مركز عصام فارس للشؤون اللبنانيّة
PrintEmail This Page
ندوة عن المجتمع بين الذكورية والمساواة في مركز عصام فارس
28 أيار 2010

ندوة عن المجتمع بين الذكورية والمساواة في مركز عصام فارس

النائب أبي نصر:للانتقال من دولة الطوائف إلى دولة المساواة بين المواطنين

وطنية - 28/5/2010


نظم مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية ندوة عن "المجتمع اللبناني بين الذكورية والمساواة"، شارك فيها النائب نعمة الله أبي نصر والباحثة في علم الإجتماع الدكتورة فهمية شرف الدين في حضور رئيس الرابطة المارونية الدكتور جوزف طربيه وعدد من الأعضاء ومهتمين.


بداية أكد مستشار المركز الدكتور رغيد الصلح "أهمية ألا يتحول الحرص على تطبيق بعض المبادىء والاصلاحات الدستورية والقانونية في مجال من المجالات، والحفاظ على التنوع المجتمعي في لبنان، الى حاجز يحول دون تطبيق الاصلاح والعدالة في مجالات اخرى، مثل المساواة بين المرأة والرجل، او الرغبة في الحفاظ على التنوع الى مقتل لفكرة المساواة".


النائب ابي نصر

ثم رأى النائب أبي نصر "أنَّ للبحث في المساواة بين المواطنين اللبنانيين في الحقوق والواجبات بعدا وطنيا أكثر شمولا، يستوعب ضمنا البحث عن المساواة بين المرأة والرجل"، مؤكدا "أن طالما أن النظام السياسي اللبناني يقوم على تكريس حقوق الطوائف بدل حقوق المواطن، فإنَّ الخلل سيستمر ويشعر العديد بالغبن ولاسيما المرأة لجهة الحقوق المدنية والأقليات الدينية لجهة الحقوق السياسية".


وأشار "إلى أن التلاعب بديموغرافية البلد خلافا للقانون والدستور لحساب طائفة على حساب بقية الطوائف كمنح الجنسية لغير مستحقيها، ساهم في إحداث خلل ديموغرافي مقصود".


وقال:"إنَّ الخوف المسيحي على الوجود بفعل التجنيس وتفاقم الهجرة ونمو الأصوليات وتزايد عمليات تملك الأجانب خاصة في المناطق المسيحية، جعلت المسيحيين يتخوفون من مطالب إصلاحية كخفض سن الإقتراع إلى ثمانية عشر عاما إن لم يقترن ذلك باستعادة الجنسية للمتحدرين من أصل لبناني، وجعلتهم يتحفظون على منح المرأة الحقوق السياسية لزوجها وأولادها إذا ما اقترنت بأجنبي".


واعتبر أبي نصر "أن هذا التصرف من المنظار الديموقراطي ومن منظار شرعة حقوق الإنسان والمواثيق الدولية قد يعتبر متخلفا"، لافتا "إلى أن معالجة المشكلة تحتاج إلى معالجة أسباب الخوف لدى المسيحيين وشعورهم أن لبنان بفرادته وخصوصيته بدأ ينساب من بين أيديهم".


واذ شدد "على أنه ليس ضد المساواة بين الرجل والمرأة في السياسة والإنتخابات والوظيفة والأجور والضمان"، أكد "أنه يرفض منح الجنسية لعائلة المرأة اللبنانية التي تقترن بأجنبي ما لم تعالج أسباب الخوف لدى المسيحيين"، مشيرا "إلى أنه يرفض المزايدة والمراوغة وتجاهل المشكلة في دولة تعتمد المعيار الطائفي لا بل المذهبي".


ورأى "أن الحل الحقيقي يكون بالإنتقال من دولة الطوائف إلى الدولة المدنية الموحدة شعبا وارضا ومؤسسات والإنتقال من دولة المساواة الطائفية المزعومة إلى دولة المساواة بين المواطنين، وإقرار قانون مدني اختياري للأحوال الشخصية".


وأضاف:"ان في المرحلة الإنتقالية من الدولة الطائفية إلى الدولة المدنية تقدم باقتراح القانون الرامي الى اعتماد البطاقة الخضراء التي تمنح لزوج وأولاد المرأة اللبنانية المتزوجة من اجنبي إيمانا بمبدأ المساواة بين المواطنين، ومن أجل معالجة الشكوى الصادرة عن السيدات اللبنانيات المتزوجات من أجنبي واللواتي لم يمنحهن القانون اللبناني هذا الحق أسوة بالرجل، وحرصا، في الوقت عينه، على الأخذ بعين الاعتبار ما عاناه ويعانيه لبنان من مشاكل ديمغرافية وجغرافية، وهواجس طائفية ومذهبية، مقرونة بالتهجير والهجرة، والعبث بالهوية".


ولفت أبي نصر "الى أن البطاقة الخضراء تمنح صاحبها إقامة هادئة وحقوقا مدنية كاملة، تمارس على الأراضي اللبنانية، كالعمل، والإعفاء من تأشيرة الدخول، وولوج المدارس والجامعات، والاستفادة من الضمان الاجتماعي، ومن كل التقديمات التي تؤمنها مختلف الوزارات، كما تمنحه أية حقوق وامتيازات أخرى مشابهة لتلك التي تمنح لسائر اللبنانيين دون الحقوق السياسية، طبعا مع مراعاة مبدأ المعاملة بالمثل".


