- هي المرة الأولى التي تشاركون فيها في الحكم مباشرة، ومن موقع نائب رئيس الحكومة ... هل اختلف المشهد عليكم، روما من فوق روما من تحت، وهل زاد إحساسكم بالمسؤولية، وكيف ترون مهمتكم الآن ؟ وما هي المهمات التي تتولونها والدور الذي تقومون به في مجلس الوزراء ؟
صحيح أنني أشارك في السلطة التنفيذية للمرة الأولى، ولكنني بطبيعة الحال كنت قبلها كنائب أواكب مجريات الأحداث وأراقب وأصرح واسأل الحكومة وأعيش مع الناس وأطالع الصحف واجري الاتصالات في الداخل ومع الخارج، وبالتالي كنت على علم أن روما من فوق غير روما من تحت ؛ الفرق بين وجودي في الحكومة أو وجودي خارجها، ووجودي في البرلمان أو وجودي خارجه هو أنه من داخل السلطة، تنفيذية كانت أم تشريعية، يمكن أن تقوم بأشياء وان تحقق أمورا ليس بالإمكان تحقيقها وأنت خارجها. وأصارحك أن أدائي في القول وفي الفعل انما هو أداء نابع من قناعاتي ليس إلا، لأنني اشعر أنني حر والحر يمكنه أن يقول " النعم" و "اللا" بالفم الملآن. وان يتخلى عن موقعه ساعة يرى نفسه مضطرا للقيام بما ليس هو مقتنعا به. طبعا مسؤوليتي كعضو في الحكومة تختلف عن مسؤوليتي كنائب، فأنا في مجلس الوزراء ابدي رأيي في كافة المواضيع إلا أني بطبيعة الحال ملتزم بالتضامن الوزاري.أما بالنسبة للمهمات التي أتولاها فأن الدستور اللبناني أو القانون لم يحدد مهام نائب رئيس مجلس الوزراء أو مهام وزير الدولة وهيكلية مكتبهما إلا أن المهمة الأساسية تبقى في الحق بمناقشة كل بند من بنود جدول الأعمال وفي المشاركة في القرار. وجرت العادة أن يرئس نائب الرئيس اللجان التي تشكل من وزراء لبحث موضوع أو مشروع ما. وفي اعتقادي أن تنظيم مجلس الوزراء الذي صدر عام 1992 قد يحتاج لإعادة نظر في ضؤ التجربة التي مرينا بها منذ صدوره إلى اليوم.
2- هل تعتقدون أن الحكومة تجسد ما نص عليه اتفاق الطائف في أن يكون مجلس الوزراء اقرب ما يمكن إلى صيغة الائتلاف الوطني، أو حكومة الجبهة الوطنية ؟ هل ترون أنها تمثل العائلات اللبنانية جميعا، وهل تشكو من أي خلل لا سيما لجهة التمثيل المسيحي وترد ادعاءات "الإحباط" وفي أوساط المسيحيين ؟
في المبدأ نحن نعيش في نظام ديمقراطي وفي ظل الدستور والقوانين، والحكومات تشكل وتأتي وتذهب على هذا الأساس إلا انه بنفس الوقت لا بد من الأخذ بعين الاعتبار أننا لم نفرغ بعد من رواسب الحرب، وبالتالي فان الشرعية لا بد أن تقترن بالتوافق من هنا ما قصدته مقدمة الدستور التي نصت في بندها الأخير أن "لا شرعية لأي سلطة تناقص ميثاق العيش المشترك"، ومع أنني لا استسيغ عبارة "تعايش وعيش مشترك" (لان التأكيد اليومي على الشيء دليل الشك فيه)، فإنني أتفهم تماما لماذا وضعها المشترعون في مؤتمر الطائف، وضعوها لكي يؤكدوا أن لبنان لا يحكم فقط بموجب الفقرة كذا من المادة كذا بل يحكم بالتوافق بين القوى السياسية والعائلات الروحية ومن منطلق الأسس التي يقوم عليها الكيان اللبناني وهي الأسس التي إذا وعيناها جيدا واحسنا استعمالها تشكل مصدر قوة وغنى لنا أما إذا أسأنا استخدامها فأنها تشكل سببا في تهديد وحدتنا فلبنان بلد تلتقي فيه الأديان وتتفاعل فيه الحضارات والأفكار بتفاهم وتناغم كنموذج فريد للإنسانية جمعاء من هنا اهمية وجوده وهو هذا ما يعوض عن حجم مساحته وعدد سكانه؛ أقول كل هذا لأرد على سؤالك بأنه لا يهمني ماذا تسمّى الحكومة أو صيغتها حكومة ائتلاف وطني أو حكومة الجبهة الوطنية، ما يهمني أن تكون حكومة ترضي السواد الأعظم من الرأي العام ويرتاح إليها الشعب وتؤمن له حاجاته وحقوقه الأساسية في المدرسة والدواء والسكن والعمل وضمان الشيخوخة وترفع عنه كابوس الغلاء والبطالة والهجرة. فإذا كانت الأسباب الداخلية للحرب اللبنانية هي الغبن والحرمان عند فريق والخوف عند فريق آخر فأنه من أولى واجباتنا إزالة هذه الأسباب لكي يطمئن الجميع إلى يومهم والى غدهم، فلا غبن ولا حرمان عند أحد ولا خوف يخيّم على أحد ولا إحباط يشعر به أحد، لنعيش في بلد حرّ، مزدهر، آمن، مبدع، جدير بالحياة وجدير بإحترام الآخرين له وتقديرهم.
