أخبار ونشاطات مختلفة
PrintEmail This Page
خطاب دولة الرئيس عصام فارس بعنوان "تحديات السلام" في مأدبة التكريم الكبرى التي أقامتها مؤسسة "كريزيس غروب"
29 تشرين الأول 2009

خطاب
دولة الرئيس عصام فارس

"تحديات السلام"

في

مأدبة التكريم الكبرى

التي تقيمها مؤسسة الـ International Crisis Group

في

فندق Waldorf Astoriaفي نيويورك

الأربعاء في 28 تشرين الأول 2009


 

حضرة الرئيس

سعادة سفير لبنان

أيها الحفل الكريم


نجتمع هذا المساء في قاعة الولدورف استوريا بنيويورك لاحتفال فريد من نوعه.

نجتمع لندعم عملية السلام، ولندعم المؤسسة الملتزمة تأمين ظروف السلام في العالم. فالـInternational Crisis Group (المؤسسة الدولية للأزمات) هي المؤسسة التي وضعت نصب عينيها الاهتمام بمناطق النزاع في العالم في محاولة لحل النزاعات قبل أن تتفجَّر عنفاً وحروباً ودماراً.


اختارت هذه المؤسسة أن تكرّم اليوم رئيسين سابقين للولايات المتحدة، الرئيس جورج بوش الأب والرئيس بيل كلنتون.

ويسرني، بكثير من التواضع، لكن بكثير من الاعتزاز والفخر، أن أكون أنا أيضًا من بين المكرّمين في هذه المناسبة.

لقد تبوَّأ كلّ من جورج بوش وبيل كلينتون رئاسة الدولة العظمى الوحيدة في العالم. أما أنا فآتي من قرية صغيرة في بلد صغير. إلاّ أن هناك شيئاً ما يجمعنا، وهذا الشيء هو حبنا للعدل والسلام، واندفاعنا لدعم المؤسسات الوطنية والإقليمية والدولية التي تعمل من أجل بسط العدالة والاستقرار والسلام. وهل هناك هدف أنبل وأسمى من العمل من أجل السلام.

كما يعلم الجميع، فالحياة مجموعة مصادفات. ومن أجمل هذه المصادفات، بالنسبة إلي، كانت الزيارة التي قام بها، في منتصف التسعينات من القرن المنصرم، صديقي السنتور جورج ميتشيل، اللبناني الأصل، إلى منزلي في بيت مري المطلّة على بيروت، مع فريق من زملائه. كانت الزيارة تهدف إلى تعريفي بالمؤسسة التي يرئسها السنتور، وعلى الدور الكبير الذي تلعبه في عملية السلام طالباً مني الانضمام إلى مهمته الإنسانية الكبرى.


تكلم السنتور وفريقه عن السلام كمن يتكلّم عن حلم كبير علينا العمل لتحقيقه في حياتنا. استمعت إليه بتمعّن، فبدا لي أن ما يحلم به بعيد وبعيد جداً. غير أن الفريق كان جدياً في ما يحلم، خاصة وأنه تمكّن من تحقيق الكثير من أحلامه من دون إعلام أو تبجح.

تكلم الفريق عن عمله في العديد من مناطق النزاع في العالم. أما أنا فتكلّمت عمّا يخصني بشكل مباشر، تكلمت عن المشكلة الفلسطينية وعن موقعها المركزي في حل مشكلة الشرق الأوسط. تكلمت كثيراً عن بلدي لبنان، وعن الجهود التي يجب أن نبذلها لتحريره من النزاعات الإقليمية فيه وعليه.


تكلم الفريق ببلاغة المؤمنين، فاتّضح لي أنه يختلف عن غيره من المجموعات التي تدّعي العمل لأهداف سامية. إنه بالفعل مثالي في رؤيته وواقعي في سياسته. نجح الفريق في انتشالي من محدودية الدولة والمنطقة، إلى لامحدودية العالم وإشكالاته، وفتح أمامي آفاق الكرة الأرضية بكاملها من دون أن يهمل المهم والملح في ما يتعلق بوطني وبمنطقتي.


لقد نشأ كلّ منا وسط إشكالات ومصطلحات خاصة بمجتمعه ومنطقته. ومن مآثر مؤسسة السلام الدولية أنها رفعتنا فوق مشاكلنا المحلية وعلّمتنا تخطي حدود الأوطان، والقفز فوق الحواجز، كي نرى واقع الإنسان كإنسان وأينما وجد. علّمتنا المؤسسة التشديد على مبادئ العدل، والحرية، والمساواة وحقوق الإنسان. علّمتنا أصول التقارب بين الشعوب، وأهمية معالجة التأزم في مناطق مختلفة من العالم قبل أن تتفجَّر حروبًا يصعب حلها. علمتنا أن نرقى فوق الغرائز العدوانية البدائية فينا وأن نعمل لتنمية القوى الإنسانية العظمى الكامنة في دواخلنا.

كان السنتور وفريقه في غاية الإبداع والإقناع. وأنتهز هذه المناسبة لأحييهم وأحيي الروح الإنسانية فيهم. لقد عشت كلبناني الحرب بكل مآسيها، وتيقّنت أن في الحروب ما يكفي من الهمجية والعدوانية والتخلّف. فمن هذا المنطلق، أرى أنه من واجبنا جميعًا العمل لدعم هذه المؤسسة في تحقيق حلمها من أجل السلام العالمي، وإنجاح سياستها الهادفة إلى إلغاء الحروب من سجلات التاريخ.


