لا تزال مدن الانتشار اللبناني، تعيش فرحة التكريم والتقدير العالمي، لرجل من لبنان، أطبقت شهرته الآفاق، وجعلت اللبنانيين في الداخل والخارج، يزهون بما حققه نائب رئيس مجلس الوزراء السابق عصام فارس للبنان وللشعب اللبناني. ومنذ أكثر من أسبوع، لا يزال اللبنانيون يتناقلون بزهو وإكبار، وقائع الاحتفالات التي أقامتها (المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات) في نيويورك تكريماً لثلاثة من الكبار في العالم، هم الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الأب، والرئيس الذي أقام في البيت الأبيض الأميركي من بعده بيل كلينتون والأستاذ عصام فارس تقديراً لمساهماتهم في السعي الى تحقيق السلام في لبنان والعالم، ودعم القيم والمؤسسات الديمقراطية والتنمية الاقتصادية.
وأظهرت كلمات المحتفى بهم طول باع مساهماتهم في السعي الى تحقيق السلام في دعم نشاطات هذه المنظمة العالمية والعلائق الوثيقة التي تربطها، واستمرار اهتماماتهم بتحقيق السلام في العالم عموماً، وفي الشرق الاوسط بصورة خاصة. ووصف الحاضرون الحفاوة المميزة بالأستاذ عصام فارس، بأنها قمة التكريم في حياة انسان، وقمة النجاحات في حياته، وبأنه تكريم للبنان، وليس تكريماً لرجل أعطى للبنان، بقدر ما أخذ منه، ذلك أن عصام فارس، نائباً ووزيراً، كان طوال ايام وجوده في المجلس النيابي، نائباً بحجم الوطن، ووزيراً بحجم حكومة مجتمعة، بدليل أنه عومل طوال فترة وجوده في السلطة، معاملة رئيس حكومة رديف، لا معاملة مجرد وزير.
وقد حرص عصام فارس، على أن يقيم في مكاتبه الخاصة في بناية (الصوفيل) بصورة خاصة، على أن يستضيف اللجان الوزارية، ويرئس اجتماعاتها، ويخصص لها المستشارين والمتخصصين، كل في حقله وميدانه، مما جعله حكومة في رجل، ورجل دولة من طراز رفيع.
الوقائع والشواهد
في بداية الاحتفال الذي أقيم في نيويورك، وبحضور كبار الوجوه السياسية والاقتصادية، صفق الحاضرون بحرارة وحفاوة للرجل الذي صعد الى المنصة، ليتحدث اليهم عن تجربته الرائدة في العمل العام، وفي المضمار الانساني، كما روى قصة تجاربه كلبناني مع الأحداث التي عصفت في لبنان، وما شهده البلد الصغير من فظاعات ومساوئ، وكيف تجاوزها بعناد من شعبه الودود والخدوم، والمنفتح على الخدمات والمتسلح دائماً بالايمان والصمود، لتحقيق انتصارهم على الحرب وويلاتها.
وحضر الاحتفال السنوي للمجموعة الذي أقيم في فندق (والدورف استوريا) وكان بعنوان (السعي الى السلام) أكثر من 300 شخصية سياسية واعلامية والى ممثلين لمنظمات غير حكومية وديبلوماسيين من الأمم المتحدة وواشنطن كان بينهم سفير لبنان في واشنطن أنطوان شديد، ومندوب لبنان الدائم لدى الأمم المتحدة السفير نواف سلام، فضلاً عن عدد من العاملين في مؤسسات عصام فارس أو مؤسسات يساهم في دعمها مثل جامعة تافتس في بوسطن. وكانت عريفة الحفل الصحافية المخضرمة كريستيان آمانبور التي قالت إنها مدينة للمجموعة الدولية لأنها ساعدتها كثيراً في فهم النزاعات المسلحة والحروب التي غطتها مراسلة لشبكة (سي إن إن) الأميركية للتلفزيون من البوسنة الى فلسطين. وتولى الديبلوماسي الأميركي المتقاعد توماس بيكيرنغ الوكيل السابق لوزارة الخارجية الأميركية والذي عمل عن كثب مع بوش وكلينتون، تقديم عصام فارس وتسليمه الجائزة، لافتاً الى انجازاته في مجالات التعليم والتنمية في لبنان والخارج، وقال إن تكريمه يعود الى (دعمه الثابت للسلام والديمقراطية والتقدم الاقتصادي في لبنان وفي المجتمع الدولي).