3- قيل الكثير في العلاقات اللبنانية السورية، ما هي الصيغة الامثل لهذه العلاقة بين البلدين المتكاملين بالمصلحة كما بالمصير ؟
وهل ترون ان التحولات التي يقودها الرئيس الدكتور بشار الاسد في سوريا تساعد على ارساء العلاقات بين البلدين على قواعد اكثر سلامة وثباتا ونفعا للبنانيين وللسوريين على حد سواء ؟
إن واقع العلاقات اللبنانية السورية إنما هو نابع من قناعتنا بأنه ليس ثمة في العالم دولتان يربط بينهما ما يربط بين سوريا ولبنان من تاريخ وجغرافيا ومن وشائج القربى ومن المصالح المشتركة وبالتالي فأن العلاقة بينهما يجب أن يكون لها الأولوية على سائر علاقاتنا بين الدول ويجب أن تكون الأفضل وان تسودها الثقة والاحترام المتبادلان فإذا كان هناك ثغرات فيجب إزالتها وإذا كان هناك خلل فيجب تصحيحه، فالعلاقة بين الدولتين لا يجوز أن تشوبها المشاعر السلبية كما لا يجوز أن يستغلها بعض المنتفعين من هذه العلاقة على حساب مصلحة لبنان العليا أو على حساب مصلحة سوريا العليا أو على حساب المصلحة المشتركة العليا بينهما.
ويقيني بما اعرفه شخصيا عن الرئيس الدكتور بشار الأسد انه واع ومتحسس تماما لكل الأمور وانه بما يجمع بينه وبين الرئيس اميل لحود من علاقة شخصية ورسمية ومن ثوابت وطنية وقومية وفي ضؤ الحوار القائم حاليا هنا وهناك سنصل بإذن الله إلى إزالة كل الشوائب التي يمكن أن تقف في وجه الغاية المرجوة وهي العلاقة الممتازة والمميزة والعلاقة الأفضل بين لبنان وسوريا.
4- معروف أن صداقة شخصية تربط بينكم وبين الرئيس الأميركي الجديد جورج و. بوش. هل تتوقع أن تكون السياسة الأميركية في عهده اكثر نزاهة تجاه لبنان والقضايا العربية عموما ؟
انا سعيد بالعلاقة الشخصية التي تربطني بآل بوش الاب والابن والاسرة، وساكون سعيدا اكثر كلما سنحت لي الفرصة للاستفادة من هذه العلاقة من اجل لبنان ومن اجل تفهم اكثر لقضيته ولخير العلاقات اللبنانية - الأميركية. انما لا بد في هذا السياق من توضيح بعض الأمور :
الاول : علينا ان نخاطب الأميركيين بلغة واحدة متوافق عليها بين سائر اللبنانيين وان تكون مطاليبنا منهم نابعة من الثوابت اللبنانية، لا من مواقف وآراء يسمعونها من البعض منا ثم يسمعون عكسها من بعضنا الآخر.
الثاني : ان اميركا وهي اليوم الدولة العظمى الوحيدة في العالم تبني سياستها بشكل شمولي وفي ضؤ مصالحها الإقليمية والدولية وليس فقط من خلال مصلحة ما لدولة ما.
الثالث : علينا أن نعرف كيف نفعّل ما يسمى اللوبي اللبناني في أميركا، لمؤازرة لبنان. فالتحرك في عالم الانتشار حاليا مشلول بسبب الخلاف الذي كان قائما بين وزارة الخارجية ووزارة المغتربين وزال الان بعد دمج الوزارتين. وبسبب الخلافات القائمة ضمن المؤسسات الاغترابية اللبنانية والجامعة اللبنانية الثقافية في العالم. ولا بد في هذا الاتجاه من القيام بمسعى ما لإزالتها واعادة الأمور الى نصابها وتفعيل هذه الجامعة لكي تستعيد الدور الذي فقدته في السنوات الخيرة. ويبقى ان " التاسك فورس " يقوم بعمل جيد مع الإدارة الأميركية ولا بد من مؤازرته واعطائه دفعا ليتمكن ان يتابع بشكل اقوى عمله. هذا دون ان ننسى الإعلام الأميركي وتأثيره.
اما على صعيد القضايا العربية فاذا شئنا فعلا أي تحسن في الاداء الأميركي إزاءها فالجواب هو : التضامن العربي ثم التضامن العربي ثم التضامن العربي، هو السبيل الى ذلك، يضاف اليه كيفية التعاطي مع الإعلام الأميركي، وايضا على غرار اللوبي اللبناني لا بد من تفعيل اللوبي العربي هناك.