عشرون سنة مرت على عمر جامعة البلمند، وفي العمر، حققت الجامعة، وهي بعد في عمر الشباب، قفزات هائلة ورائعة، على صعيد العلم الواسع الاختصاصات، وفي ميدان التعليم الجامعي في لبنان، لتكون راعية لطموحات الشباب، وحاضنة لاحلامهم، والرؤى. وفي هذه المناسبة، يقول بطريرك انطاكية وسائر المشرق اغناطيوس الرابع هزيم، ان الحلم الذي راودنا زمنا طويلا، اصبح حقيقة قائمة على اجمل رابية في لبنان، تمتد في جوار سهل الكورة الخضراء، المخضّب باشجار الزيتون، رمز الخير والوداعة والسلام، وتطل على ساحل البحر الابيض المتوسط من طرطوس الى طرابلس وشقيقتها الميناء الى انفه وشكا على الساحل الشمالي. وجامعة البلمند، يقول البطريرك اغناطيوس الرابع، ان الجامعة ليست هياكل وبيوتا ودورا للتدريس، او للاقامة، بل هي واحة حضارية تفتح ذراعيها للجميع، من دون السؤال عن الهوية او الانتماء. ويردف مؤسس جامعة البلمند ورئيس مجلس امنائها: ان الجامعة ليست للارثوذكس فقط وانما هي لجميع الاديان ولكل الطوائف والملل، لان العلم للجميع، ولا طائفة له، لان كل من ينضم اليها يدرك اننا ننظر اليه كأخ لنا، وكعضو في اسرتنا المؤسسة على الايمان بالله، وعلى مبادىء الخير التي ترعى الانسان، وتدفعه قدما الى فوق في معارج العلم والحضارة. الجامعة في عيدها العشرين ماذا يقول صاحب الغبطة، في العيد العشرين لجامعة البلمند: يقول صاحب الغبطة، ما لا يقوله سواه، لانه زرع الجامعة في رأسه، وتعهدها في قلبه، حتى اصبحت حلما يدغدغ ابناء الشمال، الذين كانوا يضطرون منذ بداية الاحداث، في لبنان، اما الى الضياع، او الى الذهاب من العاصمة الثانية الى العاصمة الاولى، في ظروف مأسوية صعبة، لينضموا الى احدى الجامعات التي تجزأت حينا وتوحدت احيانا، قاصدين الجامعة الاميركية في بيروت الغربية، كما كان يُشاع في لغة الحرب، او الى الجامعة اليسوعية او جامعة الحكمة او الى الجامعة اللبنانية في الشرقية. بنفوذه الكبير وبحب القيادات المسيحية والاسلامية في العالم وحدبهم الدؤوب على المؤسسات الانسانية والعلمية، استطاع اغناطيوس الرابع هزيم، ان يجتذبهم الى مشروعه الكبير، وراح كل منهم يؤسس جناحا في جامعة البلمند على اسمه، ولم تمض سنوات حتى ازدهرت الاجنحة، وعمت في رحاب البلمند، معاهد علمية كبرى. دور عصام فارس كانت الخطوات بحاجة الى بادرة، لتكر بعدها سبحة المبادرات، كما تكر حبات المسبحة في يد المؤمن وهو يؤدي الصلاة. كان نائب رئيس الحكومة السابق عصام فارس صاحب هذه المبادرة، ومطلق الخطوة الاولى في بناء الاجنحة. وهكذا ارتفع جناح عصام فارس او مبناه وسط الباحة الجامعية، وتوالت بعده الاجنحة والبنايات لان امثولة الخير، مبعث طموح يشق طريقه بهدوء، وبخطى ثابتة، في الميدان الجامعي. صار مبنى عصام فارس والباحة الرحبة في جواره وامامه، منطلق محاضرات واحتفالات في رحاب جامعة البلمند، وسار على دربه الآخرون باطلاق انشطة جامعية، ومنها مبنى الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ومبنى حنة وسليم زاخم، ومبنى خاص يحمل اسم البطريرك هزيم، اضافة الى مبان اخرى للسيد عثمان العاندي ولسواه ممن وجدوا في حلم اغناطيوس الرابع، ليس حلما ارثوذكسيا، بل حلم اللبنانيين الرابض على رابية مطلة على طرابلس والقلمون الاسلاميتين وعلى انفه الارثوذكسية وعلى شكا المارونية والارثوذكسية. ماذا يقول صاحب الغبطة في العيد العشرين، على انشاء جامعة البلمند. يورد في الكتيب الخاص عن الجامعة انه مضت عشرون سنة على اطلاقها، واليوم نشاهد بأم العين جامعة البلمند حقيقة واقعة، وفي وقت قياسي قصير استطاعت ان تنضم الى مصاف الجامعات الكبرى في لبنان والمنطقة، بفضل الجهود التي بُذلت في تأسيسها. واليوم، لدينا جامعة نفخر بها، وهي ليست للارثوذكس فقط، الجامعة تفتح ذراعيها للجميع من دون السؤال عن الهوية او الانتماء، وكل من ينضم الينا، يدرك اننا ننظر اليه كأخ لنا. جامعة للمستقبل ما هو تقويم البطريرك للجامعة التي اسسها ويفاخر بها ويعتز? ويرد على هذا السؤال بقوله: اولا، وقبل