أخبار ونشاطات مختلفة
PrintEmail This Page
الأنوار: إن استنكاف عصام فارس عن المشاركة أحدث فجوة عميقة في التمثيل الأرثوذكسي داخل الحكومة
07 شباط 2011

فؤاد دعبول

انقلاب التكليف لا يمهّد ل انقلاب خيار التأليف وفي المواقف السياسية والعامة
التوافقية والوسطية أمام تجربة جديدة في البلاد
تمهّد لكبح جماح التطرّف واطلاق رياح التغيير العاقل




كان رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، قبل ظهر أمس الأول السبت، حزيناً، كئيباً وبالكاد تظهر الابتسامة على ثغره. وبالكاد أيضا تلوح بشائر الأمل على وجهه. 


هل كان همّ الحكومة يلاحقه؟ هل كان الصراع بين وزراء حكومة تصريف الأعمال، يطارد التفاؤل في نفسه، أم ان العقبات التي تحول حتى الآن، دون التأليف الصعب، بعد التكليف السهل، في الاستشارات النيابية، للرئيس سعد الحريري؟


جلس الرئيس العماد ميشال سليمان على مقعده، واستقبل زواره وهو على استعداد للوقوف على ما عندهم من انطباعات عن الحالة الراهنة. 


بادره أحدهم: لماذا يطوف الحزن في أرجاء القصر الجمهوري، هل يعود ذلك، الى الشروط والشروط المضادة التي ترافق عملية التأليف.  وأجاب فخامته على أسئلة السائل، بنبرة يختلط فيها اليأس بالحزن: هل تريدونني أن أبتسم، والألم يعصر فؤادي، والحزن يلف نفسي. أنا، بطبعي، لا أعرف الابتسامة المصطنعة، ولا أجيدها، أو أرغب فيها، ولا أجدها في مثل هذه اللحظات القاسية على نفسي.


وعاد زواره الى التساؤل: هل تعقّدت قصة تأليف الحكومة الى هذا الحدّ. ماذا في الأجواء، فخامة الرئيس، وأنتم قائد البلاد، رمز الأمل عند العباد؟


وردّ رئيس الجمهورية: حزين أنا في الأعماق، هل تعتقدون أن مسؤوليات الحكم، تذهب بالمشاعر الانسانية عند الحاكم، هناك ضحايا أعزاء، من أقرب الناس اليّ كالشاب عبدالله يوسف لحود إبن بلدتي عمشيت ونجل الصديق عبدالله لحود الذي أعطى احدى أهم شركات الطيران كفايته ونشاطه، والفتاة العزيزة على قلوب أهلها والأنسباء ستيفاني لوقا، من جارتنا البترون والراحل عبدالله يزبك ابن البقاع، وكانوا من بين ضحايا الطائرة التي أقلعت قبل ظهر الجمعة، من مطار الرئيس الشهيد رفيق الحريري الى تركيا، وتحطّمت أو سقطت فوق مدينة السليمانية العراقية وتناثرت أشلاؤها هناك، وكان على متنها نخبة من عائلة لحود العزيزة وسواهم من طاقم الطائرة الصغيرة، وقد هوت بهم هناك، وفقدت البلاد أعزاء من أبناء الوطن.

وصمت رئيس الجمهورية هنيهة، ثم أردف: الأحزان لا تفارقنا، ولا تبارح نفوسنا المكلومة، قبل هذا الحادث المفجع، تلقيت خبر رحيل رفيق السلاح العميد اللواء الركن المتقاعد جورج الهاشم، وهو صديق غالٍ على قلبي، ولا يغيب يوم إلاّ ونفاجأ برحيل عزيز، أو صديق أو مواطن من أبناء هذا الوطن، ان هذه الأخبار المؤسفة، كافية لتأخذ منّا الابتسامة، وتزرع مكانها الأحزان.
ثنائي الوسطية 


وأحبّ أحد الزوار، أن ينقل اللقاء الى أجواء الأمل، ويبارح أرض الأحزان القاتمة، فاستأذن رئيس البلاد - لو يسمح - بالحديث عن السياسة وشؤونها والشجون، فبادره بأن الناس تراءى لها، أو هكذا اعتقدت ان عهده بدأ الآن، بتكليفه الرئيس نجيب ميقاتي، وفقاً للاستشارات الملزمة تشكيل الحكومة الجديدة، لأنه رائد الوسطية وأنتم - فخامة الرئيس - منذ انتخابكم، بعد تسوية الدوحة، تدعون الى الوسطية، وتبشرون بالتوافق بين أهل البلاد والسياسيين، وتحثّون الجميع، على المواقف الوسطية التي ترسخ ارادتكم التوافقية، وتؤدي الى تعميقها في الحياة السياسية. 


