مركز عصام فارس للشؤون اللبنانيّة
PrintEmail This Page
ندوة عن المجلس الدستوري
13 آذار 2009
عقدت ندوة في «مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية» عن «المجلس الدستوري»، حاضر فيها النائب بهيج طبارة، ونقيب المحامين في بيروت رمزي جريج، بمشاركة نقيب المحامين السابق ريمون عيد والخبير في القانون الدولي الدكتور غالب محمصاني والخبير في القانون الدستوري وسيم منصوري وقضاة ومحامين وإعلاميين وناشطين في الشأن العام. ونبّه المحاضران الى تأثير التجاذب السياسي وتهديده مستقبل المجلس، وأكدا ضرورة إصلاح آلية تعيين ألأعضاء لمنع المحاصصة السياسية
.
بداية كان تقديم للسفير عبد الله بو حبيب، الذي رأى «أن قضية المجلس الدستوري شكلت أحد أبرز عناوين الجدل السياسي عندما عطل المجلس النيابي عام 2005 المجلس الدستوري، في وقت كان مفترضا أن ينظر في طعون نيابية. وطرح عددا من الأسئلة حول اكتمال عقد المجلس وإلى أي مدى سيستطيع إثبات استقلاليته في ظل التجاذب الحاد المستمر بين الأكثرية والأقلية، إضافة إلى كيفية تعاطي المجلس مع الانتخابات النيابية القادمة، والإشكالات التي يمكن أن تنشأ عنها، وعما إذا كان هناك سبل قانونية لتكريس استقلالية المجلس عن السلطتين التشريعية والتنفيذية.

ثم تحدث النائب بهيج طبارة فأبدى قلقه «مما يحدث على صعيد التجاذب حول التعيينات في المجلس
الدستوري، ورأى أن هذا لا يبشر بالخير بالنسبة لمستقبل هذه المؤسسة، لا بل أنه ينذر بالخطر على مؤسسة تشكل ضمانة لخضوع جميع المسؤولين والمواطنين جميعا لسيادة القانون».
وقال: منذ تشكيل المجلس الدستوري كان حرص أهل النظام واضحا على تقليص دور المجلس، وكأن هذه المؤسسة قبلت في الطائف على مضض. فقبل إنشاء المجلس لم يكن من مرجع حيادي مستقل لمراقبة مدى ملائمة القوانين التي يصدرها مجلس النواب على أحكام الدستور، فضلاً عن ذلك فإن البت في صحة نيابة أحد أعضاء البرلمان كانت قبل الطائف بيد المجلس النيابي.
واضاف: إن الحرص على تقليص صلاحيات المجلس الدستوري تجلى عام 1990 عندما عمد المجلس النيابي إلى حذف صلاحية تفسير الدستور من بين الصلاحيات الثلاثة المعطاة للمجلس، بحيث اقتصرت مهمته على مراقبة دستورية القوانين والبت في الطعون الانتخابية. وأن التقليص الآخر لصلاحيات المجلس الدستوري ومهامه تم عند مناقشة وإقرار القانون الذي أنشأ هذا المجلس عام 1993، إذ استبعد النواب من صلاحية المجلس الدستوري تفسير النظام الداخلي لمجلس النواب.
وشدد على «أن نقطة الضعف في المجلس الدستوري برزت عند النظر في الطعون والمنازعات الانتخابية، وليس عندما يمارس المجلس صلاحيته بمراقبة دستورية القوانين». وقال: إن أخشى ما نخشاه هو أن يكون الفرقاء السياسيون توصلوا إلى قناعة بأن المصلحة تقضي بوضع اليد على المجلس الدستوري عن طريق المحاصصة في تعيين أعضائه، بعد أن برزت أهمية الدور الذي يلعبه المجلس في العملية الانتخابية أي البت في الطعون والنزاعات الانتخابية
.
