السفير- غراسيا بيطار
قرأ منح الصلح سيرته الذاتية في بضع وريقات، فبدا الزمن، في مركز عصام فارس، وكأنه عاد الى الوراء وتحديدا الى قلب «مطعم فيصل» الشاهد على بنات أفكار المثقفين والصحافيين والأدباء و«طباخي» السياسة في لبنان. اثنان يلازمانه اليوم: القلم رفيق الأمس وكل الأيام والعصا التي فرضتها المسيرة الطويلة من النشاط الفكري والسياسي والثقافي. سليل العائلة «المطمئنة للمسيحيين في رئاسة الحكومة» سئل أن يغرف من الماضي ليستشرف الحاضر والمستقبل للخروج من الأزمة فرأى أنه «لا يمكن الاتكال على العروبة وحدها وإنما يجب أن يكون ثمة أمر آخر شبيه بالشهابية أو الميثاقية لملء الفجوة الحاصلة وهذا ما نراهن عليه». أصاب المركز في اختيار منح الصلح ضمن سلسلة «شهادات» التي ينظمها منذ أشهر. ومدير مركز عصام فارس السفير عبد الله بو حبيب قدّم الضيف الذي «شهد مشاركا ومراقبا على جزء من تاريخ لبنان المعاصر وأطلق مصطلحات عديدة ترسخت في الخطاب السياسي والتداول الإعلامي اللبناني مثل «الانعزالية الجديدة» في وصفه للشهابية و«المارونية السياسية» في وصفه لفريق من النخبة السياسية اللبنانية الحاكمة و«عروبة النخبة وإسلامية الجماهير» وقد شكلت هذه المصطلحات عناوين لجدل ونقاش واسعين في الأوساط السياسية والفكرية اللبنانية والعربية ومادة لمقالات عديدة بعدما احتفظت بتأثيرها على مر الأعوام». أما الشهادة الصلحية فجاءت سيرة ذاتية تلاها منح الصلح وسط إصغاء لافت من الحضور الذي تنوع بين شخصيات ثقافية ونقابية وحزبية من أبرزها رئيس إتحاد الرابطات السريانية حبيب إفرام والعميد المتقاعد أمين حطيط. «نشأت في عائلة عروبية لا تعمل إلا في السياسة أو مشتقاتها كالصحف والكتابة والنوادي السياسية وأحفظ لأمي التركية نصرتها الحماسية لمصطفى كمال أبرز علماني أخرجه الشرق» قرأ الصلح الذي كشف عن تأثره «بجو رأس بيروت أثناء دراستي الابتدائية في مدرسة السيدة أمينة المقدسي الإنجيلية». وكان لا بد أن يذكّر بمطعم فيصل في رأس بيروت حيث «كان الاتصال بالأمة العربية كلها على ما كان يكتب الصحافي والسياسي المصري أحمد بهاء الدين». ومتحدثا عن نفسه بقلم غيره قال: «كتب أحدهم أن لا أحد نظر الى الشهابية ثم ضدها كمنح الصلح ولا أحد نظر الى الإنسان العربي وقلبه على لبنان وفلسطين مثل منح الصلح». وتابع: «آمنت دائما بمركزية مصر في العالم العربي وعلاقتها النهضوية بلبنان منذ مجيء مفتي الديار المصرية الشيخ محمد عبده منفيا الى لبنان». وفي شجرة العائلة الصلحية أتى على ذكر «عمي تقي الدين الذي كان لبنانيا عروبيا وعمي كاظم رئيس حزب النداء القومي وعمي الأصغر والأقرب إلي عماد». وروى كيف قصد وعمه تقي الدين الرئيس فؤاد شهاب في جونيه لتسليمه الخطاب المعد للإلقاء بمناسبة عيد الاستقلال فقال لهما شهاب حينها: «يا ليتني أستطيع أن أتكلم بالعربي الدارج لقلت أن الدولة والإدارة صار لازمها خراطة». وفي رؤيته للبنان اعتبر أن الأخير لم يولد لو لم تجد فيه الأمة العربية ضرورة وقال: «إن لبنان لولا المسيحيين ما قام ولولا المسلمين ما دام». وفي معرض الأسئلة والأجوبة نقل أحد الحضور عن البطريرك المعوشي قوله شارحا ابتهاجه لتكليف تقي الدين الصلح تشكيل الحكومة: «لا نشعر بالاطمئنان إلا عندما يكون رئيس الحكومة من بيت الصلح فهؤلاء هم صوت العرب في لبنان وضمير لبنان لدى العرب». وفي مداخلة له تحدث العميد حطيط عن توصيفه للشهابية «النزعة المؤسساتية لبناء دولة» ورأيه في الجمع بين الطمأنينة والصلحية بأن «طبيعة الشخص هي التي تكرس الطمأنينة».