كرّم نادي اصدقاء موسكو نائب رئيس مجلس الوزراء السابق عصام فارس بتقليده أعلى وسام روسي غير حكومي. والنادي تأسس في مطلع عام 2008 ويضم اتحاد موسكو للصداقة الدولية، رابطة الدبلوماسيين الروس، المؤسسة الدولية الاجتماعية للحياة وتطور الجنس البشري والمركز الدولي للبرامج الاجتماعية والقانونية والفكرية. ويمنح هذا الوسام الرفيع لشخصيات بارزة من روسيا ومن دول اجنبية تميزت بمشاركتها الفعالة وجهودها في خدمة الانسانية وبالمحافظة على القيم الروحية والثقافية وتعزيزها وفي تنمية تقاليد الاحترام والتفاهم المتبادلين والتسامح بين المعتقدات الديينة. وقد أريد له أن يكون الى حد ما شبيها بجائزة نوبل، بيد ان هذه الاخيرة تشمل فقط الانجازات العلمية والفكرية والثقافية والسلام العالمي ولا تشمل مجالات عمل الخير كلها والانشطة النبيلة التي تميّز الاشخاص في حياتهم اليومية والروح الغيريّة التي يتحلون بها. وقد منح الوسام حتى الآن الى رئيس جمهورية كازاخستان سلطان نازاييف، ملك الاردن عبدالله الثاني، الرئيس اليمني علي عبدالله صالح ورئيس بلدية موسكو يوري لوجاكوف. جرى الاحتفال في دارة فارس بباريس في حضور القائم بالاعمال الروسي ميخائيل ياركوفليف وكان حضر خصيصاً الى فرنسا لهذه الغاية رئيس نادي اصدقاء موسكو ايغور ساركيسيوف الذي ألقى كلمةً جاء فيها: "ان هذا الوسام، وهو الارفع بين الاوسمة غير الحكومية، يمنح للشخصيات البارزة روسية واجنبية، تقديراً للخدمات التي أدوها لأوطانهم وشعوبهم وكانوا قدوة لمن حولهم وللمجتمع. وقد قرر النادي تكريمكم بهذا الوسام نظراً للعطاءات التي قدمتموها وللانجازات التي حققتموها. انكم مع زوجتكم قد قمتم من خلال المؤسسة التي تحمل اسمكم بتأمين التعليم والرعاية الصحية لعشرات الآلاف من اللبنانيين ومن دول أخرى، ودعم المؤسسات الخيرية والاجتماعية والثقافية وتنفيذ المشاريع الانمائية في منطقتكم وشق الطرق والاوتوسترادات وتشييد المباني البلدية واسهامكم في انشاء جامعة البلمند وتطويرها ودعمكم لجامعة تافتس عبر "منبر عصام فارس" وسوى ذلك الكثير. هذا فضلاً عما نعرفه من ترؤسكم لأكثر من اربعين لجنة وزارية في الحكومات التي كنتم عضواً فيها وانجازكم لكل المشاريع التي أحيلت اليكم. والجميع يعرف ان الاعمال الخيرية من اجل الشعب قمتم بها بعون من عقيلتكم السيدة هلا فارس. وعليه وببركة قداسة البطريرك الكسي الثاني بطريرك موسكو وكل الروسيا مُنحت وسام القديسة اليزابيت تقديراً لتحفيزها ومواكبتها وسهرها على تنفيذ مشاريع مؤسسة عصام فارس الانسانية والاجتماعية والثقافية. ثم تكلم القائم بالاعمال الروسي في باريس ميخائيل ياكوبليف مهنئاً بالوسام ومنوهاً بمدلوله المعنوي ومشيداً بما سمعه عن شخصية عصام فارس وعن التقدير والاحترام الكبيرين اللذين له في لبنان وخارجه. بعده تكلم السفير الروسي السابق في لبنان البروفسور اوليغ برسيبكين ومما قاله: "أيها الرئيس فارس، انكم معروفون جيداً في الاوساط السياسية والكنسية والاكاديمية الروسية من خلال لقائكم بالرئيس بوتين وقداسة البطريرك الكسي الثاني ومحاضراتيكم في الاكاديمية الدبلوماسية بموسكو، وهي أرقى مؤسساتنا العلمية، حول الاوضاع في لبنان ومنطقة الشرق الاوسط، ومنحكم الدكتوراه الفخرية (وكنتم أول مواطن من العالم العربي ينالها). وان ثمة لوحة تذكارية معلقة في مكتبتها تشهد على التجدد الذي حصل فيها بكريم دعمكم. كما لا ننسى انكم مع الرئيس فلاديمير بوتين قد نلتم جائزة اتحاد الشعوب الارثوذكسية". وبعد تقليده الوشاح الاكبر وتقليد عقيلته هلا وسام القديسة اليزابيت ألقى فارس كلمة شكر جاء فيها: اصحاب السعادة، أيها الاصدقاء الاعزاء،
