ثلاث سنوات على ولادة «دبابة التفكير»
عصام فارس لن يعود إلى بلد «ما بيشتغل إلا سياسة»
غراسيا بيطار
في زمن الحوار وأبوابه المفتوحة بصرف النظر عن مدى خصوبتها، يبدو تحدي أي مركز للدراسات، لحجز موقع له في فترة زمنية قصيرة أمراً صعباً. وربما لذلك اختار «مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية» دخول المعترك الحواري في لبنان على سطح «دبابة». إنه التعريف الحرفي لبذور ولادته كـ«خلية تفكير» أو «بيت الخبرة» أو «دبابة تفكير» Think Tank والتي تعود الى ربيع عام 2006 في جلسة جمعت في الخارج نائب رئيس مجلس الحكومة الأسبق عصام فارس ونجله نجاد والسفير عبد الله بو حبيب.
نجاد فارس: «لم أجد في لبنان مثل هذا النوع من المراكز». عصام فارس:«أنا مستعد للمشروع فهل أنت جاهز يا عبد الله؟». عبدالله بو حبيب:«أنا جاهز.. فلنحاول».
منذ حزيران 2007 أعطى فارس «كارت بلانش» لسفير لبنان الأسبق في واشنطن كمدير لـ«مؤسسة مستقلة وحيادية ووطنية ومنبر يستقبل رجال الفكر والأكاديميين وشخصيات قيادية تنتمي الى مختلف التيارات والاتجاهات والمعتقدات لمناقشة التحديات اللبنانية ذات الصلة بالسياسة الخارجية والشؤون الداخلية المتعلقة بالدولة اللبنانية والمواضيع الدولية التي تشغل بال العالم كالإرهاب والعنف والمخدرات والفقر والعولمة وغيرها».
يطفئ المركز هذا الشهر شمعته الثالثة. في ذهن عصام فارس ولد في الخارج وينمو في الداخل. لكن «دولة الرئيس» يتابع مراحل «نموه» بدقة. كل الندوات والمؤتمرات ترسل اليه عبر البريد الإلكتروني أو في الكتيبات الخاصة والكتب التوثيقية أو يتفحصها عبر الموقع الإلكتروني للمركز: www.if-cl.org .
«زهرت» فكرة نجاد من دون أن تثمر حتى الساعة إقناعاً لفارس بالعودة الى لبنان. «في لبنان العمل الوطني ضعيف ويغلب عليه العمل السياسي و«دولته» يجهد في العمل في الوطنيات والخدمات وحالياً ليس مطروحاً لديه التفكير في خوض أي استحقاق انتخابي أو في تسلم أي منصب رسمي»، يقول بوحبيب، مشيراً الى ثلاثة مضامير يخدم فيها فارس وطنه: «مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية»، «مشاريع عكار» و«مؤسسة عصام فارس» التي لها أياد بيضاء في قضايا تربوية واقتصادية وحياتية عدة.
ولعل لون تلك الأيادي وصل صفاؤه الى حاضرة الفاتيكان فقرر البابا بنديكتوس السادس عشر تقليد فارس وساماً بابوياً رفيعاً. هذه «اللفتة» التي تعني الكثير لمن لديه الكثير تقررت من قبل وأما موعدها فحدد في زيارة البطريرك الماروني نصرالله صفير الحالية الى باريس.
يستقبلك مستشار المركز الدكتور رغيد الصلح بوجهه البشوش. إسم على مسمى. يستذكر الصداقة «الكتائبية» «البعثية» التي جمعتهما هو وبوحبيب على مقاعد الجامعة الأميركية. يتحدث عن المركز:«أراده عصام فارس أرضاً للحوار بين اللبنانيين وهو اكتفى بإعطاء الضوء الأخضر».
في مبنى «طيار» في سن الفيل وقع خيار إنشاء المركز، وتحديداً في الطابق الذي كان يديره بول سالم كمسؤول عن LCPS المركز اللبناني للدراسات السياسية. عادت «الوديعة» الى فارس فأحالها الى بو حبيب وبدأ المركز يشق طريقه بين منابر الحوار بذراعين: الأولى «منبر الحوار» أي الندوات التي تحرص على تسليط الضوء على القضايا الآنية على الساحة السياسية والندوة «الطازجة» التي يتم التحضير لها في أواخر الشهر ستكون عن «الاندفاع التركي والانكفاء العربي في مسألة أسطول الحرية» وسيحاضر فيها كل من رفيق خوري وطلال سلمان وغسان بن جدو وجهاد الزين.
يعير المركز أهمية للأرشفة إذ أصدر، وفي تقليد أراده سنوياً، ندوات عام 2008 في كتاب تحت عنوان:«لبنان أزمات الداخل وتدخلات الخارج» التي تتضمن مداخلة 37 محاضراً في الملفات الداخلية والخارجية المؤثرة على لبنان. وكتاب الـ2009 هو قيد التحضير حالياً تحت عنوان «عام الأزمات والتغيير» ويضم 24 ندوة وطاولة مستديرة طوال العام الماضي.
أما الذراع الثانية، فهي المؤتمرات التي تنطلق استناداً الى ورقة خلفية يطلب المركز من أحد المتخصصين وضعها في موضوعات مختلفة، كصناعة الرؤساء في لبنان والنظام اللبناني بين التوافقية والأكثرية والتجربة السويسرية والمخيمات الفلسطينية وغيرها. ويشير مساعد مدير المركز الزميل ميشال بو نجم الى أنه يتم التحضير حالياً لمؤتمرات عدة منها: العلاقات اللبنانية السورية، إحياء الدور المسيحي في المشرق العربي، الإسلام والديمقراطية في نماذج تركيا وإيران وأندونيسيا وماليزيا، وقانون الانتخاب.
المركز لا يدّعي أنه يطرح حلولاً «إنها محاولة للتأثير في صناع القرار فلا تبقى الموضوعات الشائكة ضمن دائرة المعنيين بها فقط»، يقول ميشال بو نجم.
رواد المركز، تزداد أعدادهم بقدر ما يشعرون بضيق القاعة التي تنظم فيها الندوات والمؤتمرات، وهذا ما دفع الى «التوسيع» والموعد بعد بضعة أشهر مع افتتاح طابق آخر لاحتضان النشاطات تحت عنوان «مركز مؤتمرات عصام فارس» الذي يتسع الى حوالى 50 شخصاً.