1- ما هو تقييمكم لمسيرة الحكومة الحالية حتى الآن سياسياً واقتصادياً؟
لم يمض على تشكيل الحكومة الحالية اكثر من اربعة اشهر وبالتالي فانه لا بد من فترة اضافية للافساح في المجال امامها لتبيان مدى قدرتها على تنفيذ ما تعهدت به في بيانها الوزاري ومع ذلك بوسعي القول ان مجلس الوزراء ينكب على الملفات بروح من المسؤولية العالية والشجاعة والاقدام خاصة وان المشكلات التي تتضمنها هذه الملفات هي مشكلات شائكة والحلول لها لا تحصل بين ليلة واخرى.
فالدين العام جاوز الـ 25 مليار دولار، والدورة الاقتصادية في ركود، والوضع الاجتماعي صعب بسبب البطالة والغلاء والهجرة، والوضع الاداري يحتاج الى عملية جراحية كبيرة لاستئصال الورم والتخمة والفساد، وملف المهجرين لم يغلق بعد، إلا ان الحكومة بدأت بمواجهة هذه الملفات في اتجاهين:
الاول تخفيض النفقات وتقليص الهدر الحاصل في ادارات الدولة ومؤسساتها والثاني الحصول على القروض والمساعدات للمضي في عملية الاعمار واعادة بناء ما هدّمته الحرب. من هنا يجب ان ينظر الى القرارات التي اتخذها مؤخراً مجلس الوزراء بالنسبة للتخلص من الفائض في موظفي الدولة والمتعاملين معها بدءاً بحقل الاعلام. ومن هنا التحرك الذي قام ويقوم به رئيس الحكومة رفيق الحريري في الخارج بغية تأمين المال والحصول على الدعم لخطة الحكومة الاقتصادية والمالية.
اما على الصعيد السياسي فهناك الشق الخارجي والشق الداخلي ففي السياسة الخارجية ثمة ثوابت يجمع اللبنانيون عليها وهي استكمال تحرير الارض اللبنانية من الاحتلال السرائيلي، التلازم اللبناني السوري ازاء عملية السلام في الشرق الاوسط، بمعنى ان لبنان لا يوقع اي اتفاق مع اسرائيل الا في إطار السلام الشامل والعادل وبالتلازم مع سوريا.
اما في شق السياسة الداخلية فيجب الاعتراف بأن ثمة ثغرات على صعيد الوفاق الوطني لا بد من السعي لازالتها وازالة كل ما يعيق، تحصين الوحدة الوطنية التي اعتبرها منطلقاً لأي اداء سواء على المستوى الرسمي او على مستوى القوى والفاعليات السياسية.
2- هل أنت مع الاجراءات الاقتصادية والمالية المتخذة وكيف ترى نتائجها؟
طبيعي ان اكون مع هذه الاجراءات وإلا لكنت عارضت او تحفظت، اما النتائج فيمكن تقييمها بدقة بعد ان تستكمل كل الاجراءات الاقتصادية والمالية والادارية التي باشرت بها الحكومة.
3- كيف ترى علاقتك برئيسها وما هي حقيقة التباينات المتواصلة بين أسلوب عمله ورؤيته السياسية وأسلوبكم وهل هذا يغني العمل الحكومي ام يضعفه؟
علاقتي بالرئيس الحريري ممتازة وهناك صداقة واخوّة تربطني به. قد يحصل أحياناً تباين في وجهات النظر (وليس تباينات متواصلة كما جاء في سؤالك) ازاء بعض المواضيع المطروحة وهذا امر طبيعي وإلا لماذا اذاً اجتماعات مجلس الوزراء؟ اليس للتدارس والمناقشة والحوار ولكي يعبر كل من رئيس الوزراء ونائب رئيس الحكومة والوزراء عن آرائهم وافكارهم التي في احيان كثيرة تساعد على بلورة الامور وعلى اجراء تحسين في الشكل والجوهر على المواضيع المعروضة على المجلس. وهذا بنظري يغني عمل الحكومة. المهم بعد صدور القرار ان يتقيد الجميع به التزاماً بالتضامن الوزاري.
4- كيف تقيم زيارة الرئيس لحود الى إيطاليا والفاتيكان الاخيرة والتي رافقتموه فيها؟كانت الزيارة ناجحة، فالفاتيكان مرجعية روحية لمئات الملايين من كاثوليك العالم وله ثقله المعنوي الكبير والمؤثر على المستوى الدولي، وقد شاء الرئيس لحود ان تكون له اول زيارة خارج العالم العربي لكي ينقل للبابا يوحنا بولس الثاني الصورة المباشرة عن حقيقة الوضع في لبنان وهو الذي يضم بين اسره الروحية، وخاصة بين المسيحيين، شريحة كبرى تدين بالولاء الروحي للكرسي الرسولي.
