مقترحات عَمَلية لحل معضلة المخيمات الفلسطينية في لبنان
السفير- 22 حزيران 2010
الوضع في المخيمات شكَّل أحد أبرز اهتمامات «مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية» الذي وعى خطورة هذه القضية وسلّط الضوء عليها في إطار السعي لاستشراف حلولٍ شاملة لها، انطلاقاً من إيمانه بأنَّ استمرار الأوضاع في المخيمات الفلسطينية على ما هو عليه سيؤدّي إلى تدهورِ الأوضاع فيها وتعميق الهوّة بين اللبنانيين أنفسهم وبينهم وبين الفلسطينيين وزيادة منسوب الخطر الأمني المنطلق من المخيمات. وبدأ المركز التحضير منذ عامين لمؤتمر «المخيمات الفلسطينية في لبنان» الذي عَقده في تشرين الثاني من العام 2009، بمشاركة أطيافٍ متنوعة من خبراء وناشطين فلسطينيين ولبنانيين.
استند المركز في مقاربته ومقترحاته على أنَّ أيَّ معالجةٍ جذريةٍ وهادفة وعملية لوضعِ المخيمات الفلسطينية في لبنان يجب أنْ تأخذ بعين الإعتبار كل الجوانب مجتمعةً وتنطلقُ من السعي لتحقيقِ حلٍ متكامل لإنهاء هذه المعضلة الإنسانية بما يحافظ على مصلحة اللبنانيين ويزيل الهواجس المشروعة لفئاتٍ كثيرة منهم وفي الوقت نفسه يسمح بتخلص اللاجئين الفلسطينيين من وضعهم المزري والحصول على حقوقهم من ضمن السيادةِ والقانون اللبنانيَين.
على خلاف معظم ما يحصل في النقاش الدائر في شأن قضية المخيمات واللاجئين الفلسطينيين في لبنان من تحميل الدولة اللبنانية أو الأفرقاء الفلسطينيين مسؤولية وضع المخيمات، أكد المركز في خلاصة مقترحاته أن المسؤولية الرئيسية في معالجة الملف الإنساني والاجتماعي والاقتصادي لمخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان تقع أولاً على عاتق المجتمع الدولي والأمم المتحدة، التي أقرت تأسيس دولة إسرائيل بموجب قرار تقسيم فلسطين رقم 181 الصادر عام 1947 والذي أدَّت تداعياتُه إلى نكبة عام 1948 وتهجير اللاجئين إلى الدول المجاورة. كذلك شدد على انَّ الأمم المتحدة مسؤولةٌ عن مصير اللاجئين الفلسطينيين بموجب قرار الجمعية العمومية رقم 194 في العام 1948 الذي أقرَّ بحق اللاجئين بالعودة إلى ديارهم والذي لا تزال إسرائيل ترفضُ تطبيقه، وقرار تأسيس وكالة «الأونروا» رقم 302 لعام 1949 الذي كلفها غوثَ اللاجئين وتشغيلهم بما يؤدي إلى تلافي حال البؤس بينهم ودعم السلام والاستقرار.
استناداً إلى هذا الواقع، دعا المركز منظمة «الأونروا» في لبنان، باعتبارها المسؤولة الرئيسية عن شؤون مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، إلى أن تبادر إلى وضع خطة إنقاذ عملية وجذرية، تنهي حالة «الغيتوهات» السائدة في المخيمات منذ أواخر الستينيات، وتخضعها للسلطة والقانون اللبنانيين وجعلها مساحات للحياة الإنسانية الكريمة، وذلك بالتنسيق مع هيئات ومنظمات الأمم المتحدة المعنية والمختصة، وباشراف الدولة اللبنانية والفصائل الفلسطينية وموافقتها. إن خطة الإنقاذ المقترحة يجب أن تهدف الى تحويل المخيمات من «غيتوهات» منعزلة عن المجتمع اللبناني وبؤر يلفُها البؤس وينمو فيها الارهاب والتنظيمات الاصولية وتكثرُ فيها الأعمال المخلّة بالأمن إلى مساحات للحياة الكريمة والفرح والتفاعل الاجتماعي، وإلى العمل على إعادة تأهيل البنية التحتية للمخيمات والتركيز على معالجة الأوضاع الإجتماعية فيها، على أن يشمل ذلك شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي والمدارس والمستوصفات وغيرها من مستلزمات العيش الكريم، إضافة إلى تأهيل كادرات فلسطينية وتدريبها لتلبية حاجات سكان المخيمات في الحقول الاقتصادية والخدماتية المختلفة. وشددت المقترحات الموجهة إلى «الأونروا» على ضرورة الإعداد لمؤتمر دولي تشارك فيه الدول المانحة، للنظر في خطة الإنقاذ الإنمائية التي تقترحها «الأونروا» والمساهمة في بلورتها بصورة نهائية وجمع الأموال اللازمة لتنفيذها.
تطرقت مقترحات مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية إلى جملة من الإجراءات الرامية إلى تسهيل أوضاع اللاجئين الفلسطينيين، ومنها مبادرة السلطة الفلسطينية إلى العمل مع الدولة اللبنانية على تصحيح الوضع القانوني للاجئين الفلسطينيين في لبنان، بحيث يصبح بإمكانهم حيازة جواز سفر فلسطيني أو وثيقة تعادله تصدر عن السلطة الفلسطينية، بموافقة السلطات اللبنانية المختصة.