مركز عصام فارس للشؤون اللبنانيّة
PrintEmail This Page
البروفيسور وولف ليندر :"الحكم الدّيمقراطي في المجتمعات التعدّدية: ثقافة التسويات والشرعيّة"
14 شباط 2008
إستضاف مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية عميد كلّية العلوم الإقتصاديّة والإجتماعيّة في جامعة بيرن السويسريّة، البروفيسور وولف ليندر حيث كانت له محاضرة بعنوان: "الحكم الدّيمقراطي في المجتمعات التعدّدية: ثقافة التسويات والشرعيّة"
رحّب رئيس مركز عصام فارس للشّؤون اللّبنانيّة الدكتور عبدالله بوحبيب بالحضور مشيداً بموضوع المحاضرة ومؤكّداً على حسن العلاقة بين لبنان وسويسرا.

تم تحدّث سفير سويسرا فرنسوا باراس فقال: كلّ من التقيته كان يقول لي أنّ لبنان هو سويسرا الشّرق. ومع الايّام بدأت أدرك شخصياً ماذا تعني هذه العبارة إنّ الذين يستخدمونها يتحدّثون عن أوجه التشابه بين لبنان وسويسرا مثل الثّقافة المشتركة بين لبنان وسويسرا من جبال وثلوج وخدمات وسياحة، وموقع مميّز، وتعدّدية دينية، وثقافة إجتماعيّة...إلا إنّه لا بدّ من الإدراك أيضاً بأنّ ثمّة فوارق في التطوّر السّياسي للبلدين وفي تجاربهما التاريخيّة.

وأضاف باراس: الجميع يتحدّث عن سويسرا والمفاهيم السياسيّة المتّبعة فيها من فيدرالية وعدم إنحياز... إلا أنّ عدداً قليلاً من اللّبنانيين يدركون حقيقة ما هي آليات عمل المؤسّسات الدّستورية في سويسرا. لذلك دعونا أخصائيين للتباحث مع اللبنانيين في نظامنا السياسي. وأوضح: كان لدينا في العام ٢٠٠٧ محاضرة في الجامعة الأميركية بعنوان "الوحدة الوطنيّة والتنوّع الثّقافي" ومحاضرة ثانية في جامعة الحكمة حول الفيدراليّة ولدينا هذا العام عدد من المحاضرات حول إدارة التعدّدية الديمقراطية وهناك محاضرة أخرى في نيسان المقبل.

وأوضح باراس: إنّ اللّبنانيين يحبّون تبني النّماذج، لذلك نحاول أن نتشارك معهم في خبرتنا فقط، وليس الحديث على الإطلاق عن تبنّي نموذجاً آخر في الحكم. ثمّ قدّم باراس البروفسور ليندر الذي تحدث ليندر عن تاريخ الصراع الدموي المتعدّد الأوجه والأطراف من أجل الديمقراطيّة والدّولة الفدرالية بين ١٨١٥ و١٨٤٠ في سويسرا.

ثمّ إنتقل ليندر ليشرح بالتفصيل ما تضمنّه الدّستور الفدرالي لعام ١٨٤٨ وهيكليّة النّظام وسلطات كلّ من الدولة والكونتونات والبلديّات وتنظيمها الداخليّ ومسؤوليّات كلّ منها. على أنّ تتحمّل السّلطة الفدراليّة مسؤوليّة الجّيش والماليّة العامّة والسياسة الخارجيّة والضّمان الإجتماعي. وشرح مسؤوليّات الكونتونات والبلديّات بشأن النّظام التعليمي والأمن الدّاخلي وغيرها من المسؤوليّات المدنيّة.
وتحدّث ليندر عن هيكليّة مجلس الشّعب الّذي يمثّل الأمّة بأكملها ومجلس الدّولة الّذي يمثّل مختلف الكونتونات.

وتناول السّلطة التنفيذيّة التي تشكلّ المجلس الفدرالي المؤلّف من سبعة وزراء يتمّ إنتخابهم من قبل الجمعيّة التنفيذيّة.
ثمّ إنتقل ليندر لشرح عناصر الدّيمقراطية المباشرة المؤلّفة من أربع نقاط أبرزها أنّ يقوم الشّعب والكونتونات بالتّصويت على كلّ تعديل للدّستور يقترحه البرلمان، بالإضافة إلى إمكان مئة ألف مواطن التقدّم بطلب مراجعة الدّستور الفدرالي...

وحدّد ليندر في محاضرته كيفيّة الإدارة السلميّة للنزاعات في المجتمع التعدّدي. وفصّل الفكرة الأساسيّة لتقاسم السّلطات عبر إدخال الأقليّات في المشاركة والتمثيل في الحكومة وأهميّة التسويات. ثمّ إنتقل لشرح عناصر (خمسة عناصر) تقاسم السّلطات في السّياسة السويسريّة والمتعلّقة بمفهوم الدّولة المتعدّدة الثّقافات والفيدراليّة والإستفتاء الشعبي والقاعدة النسبيّة في قانون الإنتخابات. والتمثيل النسبي في جميع المؤسّسات السياسيّة. وأظهر المحاضر إنعكاسات التّمثيل النسبي الإيجابية في الإدارة السلميّة للخلافات. وشرح كيف أنّ عناصر تقسيم السّلطات قد ساعد في التّخفيف من الإنقسامات والخلافات داخل المجتمع السويسري.

وتحدّث ليندر من وجهة نظر مقارنة بين نوعين من الدّيمقراطية وهما النظام الأكثري والنظام التوافقي. وبيّن كيف تكون الديمقراطية الأكثرية وهي ثاني أفضل الأنواع لحلّ الخلافات التعدّدية وكيف أن الدّيمقراطيّة التوافقيّة هي السبّاقة في تقديم الحلول في المجتمعات التعدّديّة. واعتبر ليندر أن الديمقراطيّة الأكثريّة هي النموذج المسيطر في العالم الأنكلوسكسوني وأنّه ثاني أفضل نموذج للمجتمعات التعدّديّة والمقسّمة وأنّ الديمقراطيّة التوافقيّة هي أفضل الحلول في المجتمعات المتعدّدة الثقافات.

وأكّد ليندر أنّ ديمقراطيّة تقاسم السلطات هي الفرصة الوحيدة ولكنّها ليست الضمانة الوحيدة للحلّ السلمي للخلافات في المجتمعات المتعدّدة الثّقافات. وختم ليندر بأن سويسرا بلد مسالم ليس بفضل شعبها بل بفضل مؤسّساتها.