مركز عصام فارس للشؤون اللبنانيّة
PrintEmail This Page
في السفير: مقترحات «مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية» حول المخيمات
13 أيار 2010

مقترحات «مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية» حول المخيمات: من أجل الحياة الكريمة والفرح والتفاعل الاجتماعي مع المحيـط

13 أيار 2010

يوسف حاج علي


ليست المرة الأولى التي تخرج فيها جهة أو مؤسسة أو جمعية بتوصيات أو مقترحات تتناول قضية المخيمات الفلسطينية في لبنان. التوصيات في ما خص حقوق الفلسطينيين في لبنان باتت كثيرة. تكاد تملأ مجلدات. كلها تشدد على إعطائهم الحقوق المشروعة في بلد الضيافة، الذي يمنع نظامه عن ضيوفه الفلسطينيين، أدنى مقومات الحياة.

المقترحات التي صدرت عن «مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية»، والتي استفادت من الأفكار التي قدمها المشاركون في المؤتمر الذي عقده المركز تحت عنوان «المخيمات الفلسطينية في لبنان: واقع بائس يبحث عن حلول»، يومي 17 و18 من تشرين الثاني الماضي، متعددة. بعضها موجه إلى الحكومة اللبنانية، بعضها الآخر إلى السلطة والفصائل الفلسطينية، بعضها الثالث إلى «الأونروا» والأمم المتحدة، وبعضها الرابع إلى المانحين الدوليين والعرب.

في لبنان باتت عبارة الحقوق الفلسطينية مبتذلة وجافة. لا لسان يستذوقها أو عين تستسيغ أحرفها. تكاد تبعث على الكآبة ورفع الأيدي تسليماً. أغلبية القوى السياسية تجاهر علناً بموافقتها على إعطاء اللاجئين حقوقهم المدنية والاجتماعية. وعبارة الحقوق، لبنانياً، لا تزيد عن كونها مجاملة رخيصة ومجانية، أو بشكل أكثر صدقاً ووضوحاً، نوعا من الدجل السياسي، الذي لن يأتي بثمار أبدا. فالنظام الذي لا يتحمل أن يمنح جنسيته لأبناء مواطنته وزوجها الأجنبي، خوفاً من أن ينالها الفلسطيني أو خوفاً من أن يزيد عدد إحدى فئاته عن الأخرى، سيحرم (بكسر الراء) بالتأكيد، الكثير من الحقوق عن هؤلاء المقيمين على أرضه، ولو جاؤوه قسراً لا اختياراً.

تطوي النكبة عامها الثاني والستين ولا تزال حال المخيمات الفلسطينية وأهلها في لبنان الأسوأ بين الأوطان التي ينتشر فيها هؤلاء. الدولة اللبنانية لا تسمع. لا تريد أن تسمع. ولن تسمع. أقفلت أذنيها على مشاكلها وحدها. لن تنتبه لحقوق هؤلاء، الإنسانية والاجتماعية والحياتية، إذا فرضنا أن حقوقهم السياسية تصب على خريطة أخرى.

في أحد المقترحات طالب المركز بتحويل المخيمات من «غيتوهات» منعزلة عن المجتمع اللبناني إلى مساحات للحياة الكريمة والفرح والتفاعل الاجتماعي. وكلمة «الفرح» التي هي أصلاً كلمة كبيرة وواسعة ونسبية، إذا أُسقطت ذات يوم على المخيمات، تدفع حتماً إلى الابتسام. تخيلوا أن نصل في يوم نقول فيه «المخيمات الفلسطينية السعيدة في لبنان».
قد يحتاج الفلسطينيون إلى مساعدات مالية أو عينية وإلى حقوق كثيرة غيرها، تأتي بتضافر جهود محلية وفلسطينية ودولية متعددة. لكن، ليس هذا أقصى ما يبحثون عنه. يريدون الاحترام قبل كل شيء، من نظام وطن الضيافة، الذي يصرخ في رؤوسهم، صباح كل يوم، أنه لن يصبح وطناً للجوء وللاجئين أبداً.

اقترح المركز على الحكومة اللبنانية استحداث وزارة دولة لشؤون اللاجئين الفلسطينيين والإسراع في تطبيق مقررات الحوار الوطني اللبناني في العام 2006 المتعلقة بالسلاح الفلسطيني خارج المخيمات وداخلها، ودعم جهود «الأونروا» لوضع خطة إنقاذ شاملة بالتعاون مع المنظمات الدولية لمعالجة شاملة لملف اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات، ومنحهم الحقوق المشروعة من ضمن السيادة والأمن اللبنانيين.

