مركز عصام فارس للشؤون اللبنانيّة
PrintEmail This Page
ندوة في مركز عصام فارس تحدث فيها الجسر والضاهر
12 آذار 2010

الأنوار- 12 آذار 2010

ندوة في مركز عصام فارس تحدث فيها الجسر والضاهر:
هل من حاجة إلى تعديلات دستورية

وضعت أزمة النظام السياسي اللبناني على المشرحة في مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية. ففيما اعتبر النائب والوزير السابق مخايل الضاهر ان النظام اللبناني بعد الطائف هو نظام ديموقراطي توافقي ميثاقي محكوم بأكثريات موصوفة. واكد ان حكومة السنيورة عام 2006 - 2007 كانت غير ميثاقية وغير دستورية، وان الدستور يحتاج الى تعديل في عدة مواقع من نصوصه.

قال الوزير السابق النائب سمير الجسر، انه لا يجوز تعديل الدستور الا عندما تكون هناك اسباب ملحة. وان الطائف لم ينص على الديموقراطية التوافقية، وان الخلفية وراء طرح التوافقية هي النيل من صلاحية مجلس الوزراء، وان بعض القوى تبنتها لأنها تشكل ضمانة لها لاستمرار بقاء يدها هي العليا بسبب حيازة السلاح. ووصف اقتراحات تعديل الدستور بأنها تغلف بمواقف سياسية فيما هي تحاول انتزاع الحقوق لهذه الطائفة او تلك. وحذر من ان شرعنة طاولة الحوار تعني انشاء مؤسسة جديدة ستقوض صلاحيات مجلسي النواب والوزراء.

وكان الضاهر والجسر قد شاركا في ندوة في مركز فارس حضرها حشد من المهتمين، وافتتحها مدير المركز السفير عبد الله بو حبيب استعرض فيها حالات الشلل والتعطيل التي واجهت النظام السياسي اللبناني منذ العام 2005، مشيرا إلى الدعوات التي اطلقت من أكثر من طرف لاعتماد تعديلات دستورية تمنع الشلل والتعطيل وتقترح مخارج لحل أزمات النظام السياسي في لبنان.

وألقى الوزير السابق الضاهر كلمة اعتبر فيها أن نظام لبنان ديموقراطي توافقي ميثاقي محكوم بأكثريات موصوفة لا يمكن فيه استبعاد الطوائف عن المشاركة في القرار، لافتا إلى أن لو كان النظام اللبناني ديموقراطيا كلاسيكيا أكثريا لما نص دستور الطائف على أن نصاب مجلس الوزراء يحتاج إلى أكثرية ثلثي اعضائه، وذلك ضمانا للتمثيل العادل للطوائف، مشددا على أن أي حكومة يجب أن تكون ميثاقية، مشيرا في المقابل إلى أن حكومة الرئيس فؤاد السنيورة في العام 2006 باتت غير ميثاقية وغير دستورية بعد استقالة الوزراء الشيعة منها، مذكرا بالفقرة (ي) في مقدمة الدستور التي تنص على ألا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك وبالمادة 95 التي تتحدث عن التمثيل العادل للطوائف في تشكيل الحكومة. وبعدما لفت إلى إمكانية إجراء بعض التعديلات على صلاحيات رئيس الجمهورية التي لا تمس بالحالة الميثاقية والتي من شأنها أن تساعد على تطبيق أفضل لاحكام الدستور ولتسهيل عمل الحكم أو لإزالة بعض الالتباس من بعض النصوص، دعا إلى إيجاد آلية تمكن رئيس الجمهورية من السهر على احترام الدستور ووجوب تطبيقه، وإلا أضحت الصلاحية المعطاة لرئيس الجمهورية في هذا المضمار، بدون معنى ولا مضمون ولا فعالية.

وأضاف: أن في الحالة المتعلقة بالحكومة غير المتوافقة مع أحكام الدستور التي تعترضها صعوبات كبيرة تمنعها من الحكم كالتظاهرات والإعتصامات مما يشل عملها، يجب معالجة هذا الواقع بتعديل دستوري يمنح رئيس الجمهورية حق اعتبار الحكومة غير الميثاقية وغير الدستورية مستقيلة، لانها تخالف في تشكيلها أحكاماً صريحة في الدستور، والإفساح في المجال أمام تأليف حكومة سواها.