في الإنسان، الكثير من النوازع التي تدفعه إلى ما هو حق وجميل ومبدع وخلاق. علينا أن ننمي هذه الخصائل فيه لبلوغ الأمثل في إمكاناته وتحقيقه. هذا هو التحدي الذي يواجهنا نحن بالذات كي ندخل التاريخ ونحول مجراه من التنافس الأناني إلى التعاون الخلاق.

لقد أدت دورات متتالية من الأزمات والحروب في كل مناطق العالم، إلى قيام عدد من المسؤولين الكبار في الحقل العام للتشاور في ما بينهم في أمور الحروب والدمار التي حلّت بالعالم، فأنشأوا مؤسسة علمية خاصة، لا تبغي الربح، تعنى بمعالجة هذه الأزمات. اتخذوا لأنفسهم مهمة شاقة، مهمة تتخطى السياسة والاقتصاد والعوامل الاستراتيجية، إلى ما يتدفق من داخل الإنسان وعمقه. ولمّا اعتبرت هذه المؤسسة أن الخلافات إنما تنطلق من دوافع داخل قلب الإنسان، ارتأت بالتالي أن الردّ يكون بزرع بذور السلام في قلب الإنسان هذا.

دعتنا هذه المؤسسة إلى هذا الاحتفال لتكرمنا. كان الأجدر بنا أن نقوم نحن بتكريم نساء ورجال هذه المؤسسة المرابطين في الخطوط الأمامية من مواقع النزاع في أوروبا الشرقية، والشرق الأوسط،، وافريقيا، وجنوب آسيا، وأميركا اللاتينية. إنهم حقًّا يخاطرون بحياتهم من أجل تأمين السلام الكامل والعادل لكل واحد منا على هذه الأرض.


كان القرن العشرون قرن الإيديولوجيات المتطرفة والحروب العالمية الكبرى. كان أمامه فرصًا عديدة ولكنه أضاعها. فلنعمل جميعاً لجعل القرن الواحد والعشرين قرن الأمل والسلام. ولنعطه فرصة للتغيير الجذري في مسيرة الإنسانية.

أنتهز هذه المناسبة لأتقدم بأحر التهاني للرئيس بوش وللرئيس كلنتون لحصولهما على هذا التكريم الذي يستحقانه بجدارة.


كما يسرّني، باسمي واسم عائلتي (زوجتي هلا، وأولادي ميشال، ونجاد، وفارس وعائلاتهم وابنتنا نور) وأصدقائي، ومواطني اللبنانيين في الوطن الأم وفي المهاجر، أن أشكر القيمين على ICG لهذا الشرف الكبير الذي منحوني إياه متمنياً لهم استمرار التقدّم والنجاح في المهمة الكبرى التي تعهدوها.

بورك العاملون من أجل السلام، وبوركت جهودكم وجهودهم على أمل تحقيق الإنجاز الكبير الذي ينتظرنا.

 

 
معرض الصور
 
  • مؤسسة كريزيس غروب العالمية تكرم فارس
    مؤسسة كريزيس غروب العالمية تكرم فارس
  • تكريم فارس لجهوده الرامية إلى تحقيق السلام الدولي
    تكريم فارس لجهوده الرامية إلى تحقيق السلام الدولي
  • فارس يلقي خطابه في هذه المناسبة التاريخية
    فارس يلقي خطابه في هذه المناسبة التاريخية
  • فارس: أتشارك والرئيسين بوش وكلينتون الشغف نفسه...
    فارس: أتشارك والرئيسين بوش وكلينتون الشغف نفسه...
  • الحضور يصغي بانتباه إلى خطاب دولة الرئيس فارس
    الحضور يصغي بانتباه إلى خطاب دولة الرئيس فارس
  • السيدة هلا فارس تشارك زوجها هذا الحدث المميز
    السيدة هلا فارس تشارك زوجها هذا الحدث المميز
  • الجمهور يستمع إلى خطاب الرئيس بوش الأب
    الجمهور يستمع إلى خطاب الرئيس بوش الأب
  • الرئيس كلينتون يلقي خطابه في مؤسسة كريزيس غروب
    الرئيس كلينتون يلقي خطابه في مؤسسة كريزيس غروب
  • لقطة أخرى للرئيس كلينتون خلال الحفل
    لقطة أخرى للرئيس كلينتون خلال الحفل
  • فارس يناقش مع كلينتون آخر التطورات المستجدة
    فارس يناقش مع كلينتون آخر التطورات المستجدة
  • لحظات سعادة يتشاركها فارس مع عقيلته السيدة هلا...
    لحظات سعادة يتشاركها فارس مع عقيلته السيدة هلا...
  • السيدة فارس مشعة ومتألقة إلى جانب الرئيس كلينتون
    السيدة فارس مشعة ومتألقة إلى جانب الرئيس كلينتون
  • دولة الرئيس والآنسة نور مع المتروبوليت صليبا
    دولة الرئيس والآنسة نور مع المتروبوليت صليبا
  • الشابة الفاتنة نور فارس والرئيس كلينتون
    الشابة الفاتنة نور فارس والرئيس كلينتون
  • نوؤ والرئيس كلينتون برفقة أصدقاء انضموا إليهم
    نوؤ والرئيس كلينتون برفقة أصدقاء انضموا إليهم
  • نور فارس تتشارك الحدث المميز مع صديقتيها
    نور فارس تتشارك الحدث المميز مع صديقتيها