تكريم فارس في عكار مؤشر لعودته أو لأمر آخر نقاش سياسي يدور حول مفاعيل غيابه وتأثيراته
جريدة اللواء- 15 تموز 2010
يغيب نائب رئيس مجلس الوزراء السابق عصام فارس عن عكار ولبنان، ولو بقيت مؤسساته حاضرة بنمط محدود من التقديمات مقارنة مع مسار فارس بالامس القريب اي قبل العام 2005، حينما اختار فارس المغادرة دون العودة الى لبنان، ولو تابع عن كثب بواسطة جناحيه العميد وليم مجلي والسيد سجيع عطية المستجدات وبمن معهم من اجهزة بشرية واعية حاضرة على مدار الساعة ترقب كل المستجدات بكثير من الأمانة والحرص· وبالطبع يتابع عصام فارس كل هذه الامور باهتمام ينعكس المزيد من الجهد على الأطراف المعنية في مؤسساته في جونيه وفي حلبا ومن ثم بينو - ويستخدم فارس المعطيات التي تجمعها اجهزته البشرية في لبنان بشكل جيد في خلال اتصالاته ولقاءاته السياسية التي تحصل في معظمها في موناكو حيث تتعدد المواعيد واللقاءات بين فارس وشخصيات سياسية عدة، ولكن كل ذلك لم يدفع فارس الرجل الى العودة الى لبنان والعودة الى معايشة يوميات يفترض انه كان يشعر خلالها بكثير من المتعة·
واليوم وفي ظل هذه الهجرة لفارس يثير المتابعون من الشماليين واللبنانيين هذه المسألة بشيء من الفضول تارة وبشيء من الحيرة تارة اخرى، والسؤال الأبرز الذي يطرحه هؤلاء هل ان فارس اختار البعد قراراً نهائياً متأثراً بسلوك ابناء عكار اولاً ثم بأداء بعض من أصدقائه السياسيين الذين ربما خيبوا آماله في وقت ما؟ وهل ان زيارات نجله نجاد فارس الى لبنان هي الرسالة الضمنية بأنه اختار الابتعاد نهائياً وانه يهيئ نجله لممارسة الدور المفترض في عكار ولبنان استكمالاً لخطة كان قد وضعها في السابق لحضور متقدّم في الحياة السياسية في عكار ولبنان·
بالطبع لم يجب عصام فارس على الأقل بطريقة مباشرة على حيثيات الأسئلة المطروحة من قبل المتابعين في لبنان، وهو دائماً يقدّم مسألة المتابعة في مواقفه والتحسس الدائم مع ما يحصل في لبنان على مسألة الانتقال مجدداً الى بيروت ويستمر الغياب·
هنا بدت القضية ملتبسة الى ان جاءت المحطة الاخيرة التي كرّمت فيها عكار بمشاركة نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري عصام فارس وبحضور نجله نجاد·
وكانت هذه المناسبات قد طرحت الموضوع المتداول من زاوية اخرى هي زاوية البدء بمعالجة بعض تفاصيل الازمة مع الآخرين فحضور فريد مكاري الذي يمثل تيار المستقبل اساساً راعياً لاحتفال تكريمي لفارس بدا كأنه يعالج جانباً من المشكلة او كاد، خاصة ان عصام فارس كان قد امتنع عن الترشح خلال الانتخابات النيابية الاخيرة وفتح وقتها باباً ضيقاً من الحوار مع القوى المعنية، وربما ساهم ذلك بإيصال النائب نضال طعمة الى مجلس النواب وهو مدير ثانوية حلبا التابعة للمطرانية الارثوذكسية في عكار والمقرّب ضمناً من عصام فارس·
وأمكن للبعض ان يقرأوا في ما حصل تطوراً مهمّاً لكنه عاد وتراجع مع انطواء صفحة في تكتل لبنان اولاً ليعود السؤال المباشر عما اذا كان فارس قد قرر احالة ملف الحضور الى لبنان لنجله وما اذا كانت الرسالة الاخيرة التي قرأها البعض برعاية مكاري للمناسبة، تتضمن الشروع بتواصل مباشر هذه المرة مع تيار المستقبل وتولي نجله الافادة من ذلك وصولاً الى استحقاقات معينة·
بالطبع يصعب اليوم الاجتهاد مع صمت فارس الا ان السؤال المطروح هو هل ان قيمة عصام فارس تنحصر بضرورة حضوره الى عكار؟
لعله من البديهي القول ان معاودة عصام فارس الحضور الى لبنان ستعيد الزخم الذي يحدثه فارس في جانب معين من الحياة السياسية المسيحية في عكار والتي يطغى عليها اليوم عن غير قصد الحضور من جانب واحد، القوي لتيار المستقبل·
وفي جانب آخر من الملف نفسه يفترض بأن حضور فارس من شأنه ان يفتح مجالاً آخر لمسار الامور فيما الممارسة الانمائية ماشية مع جهود سجيع عطية الذي يترجم بقدرة ملحوظة رغبات عصام فارس وامنياته· لكن يبقى السلوك الانمائي امر والسلوك السياسي امر آخر·
ويفترض بالنقاش السياسي ان يبدأ من حيث انتهى اي من مسألة الشراكة السياسية والتنوع السياسي في عكار التي تحتاج ذلك لمزيد من الوفرة في اغناء مفاصل الحياة العامة ثم في سبيل جهود اضافية قد تبذل من خلال التواصل الذي يعطي لمختلف الامور قيمة اضافية، خاصة ان تيار المستقبل منفتح للآخر وهو معني بمسألة الحوار اكثر من غيره وهل ان النقاش بدأ؟
قد يبقى الحفل الذي اقيم في عكار محصوراً في مناسباته، وقد يأخذ المنحى السياسي الذي اشرنا اليه، الا ان، وفي كلتا الحالتين يبدو فارس هذه المرة امام اسباب ملزمة لعودته الى لبنان، او على الاقل لعودته الشخصية ومعايشته المواسم التي يحبها ومنها اعياد يفضّلها ويهمه تمضيتها في عكار·
واليوم يفترض بتواصله مع الرئيس الحريري ومع غيره ان يتطور الى تواصل اكثر تأثيراً وصولاً الى استعادة الدور الحاضر بدلاً عن الدور المتابع·
ويعود اليوم بعد الكثير من المعطيات لفارس ان يحدد طبيعة خطواته المقبلة والتي يحددها هو وحده دون سواه·
محمد الحسن