مركز عصام فارس للشؤون اللبنانيّة
PrintEmail This Page
عون والمشنوق والموسوي استعرضوا "الأزمة الحكومية" في "مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية"
03 أيلول 2009

استعرض النواب آلان عون ونهاد المشنوق ونواف الموسوي الجوانب الداخلية والخارجية للمأزق الحكومي في ندوة نظَّمها "مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية" عن "الأزمة الحكومية". ورأى عون أن الطائف حدَّد مرجعية التوافق لتشكيل الحكومة مشيراً إلى أن شعور التيار الوطني الحر بالإستهداف في كل المحطات في الأعوام الأربعة الأخيرة يدفعه إلى التشدد في التفاصيل. ولفت المشنوق إلى أن الخلاف حول وزارة الإتصالات جدي كونها تحولت إلى وزارة أمنية في الاعوام الأخيرة، معتبراً أنَّ تشكيل حكومة توافقية يعطِّل فكرة إجراء انتخابات لأن النائب لا يعود قادراً على محاسبة حكومة تتمثل فيها كل القوى. أما الموسوي فاعتبر أن المشكلة هي في وجود أحزاب حليفة للرئيس المكلف تحجزه وتمنعه من التقارب مع التيار الوطني الحر، مشدداً على أن لبنان لا يحكم إلا بالتوافق.


بو حبيب: التعثر الحكومي يعبر عن عمق مأزق النظام السياسي

بداية كانت كلمة للمدير العام للمركز السفير عبد الله بو حبيب أكد فيها أن التعثر الحكومي لمدة أكثر من شهرين يرسم صورةً واضحة عن عمق المأزق الذي بلغه النظام السياسي اللبناني، لافتاً إلى أن قبل الطائف كانت تسمية الرئيس المكلف تشكيل الحكومة خاضعة لتأثير قوى خارجية وحسابات محلية محدودة ومعروفة، وبعد الطائف أصبحت هذه العملية وبخاصة بعد الإنسحاب السوري العام 2005 مرتبطة بمجموعةٍ كبيرة متشابكة من الحسابات الخارجية والداخلية، وأصبح على الرئيس المكلف أن يراعي الصورة الجديدة للتوازنات الطائفية والسياسية ومعادلات القوى الخارجية ذات المصالح في لبنان والمنطقة.


وأشار بو حبيب إلى أن كل الإتهامات المتبادلة بين فريقي الأكثرية والأقلية حول عرقلة تأليف الحكومة تتقاطع عند تكريس الحل الخارجي للأزمة الحكومية كأفق وحيد. واعتبر أن المواطنين اللبنانيين باتوا بشرائحهم المختلفة ضائعين وسط هذا التراشق بالإتهامات وتبادل تحميل المسؤوليات بين فريقي الأكثرية والأقلية، والأخطر ما في المسألة أن المواطن بات لا يبالي إزاء تأليف الحكومة أو عدمه وهمه الأساس هو الإستقرار الأمني وتحصيل لقمة العيش.


عون: الطائف حدد مرجعية التوافق لتشكيل الحكومة

ثم تكلم النائب عون فأكد أن لدى التيار الوطني الحر مصلحة واحدة هي تكريس الشراكة في النظام والسلطة التنفيذية لافتاً إلى أن مهما اختلف الخارج او اتفق فلا بد من معالجة مطالب التيار، وسأل لماذا يتشبث فريق الأكثرية بوزارات معينة وهل يعبّر هذا الإصرار عن محاولة للسيطرة على السلطة التنفيذية للسير في حلول معينة تهيأ للبنان؟


ورأى عون أن شعور التيار الوطني الحر بالإستهداف في كل المحطات في الأعوام الأربعة الأخيرة يدفعه إلى التشدد في التفاصيل لأن لا ضمانة له خارج إطار الصيغة. وقال إن هناك مشكلة في التعاطي مع تكتل التغيير والإصلاح الذي ينشد تعاطياً ندياً معه خالياً من الفوقية التي تعود عليها الفريق الآخر بسبب غياب الشريك المسيحي. ولفت إلى أن المسيحيين في طور العودة إلى النظام السياسي بعد أعوام من الإقصاء والتهميش، وهذه العودة تمر في محطات كثيرة بدءاً من معركة الشراكة والإنتخابات الأخيرة وتأليف الحكومة، في سبيل تكريس نهجٍ جديد مع المسيحيين كشريك حقيقي في النظام والمواقع فيه.


