أخبار ونشاطات مختلفة
PrintEmail This Page
وليمتي الثانية
16 نيسان 2008
خدمتني الصحافة الكريمة عندما نَشَرت أخبار الوليمة الطرابلسية التي أقمتُها في قلعة "سان جيل" ودعوت إليها من دعوت من الأزمنة الماضية، اذ استدرَجتْ إليها قوماً مرموقاً من زماننا، فراحوا يتحدثون إلي ويحثونني على تنظيم مأدبة جديدة يحضرون إليها بأياديهم الندية وعقولهم الغنية.
حدثتني أولاً " أميرة الخير" وهو اللقب الذي أطلقه عليها سماحة المفتي الدكتور مالك الشعار، السيدة ليلى الصلح، وعاتبتني لأنني لم أدعها إلى تلك الوليمة، وأبدت رغبتها الشديدة في مجالسة ضيوفي الذين أقلقتُ راحتهم فجلبتُهم من مقاماتهم المستقرة إلى هذا الأوان القلِق، وأكدت لي أن لطرابلس عندها دينا مستحقاً، لما كانت عليه من محبة لوالدها زعيم الإستقلال، وما هي عليه من قاعدة راسخة لهذا الإستقلال. ولم يفتها أن تعبر عن عتبها على الأخ رشيد جمالي رئيس بلدية طرابلس، لأنها ما زالت تنتظر منه أن يكلفها بانجاز أي مشروع حيوي في باب التبانة، وأيدت حماستها لأن تكون شريكة في التفكير والتدبير لكل ما من شأنه استنهاض المدينة.
والتقيت بالرئيس ميقاتي الذي أبدى اعجابه بأصناف الطعام الذي لم تفسده المطابخ الحديثة، وأبدى شهية ملحوظة في أن يكون ضيفاً على وليمة جديدة لا تهتم باطعام مدعويها، بل بتذوق ما يلذ وما يليق بمائدة التاريخ الطرابلسي وفاءً منه لمدينـته التي يحاول أن ينفق فيها انفاقاً مجدياً في الحقول الإجتماعية والتربوية والصحية.
أنا لا أنكر أن من حرضني على تلك الوليمة هو الأستاذ نهاد المشنوق الذي أغراني بأن أستفز مليارديرية طرابلس وهم ليسوا بحاجة لذلك، فقد أفصحوا عن يسرهم بمؤسساتهم ومراكزهم الثقافية والرياضية، وهم يـبدون وفاءً بحاجة إلى أن يؤطّر ضمن المؤسسات وحاجات المدينة التي يجب أن تشخِّصها الهيئات الرسمية بالتعاون مع الهيئات الأهلية ؛ ومن هنا فإنني أرى معالي الوزير محمد الصفدي قد اكتسب من خبرته في وزارة الأشغال ما يفيده في مساعداته السخية وما يحضه على استدراج المساعدات الدولية والشقيقة – بحكم منصبه وانتمائه – إلى تجهيز هذه الفيحاء بالجسور والأنفاق والطرق التي تؤمن سيولة السير وتقي المواطنين شرّ احتقان المرور والتنفس، بعد أن ضاق صدرها بالإهمال المزمن. كما ان السيد غسان غندور ما زال يذكّر بوجوده رغم كثرة غيابه عندما يطلّ علينا بأعماله ورغباته في المساهمة في تنمية بيته الأول والأصيل الذي طبعه جده بطابع الخير والجود.
وقد شعرت من واجبي أن أنوه بالنكهة العكارية التي أضفتها مؤسسة عصام فارس على طعم الذهب والعطارة في سوق الصاغة والبازركان. جمعت بعضاً من أفكاري، ثم نثرتها على مائدة أخي واستاذي عمر مسقاوي، بحضور سماحة المفتي الدكتور مالك الشعار والرئيس المهندس رشيد جمالي ورحنا نتداول بالأمر، فلمست تجاوباً وحماسة، ثم تزودت ببرامج البلدية فوجدتها صالحة تماماً لأن تكون قائمة طعام لوليمة مقبلة، على شرف روح الشهيد رشيد كرامي، يقتحمها سعد من غير حاجة لدعوة مشهراً هواه الطرابلسي وهويته، ومحبته التي ورثها عن أبيه الشهيد.
في ختام هذه الوليمة المستأنفة، أشير إلى أن الاستاذ جهاد الزين قد غير عنوانها من "وليمة في خيالي" إلى " من وليمة طرابلسية "، فأوقعني في مأزق عدم وجود الحلوى التي نخـتص بها، فأردت في هذه المرة التعويض بحلوى من نوع آخر، مادتها الأولى طرابلسية، وتوليفها من طباخ أرمني مفرط في عروبته، جاء من عنجر ليؤلف كورال الفيحاء الذي يحرز الجوائز الأولى في العالم، فسبحان الذي سخر لنا عنجر وساق إلينا الفنّ على جناح المحبة.
اتصل بي معالي الوزير ادمون رزق وأبدى رغبة أهل الجنوب في ممالحة أهل الشمال واقترح عليّ مأدبة يمتد خوانها على امتداد الوطن... فإلى اللقاء.
رشيد درباس
نقيب المحامين الأسبق في الشمال