واقترح على الحكومة تصحيح الوضع القانوني للاجئين الفلسطينيين في لبنان وفق معايير حديثة وعصرية بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية، منح اللاجئين بالتنسيق مع الدولة والنقابات المهنية والعمالية اللبنانية حق ممارسة المهن الحرة في المخيمات لتلبية حاجاتها أولاً، على أن يصار إلى البحث في إيجاد صيغة للعمل خارج المخيمات للشريحة الباقية، تعديل قانون تملك غير اللبنانيين للسماح للاجئين بحق استثمار العقارات ضمن ضوابط محددة وصيغة مرنة تشمل التأجير البعيد المدى على ألا تزيد المدة عن عشرين عاماً، وتعديل قانون الجمعيات اللبناني للسماح للاجئين بإنشاء الروابط والجمعيات الفلسطينية على أن يكون اهتمامها محصوراً قطعياً بالشؤون الاجتماعية والثقافية والمعيشية للاجئين الفلسطينيين في المخيمات.

وأوصى المركز السلطة والفصائل الفلسطينية بالتعاون الجدي مع الحكومة اللبنانية من أجل تنفيذ مقررات الحوار الوطني اللبناني في العام 2006 المتعلقة بالسلاح الفلسطيني خارج المخيمات وداخلها، إنشاء مرجعية فلسطينية واحدة وشرعية تتمحور حول السلطة الفلسطينية التي تحظى باعتراف دولي، العمل مع الدولة اللبنانية على تصحيح الوضع القانوني للاجئين الفلسطينيين في لبنان، التأكيد على رسالة السلطة الفلسطينية الرسمية حول العلاقات مع لبنان من خلال «إعلان فلسطين في لبنان» الصادر في العام 2008، وضع خطة إنقاذ عملية تكون مبنية على إرادة فلسطينية قوية للعمل مع الدولة اللبنانية وهيئات الأمم المتحدة من أجل إنهاء عزلة المخيمات الفلسطينية وإخضاعها للسلطة والقانون اللبنانيين، وتأكيد السلطة والفصائل الفلسطينية للبنانيين التزامها هذه المبادئ من خلال حملة علاقات عامة شاملة تسهم في إلغاء صورة المخيمات التي تشكلت منذ أواخر الستينيات، وتوطد علاقات الأخوة بين اللبنانيين والفلسطينيين.

واقترح على منظمة «الأونروا» في لبنان، باعتبارها المسؤولة الرئيسية عن شؤون مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، أن تبادر إلى وضع خطة إنقاذ عملية وجذرية، تنهي حالة «الغيتوهات» السائدة في المخيمات منذ أواخر الستينيات، وإخضاعها للسلطة والقانون اللبنانيين وجعلها مساحات للحياة الإنسانية الكريمة، وذلك بالتنسيق مع هيئات ومنظمات الأمم المتحدة المعنية والمختصة، وبإشراف الدولة اللبنانية والفصائل الفلسطينية وموافقتها. وتهدف الخطة إلى العمل على تحويل المخيمات إلى مساحات للحياة الكريمة والفرح والتفاعل الاجتماعي، وإعادة تأهيل البنية التحتية للمخيمات والتركيز على معالجة الأوضاع الاجتماعية فيها، والتركيز على تأهيل كادرات فلسطينية وتدريبها لتلبية حاجات سكان المخيمات في مختلف الحقول.

كذلك اقترح الإعداد لمؤتمر دولي تشارك فيه الدول المانحة، للنظر في خطة الإنقاذ الإنمائية التي تقترحها «الأونروا» والمساهمة في بلورتها بصورة نهائية وجمع الأموال اللازمة لتنفيذها، تأسيس هيئة رقابة مالية دائمة ومستقلة تشرف على تنفيذ المشاريع وصرف الأموال المخصصة، إشراك سكان المخيمات في صياغة خطة الإنقاذ وتنفيذها، وزيادة فرص العمل للاجئين الفلسطينيين في أجهزة «الأونروا» ومشاريعها وورش عملها.

أما في ما خص المانحين الدوليين والعرب فاقترح المركز إعطاء الأولوية لحل مشكلة مخيمات الفلسطينيين في لبنان لأن أوضاع المخيمات واللاجئين فيه هي الأسوأ بين الدول التي ينتشر فيها هؤلاء، التعامل مع مشكلة اللاجئين كمعضلة معقدة ذات وجهين إنساني وسياسي على السواء وترتبط تالياً بحقوق الدولة اللبنانية السيدة على أرضها وبحقوق الإنسان بالنسبة للاجئين والتي كرستها المواثيق والاتفاقات الدولية، الإقرار المطلق بسيادة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها ودعم خططها لمعالجة السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وداخلها، التجاوب الكامل مع «الأونروا» لعقد مؤتمر لجمع الأموال اللازمة لتمويل خطة إنقاذ المخيمات وتنميتها، وفتح الأبواب للشباب الفلسطيني للعمل في الدول العربية والغربية