وعقب رئيس الجمهورية على كلام الزائر بقوله: قد يتبادر الى أذهانكم، انني سأقول ان عهدي بدأ الآن فعلياً، لأن الرئيس المكلّف يلتقي معي في دوحة الوسطية، لكنني أريد ان أقول ان الرئيس سعد الحريري، وقد جاءت به، استشارات ملزمة بعد الانتخابات الأخيرة، كان مغايراً في تفكيره للوسطية. وقد عملنا معاً، ما نستطيع، لتأليف حكومة وحدة وطنية، لنجمع البلاد على اختلاف آرائها والمشارب، في حكومة واحدة شعارها الأساسي التوافقية وهي لفظة مرادفة ل الوسطية. ونحن في لبنان، بلد ذو طبيعة ديمقراطية، وللسياسيين جميعا حرياتهم في اختيار المواقف، وهذه الحريات من قواعدها الاختلاف ومن أصولها، أن يكون لكل أمرىء رأيه، والاحترام واحترام الرأي الآخر، عنوان نسعى جميعا الى الحفاظ عليه. 


وعاد الرئيس العماد سليمان الى لبّ الموضوع: هذا، لا يعني ولا ينفي غبطتي وفرحي بأن الحكومة السابقة استقالت في ظروف، لكل منّا رأيه فيها، وموقفه من مبرراتها، وخلافاته على نتائجها، إلاّ أن الاستشارات التي أفضت الى تكليف الرئيس نجيب ميقاتي بتشكيل الحكومة المقبلة، لا تبدّد صراحتي بأنني مسرور جداً، لأنه وسطي وتوافقي وهذا في مصلحة البلاد والعباد. 


ولا أحد منّا ينسى ان الرئيس ميقاتي، حرص بعد الانتخابات النيابية الأخيرة، على اقامة ندوات سياسية في طرابلس أو في مينائها، حول فكرة الوسطية، واستضاف فيها كتّاباً ومفكّرين، لتقويم هذه الفكرة وتعميقها في النفوس اللبنانية، وهذا مؤشر الى ايمانه الكبير بالوسطية. ولذلك فانني أعتقد ان البلاد أمام فسحة سياسية لا بد من ان تتسع وتزداد مساحتها، لتنمو هذه النظرية في العقول والنفوس. والتجارب أثبتت ان هذه البلاد، لا يعيش فيها التطرّف، ولا يقوم فيها الرأي الواحد. وهذه هي المنطقة، تدور في غليان، لأن الحرية تتطلب مناخات ديمقراطية، فلا الرأي الواحد يعيش فيها، ولا حجب الصراع الديمقراطي عن الناس، هو الطريق الى التعايش بين الآراء والأفكار، وبالرغم من الأزمات والمصاعب التي تواجهنا، فان لبنان يعيش في مفاجآت سمحة، وأجواء نقيّة من الضغائن. صحيح ان الخلافات موجودة، لكن البلاد ليست كلها من رأي واحد، ومن فكر واحد. نحن بلد مؤلف من ثماني عشرة طائفة، وقدرنا أن نقبل بعضنا، والحوار ارادة الجميع، وهذه هي ميزة لبنان، التي تجعله رائدا للمحبة والتعاون ومن يشذّ عن هذه القاعدة، هو المخطىء. 


وقيل له: فخامة الرئيس هل صحيح انكم أوفدتم الى الناس والى القيادات رسلاً، تشرحون فيها أفكاركم وأوحيتم بأنكم تريدون فلاناً في الحكومة.
وردّ: هذه الأقاويل، من نيّات أفكار الذين اخترعوها، وقاموا بتسريبها، هناك من يزعم انني أوحيت بهذه الفكرة أو دعوت اليها، وهذا هو الرئيس المكلف، قد قال أكثر من مرة، انني لم أفاتحه، لا بتوزير صهري أو أي من المستشارين العاملين معي.
وبادره أحد الحاضرين: فخامة الرئيس لقد رفعوا شعار: لا لتوزير صهرك ولا لتوزير صهره العماد عون. لكن صهركم وسام بارودي هو من نخبة الشباب، ولا أحد إلاّ ويرحّب بتوزيره.
ورد بسرعة: لا أحب ان أسمع هذا الكلام. ونقطة على السطر. 


وقيل له: لكن الناس تقترح عدد أعضاء الحكومة، وتطلق أسماء مستوزرين، وترشح حلفاءها، وثمة من يرشح الأستاذ ايلي الفرزلي لمنصب نائب رئيس الحكومة، والوزير فرنجيه رشح النائب السابق فايز غصن لهذا المنصب. 


ورد بسرعة: أقفلوا هذا الموضوع، عندما نشرع أنا والرئيس المكلف في تشكيل الحكومة، نتكلم في هذا الموضوع، انه ليس مطروحا للتداول، ولا يتم تداوله قبل الشروع في عملية التأليف، والوقوف على استطلاعات الرئيس ميقاتي مع القيادات اللبنانية، من حق الناس ان تدلي بآرائها والمواقف. ثمة من يريد حكومة تكنوقراط مطعّمة بسياسيين، والعكس هو وارد عندهم، أما بالنسبة اليّ، فانني لا أتطرق الى هذه القضايا إلاّ مع دولة الرئيس المكلف، الناس كلها خير وبركة، ولا أريد ان أنتقص من قَدْر أحد، لكننا لا نريد من أي انسان ان ينتقص من ارادة المسؤولين في الطموح الى الأكثر كفاية وملاءمة للوضع.

