصادي في سفارة إيران في لبنان مهدي بورناي والملحق السياسي علي رزا آياتي وعدد من ممثّلي الهيئات الإجتماعيّة وأساتذة الجامعات وإعلاميين ووجوه سياسيّة ومهتمّين.

إفتُتحت النّدوة بكلمة ترحيب من رئيس المركز السّفير عبدالله بو حبيب الذي إعتبر أن موضوع المحاضرة مهم جداً على صعيد توسيع المعرفة بشأن الثقافة الإيرانيّة.
ثمّ تشكّر رئيس الرّابطة السريانيّة حبيب أفرام دولة الرئيس عصام فارس لرعايته الدائمة لمناطق ومؤسّسات ومراكز. وعرّف أفرام بالدكتور ريتشارد فراي وقال إنه باحث أكاديمي أميركي أمضى عمره في البحث في منطقة ضاجّة بالأحداث والعنف والتراث والأديان والإثنيّات، متحدّثاً عن إيران، وهو الآتي إلينا بعد زيارة لها كرّمه فيها رئيسها أحمدي نجاد، علّنا نسمع في أوقات ضجيج زواريب بيروت بعض التأمّلات من منظار أوسع حول إيران ليس كشيطان أكبر ولا كمحور شرّ، بل كوطن وثقافة وأبعاد.

تحدّث الدكتور فراي عن رؤيته الشاملة للمنطقة وتحليله لإيران اليوم مستنداً على دراساته في التاريخ الإيراني وخصوصاً العلاقة بين منطقي الدين والدّولة في إيران والتمايزات بين التاريخ الإيراني والسامي فيما يخص أنظمة الحكم الثيوقراطيّة والأخرى العلمانيّة. قدّم الدكتور فراي في بداية محاضرته نبذة عن حياته وتجربة سبع سنوات من العيش والعمل والسّفر داخل إيران والفرصة التي أتيحت له للإطّلاع على التحولات وحركة التغييرات. وقال فراي: في إيران هدفان مختلفان متناقضان. أوّلاً، تعزيز مكتسبات ثورة 1979 وثانياً، السّعي إلى أن تصبح إيران جزءاً من القرن الحادي والعشرين.

وسأل فراي: هل من الممكن تحقيق الهدفين معاً؟ وذكر أنّه لأوّل مرّة في التاريخ يتم تأسيس نظام ديني على أساس دنيوي. وتحدّث عن تجربة النّظام الإيراني معتبراً أنّها تجربة فريدة في التاريخ المعاصر، متناولاً حقبة الإمام الخميني وكيف إستطاع الجمع ما بين المفاهيم الدينيّة والدنيويّة. وتناول فراي تأثير الثورة الإسلاميّة في إيران ومفاهيمها وثقافتها وأبعادها. وقال: يأخذ بعض على إيران أن بعض عاداتها غير إسلاميّة لكنّني أقول أنّ عظمة إيران تكمن في إستمرار حضارتها وثقافتها حتّى اليوم. وأضاف: إن تفوّق الثّقافة الإيرانيّة عبر التاريخ هو من صنع مجد إيران. وأوضح فراي: هناك ألاف من اليهود يعيشون في إيران وإسرائيل غاضبة ومنزعجة من إندماجهم في المجتمع الإيراني. وهذا شاهد على أهميّة الثّقافة والحضارة الإيرانيّة. وقال: إن حوالي خمسون أو ستون بالمئة من الإيرانيين ولدوا بعد الثّورة الإسلاميّة مما يعني أنّ هذه المجموعة نشأت في جوّ مختلف تماماً عن الماضي، ولا سيّما الشّباب الذين يسعون إلى تحصيل العلم وتبؤ مراكز عمليّة عالية. وشرح فراي وضع المرأة في المجتمع الإيراني وأوضح أن النّساء يشكّلن حوالي 50 بالمئة من نسبة طلاب الجّامعات في إيران.

وتناول الدّكتور فراي العلاقات الإيرانيّة العربيّة وقال: من المعلوم أنّ المسيحيين في الأصل كانوا يهوداً قبل أن يعتنقوا المسيحيّة وتحويلها إلى مسيحيّة عالميّة على يد بولس الرّسول. أمّا الإسلام فهو من جذور عربية بمعنى أنه إرتبط بالعرب. والإيرانيون اعتنقوا الإسلام واخذوا جذوره وحولوه إلى معتقد عالمي.
وتحدّث فراي عن كبار الفلاسفة والعلماء الإيرانيين الذين تركوا بصمات مهمة رقمية في تطور المفاهيم والثقافة العربية والإسلامية. وشدّد فراي على ضرورة أن تدرّس اللغة الإيرانية في الجامعات العربية. بمعنى آخر ينبغي أن تعطي إيران هذا الحيّز الذي هو من حقها وألا يقال أن كل شيء هو عربي. هذه هي رسالتي إليكم.

وأنهى فراي مداخلته بالتشديد على أن إيران إعتماد سياستين مستقلتين الأولى: التصدير، بمعنى تشريع نجاح الحياة السياسيّة التي نتجت عن الثورة الإيرانيّة وهو ما يسمّى بالوحدة الإسلامية. والثانية خلق حالة حصار حول أعدائها "أميركا وإسرائيل".

وكان للمستشار الإقتصادي في السّفارة الإيرانيّة مهدي بورناي مداخلة أشار فيها إلى العنصر الأساسي الّذي وحّد إيران وكان لها تأثير على الآخرين فهو عنصر الثقافة الموسّعة والمتنوّعة. وأوضح أنّ إيران لم تعتمد أسلوباً دعائياً داخل وخارج إيران لنشر طريقتها في عيش الإسلام الّذي تختلف طرائقه مع إسلام العروبة. وقال لقد إعتنق الشّعب الإيراني الإسلام لكنّه لم يصبح شعباً عربياً كما حصل مع مصر وغيرها من الدّول.وأكّد بورناي أنّ تاريخ إيران يشهد بأنّها لم تتعدّ على أي بلد، بل بالعكس كانت دائماً عرضةً للإعتداء. وأشار إلى أنّ الثّورات المتعدّدة في مختلف الدّول واجهت في بدايتها صعوبات كثيرة بسبب الإنقلابات السّريعة للأنظمة الحاكمة بعكس ما حدث في إيران.وأعلن أنّ إيران تنفّذ مشروعاً إنمائياً تطوّرياً يمتدّ على عشرين عاماً وفي كلّ المناطق الإيرانيّة يهدف إلى تعميم الديمقراطيّة وتحسينها. وأشار إلى أنّ في إيران حرّيّة فكريّة ودينية متعدّدة وتتمثّل بحرّيّة المعتقد.

بعد ذلك قدّم الدكتور فراي للسّفير بوحبيب كتابه الأخير "إيران الكبرى" يضمّه إلى مجموعة المركز.
وجرى حوار ونقاش بين الدكتور فراي والمشاركين حول مختلف الأراء التي طرحها في محاضرته.