وبوسعي القول ان اللقاء بين فخامة الرئيس وقداسة البابا كان حاراً وايجابياً، وهنا انتهز المناسبة للتشديد على اهمية وفائدة الاتصالات واللقاءات الشخصية بين كبار المسؤولين في العالم والتي تعطي للعلاقات دفئاً ونكهة لا نجدهما اغلب الاحيان في قنوات الاتصال الاخرى. اما بالنسبة لإيطاليا فالزيارة كانت ايضاً موفقة، فايطاليا من الدولة المهتمة جداً بلبنان والتي لم تبخل عليه بالمؤازرة والدعم في كل المجالات سواء على المستوى الاقتصادي او على المستوى السياسي والامم المتحدة، وقد كانت المحادثات مع الجانب الايطالي مشبعة بروح الود والصداقة وبرغبة ايطالية اكيدة للمضي في مساعدة لبنان لتجاوز مصاعبه.
5- التغييرات الحاصلة في العالم وفي المنطقة من إدارة اميركية جديدة الى حكومة اسرائيلية جديدة، كيف ترى الوضع الآن؟
ابادر الى القول انه لا سياسة الولايات المتحدة ازاء مشكلة الشرق الاوسط تختلف كثيراً بين الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي ولا سياسة اسرائيل ازاء العرب تختلف كثيراً بين الليكود والعمل. فقد تعاقب على السلطة منذ النزاع العربي الاسرائيلي في اميركا الجمهوريون والديمقراطيون والنتيجة معروفة وتعاقب على السلطة في اسرائيل ما يسمّى بالصقور والحمائم والنتيجة معروفة.
انما اللافت في اسرائيل ولاول مرة هو هذه الحكومة الائتلافية الموسعة التي شكلها شارون والتي تضم معظم التيارات الهامة في المجتمع السياسي الاسرائيلي. ففيها من اعطى للعالم انطباعاً انه رجل اعتدال وسلام واعنى "شيمون بيريز" وهو من حزب العمل وفيها بنيامين بن العازر الذي من المعروف انه خطط لاجتياح لبنان عام 1982 وهو من حزب العمل ايضاً. وفي كل حال اننا نمر الآن بفترة ترقّب لنرى كيف سيكون "اقلاع" الادارة الاميركية الجديدة التي يبدو انها تفضل العمل علىمختلف المسارات الفلسطينية السورية اللبنانية، بينما الادارة السابقة ركزت في السنوات الاخيرة على المسار الفلسطيني الاسرائيلي، ولنرى ايضاً مدى الاستعداد الاسرائيلي الفعلي لاستئناف المفاوضات مع سوريا على اسس مرجعية مدريد "الارض مقابل السلام، لأن سوريا سئمت – وعن حق – المفاوضات من اجل المفاوضات.
6- هناك صداقة تربطكم بالرئيس بوش وعائلته، كيف ترى الادارة الاميركية الجديدة وبخاصة بالنسبة للقضايا العربية الجديدة على ضوء معرفتكم بالرئيس الاميركي؟
صحيح ان ثمة صداقة تربطني بالرئيسين بوش الوالد والابن وبالاسرة وانني سعيد بهذه العلاقة الا انه لا بد من لفت النظر الى امرين: الاول ان في سياسة الولايات المتحدة الخارجية استمرارية، والثاني ان الولايات المتحدة كدولة عظمى او كدولة تبسط احاديتها اليوم على معظم الكرة الارضية تخطط سياستها في ضوء مصالحها الاستراتيجية والقومية في العالم كله. اما بالنسبة لموقفها من القضايا العربية فقد اجبت عليه في ردي على سؤالك السابق.
