الشرق- 13 آذار 2010
الانسان اللبناني ثروة لبنان الحقيقية
.. أغنى أغنياء العالم كارلوس سليم قدم الى الوطن أهلاً، وهو اللبناني الذي يعتز بلبنانيته، ويمثل نجاح اللبناني في دنيا الاغتراب، وهو صورة اللبناني الذي حقق في دنيا الاغتراب نجاحاً منقطع النظير بعيداً من الطائفة أو المذهب.
... كارلوس سليم من الرعيل الذي عاش في دنيا الاغتراب، وحمل الجنسية المكسيكية، وجهد وكدّ ليصبح أغنى أغنياء العالم، وقراره زيارة وطنه الام يعطي الدلالة الابرز الى أن اللبناني مرتبط بأرضه كالعروة الوثقى، ما يحدونا هنا الى ذكر رجالات كبار في هذا الوطن، كالرئيس الشهيد الكبير رفيق الحريري، الذي هاجر وحقق نجاحات تفوق التصوّر، ثم عاد الى الوطن ليتسلم مسؤولية قيادة البلد نحو بر الامان، وقد كان صانع معجزة إعادة البناء والإعمار، وهناك ايضاً الكثير من الناجحين الكبار الذين هاجروا، وعادوا، وأعطوا هذا الوطن، وأجزلوا في العطاء كالسيّد عصام فارس، وغيره كثر.
.. إن لبنان، هذا الوطن الصغير بمساحته الجغرافية والكبير بأبنائه، وعدد سكانه القاطنين لا يتعدى الاربعة ملايين نسمة، بينما عددهم في عالم الاغتراب هو 17 مليوناً من أجيال متعاقبة، بينهم ثمانية ملايين لا يزالون على ارتباطهم الوثيق بالوطن، وجلهم اصبحوا من الاغنياء، وساهموا في بناء الدول التي هاجروا إليها.
كل هذا يؤكد أهمية الانسان اللبناني وقدراته الكبيرة ووعيه وإدراكه ومعرفته بكيفية تحقيق النجاح تلو الآخر، من دون ان ننسى العلماء من اصل لبناني، والذين حققوا في دنيا الاغتراب إنجازات علمية وطبية هائلة، أمثال الدكتور جراح القلب الاشهر في العالم مايكل دبغي، والمخترع محمد حسن الصباح، وغيرهما من الذين دخلوا التاريخ العلمي من أبوابه العريضة، وأيضاً هناك من اللبنانيين من وصلوا الى مواقع القرار حتى في الدول العظمى، والكونغرس الاميركي شهد أكثر من سيناتور ونائب من اصل لبناني، لعبوا أدوارهم بأداء متميز.
.. والعلم هو سمة من سمات اللبناني، ما يؤكد أهمية الارساليات الاجنبية التي جاءت في القرن الثامن عشر، واستمرت حتى اليوم، ومنها الفرنسية والايطالية والجامعة الاميركية التي تعتبر من الصروح الطبية والعلمية الكبرى، والتي اقترن اسمها باسم بيروت عاصمة لبنان.
... كل هذا يدعونا كلبنانيين الى الاعتزاز والفخر، وقد كان وطننا في السابق، ويعود حالياً الى سابق عهده، مستشفى ومصرفاً ومكتبة ومطبعة العرب وموقعاً لاستثماراتهم ومكان اصطيافهم وسياحتهم واستجمامهم.
في هذا المعنى، فإن جامعاتنا تخرّج سنوياً 25 ألف جامعي، يجد ألفان منهم فرصاً للعمل، بينما 23 ألفاً يبحثون عن عمل، وبعضهم يشد الرحال الى بلدان المهجر، وسرعان ما تستوعبهم الشركات والمؤسسات نظراً لوعيهم وعلمهم وإدراكهم بوسائل التطور المستمر والمتواصل.
نعم، إن ثروة لبنان الحقيقية هي إنسان هذا الوطن، بعلمه وثقافته وإصراره على الإبداع وعمله من أجل النجاح، وكما عاد أغنى أغنياء العالم ليزور وطنه الام، فإن الآخرين سيعودون، وبعضهم قد عاد الى بلده وقريته وأهله ومحبيه.