وأكد عون أن الطائف حدد مرجعية التوافق لتشكيل الحكومة وأن موازين القوى الداخلية تحدد كيفية التعاطي مع عملية التشكيل داعياً إلى احترام هذه الموازين التي تفرضها الأحجام الناتجة عن الإنتخابات النيابية. وأشار إلى أن مفهوم حكومة الوحدة الوطنية تكرس في الطائف من خلال الديموقراطية التوافقية ما ينفي البناء على منطق الأكثرية، وإلى أن التوافقية موجودة في بنود عدة كنسبة الثلثين في التصويت في مجلس الوزراء على القرارات المصيرية والإستشارات التي يجريها الرئيس المكلف تشكيل الحكومة مع الكتل النيابية.

وسجَّل عون للرئيس المكلف الذهاب في اتجاهِ حكومة وحدة وطنية، لافتاً إلى أنَّ الدستور ينص على صلاحيات الرئيس المكلف ولا أحد يعيد النظر في ذلك.


واعتبر تعليقاً على النفوذ الخارجي أن لبنان خضع للخصخصة وأصبح شركةً لكل الدول حصة فيه وهناك حصة باقية لبنانية صافية، ما يجعل كل استحقاق خاضعاً للتجاذب الخارجي بدليل الإمكانيات المادية التي صُرفِت في الإنتخابات. ولفت إلى أن حتى الآن اتفق الخارج على العناوين الأساسية، وهي أن لبنان لا يحكم ضد سوريا بل بالتفاهم معها والتسليم مرحلياً بسلاح حزب الله وإدارة الخلاف حوله من ضمن حوار، فيبقى المسار الداخلي في تشكيل الحكومة معلقاً في انتظار حصول تغيير جذري في المواقف الداخلية.


وختم عون بالقول إن هناك الكثير من الأسئلة والقليل من الحلول، فهل لبنان في حاجةٍ إلى سفك دماء واضطرابات وإلى تدويل كل استحقاق من اجل إنجازه؟ وهل يمكن لبنان أن يوُحد من دون قوة خارجية؟ واعتبر ان الجواب عن السؤال الأخير يحدد مستقبل البلد.


المشنوق: الخلاف حول "الإتصالات" جدي والطائف لم يُنفَّذ منذ تاريخه

النائب المشنوق رأى من جهته أن الخلاف على وزارة الإتصالات جدي وأكبر مما يبدو لأن عنوان هذه الحقيبة بات أمنياً في الأعوام الأخيرة. ولم يوافق المشنوق النائب آلان عون على قوله إن الظرف المحلي فرض حكومة الوحدة الوطنية والحوار مع سوريا مشيراً إلى أن الحماية العربية للاكثرية قامت على فكرة الحوار مع سوريا بعد الإنتخابات الاخيرة في توجه مخالف لأجواء انتخابات 2005. وقال إن السعودية دخلت في حوار مع سوريا وتوصلت إلى اتفاق مبدئي معها لكنه لم يستكمل، وقد استند هذا الإتفاق إلى أمور ثلاثة: إعادة انتشار سوريّة في لبنان ومنح ثلث معطل مُضمَر للمعارضة وقيام الرئيس المكلف سعد الحريري بزيارة إلى دمشق. ولفت إلى أن هذه الأمور الثلاثة تحققت لكنها لم تكن كافية لتشكيل حكومة وحدة وطنية، وذلك لأن لبنان يقع على خط الزلازل السياسية في المنطقة.