7- كيف تقرأ الواقع العربي اليوم وخاصة عشية القمة في عمان؟ من المفارقات ان العرب مجمعون في ادراكهم ان غياب التضامن في ما بينهم هو الذي اعاق انتزاع حقوقهم المشروعة، الا انه في العام الماضي طرأت تطورات هامة بدّلت في النظرة الى هذا الواقع وخاصة:تحرير الجنوب اللبناني وانسحاب اسرائيل من معظم الاراضي اللبنانية دون قيد او شرط بفضل توحد الدولة والمقاومة والجيش والشعب. وقد ادى هذه الحدث التاريخي الى تعزيز الايمان والثقة للمضي في النضال والكفاح للدفاع عن الارض والمقدسات في كل الاراضي العربية المحتلة.والثاني الانتفاضة في الضفة والقطاع التي افرزت وضعاً جديداً فايقظت وحركت الشعوب العربية والرأي العام الدولي.من هنا اعتقادي ان قمة عمّان ستعقد في اجواء ومناخات تختلف عن الماضي، ونأمل ان تسفر عن وضع استراتيجية عربية موحدة تعزز التضامن العربي والعمل العربي المشترك.ان الجامعة العربية تحتاج بنظري الى "انتفاضة"، تنزع عنها الرتابة والروتين والبيروقراطية، وتحدث تجدداً وتحديثاً في اداء هذه المؤسسة لتتمكن من لعب دور اكثر فعالية على غرار ماهو حاصل في الاتحاد الاوروبي الذي تأسس عام 1954 اي بعد عشر سنوات من انشاء الجامعة العربية ولكنه تمكن من القيام بانجازات تاريخية على صعيد رفع الحدود والسدود والحواجز وتوحيد العملة والتأشيرات الخ...
وانه يستحيل على الجامعة ان تقوم بهذا الدور الا في مناخ التضامن العربي وعسى قمة عمّان تجعلنا اكثر تفاؤلاً في هذا الاتجاه.
8- ما هو المطلوب من لبنان في هذه القمة؟ الأصح السؤال ما هو المطلوب من القمة ازاء لبنان وليس العكس.
لأن القاصي والداني يعرف ان لبنان بذل اكبر التضحيات وعانى ما عاناه خلال سنوات الحرب نتيجة الصراع العربي الاسرائيلي، ومن اجل الدفاع عن الحقوق والكرامة العربية.والكل يعرف ان ما قدمه لبنان يفوق كثيراً قدرته وامكاناته.وما يأمله لبنان من قمة عمّان هو وفاء الدولة العربية بالتزاماتها ازاءه.فقمة عام 1978 تعهدت بملياري دولار للبنان لم يسدد منها سوى اقل من اربعماية مليون دولار.ومؤتمر الطائف انشأ صندوقاً لدعم لبنان لم يرَ النور بعدومؤتمر وزراء الخارجية العرب في بيروت اكد على الدعم والمساعدة وما زلنا ننتظر.هذا فضلاً عن مؤتمر اصدقاء لبنان في واشنطن الذي شاركت فيه بعض الدول العربية والذي ايضاً لم تظهر نتائجه حتى اليوم.غير انه من قبيل الانصاف لا بد من الاعراب عن تقدير لبنان لبعض الدول الشقيقة التي خصّت لبنان بودائع وهبات وقروض للقيام ببعض المشاريع الحيوية الانسانية والانمائية، واخص بالذكر السعودية والكويت والامارات.
9- باعتقادكم هل السلام دخل مرحلة جمود ام اننا امام تطورات ايجابية؟ بنظري، ان النوايا الاسرائيلية الحقيقية هي الآن على المحك وكل الاحتمالات، الايجابية منها والسلبية، ممكنة. ولا بد من فترة سماح لتتوضح معالم التوجه عند الادارة الاميركية الجديدة، وليكشف شارون وحكومته عما فعلاً يضمرون.
والمهم في كل الاحوال: التضامن العربي.
10- وهل هذا ممكن.
قول ان شاء الله
قال نائب رئيس مجلس الوزراء عصام فارس ان الحكومة تنكب على الملفات بروح من المسؤولية العالية والشجاعة والاقدام خاصة وان المشكلات التي تتضمنها شائكة وبينها الدين العام الذي جاوز الـ25 مليار دولار وركود الدورة الاقتصادية وصعوبة الوضع الاجتماعي المسبّب للبطالة والهجرة واستئصال الورم والتخمة والفساد في الادارة واغلاق ملف المهجرين، وان تحرك رئيس الحكومة والحكومة انما يسير في اتجاه الحلول التي لا يمكن ان تحصل بين ليلة واخرى، جاء ذلك في مقابلة اجرتها معه جريدة عكاظ السعودية، في عددها الصادر بتاريخ ....
على الصعيد السياسي قال فارس في السياسة الخارجية ثمة ثوابت يجمع عليها اللبنانيون وهي استكمال تحرير الارض اللبنانية من الاحتلال الاسرائيلي وتحرير المعتقلين من السجون الاسرائيلية والتلازم اللبناني والسوري ازاء عملية السلام في الشرق الاوسط بمعنى ان لبنان لا يوقع اي اتفاق مع اسرائيل الا في اطار السلام الشامل والعادل وبالتلازم والتزامن مع سوريا.