وشدد النائب ابي نصر على "أن لا يجوز مقاربة مسألة حقوق المرأة وكأنها صراع بين فئتين: فئة مع حقوق المرأة ومساواتها بالرجل، وفئة ضد هذه الحقوق والمساواة"، مشيرا "إلى ان المطلوب مقاربة موضوعية تتناول القضية من كل جوانبها الإنسانية والحقوقية، الإجتماعية والسياسية، القانونية والديمغرافية". وأمل "أن تتكون لدى الرأي العام اللبناني نظرة شاملة للموضوع، وبالتالي رؤية موحدة تمكن السلطة السياسية من معالجة الموضوع بشمولية لكي يتصف القرار بالموضوعية المطلوبة".  وطالب "بالعمل على تحقيق حلول شاملة للمساواة وخاصة من خلال الدولة المدنية والعلمنة وليس اعتماد حلول جزئية".


شرف الدين بدورها شددت شرف الدين "على الفصل بين تحقيق المساواة بين الطوائف وحقوق المرأة اللبنانية التي يجب ألا تلقى عليها مسؤولية تحقيق هذه المساواة"، واعتبرت "أنَّ التشدد في النظر الى قانون الجنسية الذي يبديه السياسيون وحتى القانونيين ليس سوى نتيجة للايديولوجيات الطائفية".


واشارت الى "ان في نظام سياسي طائفي قائم على توزيع الحصص بين الطوائف، يؤدي العدد دورا اساسيا في تحديد هذه الحصص واتجاهاتها المستقبلية وإلى القلق المرافق للتغيرات الديمغرافية التي تتفاعل في لبنان". وقالت:"إن انعكاسات هذا القلق ومفاعيله تتجلى في شكل واضح في الخطاب السياسي الذي يعبر ابلغ تعبير عن المشكلات المتعلقة بأحجام الطوائف وادوارها، والكلام حول العدد يتضمن رفضا واضحا لأي تعديلات على قانون الجنسية الحالي".


ولفتت شرف الدين إلى "أن قانون الجنسية اصبح احد الابواب الذي تحرص الطوائف على ابقائه مغلقا ولم تنفع في فتحه حتى الآن المحاولات الدؤوبة التي قادتها الهيئات المدنية والجمعيات النسائية، وإلى ان النظام السياسي الطائفي منع أي امكانية لتعديل هذه القوانين حتى الآن". واضافت:"ما يزيد هذه المشكلة تعقيدا هو تواجد الفلسطينيين منذ ستين عاما وقضية التوطين، وكل كلام عن قانون الجنسية الذي يميز ضد المرأة اصبح مرادفا للكلام عن التوطين وكأن اللبنانيات جميعهن سيتزوجن من فلسطينيين".

واشارت إلى "ان على الرغم من تضمين الدستور اللبناني نصا صريحا حول منع التوطين إلا ان حجة التوطين ذات الطابع السياسي المحلي تحولت الى دعامة اساسية للمحاججة القانونية، وقد تم استخدامها بشكل واسع في المجال السياسي".


واعتبرت "ان الحجج التي ترفع في وجه المطالبين بتعديل قانون الجنسية لم تكن تستند الى اي معرفة واقعية وموضوعية لما يجري داخل المجتمع، ولم يكن لدى الحكومات وحتى المنظمات غير الحكومية منها اي بيانات او معطيات عن الاتجاهات العامة لزواج اللبنانيات من غير اللبنانيين، وهل هناك فعلا تركيز مقصود على جنسية من دون أخرى". وأوضحت في هذا الإطار، ووفقا لدراسة أجرتها في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP على 300 ألف حالة زواج في لبنان من بينها 18000 زيجة بين لبنانيات وغير لبنانيين، أنَّ النسب في توزع جنسيات الأزواج بحسب طائفة الزوجات اللبنانية متقاربة". وقالت:"إن نسبة النساء اللبنانيات المتزوجات من غير اللبنانيين تشير إلى أن 22,0% متزوجات من السوريين و21,7% متزوجات من فلسطينيين".


وأضافت:"ان الدراسة تظهر ان النساء السنيات، 38,8% منهن تزوجن من فلسطينيين، 19,2% سوريين، و8,0% مصريين، في حين أن النساء المسيحيات 30,5% تزوجن من سوريين، 10,9% اميركيين، 9,9% فرنسيين، 7,8% مصريين، 6,9 % فلسطينيين. أما النساء الشيعيات وبحسب الدراسة فإن 22,7% تزوجن من سوريين، 21,6% عراقيين، و9,0 % مصريين".

ولفتت "إلى أن نسبة المسيحيات المتزوجات من اميركيين هي 16,2 % فيما لا تزيد نسبة المسلمات عن 6,3%".

وذكرت "بأن لبنان تحفظ على البند الثاني من المادة التاسعة في اتفاقية الغاء جميع اشكال التمييز ضد المرأة (التي ابرمها لبنان سنة 1996)، المتعلقة بمنح المرأة حقا متساويا لحق الرجل لجهة اعطاء الجنسية لاولادها، كما تحفظ على البند الاول من المادة السادسة عشر المتعلقة بالاحوال الشخصية".


ورأت "أن التمييز ظاهر في كل المجالات في لبنان في القانون والعمل، وفي حياة المجتمع الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية"، معتبرة "أن المثل الاكبر على ذلك هو مشاركة المرأة في الحياة البرلمانية إذ لا تزال مشاركتها في لبنان هي من اضعف النسب 3,2%، وان النساء هن الاكثرية بين الاميين في لبنان، اذا ان معدل الامية للنساء لا يزال ضعف معدل الرجال".

طربيه بدوره اكد طربيه "أهمية الإنتقال إلى الدولة المدنية وإلغاء كل أشكال الطائفية لأننا لن نبني وطنا إذا استمرت القواعد الطائفية"، لافتا "إلى أن الزواج المدني يجب أن يكون إلزاميا والزواج الديني اختياريا، مؤيدا "اقتراح البطاقة الخضراء لأنه حل مرحلي في انتظار الإنتقال من النظام الطائفي إلى الدولة المدنية الشاملة".