أخبار ونشاطات مختلفة
PrintEmail This Page
رسالة مواطن إلى عصام فارس
01 شباط 2008

من خلف الطوق الذي يقبض على جيلي
من تحت الضباب الذي يدكّن سماء وطني
من غفوة المستقبل الذي يرعب آمالي.
طلّ وجهك البهي على عتبة أفكاري يخترق قلقي الثائر، يحطّم شؤم الحالة، يبعث الأمل وكأن ملاكاً يهمس في أذنَّي ليقول: في الظلمة يفتقد البدر.

دولة الرئيس،

لقد اخترقتُ هدوءك الحالم فاعذرني، شعور، رهان، قلما استنفرته ذاتي، الظلمةُ في كل مكان تفتقدك بدراً فحضرت....، أظنك ابتعدت في الجسد قرفاً من الواقع المستجد في البلد، أو أنك ابتعدت بعد أن انقشعت الصورةُ لك تماماً كأن تعرى الكثيرون أمامك كما أمام ناسِهم، فأنتَ محقٌ في قرارك لأننا في زمن قلّ فيه الوفاء واختفى الحق والحقيقة. إنني أناديك لا لتكون هنا ولا أتمنى ابداً أن تكون في هذه الغابة من الجوارح، ولا هم بظني يأنسون حضورك، فللغابة روادها وأنت لست منهم، وروادها محترفون في السياسة، فمطرحك ليس في هذا الجحيم، مطرحك مع العظماء وقد غدوا قلة في هذا البلد، حضورك في الإنماء والثقافة دائم، إنما أناشدك لأني أفتقد حضورَك الجسدي في بلد يلفظ أنفاسَه وحالُه تستلزم اليدَ المخلّصة والجرّاحَ المبدع، وأسفي أن الرجال الرجال هُزموا في غابة العهر والكفر والتملق والأنانية، وأنت ربحت.

عفوك إن قلتُ أن لا يربطني بك مذهب أو حزب أو مصلحة، لا بالارادة ولا بالولادة، تربطني بك هوية لبنانية مجيدة تتعرض اليوم بذاتها للزوال أو الفقدان، ما يربطني بك أيضاً قناعة تأصلت في الفكر والوجدان بتلك الرزمة من الخصائل الحميدة التي تجمعتْ في شخصك فأثمرت أخلاقاً وفضائل قلما اتسعت لهما شخصيةُ إنسان، لقد جمعت حولك الكثيرين عفواً، بعضهم تجرّد في حبك واعلن، والبعض الآخر تمصلح في الحب وكتم، والحق يقال أن الكل احترمك، هذا بالامس، يوم مارست هواية السياسة بنظافة الكف وجرأة الموقف واعتداله، أما اليوم وبعد أن انقشعت المواقف فأنت في كل الضمائر في السر والعلن، فتوحدت النظرة إليك بل قل تحولت العيون إليك وانعقدت الآمالُ على أمثالك، لا لتعود أيضاً الى الغابة اللبنانية السياسية التي زرعوها حقداً وكراهية ومصالح شخصية ولا لتعود وتندب مع الندابين ولا لتأخذ مركزاً لطالما كبر فيك، بل لتنبه بحضورك نفوس الجلادين ليتمثلوا بأفعالك ويقتدوا بأقوالك، لعلهم يرحمون الناس والعباد، لقد عملت انموذجاً من السياسيين قابل ليكون مثالاً، ما توارثت السياسة ولا تريد توريثها وكلهم لا يسعون إلا لها.
أيها العظيم بين أترابك، لبنان مقبوض عليه، لبنان رهينة بين أيدي بعض زعمائه، وأسيرٌ للمشاريع الكبرى، أنه عفواً يناديك لان واقعَه صعب ومرير ولا يمكن أن ينقذه رجال صغار.

سيدي ما كانت رسالتي الاستغاثية هذه لك لو أن لهؤلاء بعدُ آذان تسمع وجفن يرف، لقد خلخلوا سياج الوطن ليرفعوا اسوار قصورهم العالية، لقد استلموا وطن الارز شمساً وتوارثوه شموعاً، استلموه فرحاً واغرقوه دموعاً، استلموه رسالة وخوفي أن يتركوه رقيماً.
عبرك استصرخ ضمائر محبي وطني الجريح، ليبادروا معك والقلة من أمثالك ويرفعوا الصوت عالياً، ليسمع العالم استغاثة حارقة، تحرضُهم لملاقاة اللبنانيين الذين لا يزالون يعشقون عرزال وطنهم مفضلينه عن قصور الغربة. نناشدك ان تبادر لعل الخجل او الحياء يمكن ان يتسلل بعد الى نفوس هؤلاء، ليبادروا الى اطلاق سراح الوطن الاسير، هم كلهم جلادون ولا يدرون ماذا يفعلون، ان استمرارهم في غيهم لن يبقي لهم وطناً يحكمونه أو شعباً يستغبونه. نناديك لطالما لبيت النداء، أكنت خارج الوطن أم داخله وفي كلا الحالتين أنت فيه وله، رجائي ألا تقول أنك قرفت أو طُعنت، أو حتى تعبت وإن كان حقك أن تقرف أو تحذر أو تتعب، فأنت ما عودتنا اليأس في أيام الصحو، فكيف والحال كذلك.

أناديك لتسكب وأمثالك صحوة من عندياتك على ضمائرهم لعلهم يستفيقون، لبنان لا يزال غنياً بالكبار فان ابتعدوا او ابعدوا فعليهم واجب التمرد على ارادة الموت، لبنان يستحق ان نثور على هؤلاء الاضداد ونطحن مشاريعهم لنحد من العبث به، والى متى نبقى مكتوفي الايدي، أتترك هؤلاء ينتظرون إعلان وفاة الوطن رسمياً، ألا يدري هؤلاء وكلهم أفذاذ أنهم إذا أطفأوا الشعلة اللبنانية الابدية، ستفتح أمامهم أبواب الجحيم، ليس لهم فحسب بل لثرواتهم المنهوبة من شرايين الوطن، لأنانياتهم، لاحلامهم المقيتة، وليعرفوا أن أصابع الشعوب المكوية بارتكاباتهم ستقلّبهم على مقلاة نار الابدية