وأكد النقيب رمزي جريج «أن السلطة السياسية لم تتقبل بطيبة خاطر المجلس الدستوري الذي يحد من سلطتها وتجاوزاتها»، مشيراً إلى «المماطلة والمحاصصة المعتمدتين كنهج مستمر في تعيين أعضاء المجلس». إن كل التواريخ منذ تشكيل المجلس، تترجم في شكل واضح مدى التردد الذي أبدته السلطة السياسية في البداية تجاه إنشاء المجلس، والذي تحول الى رفض مقنع لوجود هذه المؤسسة وللدور الذي تلعبه
.
وأبدى خشيته من تعذر تعيين مجلس الوزراء الأعضاء الخمسة الذين يعود له اختيارهم في حال استمر التشنج على حاله بين الفرقاء السياسيين. وقال إنه يخشى إذا أتى هذا التعيين على أساس المحاصصة»، ودعا إلى «التفكير في إعادة النظر بطريقة تعيين أعضاء المجلس الدستوري بغية إيجاد آلية جديدة للتعيين تكفل وصول شخصيات بارزة إلى المجلس».
اضاف: إن إعطاء المجلس النيابي صلاحية تعيين نصف أعضاء المجلس الدستوري هو أمر غير سليم من الناحية المبدئية، إذ أنه يؤدي إلى منح صلاحية تعيين نصف أعضاء الهيئة التي تراقب دستورية العمل التشريعي إلى المجلس النيابي الذي أقر هو نفسه هذا العمل التشريعي. ولفت من ناحية ثانية إلى أن إعطاء هذه الصلاحية إلى المجلس النيابي يؤدي عملياً، في ظل العقلية السائدة، إلى دفع المرشحين لعضوية المجلس الدستوري، إلى مراجعة النواب وطلب تأييدهم بصورة لا تليق بالهيبة التي ينبغي أن يتمتع بها الطامح إلى هذا المركز
».
ورأى «أن الحل قد يكون في منح رئيس الجمهورية، رمز وحدة الوطن، صلاحية تعيين الأعضاء الذين لا يعينهم البرلمان أو الحكومة، كون الدور الذي ينبغي أن يمارسه الرئيس بعد الطائف هو دور الحكم، الذي يتقاطع مع دور المجلس الدستوري». وأشار إلى «أن منح الرئيس هذه الصلاحية يتفق مع ما هو معمول يه حاليا في الدستور الفرنسي».
وشدد جريج على «ضرورة أن يتناول التعديل الشروط المطلوبة لعضوية المجلس الدستوري»، ودعا إلى «إلغاء ضرورة الترشح لهذا المنصب وتقديم السِيَر الذاتية
وفي رد على مداخلات الحضور أيد طبارة رأي جريج فيما خص تجربة المجلس الدستوري في فرنسا، مشيرا إلى أن المجلس بدأ عمله في شكل ضعيف لكنه تطور بسبب الشخصيات الكفوءة التي عينت فيه وتحول إلى مرجع لحماية الحريات وحقوق الإنسان. وأكد طبارة اهمية المقابلة مع المرشحين لعضوية المجلس الدستوري، وقال: إن عدم الترشيح قد يؤدي إلى مساومات من تحت الطاولة، وفي السابق تم تعيين أعضاء في المجلس صدرت بحقهم أحكام قضائية
.
وعلق طبارة على اقتراح ترشيح هيئات المجتمع المدني أعضاء للمجلس الدستوري بالقول: إن هذا الاقتراح جرب عملياً في تعيين لجنة الإشراف على الانتخابات النيابية، وعلى الرغم من ذلك حصلت محاصصة. وبالإمكان اعتماد اكثرية موصوفة لتعيين أعضاء المجلس وليس أكثرية الثلثين، في محاولة لإشراك مختلف القوى في الاختيار ما يدفع إلى اختيار عضو لا ينتمي إلى هذا الفريق أو ذلك.
ودعا النقيب جريج من جهته «هيئات المجتمع المدني والرأي العام إلى الضغط في سبيل إصلاح المجلس الدستوري»، ورأى «أن ليس من السهل أن يتخلى المجلس النيابي عن تعيين عدد أعضاء المجلس الذي يحق له تعيينه»، مشيراً إلى «أننا لا نستطيع إعادة إحياء المجلس إذا لم يكن هناك من قرار سياسي بذلك».