مركز عصام فارس للشؤون اللبنانيّة
PrintEmail This Page
في الديار: افتتاح مؤتمر احياء الدور المسيحي في المشرق العربي
26 أيلول 2010

إحياء الدور المسيحي في المشرق العربي



الديار- 26 أيلول 2010


افتتح مؤتمر «احياء الدور المسيحي في المشرق العربي» الذي نظمه مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية اعماله، العاشرة والنصف من قبل ظهر أمس في قاعة عصام فارس في الجامعة الاميركية في بيروت، في حضور وزير الاعلام طارق متري ممثلا رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئىس الحكومة سعد الحريري، النائب ياسين جابر ممثلا الرئيس نبيه بري، النائب البطريركي العام سمير مظلوم ممثلا البطريرك مار نصرالله بطرس صفير، مدير مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية السفير عبدالله بو حبيب ووزراء ونواب حاليون وسابقون وشخصيات سياسية واجتماعية ودينية واعلامية.

بعد النشيد الوطني، القى السفير بو حبيب كلمة عصام فارس فحيا المشاركين في المؤتمر، وقال: «مما لا جدال فيه ان الحضور المسيحي في المشرق العربي يتراجع يوماً بعد يوم، واسبابه عديدة ومتفرعة».

وأضاف: «في غمرة موجات التطرف والتصعب والاستفزاز والكراهية ما يمكن ان يسمى احيانا «بالارهاب الديني» الذي يغزو العالم، وفي ظل الاستنكار العارم للعدوات والممارسات المشينة ضد اي دين من الاديان، لا بد من تأكيد حق كل ديانة بتمسك اتباعها بخياراتهم الحرة في معتقداتهم وشعائرهم والتعبير عنها وفقا للقيم والمبادىء الاخلاقية التي هي جوهر انسانية الانسان».

وتابع: «اما في لبنان فأخال ان اللبنانيين بأكثريتهم الساحقة، مسلمين ومسيحيين، مؤمنون بان هذا الوطن اذا خسر تنوعه الايماني والثقافي والحضاري، واذا فقد حرية انسانه الفردية فانما يخسر مبرر وجوده وديمومته لان هذا اللقاء الفذ بين اديانه ومذاهبه وهذا التفاعل الخلاق بين معتقدات ابنائه، هو الذي يعوض عن مساحته وعدد سكانه ويحوله الى وطن ذي دور ورسالة».

مظلوم
واعتبر المطران مظلوم أن «قضية متطلبات احياء الدور المسيحي في الشرق شائكة والدليل على ذلك تخصيص سينودس من اجل مسيحيي المنطقة وهذا يدل على دقة وضعهم»، مشيرا الى أن عمل الكنيسة والسينودس يندرج في هذا الاطار ويقوم على التوجه الى الضمائر والتحفيز على قناعات لا على قرارات ملزمة». واشار الى أن «غياب بعض من مفاهيم السلام والاستقرار وحقوق الانسان والازدهار والحرية والديموقراطية يؤدي الى الهجرة التي تطال عددا كبيراً من ابناء الشرق ولاسيما المسيحيين منهم».  ولفت الى الانعكاس السلبي للهجرة على المسيحيين لان عددهم اقل ولان التهميش يضرب الاقليات وبسبب سعي الحكام الى استرضاء الاكثرية».

واشار الى ان النخب الحاكمة في العالم العربي ادت الى انصهار المجتمع في قالب ايديولوجي واحد فبعدما كنا نرى المسيحيين في مناصب رفيعة ايام كان السود الاميركيون لا يتمتعون بحق دخولهم الى مطاعم البيض اخذ الحضور المسيحي يتلاشى في وقت انتخب الشعب الاميركي باراك اوباما رئيساً.  واوضح أن «متطلبات الحضور المسيحي في الشرق تبدأ باعادة الاعتبار للتجربة اللبنانية حيث عرف المسيحيون في منتصف القرن الماضي على اعطاء كل الطوائف حقها بتكوين شخصيتها وهذا غير متاح اليوم».
واعتبر ان «هذه المتطلبات ليست صعبة التوافر اذا ما توافرت النوايا الحسنة قائلا: «لماذا لا تتخذ في الجامعة العربية أو غيرها».  واضاف «تجربة القضية الفلسطينية والعراق وما ادوا اليه من هجرة الاقليات المسيحية خير دليل على الانعكاسات السلبية للسياسات في المنطقة التي ادت الى بروز تيارات راديكالية».

