النهار، الخميس 04 آذار 2010 - السنة 77 - العدد 23976، ص. مناطق.
"
الموارنة ولبنان" ندوة في "مركز عصام فارس"
سلام والفرزلي وطربيه لصوغ دور جديد
"الموارنة ولبنان" عنوان محاضرة نظمها "مركز عصام فارس" امس في اطار سلسلة منها، وتحدث فيها النائب تمام سلام، النائب السابق لرئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي ورئيس الرابطة المارونية جوزف طربيه، كل وبطريقته عن رؤيتهم لتاريخ الموارنة واستطرادا المسيحيين والعلاقات الاسلامية – المسيحية ودور الموارنة حاضرا ومستقبلا. وكان اكثر المتكلمين حدة الفرزلي الذي قال انه "نذر حياته للقضايا العربية"، طارحا اسئلة مهمة عن مصير المسيحيين وحاضرهم ومستقبلهم وداعيا الى "التفكير في صيغة نظام جديد للبنان تحت سقف الطائف والدستور يحفظ التعددية والعيش المشترك ويحمي الوحدة الوطنية".
استهل اللقاء بتقديم لعضو المركز رغيد الصلح الذي اشار الى "ارتباط الموارنة بلبنان ارتباطاً وثيقاً ومصيرياً منذ لجوئهم إلى جباله في القرن السادس سعياً وراء ملاذٍ آمن لممارسة شعائرهم بحريّة وتمسكهم بفكرة الكيان – الملجأ، ثم بدأت مسيرة صعودهم الديموغرافي والإجتماعي والإقتصادي بعدما انتظموا في مجتمع له خصوصيته ترعاه المؤسسة الدينية وعلى رأسها البطريركية، ومواكبتهم حركة الحداثة في الغرب، وساهموا في بلورة فكرة وطنٍ تعدُّدي تسوده الحريات". وقال انه "رغم الهزَّات التي تعرض لها لبنان، تمكَّن الموارنة من تطوير الحفاظ على هذه التجربة كنموذجٍ للحرية والحداثة والإنفتاح والمساواة في الشرق في ظلِّ نظامٍ ليبرالي سياسياً واقتصادياً، ما ميَّزه عن غيره من الدول العربية". وختم متسائلاً "عما بقي من فكرة النموذج اللبناني في ظل التغييرات التي حصلت والصراع المذهبي في المنطقة وصعود الحركات التكفيرية والتشدد الإسرائيلي، وهل ثمة إعداد لمشروعٍ بديل من النموذج اللبناني في هذا الشرق؟".
سلطة لم تتراجع
النائب تمام سلام عرض تاريخ الموارنة، واصفاً اياهم بـ"الطائفة التي شهدت صعوداً وهبوطاً ولامست السلطة والتسلط وانكفأت الى خيارات سياسية ومساومات وتراجعت لتتحول نموذجاً اشكالياً بامتياز". ورأى ان "بعض الموارنة ضائع بين انتهاء المشروع السياسي وبين المطالبة بالدويلة ضمن كونفيديرالية الطوائف في لبنان"، مشيرا الى ان للموارنة قبل الطائف "قصة ذات ابعاد تاريخية لا يمكن تجاهلها".
واضاف ان "سلطة المارونية السياسية على الادارة والجيش والقضاء والاقتصاد لم تتراجع بالمستوى السياسي على مدى السنوات الماضية، اذ كانت الادارة محروسة رغم التسميات والمواقع التي اعطيت لطوائف اخرى تأميناً للتوازن". ولفت الى ان "الحصص اخذت من خارج المواقع الاساسية للموارنة وان النظام اللبناني يعطي المسيحيين اكثر من حقيقة الاعداد والنسب المئوية (...)". وخلص الى ان "النموذج اللبناني على المحك في ضوء الحالة الاقليمية التي تشهد صراعاً متصلاً بالتطرف الديني"، وان المحاصصة الطائفية "ادت الى اعادة انتاج ازمة الهيمنة بين الطوائف والمذاهب". وحض الموارنة على "الانخراط في مشروع الدولة المدنية، مع حق الجماعات في ان تكون لها ضمانات سياسية مرحلية".
الحركة ضمان الاستمرار
رئيس الرابطة المارونية جوزف طربيه قدم مداخلة وجدانية اكد فيها ان "ما من ضمان لاستمرار الموارنة ما لم يكن لبنان حراً، وان الموارنة لا يستطيعون العيش في ذمة الاخرين لان كنيستهم تشكلت على رفض الاضطهاد ومقاومته". وقال :"اذا كانت الذمية لدى البعض قدراً فهي مرفوضة لدى الموارنة". واشار في مكان آخر الى ان الموارنة "قد يكونون ارتكبوا اخطاء موجعة اسوة بكل الطوائف، لكنهم متمسكون بلبنان". ورأى ان "السنية السياسية والشيعية السياسية ستفشلان اسوة بالمارونية السياسية لان لا ثنائيات تستطيع حكم لبنان". وخلص الى ان "نظام الطائفية السياسية الذي شكلته المارونية السياسية انما حمى التنوع وجعل لبنان نموذجاً للتعدد يناقض الاحادية الصهيونية في اسرائيل".
الفرزلي وتطوير النظام
اما الفرزلي، فاعتبر في مداخلته ان الموارنة "كانوا ضحية، وان خطأهم الكبير كان في عدم ذهابهم بعيداً في تفسير معنى وجودهم وعدم ابراز ان ما يجمعهم بلبنان هو علاقة وجدانية". ورأى انه "اما ان ينوجد لبنان بقرار ماروني او ان يصبح مثل الدول العربية الاخرى". وشدد انطلاقاً مما وصفه "ارثوذكسيته" على ان الموارنة "روح لا عدد"، وحض الكنيسة على "ان تعود قوية"، ممارساً ما يشبه النقد الضمني وحاضاً الموارنة على "الالتفاف حول كنيستهم التي تشكل عماد طائفتهم"، مطالبا بالا يعدم الموارنة "وسيلة للدفاع عن لبنان بالشكل الثقافي الذي يمنحه اياه الموارنة (...)".
وتطرق الى الشأن السياسي فقال ان ثمة كيانات مذهبية على ارض لبنان احدها شيعي يملك مؤسساته وايديولوجيته وسياسته واعلامه واعلامه، وكذلك كيان سني ودرزي عبّر عنه وليد جنبلاط بالفم الملآن بكلامه عن الخصوصية الدرزية، في حين ان المسيحيين يتعرضون للاستئصال بدءاً من بيت لحم مهد السيد المسيح التي لم يبق فيها مسيحي واحد، الى مصر التي يعاني مسيحيوها". وقال :"لولا الاستقرار في سوريا لما بقي مسيحي واحد فيها". وحض على بحث هذا الوضع "من موقع الايمان بالعيش المشترك الذي يشكل ارادة مسيحية عارمة جرى التعبير عنها بوضوح في الارشاد الرسولي... نريد العيش المشترك ولكن نريد ان نطوره باتجاه البحث عن صيغة تحت سقف الطائف والدستور".
وخلص الى ان "قضية الحق الماروني هي قضية بقاء وزوال" وتوجه الى الزعماء الموارنة طالباً منهم "تناسي الصراعات والاحقاد لتحقيق مشروع حضاري رائد للموارنة"، وقال: "ايتها القوى المارونية الفاعلة، صيغوا مشروعاً
بحجم المارونية والمسيحية والاسلام واستعيدوا حمية الاوائل وتغلبوا على الصدأ في عقولكم".