تعديلات مطلوبة
وعدد الضاهر سلسلة من التعديلات التي رأى انها ضرورية لإزالة بعض الإلتباس أو لإكمال بعض الاحكام أو لسد نقص في بعض الامور الاساسية، من دون المس بالصلاحيات الميثاقية المتفق عليها في الطائف. فبالنسبة لتحديد مهلة لرئيس الجمهورية ب15 يوما للقبول بالمراسيم أو ردها وإلا تصبح نافذة، قال: إن التعديل في هذا الموضوع يقتضي أن تحدد مهلة لكل من الوزير ورئيس الوزراء أقل من 15 يوما، احتراما للمركز الاول في البلاد.

ودعا إلى تعديل المادة 54 التي تقضي بأن مقررات رئيس الجمهورية يجب أن يشترك معه في التوقيع عليها الوزير أو الوزراء المختصون، وأضيف اليها في الطائف، رئيس الوزراء، مشيرا إلى ضرورة الغاء المقطع الذي يتحدث عن وجوب اقتران مقررات رئيس الجمهورية، في صلاحياته المحدودة جدا بأي توقيع آخر، وإلا أصبح الجميع أهم من رئيس الجمهورية.

كما دعا إلى تعديل المادة 49 من الدستور وتحديد نصاب كل جلسة من جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، وإعادة الحق لرئيس الجمهورية بأن يتخذ قرارا معللا بموافقة مجلس الوزراء، بحل مجلس النواب قبل انتهاء عهد النيابة تحقيقا لتوازن السلطات. واعتبر أن من الضروري أن يعطى لأكثرية النصف أو أكثر، من الوزراء حق طلب عقد جلسة استثنائية، لمجلس الوزراء ويلبى طلبهم، لافتا إلى وجوب تكريس وجود نائب رئيس الحكومة بنص دستوري، وإعطائه صلاحيات لا تمس الامور الميثاقية تنتقص إطلاقا ولا من صلاحيات رئيس الوزراء ولا من صلاحيات الوزراء، مشيرا الى انه لا يجوز أن يعطل رئيس الحكومة أو الوزراء قرارات مجلس الوزراء لأن هذه القرارات تلزمهم جميعا، لافتا إلى أن في حال عدم رضى رئيس الحكومة أو الوزير عن القرار يمكنه الإستقالة وليس تعطيل القرار.

ودعا إلى إدخال تعديلات تسمح بأن يتولى المجلس الدستوري تفسير الدستور بعد ان كان نزعها منه مجلس النواب بعد توقيع اتفاق الطائف الذي نص على ذلك، موضحا ان مجلس النواب لا يفسر الدستور بل يمكنه تعديل مواد لديه وجهة نظر فيها. ووصف الضاهر طاولة الحوار بالبدعة والملهاة فهي من دون أية فعالية أو سلطة تنفيذية، مشيرا إلى أنها لن تتشرعن لانها لن تغير شيئا مما يخضع له مجلس الوزراء، مؤكدا أن ليس هناك من إمكانية على الاطلاق لشرعنة دور الترويكا، لانه يخالف المبدأ الدستوري العام بفصل السلطات المكرس بصورة صريحة في مقدمة الدستور، ولأنه يناقض النظام الديمقراطي العادي والتوافقي.

لا ديموقراطية توافقية
من جهته، رأى النائب الجسر أن من خصائص الدستور الثبات، أي عدم جواز تعديله إلا بإتباع إجراءات خاصة تختلف عن الإجراءات المتبعة في تعديل القوانين العادية، معتبرا أن القواعد التي يتضمنها الدستور يجب ألا تخضع لتغييرات مستمرة لأن لذلك أثرا سلبيا على مكانة الدستور، وانه لا يجوز اللجوء إلى تعديله إلا عندما تكون هناك أسباب ملحة لهذا التغيير، لافتا إلى أنه لا يدخل في الأسباب الملحة، عدم تطبيق الدستور، أو المغالاة في استنباط أحكام لا تمت إلى الدستور بصلة.

وإذ اعتبر أن كل شيء قابل للحوار والتعديل، اشار الى ان ذلك يجب ان يتم من ضمن أسس وقواعد متسلسلة ومتماسكة، تحافظ على نظام متكامل ولا تسعى إلى استيلاد نظام هجين غير قابل للحياة، لافتا الى أن هذا الأمر يتطلب منهجية عمل واضحة تحكم محاولات التعديل وتحدد الإشكالات في عدم الاستقرار السياسي. وأكد على ضرورة تنفيذ اتفاق الطائف بحذافيره بعدما لم يطبق في زمن الوصاية السورية، داعيا إلى منح الفرصة لذلك.