الجلسة الاولى

ثم التأمت الجلسة الاولى بعنوان «تراجع الدور المسيحي في الشرق العربي» وادارها الاستاذ انطوان سعد، وحاضر فيها الدكتور كمال صليبي عن «التراجع المفترض للدور المسيحي في العالم العربي»، معتبرا أن «الموضوع الذي يجب ان يطرح هو كما هو مصير العرب كشعب تاريخي في حال زوال التعارف من بينهم مع الآخر بالاعتبار ان مثل هذا الزوال للنصارى العرب امر يمكن تخليه؟

متري

كما تضمنت الجلسة الاولى ندوة تحدث فيها الوزير متري، الذي قال: «أول ما يثار في بحث كالذي نقوم به هو المسألة الديموغرافية. ويرى البعض ان التناقص في اعداد المسيحيين، بفعل الهجرة او غيرها من الاسباب، ينذر باضمحلال الوجود المسيحي. غير ان فئة أخرى، اكثر اطلاعا على الارقام لا ترى الأمر بصورة هذا الافتراض، وان سألت سؤال الباحثين كسوف ام أفول؟ فمن المعروف ان الحقبة الممتدة من ربع القرن التاسع عشر الأخير حتى ربع القرن العشرين الاول كانت مؤاتية لتزايد المسيحيين السكاني في المنطقة حتى أن نسبتهم الى مجموع السكان في البلاد التي تشتمل اليوم على سوريا ولبنان وفلسطين والاردن بلغت، بحسب احصاءات متوفرة من عام 1914، ما ينوف على الربع. غير انها تدنت على امتداد القرن. والتقديرات الجدية تشير الى أن هذه النسبة تدنت اليوم الى 10%».

فحص
وتحدث السيد هاني فحص عن الحضور المسيحي العربي «اليقظة المتأخرة»، عارضا لأوضاع المسيحيين في لبنان ومصر والسودان والعراق وفلسطين، وقال: لنكف عن المجاملة وتشكيل وفود اسلامية تشكر للمسيحيين موقفهم من محاولة احراق المصاحف. لنعتقد وتصبح لدينا عقيدة بأن المسيحيين ضرورة اسلامية وان حمايتهم وحيويتهم وحضورهم وحريتهم مسؤولية اسلامية ايضا حتى لا يتنصل المسيحيون من مسؤوليتهم عن كل المشتركات ويكون المسلمون قد تنصلوا من مسؤوليتهم عن انفسهم واسلامهم ضمنا».

واضاف: «يبدو لي ولكم قطعا، ان الدولة المدنية دولة الافراد، كانت هي الحل لانها تحفظ الجميع بالجميع للجميع، وتسهل تشغيل الدين في حراسة المدينة والمدينة في صيانة الدين، على اساس المواطنة والحرية تحت سقف القانون، وما زالت هي الحل ولكن قد يكون الاوان قد فات ليصدق علينا المثل العربي «الصيف ضيعت اللبن». ودائما يمكن الاستدراك من تمادي تضييع المسيحيين وإنفار المسلمين من مصدر عظيم من مصادر حيويتهم غير ان الاستدراك لا يتم بالرق والتعاويذ والخطب والادعية والمساعدات العينية والقداديس، مع احترامي لذلك كله، فلا بد من مأسسة العمل ورفعه الى مستوى مؤسسة قابضة وناظمة لحركة الورش المتخصصة في ما يعود الى الدمج الاجتماعي وتحصين التعدد بالوفاق، واللبنانيون مسؤلون اكثر من غيرهم عن تقديم المثال لائتلاف المختلف بعد الفصال لانهم هم الذين قدموا المثال السلبي.

عبد الفتاح
كما ألقى مدير مركز تاريخ الاحرار رئيس تحرير «الحالة الدينية» في مصر الدكتور نبيل عبد الفتاح كلمة عن «تراجع دور المسيحيين العرب في المشرق العربي مثال الحال المصرية: «مقاربة الاسباب» وقدم دراسة عن اسباب تراجع دور المسيحيين ومحاولة تفسيره دورهم المعتقل في ظل النظام الناصري، عنف الاسلام الراديكالي واسلحة المجال العام.

جدعان

وقدم الدكتور فهمي جدعان من الاردن ورقة بعنوان «إحياء الفاعلية المسيحية»، طالب فيها «بتصويب النظر الى وقائع نوعية تسهم في رد الامور الى نصابها لاغلاق الابواب التي تعبر منها مسوغات القلق والخوف والهجرة والرحيل لدى المسيحيين، وحددها «باستراتيجيات يدعى الى تطبيقها الافراد والمجتمع بكامل هيئاته ومنظماته ومنها الاستراتيجية المعرفية التذكارية وهي ان يدرك العرب جميعا، مسلمين ومسيحيين الوقائع التاريخية والجغرافية والعقيدية وإرساء دعائم المواطنة وتحقيق قواعد مجتمع مدني ديموقراطي حقيقي سيفضي بكل تأكيد الى تغيير المعادلة الكبرى التي تتمثل في التقابل بين «الغرب الجاذب» وبين «الشرق الطارد» هذه المعادلة ليست حلا لهجرة المسيحيين الغرب وحدهم من بلدانهم العربية الى الغرب، وانما هي تمثل ايضا حلا لهجرة المسلمين العرب من بلدانهم العربية الى الغرب لاسباب يمكن الاشارة اليها والتدليل عليها: الضائقة الاقتصادية وطلب الرفاهية، الاستبداد السياسي وقمع الحريات والكرامة الانسانية، ضيق فسحة الامل والرجاء في حاضر ومستقبل سعيدين للاباء والامهات والابناء».