انقضت الانتخابات البلدية وبقيت ذيولها. في بعض المنازل، وقف الشقيق ضد شقيقه. وداخل القرى ترشح الأنسباء ضد أنسبائهم. وفي مدن كثيرة حصلت خناقات. هل تبرر الانتخابات ذلك? والناس، أصلاً، تعتبرها تسابقاً على الخدمة العامة. والسياسيون العظام أرادوها طريقاً الى الإصلاح السياسي. أليست البلديات (حكومات مصغَّرة) في المدن والقرى? أليس المخاتير لخدمة المواطن وأداء الواجبات الاجتماعية لهم? نائب رئيس مجلس الوزراء السابق، كان يرئس معظم اللجان الوزارية. وكان يجمعهم في مكاتبه في (الصوفيل). ويضع في تصرفهم العلماء للإفادة من خبراتهم. وعندما غادر البلاد، لم يترك إرادة الخير عنده، تغادر لبنان. غادره مرغماً، وقرفاً، واحتجاجاً على إقامة السدود، لا على مجاري الأنهر، بل في وجه قيامة الدولة. من أجل ذلك أوصى دولته بالتوافق. ووضع ثقله ووزنه وعقله، لتغليب إرادة التوافق على أسباب التصلب. والناس، التي عرفت عصام فارس رائد محبة، ووجدت فيه رمزاً للإرادة الواعية، تجاوبت معه ولبَّت دعوته التوافقية. ***
عصام فارس رجل معطاء. وفلسفة العطاء عنده خدمة الناس. هو قريب لا بعيد. أحبَّ عكار ويتفانى في خدمتها. ها هو يستعد لاستضافة فرع لجامعة البلمند في رحابها. رعى ويرعى مواهب الشباب. تعهدهم ويتعهدهم في الجامعات والمعاهد. هموم العائلات المستورة، تلاحقه. يردّ عنها الأمراض حيناً، ويكافح الحاجة عندها دائماً. ومَنْ كانت مآثره وآثار أعماله، في كل جامعة في لبنان، كان من الطبيعي أن يسعى وينجح في مساعيه التوافقية. عصام فارس أراد البلديات فرصة للعطاء العام، لا مناسبة للخلافات الخاصة. ***
عندما عاد الجنرال ديغول الى الحكم، ضاق ذرعاً بما كان يحدث في أيام الجمهورية المهترئة. خصوصاً، عندما كانت الحكومات تتألف قبل الظهر وتستقيل عند المساء. ووجد الحل في الجمهورية الخامسة. واشترط على مَنْ يريد أن يعمل وزيراً، أو يصبح نائباً أن يمر في امتحانين: الأول: أن يترشح لرئاسة البلدية. والثاني: أن يعمل مختاراً. جاك شيراك كان عمدة باريس، قبل أن يصبح رئيساً للوزراء، ومن ثم رئيساً للجمهورية. وصار الوزراء رؤساء لبلديات المدن. لم ينقض هذا الاصلاح، لا الرؤساء الديغوليون من بومبيدو الى جيسكار ديستان. ولا خرج عليه فرنسوا ميتران. السباق الديمقراطي حلو ومفيد. لكن في هذه المراحل الدقيقة فإن التوافق قدر لبنان. *** وعندما نجح التوافق، امتدّت اللوائح التوافقية، الى معظم المناطق. أصبح التوافق على رئاسة البلدية، هو الحلّ المرتجى. قسّموا الولاية الى نصفين. 3 سنوات لفريق وثلاثة للفريق الآخر. وطبّقوا (النسبية) على الجميع، قبل أن تصبح قانوناً. من أجل ذلك، رحّب اللبنانيون، بدعوة البطريرك صفير الى ازالة الموانع التي تحول دون عودة الأصالة والمحبة والوحدة الى لبنان. ... وليعود عصام فارس الى جمهوره.