ورأى أن فشل مؤتمر مدريد كان في خلفية توقيف متابعة تنفيذ الطائف وأن نظام الوصاية استفاد من هذا الخلل لإحكام القبضة على القرار السياسي في لبنان وكذلك الهيمنة عليه، معتبرا ان اتفاق الطائف كان متوازنا. عن موضوع صلاحيات رئيس الجمهورية لفت إلى أن لا تبعة عليه في خلال قيامه بواجباته، في حين أن هناك إمكانية لمحاسبة الوزراء عبر إقالتهم أو طرح الثقة بهم وبرئيس الحكومة في مجلس النواب، معتبرا أن الطائف لم ينص على ديمقراطية توافقية بل هو نص على نظام برلماني أكثري من ضمن إطار توافقي وان هذا الأمر لا يحمل أي تناقض، لافتا إلى ان التوافق يتمثل في اقرار المناصفة بين المسيحيين والمسلمين وبتوزيع المقاعد في مجلس الوزراء والنواب بالتساوي بين الطوائف وبالنسبية بين المذاهب في مجلس النواب وبين المناطق، وبالإنصاف بين المذاهب في مجلس الوزراء.

وقال: إن الخلفية وراء طرح الديموقراطية التوافقية هي النيل من صلاحية مجلس الوزراء الذي انتقلت إليه السلطة الإجرائية، بعد ان كانت في ظل الدستور السابق بيد رئيس الجمهورية بالمطلق، معتبرا ان مقولة الديموقراطية التوافقية تبنتها بعض القوى لأنها تشكل لها ضمانة واستمرارا لليد العليا التي استولدتها حيازة السلاح، وشكلت إطارا سياسيا لعدم إمكانية التعرض له، أو الكلام عنه بحجة أن الأمر يتطلب توافقا، مشيرا إلى أن هذا المفهوم لم يقدم حلا للبلد بل أدخله في إرباك سياسي وعجز عن اتخاذ القرارات، خاصة بعد الإمعان في الكلام عن حكومات اتحاد وطني كنتيجة للديمقراطية التوافقية.

وأضاف: إن بعض الحلول واقتراحات التعديل لحل الأزمات التي تحصل إنما تغلف بمواقف سياسية، تحاول إظهار انتزاع الحقوق لهذه الطائفة أو تلك، أو انتزاع الحقوق من هذه الطائفة أو تلك، وليس مجرد تعديلات تفعل من هذا المقام أو ذاك بهدف الخلاص الوطني، لافتا إلى ان الطروحات فيما خص صلاحيات رئيس الجمهورية تبقى في المجهول ولا يمكن الإجابة عن المجهول، مضيفا أن ما يجب أن يطرح هو تحديد الصلاحيات المطلوبة كحل لأزمة بعد بيان رابطة السببية بين الأزمة القائمة وإغفال نص الصلاحية المقترح إضافته، واشارة إلى ان التعديلات، التي قد تطلب، وجب أن تكون من ضمن إطار عام متماسك، له أسسه وقواعده، حتى لا تستولد من خلال هذه الإصلاحات نظاما هجينا لا هو بالنظام الرئاسي ولا هو بالنظام الديمقراطي، حتى يمكن تصويب تطبيقه أو تفسيره عند اللزوم، معتبرا ان مجلس النواب يحق له تفسير القوانين حتى لو أن ذلك كان من صلاحيات المجلس الدستوري قبل نزع هذا الحق منه.

ورأى أن شرعنة طاولة الحوار يعني إنشاء مؤسسة جديدة ستقوض بشكل حتمي صلاحيات السلطتين الإجرائية والتشريعية وستضيف إشكالية جديدة في تولي السلطة، مشددا على ان هذه الطاولة يجب ألا تخرج عن مقاصدها، وأن طاولة الحوار نشأت، في ظل ظروف استثنائية لجدول أعمال محدد، وأن الكلام عن مجلس وزاري مصغر لصنع القرار سيوحي على الأقل بأن هناك وزراء على درجتين، متسائلا: كيف سيتم توزيع وزراء المجلس المصغر بين الطوائف والقوى السياسية?