واعتبر المشنوق أن الديموقراطية التوافقية لا يعني انها يجب ان تتمثل في مجلس الوزراء لأن التوافقية موجودة في مجلس النواب، وإذا انتقلت التوافقية إلى مجلس الوزراء تنتفي فكرة المحاسبة البرلمانية. وقال إن تشكيل حكومة توافقية يعطل فكرة إجراء انتخابات لأن النائب لا يعود قادراً على محاسبة حكومة تتمثل فيها كل القوى. وإذ لفت المشنوق إلى أن الثلث المعطل مستوحى من بلدان فيها أعراق وإثنيات متعددة كسويسرا وبلجيكا حيث يمنح حق النقض لأن هناك فئات تشعر بخطر شديد على هويتها، رأى أن تحويل الطوائف في لبنان إلى إثنيات ومنحها حق النقض يسبب المزيد من المشاكل في آلية النظام ولا يساعد على تثبيت السلم الاهلي، مؤكداً ان الثلث المعطل يلغي فكرة النظام البرلماني. وأكد المشنوق أن هناك ثلاث قضايا رئيسية يدور الخلاف عليها منذ العام 2005 وهي المحكمة الدولية وسلاح المقاومة وآلية النظام السياسي.


ورأى أنه لا يمكن لأي جهة أساسية التعديل في صياغة اي قرار ظني يصدر عن المحكمة أو التأثير في مضمونه لأنَّ تعديل القرار يفترض إسكات عدد كبير من الذين عملوا على إصدار القرار، لكنه لفت إلى أنَّ توقيتَ صدور القرار الظني قد يكون سياسياً. وقال إنَّ الخلاف الجدي في ملف المحكمة هو حول جواز تدخل مجلس الأمن في قضية اغتيال الرئيس الحريري ووجود محكمة دولية لمعالجة هذا الملف، لافتاً إلى أن المحكمة أدت إلى انقسام سياسي ومذهبي لأن بعض القوى رأت فيها أداة لتطويع حزب الله وسوريا.


وفي ملف سلاح حزب الله رأى المشنوق أنه أصبح في دائرة أمان حدها الأدنى الحوار حوله وحدها الأقصى إيجاد صيغة فعالة في وقت معقول من ضمن رؤية للدولة ترعى مفهوم كل اللبنانيين لهذا السلاح على أنه موجه ضد إسرائيل. وأشار إلى أن مضمون الإنقسام حول حزب الله وبخاصة بعد حرب تموز في العام 2006 هو تأثير الصمود في هذه الحرب الذي أضيف إلى إنجاز التحرير في العام 2000 على التوازن الداخلي، وهذا ما عبرت عنه جهات عربية بطريقة غير ديبلوماسية وجهات دولية بطريقة معادية وجهات داخلية بطريقة غير مبررة، بحسب المشنوق. وأضاف النائب في كتلة المستقبل أن احداث 7 آيار سببت ارتباكاً في النظرة إلى سلاح المقاومة بغض النظر عن مبررات هذه الأحداث.


وفي موضوع آلية النظام قال المشنوق إن بعد التحرير وحرب تموز قيل كلام ان المقاومة لو كانت في بلد غير لبنان لكانت حكمت البلد، ولفت إلى ان هذا الكلام صحيح في المبدأ لكن لا يعبر عنه بهذه الطريقة بل بالتأكيد أن جهةً ما قامت بالتحرير وهي تستحق "جائزة" على هذا الإنجاز أو تعديلاً في حصتها في النظام. وأشار إلى أن مشكلة الصيغة اللبنانية أنها مثل الاواني المستطرقة، فأي تغيير من جهة واحدة يؤدي إلى ارتباكات وإلى التعطيل، مضيفاً أن في الدوحة حصل تعطيل بحكم الأمر الواقع بسبب الظروف الأمنية. واعتبر أن في الإتفاق امران غير ديموقراطيان هما قانون الستين والثلث المعطل.

ورأى المشنوق أنَّ في آلية النظام مشكلة جدية تتمثل بالإحساس المسيحي الذي يعبر عنه التيار الوطني الحر بأن الطائف اعتمد في فترة كان فيها الخلاف المسيحي على أشده ولم يأخذ بعين الإعتبار المصالح المسيحية التي تمثلها رئاسة الجمهورية. وأكد أن الطائف لم يُنفذ من العام 1990 وحتى العام 2005 بسبب الترجمة السورية له ومنذ ذلك التاريخ بسبب ما حصل من توترات بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري وانسحاب الوزراء الشيعة من حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الأولى ما جعل تلك الحكومة غير ميثاقية لأن طائفة بأكملها انسحبت من السلطة التنفيذية.