بقرادوني في ندوة "ماذا تريد سوريا من لبنان": في الصراع الإقليمي... مصلحتنا فقط مع دمشق
السفير، الخميس 3 حزيران 2010
بقلم غراسيا بيطار
تحول السؤال في ختام ندوة مركز عصام فارس «ماذا تريد سوريا من لبنان؟» الى زوبعة من علامات الاستفهام عن ظروف ولادة لبنان. «الضليع» في العلاقات اللبنانية السورية كريم بقرادوني يصفها بـ«الأصعب» و«الصقر» في مقاربتها فارس سعيد يعيدها الى عظة الأب ميشال حايك بعد 11 أيلول 2001 «نريد أن نكون نحن نحن». وما بينهما إكتفى مدير المركز السفير عبد الله بو حبيب بتسليم الحوار بداية، لكنه «استُفز» في ختامه على ما يبدو فجزم: «الولايات المتحدة لا تحرك جيشها إلا من أجل إسرائيل والخليج». وقال أحد الحضور معارضاً: «لنتحد إذاً مع سوريا». فضحك سعيد: «بلا استنتاجات واهية». وعلق بقرادوني: «عندما لا يمكنك أن تكون سويسرا عليك أن تختار بعقلك وليس بقلبك علاقات لبنانية سورية مبنية على أساس التعاون وليس التناقض».
في مطالعته غير المطبوعة، آثر بقرادوني مقاربة السؤال باستبداله «ماذا يريد لبنان من سوريا؟». لكنه عاد والتزم بالسؤال الأصلي ليؤكد أن «العلاقات اللبنانية السورية إتسمت بسوء الثقة منذ الاستقلال، حيث كان المطلب السوري العلني ضمّ لبنان ثم تدرج الى «الوحدة» ليصل الى «التلازم»، منذ مرحلة الأسدين الى اليوم، والذي ترجم بالوثيقة الدستورية الموقعة بين سليمان فرنجية وحافظ الأسد مروراً بالطائف وصولاً الى القطيعة بعيد اغتيال رفيق الحريري فالعودة المتدرجة بعد انتخاب ميشال سليمان». وفي هذا السرد التاريخي رأى أن «أي قطيعة بين البلدين تؤدي الى عدم استقرار في لبنان والى حروب لبنانية لبنانية».
ولم ينف بقرادوني النظرة السورية التاريخية «المريبة» للبنان كـ«ممر للنفوذ الأجنبي اليها ومقر يشكل خطراً على النظام السوري». واعتبر أن من واجب لبنان في هذا الشأن هو «تطمين سوريا»، لافتاً إلى أن أي مقاربة تعادل بين سوريا وإسرائيل هي «ساقطة»، «ففي الصراع الإقليمي موقع لبنان الطبيعي هو الى جانب سوريا وحتى في الصراع العربي العربي قد يحاول أن يكون على الحياد أو توافقياً ولكن استقراره ومصلحته تقتضيان أن يكون على تفاهم مع سوريا ولو في مواجهة مصر أو غيرها من الدول العربية». وخلص الى أهمية إرساء علاقات متوازنة بين البلدين «فالغموض يصبّ لمصلحة القوي أي سوريا».
وقبل أن يقرأ مطالعته المطبوعة، استحضر سعيد ذكرى «استشهاد سمير قصير». «حركة 14 آذار انتهت الى الكراسي» قال له أحد الحاضرين. رفض المقولة مسلسلا قافلة الشهداء وواعداً صاحبها بأن «أرسل اليك «إيميل» بالبيان الذي أعقب اغتيال الحريري». ثم إستفاض في شرح «العلاقة اللبنانية السورية، خصوصا المسيحية السورية المحكومة بسوء تفاهم عميق تعود أسبابه الى المرحلة الاستقلالية الأولى». وتحدث عن دمشق في الوعي السوري «قلب العروبة النابض» وبيروت في الوعي اللبناني «جسر العبور بين الحضارات»، متوقفاً عند معادلة قرنة شهوان والكنيسة المارونية القاضية «باختيار الوحدة الداخلية الإسلامية المسيحية بدلا من الاستقواء بسوريا على أي فريق داخلي».
وقال سعيد إن سوريا أضاعت الفرصة أمس ولكننا «اليوم أمام فرصة اختبارية جديدة لتصحيح العلاقات الثنائية، ترتكز على مساع داخلية وإقليمية ودولية». لكن دمشق، برأيه، محجوزة بين مشهدين: الأول هدفه إسقاط نظام الإستكبار العالمي والثاني يسعى الى حل عادل ودائم لأزمات المنطقة تنخرط فيه سوريا. وأما المطلوب فهو «التضحية من أجل سلام مرتكز على المبادرة العربية وحقوق الشعب الفلسطيني وليس الإصرار السوري على أن يستخدم لبنان مجدداً ساحة صراع مفتوحة في المنطقة».
وخلص سعيد الى التساؤل: هل يمكن اليوم البحث عن معادلة تحمي مصالح البلدين من خلال بناء مشرق عربي حديث؟ سؤال قد يجد جوابه في استكمال المركز لهذا الموضوع عبر مقاربة سورية هذه المرة، مع ندوة في 16 الجاري للدكتور سمير التقي من مركز الشرق للدراسات الدولية في دمشق والباحث الاقتصادي السوري سمير سعيفان.