وتكلم عصام فارس فقال: (يسرني بكثير من التواضع، ولكن بكثير من الاعتزاز والفخر، أن أكون أنا أيضاً من بين المكرَّمين في هذه المناسبة... لقد تبوأ كل من جورج بوش وبيل كلينتون رئاسة الدولة العظمى الوحيدة في العالم أما أنا فآتي من قرية صغيرة في بلد صغير. الا أن هناك شيئاً ما يجمعنا، وهذا الشيء هو حبنا للعدل والسلام واندفاعنا لدعم المؤسسات الوطنية والإقليمية والدولية التي تعمل من أجل بسط العدالة والاستقرار والسلام، وهل هناك أنبل وأسمى من العمل من أجل السلام?). وتطرق الى علاقته بالمجموعة الدولية حين زاره في لبنان منتصف التسعينات السيناتور جورج ميتشل اللبناني الأصل في بيروت مع فرق من العاملين في المجموعة الدولية لتعريفه بها. وقال فارس، إن انطباعه عن الفريق هو (أنه بالفعل مثالي في رؤيته وواقعي في سياسته، نجح الفريق في انتشالي من محدودية الدولة والمنطقة الى لامحدودية العالم وإشكالاته، وفتح أمامي آفاق الكرة الأرضية بكاملها من غير أن يهمل المهم والملحّ في ما يتعلق بوطني وبمنطقتي). وأضاف أن المجموعة (علمتنا التشديد على مبادئ العدل والحرية والمساواة وحقوق الانسان).
وأوضح أنه كلبناني (عشتُ الحرب بكل مآسيها، وتيقنت أن في الحروب ما يكفي من الهمجية والعدوانية والتخلف. فمن هذا المنطلق، أرى أنه من واجبنا جميعاً، العمل لدعم هذه المؤسسة في تحقيق حلمها من أجل السلام العالمي... دعتنا هذه المؤسسة الى هذا الاحتفال لتكرمنا. كان الأجدر بنا أن نكرم نحن نساء هذه المؤسسة ورجالها المرابطين في الخطوط الأمامية من مواقع النزاع في جميع مناطق العالم... إنهم حقاً يخاطرون بحياتهم من أجل تأمين السلام الكامل والعادل لكل واحد منا على الأرض). كلينتون وبوش
وعلى هامش الحفل، اجتمع الرئيس كلينتون وعصام فارس نصف ساعة وناقشا الوضع الراهن في لبنان واحتمالات السلام في المنطقة كما افادت مصادر في الفريق المرافق لفارس. وبعدما حيا كلينتون عصام فارس ورحب باللبنانيين الحاضرين، قال في بداية كلمته انه ناقش مع الاخير الانتخابات النيابية الاخيرة في لبنان. وشدد على ان اهم ما فيها ليس ان الاكثرية الفائزة صديقة بل ان (الخاسرين قبلوا نتائج الانتخابات، وتحدثت مع عصام عن املنا في ان يكون لبنان مثلاً يحتذى في اماكن اخرى من العالم). واشاد بوش، الذي خاطب الحفل عبر شريط فيديو قصير سجل سلفاً، وهو الذي قلص كثيراً سفره نظراً الى تقدمه في السن، بنشاط المجموعة الدولية ودورها في مناطق النزاع المختلفة من الشرق الاوسط ودارفور الى افغانستان وباكستان. وشدد على دور العاملين فيها في التعامل المباشر مع اطراف النزاع واهمية وموضوعية توصياتها الصريحة التي تعطي قادة العالم (الحقيقة كما هي) لمساعدتهم على حل النزاعات. وتحدث كلينتون عن اهمية دور الديبلوماسية الاميركية في تحقيق السلام في الشرق.