اما في السياسة الداخلية فيجب الاعتراف بأن ثمة ثغرات على صعيد الوفاق الوطني لا بد من السعي لازالتها وازالة كل ما يعيق تحصين الوحدة الوطنية التي تعتبر منطلق لأي اداء.
وسؤاله عما اذا كان مع الاجراءات الاقتصادية والمالية المتخذة اجاب طبيعي ان اكون معها والا لكنت عارضت او تحفظت.
وعن علاقته بالرئيس الحريري قال انها ممتازة وهناك صداقة واخوّة تربطني به واذا حصل احياناً تباين في وجهات النظر فهذا طبيعي وإلا لماذا اجتماعات مجلس الوزراء؟
وعن زيارة الرئيس لحود الى الفاتيكان والتي رافقه فيها قال فارس انها كانت زيارة ناجحة والفاتيكان مرجعية روحية لمئات الملايين من كاثوليك العالم وله ثقله المعنوي والكبير والمؤثر على المستوى الدولي. وزيارة ايطاليا كانت ايضاً موفقة لأن ايطاليا من الدول المهتمة جداً بلبنان ولم تبخل عليه بالمؤازرة والدعم في كل المجالات سواء على المستوى الاقتصادي او على المستوى السياسي والامم المتحدة.
وعن التغييرات الحاصلة في العالم وفي المنطقة بعد الادارة الاميركية الجديدة وتشكيل حكومة شارون قال فارس: لا سياسة الولايات المتحدة ازاء مشكلة الشرق الاوسط تختلف كثيراً بين الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي ولا سياسة اسرائيل ازاء العرب تختلف كثيراً بين الليكود والعمل وقد تعاقب منذ النزاع العربي الاسرائيلي على السلطة في اميركا الجمهوريون والديمقراطيون والنتيجة معروفة وتعاقب على السلطة في اسرائيل ما يسمى بالصقور والحمائم والنتيجة معروفة. ولكن فيها هذه المرة المتناقضات: من اعطى العالم انطباعاً انه رجل اعتدال وسلام كشيمون بيريز وفيها بنيامين بن العازر الذي خطط لاجتياح لبنان عام 1982 والاثنان من حزب العمل.
وعن علاقته بالرئيس بوش الاب والابن والاسرة قال فارس انه سعيد بها ولكن الحكم في اميركا استمرارية والولايات المتحدة كدولة عظمى او كدولة تبسط احاديتها اليوم على معظم الكرة الارضية وتخطط سياستها في ضوء مصالحها الاستراتيجية والقومية.
وعن قراءته للواقع العربي عشية مؤتمر القمة في عمّان قال فارس: ان العرب مجمعون على ان غياب التضامن في ما بينهم هو الذي اعاق انتزاع حقوقهم المشروعة الا انه في العام الماضي طرأت تطورات هامة بدلت في النظرة الى هذا الواقع: تحرير الجنوب اللبناني من معظم اراضيه والانتفاضة في الضفة والقطاع وهذا ما افرز وضعاً جديداً وحرك الشعوب العربية والرأي العام الدولي. وامل بوضع استراتيجية موحدة واعرب عن اعتقاده ان الجامعة العربية تحتاج الى "انتفاضة" تنزع عنها الرتابة والروتين والبيروقراطية، وقارن بينها وبين الاتحاد الاوروبي الذي انشئ عام 1954 اي عشر سنوات بعد انشاء الجامعة ووصل الى ما وصل اليه.
وبسؤاله عن المطلوب من لبنان في قمة عمّان قال فارس:
الاصح السؤال ما هو المطلوب من القمة ازاء لبنان، معتبراًَ ان ما قدمه لبنان يفوق كثيراً قدرته وامكاناته وما يأمله لبنان هو وفاء الدول العربية بالتزاماتها في قمة 1978 وبعد مؤتمر الطائف 1989 واثناء اجتماع وزراء الخارجية العرب في بيروت عام 2000 فضلاً عن مؤتمر اصدقاء لبنان في واشنطن، واعرب عن تقدير لبنان للودائع والهبات والقروض في بعض المشاريع الحيوية الانسانية والانمائية من بعض الدول العربية وخاصة السعودية والكويت والامارات... وشدد فارس على اهمية التضامن العربي في مواجهة الاحداث والتحديات والتطورات التي تنتظرنا عربياً واقليمياً ودولياً وقال ان النوايا الاسرائيلية الحقيقية هي الآن على المحك وكل الاحتمالات، الايجابية منها والسلبية، واردة ولا بد من فترة سماح لتتوضح معالم التوجه عند الادارة الاميركية الجديدة وليكشف شارون وحكومته عما يضمرون.