مركز عصام فارس للشؤون اللبنانيّة
PrintEmail This Page
ندوة عن كتاب سعدون حمادة "تاريخ الشيعة في لبنان"
10 تشرين الأول 2008
نظَّم مركز "عصام فارس للشؤون اللبنانية" ندوةً لمناقشة كتاب الدكتور سعدون حمادة "تاريخ الشيعة في لبنان" في إطار نشاطات نادي الكُتَّاب في منبر الحوار في المركز، وشارك فيها إلى جانب حمادة أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية الدكتور أحمد موصللي والكاتب في جريدة الأخبار أنطوان سعد، في حضور حشدٍ من الأكاديميين والإعلاميين والمهتمين بالشأن العام.

بداية تحدث المدير العام للمركز السفير عبد الله بو حبيب فرأى أن التاريخ الوطني في بلدٍ متعدد الطوائف كلبنان هو مادة للإختلاف والنقاش الدائمين، مشيراً إلى أن كتابة التاريخ اللبناني عملية متواصلة ومهمة صعبة جداً تبقى مفتوحة للمناقشة والنقد والإضافات، فكتابة التاريخ هي كتابة للماضي لكنها تضعه في تصرف المستقبل.

وقال إن كتاب حماده استغرق جهوداً مضنية من البحث والتقميش في الأرشيف العثماني والأرشيف البطريركي الماروني والأرشيفات الأوروبية ومراجع متعددة، وحاول فيه إعادة كتابة تاريخ الشيعة كإحدى الطوائف الرئيسية التي لعبت دوراً بارزاً منذ مئات السنين في بلورة الوطن، وأن يبدِّل من الصورة التاريخية الشائعة أنَّ لبنان تأسس على الثنائية المارونية – الدرزية والتأكيد أن الطائفة الشيعية أصيلة في لبنانيتها وليست طارئةً عليها.

ثم تحدث الدكتور موصللي فسجل عدداً من الملاحظات على الكتاب الذي أكد أنه مهم ويحتوي معلوماتٍ غنية، مشيراً إلى أن وحدة التحليل التي انطلق منها الكاتب كانت غير دقيقة وهي موقع الشيعة وعلاقتهم مع الطوائف الأخرى، ما أدى إلى خلل في رؤية واقع الشيعة وبالتالي علاقتهم بالآخر. ودعا إلى التركيز على الصراعات الدولية في تلك الفترة وسعي السلطنة العثمانية إلى فرضِ المذهب السُني ليس فقط على العالم العربي بل على العالم.

واعتبر موصللي أن الكاتب فصل شيعة لبنان عن الشيعة في العالم ولم يتطرق إلى قضية جوهرية هي علاقة جبل عامل بالنجف وكربلاء وأنه أعطى خصوصية معينة للشيعة وكأن الشيعة أمَّة إسلامية غير الأمة السُّنيّة، مشيراً إلى أن السلطنة العثمانية لم تعطِ خصوصية للشيعة لأنها اعتبرتهم مسلمين. ورأى أنه لا يمكن اختصار تاريخ لبنان بعلاقة الطوائف اللبنانية فيما بينها. واضاف موصللي ان الاضطهاد العثماني لم يقتصر على الشيعة اللبنانيين بل طال كافة الفئات العرقية والدينية من الأرمن إلى الأكراد إلى الشيعة والسنة العرب.

الكاتب أنطوان سعد أكد من جهته أن حمادة اجتهد في جمع المصادر التاريخية ووضع بتصرف القارئ حصيلة مدهشة من المراجع والمؤلفات الكلاسيكية، وأعمل النقد في المصادر لكنه حصرَ نقده في المصادر التي لا تتوافق مع نظرته إلى تاريخ لبنان لدحضها، في حين أنه تبنى تماماً ما يلائمها.

ورأى أنَّ حمادة قلق على المساهمة الشيعية في تكوين لبنان ومتألمٌ وغاضب في وجدانِه مما يعتبره إنكاراً من المؤرخين الموارنة للموقع الكبير الذي شغلته الشيعة التي ينظر اليها المؤلف بانها مجموعة إثنية كانت ذات شخصية مستقلة تسيطر على كل الأراضي اللبنانية. واعتبر سعد أنَّ عزلة الشيعة إضافة إلى توجس الدولة العثمانية الدائم من العلاقة بين الشيعة والدولة الصفوية هي ما تسبب بنكبة الشيعة في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، وليس مؤامرة أوروبية مارونية ساقها المؤلف في متن كتابه.

وأشار سعد إلى أن أهم ما في الكتاب الروح اللبنانية الصافية وأنه أضاف جديداً وألقى الضوء على الدور الشيعي الكبير والمهم في تاريخ لبنان ووضع كماً هائلاً من المصادر التاريخية المهمة وأعطى دروساً بالغة الأهمية للحاضر والمستقبل.

ثم تحدث حمادة فرد على الملاحظات ورأى أن لبنان كان أسبق الدول العربية إلى الوجود وأن الكتاب يتعلق بتاريخ لبنان وليس فقط الشيعة لأنه تحدث عن كل الطوائف، مشيراً إلى أنه لم يتحدث عن الشيعة كمذهب، وإلى أن التشيُّع والتسنُّن حالات قبلية سابقة للإسلام.

وقال إنَّ شيخ الإسلام في السلطنة العثمانية كان يعتبر الشيعة كفاراً وإن العثمانيين لم يعترفوا بالشيعة كمذهب إسلامي ومن الطبيعي أن ينشأ عداء مستحكم بين الشيعة والسلطنة واستمرت العلاقة تصادمية، وهذا ما تم طمسه في تاريخ لبنان كائناً من كاتب التاريخ. ولفت إلى أن النزاع بين العثمانيين والشيعة اتخذ وجهاً عرقياً بين التركمان والعثمانيين وحصلت ثورات عدة في الأناضول وأن الأمر حُسم للسلطنة ما شكَّل سبباً من أسباب ظهور الحركة الصفوية في إيران.

وأضاف ان العثمانيين عندما دخلوا لبنان اعتبروا الشيعة جزءاً من الحركة التي تهدد امبراطوريتهم وذلك بسبب الصراع العثماني – الصفوي.
وعرض حمادة وثيقة، نُشرت في الكتاب، لحاكم شيعي في كسروان تتحدث عن المصير الواحد بين الشيعة والموارنة في وجه العثمانيين، معتبراً أن الشيعة والدروز والموارنة هم سكان لبنان الأصليين عرقياً وقد هربوا إلى الجبل لأنه أمَّن لهم الحماية، لافتاً إلى عدم وجود راعٍ دولي للشيعة.

وذكر إسم القائد الشيعي في جبل عامل ناصيف نصار الذي اعتبره من أهم القادة الشيعة والذي لم تأت كتب التاريخ على ذكره، وأكد في المقابل أن شخصيتي فخر الدين المعني الأول وابنه قرقماز لم يكونا موجودين.