نحاول احياناً أن نفتش عن كلمات ومفردات جديدة للتعبير عن عرفاننا ومشاعرنا، ولكن لا نجد بعد البحث والتنقيب بديلاً عن كلمة "شكراً". فشكراً على هذين الوسامين الرفيعين اللذين اتسلمهما اليوم زوجتي وانا باعتزاز كبير. وشكراً لتهانيكم بعيد استقلال لبنان الذي نأمل، بدعم الاتحاد الروسي ودعم المجتمع الدولي، ان يستعيد كامل عافيته وان يسترجع مكانته ودوره ورسالته في محيطه وفي العالم. ان هذه المناسبة تتجاوز، بنظري، الاطار البروتوكولي الصرف لتحمل في طيّاتها دلالات ومعاني عدة: اولها ان منتدى اصدقاء موسكو تأسس بمبادرة من رئيس بلديتها سعادة السيد يوري لوجكوفي ورابطة الدبلوماسيين الروس والاتحاد الموسكوفي لجمعيات الصداقة الروسية مع الدول الاجنبية والمؤسسة الاجتماعية الدولية، من اجل تنمية النشاطات لخير الانسانية وللاسهام في تقوية عرى التعاون بين الشعوب، فهل هناك أنبل من هذه الاهداف؟ فلو عمّت مفاهيم الخير والحق لكان السلام عمّ ارجاء الدنيا بأسرها، ولما كان الشرق الاوسط، كما تعلمون، يعاني من الصراع بين حق القوة وقوة الحق، ولما كان العالم كله يعاني من الصراع بين قوى الخير وقوى الشر.
أما الدلالة الثانية فهي ما يربط بين روسيا ولبنان من علائق تاريخية عريقة تعود الى مئات السنين، وكم يسعدنا أن تزداد هذه الروابط، يوماً بعد يوم، متانةً ورسوخاً.
والدلالة الثالثة الوشائج التي تشدّني شخصياً الى هذا البلد العظيم، لا كأرثوذوكسي الهوية والهوى فحسب، بل ايضاً كمعجبٍ بما قدّمته وتقدمه روسيا للانسانية جمعاء من اسهام حضاري رائد، في مختلف مجالات الحياة، وبالتالي فانها وشائج تجمع بين العقل والقلب. واني احفظ اجمل الذكريات عن الزيارات المتعددة التي كانت لي في موسكو والاستقبال الطيب الذي حظيته لدى الرئيس بوتين وقداسة البطريرك الكسي الثاني والاكاديمية الدبلوماسية. كما أعود الى التاريخ لأقرأ أن الروس بنَوا في مطلع القرن العشرين الكنائس والمدارس العديدة في لبنان وسوريا وفلسطين وبينها مدرسة في بلدتي بينو بمحافظة عكار.
السيد ساركيسوف، ان الانجازات والتقديمات التي تفضلتم وقلتم انها كانت الحافز لهذا الوسام انما هي بإيماني وقناعتي واجب على كل انسانٍ أكرمه الله بأن يتمكن من ذلك. فإسعاد الآخر فيه سعادة للفاعل، والتضحية في سبيل الوطن يجب ان تكون بديهية وحتمية، والوفاء للمكان الذي ولد فيه المرء ونشأ وترعرع هي من أولى دوافع الوجدان والطبيعة.
أيها الاصدقاء، الشكر الذي أعبّر عنه تشاطرني فيه، بطبيعة الحال، زوجتي هلا التي كرمتموها اليوم بمنحها وسام القديسة اليزابيت. وهلا، بالتأكيد، هي الملهمة والملاك الحارس والساهر الدائم على الشؤون والشجون والمحرّك الدؤوب لأعمال الخير والبرّ.
أكرر ترحيبي بكم مقدراً وجودكم بيننا في هذه المناسبة الطيبة الملأة بالاخوة والصداقة واتمنى لكم دوام النجاح والازدهار.