مئات اللبنانيين، بل الآلاف مثلي، كانوا يتمنون عودة عصام فارس نائباً لرئيس الحكومة، وايضاً وزيراً لخارجية لبنان، لا وزيراً للدفاع فقط. لعصام فارس ميزات كثيرة أولها، بعده العالمي، والاميركي تحديداً، وهو القادر على تحديد أطر الحصار أو العقوبات اذا ما قررت حكومة لبنان مواجهة الشرعية الدولية بإلغاء بروتوكول التعاون مع مجلس الأمن في ملف المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، وهو ربما الهدف من الإتيان بهذه الحكومة التي ستكون حتماً من لون واحد، ومن دون ثلث معطل يسمح بتلافي أو بالتصدي للقرارات السورية – الايرانية الطابع.
ولعصام فارس حكمته ورؤيته الأوسع من حدود طريق الشام، وساحة طرابلس، وطريق المطار. فالرؤية من بعيد تختلف كثيراً من تلك التي لدى الغارقين في وحول السياسة اللبنانية، وبالتالي يمكن فارس عقلنة مسار الحكومة.
وفارس رجل مقتدر مالياً، بعيد من أولئك الطامحين الى توفير مخزون مالي من مواقعهم يقيهم نوائب الدهر، وهو تالياً قادر على الخدمة بتجرد، ومن دون مصالح شخصية نفعية تحرك آخرين.
ولنائب رئيس الحكومة سابقاً، فريق عمل متخصص، قادر على دراسة كل الملفات بدقة، بما يمنع جنوحه والغير الى قرارات غير صائبة، وهذا الامر حاجة ملحة في مجلس وزراء يثقل جدول اعماله بثمانين أو مئة بند في الجلسة الواحدة، فيصير الوزير غير عابئ الا بتمرير القرارات التي تخص وزارته أو منطقته أو طائفته، أو تلك الموحى بها من رئيس حزبه أو كتلته، وغالباً من دون الاطلاع على مضمونها أو التمعن فيها.
كنا ننتظر اشارات ايجابية من فارس، ونقول ان التسريبات عن موافقة ممكنة لديه تعطي بصيص أمل، الى أن تأكدنا انه أبلغ رئيس الجمهورية بشكل رسمي، والرئيس المكلف، عدم رغبته في المشاركة.
والأهم من القرار نفسه، انه على عادة فارس، لا يقرر وحيداً، بل يعتمد النهج التشاوري ليأتي قراره صائباً ولا عودة عنه ولا ندم عليه. فقد جمع عائلته الى مستشاريه ليتداول معهم في الاقتراح، ودام الأخذ والرد مدة يومين، قبل أن يصدر الحكم: لا مشاركة، ونقطة على السطر.
هكذا فقدت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي العتيدة، قيمة مضافة، كانت ستعطيها ثقلاً اساسياً، ان في نيابة الرئاسة، أو في التمثيل الارثوذكسي، وبالتأكيد في الرصيد الوطني ذي البعد العالمي.
عصام فارس كان يمكن أن يكون قيمة مضافة للحكومة، لكنه يبقى بالتأكيد قيمة مضافة للبنان