كل شيء، نحن دعاة للمستقبل، والله امامنا وليس وراءنا. نحن لسنا مثل اولئك الذين يختنقون في غياهب الماضي. عيوننا دائما مفتوحة لتكملة القيامة. صحيح ان الموت ينتظرنا في نهاية المطاف، لكن هناك دائما قيامة بعد الموت. انني اغتنم هذه المناسبة لتهنئة رئىس الجامعة وفريق عمله على الانجازات العظيمة التي حققوها في فترة عقدين من الزمن. واحة العيش الواحد اما رئيس الجامعة الوزير السابق الدكتور ايلي سالم، فانه يرتاح الى جامعته، اكثر من راحته الى الدور الذي مثله في حقبة الثمانينات، عندما اختاره رئىسن الجمهورية السابق الشيخ امين الجميل نائبا لرئيس الحكومة ووزيرا للخارجية. ويقول الدكتور ايلي سالم ان طموحه ينمو ويكبر الآن، اكثر مما كان ينمو عندما كان وزيرا لخارجية لبنان، في حقبة من اكثر حقبات لبنان دقة وخطورة. وأحب الوزير ايلي سالم، بلورة هذه الظاهرة، عندما أقام افطاراً للعيش الواحد، في جامعة العيش الواحد، على رابية خضراء من الكورة العزيزة على الكورانيين والجوار. ماذا يقول ايلي سالم في هذه المناسبة، هل يريد ان تناديه بلقب (دولة الرئيس) كما يقال لكل نائب رئيس حكومة. ويرد بتواضع جم وبإرادة واعية: انا ايلي سالم فقط. ويضيف: انا فخور بأنني أقود طموحات الشباب، في ميادين العلم، ولطموحاتي الخاصة والعامة، شأن خاص بي لا لسواي والجامعة هي مرجعي، وصاحب الغبطة هو أملي الكبير في النجاح، والله سبحانه وتعالى هو موجهنا الى الخير والعطاء. ويستطرد الدكتور ايلي سالم: ويبقى من الواجب والمناسب في العيد العشرين للجامعة توجيه التحية الى مؤسسها ومرشدها الروحي، صاحب الغبطة البطريرك اغناطيوس الرابع. فقد استلزم وجود الرؤية والشجاعة لتأسيس جامعة في خضم الحرب الداخلية اللبنانية. عمل على تأسيسها بقصد الحد من موجة الجهل والتطرف التي اجتاحت مجتمعنا في ذلك الحين. ومن الواضح والجلي ان الجامعة اتخذت خطوات جبارة الى الأمام، وانها تقف اليوم على اسس صلبة ومتينة في التطلع نحو المستقبل. والجامعة تم الاعتراف بها على نحو واسع اقليمياً ودولياً كواحدة من الجامعات الأربع الكبرى الخاصة في لبنان. ويقول الدكتور ايلي سالم: في التقرير الذي رفعته الى مجلس الادارة لمناسبة العيد العاشر للجامعة، بيّنت عدد الطلاب في ذلك الوقت وهو 1812 طالبا. وفي الوقت الحاضر، اصبح العدد 3735 طالبا. وفي عام 1998 كان عدد افراد الهيئة التعليمية من حملة شهادة الدكتوراه .28 وهذا العدد اضحى اليوم .110 في العام 1998، كان الحرم الجامعي يتألف من 12 مبنى، وحالياً اصبح يتألف من 33، ويؤمل ان يزداد العدد ليصبح 38 خلال السنوات الخمس المقبلة. وهدف الجامعة يبقى اعداد الأجيال بالروحية التي شاءها المؤسس، وهي الايمان بالله، الالتزام بالمعرفة، الانفتاح على الآخر، واحترام الفرد للمركز الذي يشغله. وننتظر من خريجينا المساهمة بفاعلية في بناء لبنان وفي تشكيل حضارة في المنطقة تليق بماضيها وتلبي تطلعات المواطنين. ونحن في جامعة البلمند، نؤمن بأن التعليم العالي لديه رسالة واسعة تتعلق بتقدم الشعب. والتعليم العالي يجب ان يفتح الآفاق، ويعزز الحوار، ويفتش عن الحقيقة، وينمي الحرية المسؤولة. وعندها فقط تستطيع الحقائق ان تشتت البهتان، فتسود الارادة الحسنة وتنتصر على الشر. اننا واعون تماماً للأزمة التي نعانيها في نطاق التعليم العالي (قياساً على ما هو متوفر في جامعات العالم المتطورة) ،وندعو الى اعادة النظر بصرامة في هذا الواقع. وبالنسبة الينا في جامعة البلمند، فاننا نعتبر ان العشرين سنة الماضية كانت مسرحاً مشهوداً للقيام بإقلاعات جديدة. وعلينا الآن التفكير في ما يلي: بنيان حرم البلمند بطريقة توفر ايجاد المناخ الجامعي الصحيح لناحية قاعات التدريس، المكتبات، المختبرات، المكاتب، غرف المنامة، وخلافها. وذلك من اجل اجتذاب تلامذة افضل، وهيئة تعليم افضل لتلبية الحاجات اللوجيستية لبرامجنا الأكاديمية. ويختم الدكتور سالم قائلاً: ان ما حققناه في العقدين الماضيين يشجعنا على التفكير بما هو أكبر وبأن نحلم بأحلام تحاكي المستحيل.