فؤاد دعبول غادر (الكبار) وبقي (الصغار) !!
الأنوار- 18 آذار 2010
غادر كارلوس سليم بلد الآباء والأجداد. والناس، ودّعوا أغنى أغنياء العالم، واكتشفوا أنه إنسان. سافر الى إسبانيا من بيروت. ومن مدريد سيعود الى المكسيك. ومعه نجله وكريمته، ليكون نجله الثاني قريباً في لبنان. ورافقه في رحلة العودة، متروبوليت المكسيك وأميركا الوسطى أنطونيوس الشدراوي، ومطران الموارنة جورج أبي يونس. اعتقد اللبنانيون أن الرجل الذي زارهم آتٍ وعلى ظهره ثروة جمعها بالصدفة. وسينثرها عليهم بالصدفة. واكتشفوا فيما بعد، أنه إنسان. يهمه الانسان اللبناني، وبلد الانسان المعذَّب في لبنان. بعض الطامحين بالوظائف، في بلد (معتّر)، اعتقدوا أنه بقدر ما يعطي كارلوس سليم للسلطة، تعطيهم وظائف ومناصب. اهتموا بكارلوس، وأهملوا رفاق كارلوس في الرحلة. ثم اكتشفوا أن آمالهم قد خابت. وان الرجل الكبير في وادٍ. وهم في وادٍ آخر. هو يريد أن يتعرَّف على بلد الآباء والأجداد. وان الآخرين يريدون ثروته لا مكانته. شكر كارلوس رئيس البلاد، وودَّع الناس، وسافر. *** كان عصام فارس يعرف الأصول. ويجيد تكريم الكبار. وهو الكبير بينهم. وكان أيضاً كبيراً في ثروته وفي عطاءاته. دأب الناس على أمل، أن يأتي الى لبنان. وعندما جاء الى مسقطه، ناداه الواجب. ولبّى النداء بشجاعة الشجعان. وأصبح نائباً لرئيس مجلس الوزراء. لكنه، كان يعرف نفسه. ويعرف مَنْ هم القادرون على خدمة لبنان، في العالم. البلد رازح تحت أعباء المحن. والناس يعيشون في ضائقة. الفقر يحاصرهم والبطالة تحيط بهم. والشباب تائهون وبعيدون عن الجامعات والمعاهد. تلقف هذه الأمور بسرعة. حارب الفقر، وأقبل على العطاء. ... وعلى تقديم المنح التعليمية للشباب. وكان يحرص على ألا تعرف يسراه ما تفعله يمناه. وبسرعة، اكتشف اللبنانيون أن الرجل معجزة بشرية. كان عصام فارس رجل دولة. كما كان دولة في رجل. لم يكتفِ باحتضان الخير. ولا بمساعدة الانسان. بل راح يمارس الجود والكرم من فوق، كما كان يفعل من تحت. ويسعى لإقامة الدولة من بين أنقاض الحرب. تعب وأعطى وشعر بفرح العطاء. وهذا أجمل ما يساور الانسان، كما يقول سعيد عقل. *** هذه السلطة تجول العالم. وعندما يزور بلدها، أغنى أغنياء العالم، يتسابق رجالها، على الإساءة اليه. ... والى مَن أتى معه الى لبنان. سلطة (تضب) تحت جناحها الفاشلين، ماذا تراها تفعل? لم تعرف كيف تستنهض الكبار، للوقوف معها? لم تسعَ الى اجتذاب واحد من أبناء عصام فارس للعمل معها. اجتذبت عوضاً عنهم، مَنْ يحلمون بموقع يتشاوفون به. في يوم مغادرة كارلوس سليم للبنان، كان آخر ما يتبادر الى الذهن، يطالب بما كان يطالب به سواه، بعد أربع سنوات من الآن. ليس الطالب محقاً في طلبه. ولا هو الأمثولة. لكن من حق الناس أن يسألوا عن الأسباب. ومن واجب السلطة الجواب. وهي تعرف مَن ابتعد، لكنها لا تدري سبب ابتعاده. لو كان نجاد فارس في الموقع الصحيح، لما كان أحد يبتعد عن دولة، بحاجة الى رجال دولة. هل تبقى البلاد، في رحاب سلطة تريد أن تملأ الوظائف الخالية (بأحسن) المحاصصات، لا بأفضل الرجال. الدولة لا تقوم الا برجال دولة. هل يفهم الآخرون السر?