توزير عصام فارس
وقيل له: هل صحيح انكم اتصلتم بنائب رئيس الحكومة السابق السيد عصام فارس للمشاركة في الحكومة.
حصل ذلك بالتوافق مع الرئيس المكلف، وقد عرضت عليه الفكرة، ووعدني بالجواب عليها، وفي وقت لاحق اتصل بي الأستاذ عصام فارس من الخارج، وأبلغني قراره وقرار عائلته بالعزوف عن المشاركة، وعند ذلك تمنيت عليه ان يشاركنا في الحكومة المقبلة نجله الأستاذ نجاد فارس وأنا أعرفه شابا رائعا في آرائه والطموحات. 


وبعد ذلك أجابني عصام فارس بأنه ونجله نجاد يعتذران عن تلبية طلبه، لكنه يتمنى لي وللرئيس ميقاتي النجاح في تشكيل حكومة ترضي الرأي العام، وتكون عند الآمال التي يعلقها عليهم اللبنانيون. 


إلاّ أن استنكاف عصام فارس عن المشاركة، وتضامن عائلته معه، أحدث فجوة عميقة في التمثيل الأرثوذكسي داخل الحكومة، ذلك ان فراغاً هائلاً قد حدث، من خلال فجوة ثانية، تردد انها غارت بين الرئيس ميشال سليمان ونائب رئيس الوزراء المحامي الياس المر، وعزوف هذا الأخير عن المشاركة في أي تركيبة حكومية. 


وقيل ان هذه الفجوة جعلت زعماء وقيادات لبنانية تمد أيديها الى التمثيل الأرثوذكسي، وتأخذ الحقائب الأرثوذكسية، وتوزعها على عناصر فيها ذات مواقع أساسية في تكوينها الحزبي والسياسي، ما جعل مجموعة من القيادات الأرثوذكسية تنتفض على ما اعتبرته تعدياً أو اعتداء على الأرثوذكسية في الصميم، وتؤلف وفداً، يجول على بعض المسؤولين  والقيادات، داعية الى احترام الطائفة، وعدم اعتبارها جوائز ترضية لأحد، عند قواها السياسية. خصوصاً وان اللقاء الأرثوذكسي الذي يضم قوى ارثوذكسية برئاسة النائب السابق سليم حبيب له موقف واضح ويضم زعامات لها شأنها ودورها، ترى بوضوح انه إذا كانت المسألة تتعلق بموقع نائب رئيس مجلس الوزراء، فإنها ترشح أحد أبرز أركانها الرئيس الأستاذ إيلي الفرزلي النائب السابق لرئيس مجلس النواب، كما ان الرابطة اللبنانية للروم الأرثوذكس ترى ممارسة إقناع قوى على الرئيس عصام فارس لفك عقدة عزوفه، والقبول بموقع قيادي في الحكومة، لا يرفضه إذا ما قيل له، إنه مطلوب لبنانياً وأرثوذكسياً للمساهمة في إنقاذ لبنان. كما تنادت شخصيات أرثوذكسية مستقلة، الى ترشيح نواب ارثوذكس يتمتعون بثقافة علمية واسعة، ووجوه مثقفة تكنوقراط تعمل في الحقل العام، ولها أياد بيضاء على المؤسسات، هذا، اضافة الى وجود وجوه ارثوذكسية في الخارج، أو في الداخل، في مواقع مهنية أو توزع خبراتها على ملوك وروساء عرب، ويمكن استدعاؤها ومناشدتها خدمة بلدها في هذا الظرف الدقيق الذي يمر فيه لبنان.


ميقاتي الهادئ والفاعل
الا ان الرئيس نجيب ميقاتي ماضٍ في محاولاته لتأليف الحكومة، ويتكئ على نجوم الأكثرية الجديدة، والذين ساهموا في انتقال هذه الأكثرية من ١٤ آذار الى ٨ آذار، وفي مقدمتهم الوزير محمد الصفدي المرشح لحقيبة وزارة المال، والأستاذ وليد جنبلاط، والنائب نقولا فتوش، والذين يشكلون الأصوات الثمانية التي تفوق بها الرئيس ميقاتي على زعيم الأكثرية الرئيس سعد الحريري الموجود الآن في باريس للراحة والاستجمام، من عناء الاستشارات الأخيرة في بعبدا، أو في ساحة النجمة. 


ويبدو أن الميقاتي يعرف ما يريد، هو يعمل في الداخل، وشقيقه الأكبر طه ميقاتي يعمل في الخارج، ويتنقل بين دمشق وباريس والعواصم العربية، لبلورة تأييد عربي - دولي لحكومة شقيقه نجيب الذي يعكف على لقاءات يعقدها في منزله الكائن في شارع فردان، سواء مع الرئيس الشيخ أمين الجميّل أو مع الرئيس العماد ميشال عون الذي يحمل مفاتيح قلوب أركان المعارضة، في جولاته ولقاءاته. 


صحيح، ان الرئيس الجميّل، يسعى الى صيغة تمهد لمشاركة ١٤ آذار، في الحكومة المقبلة، أو لصيغة ما، تتيح للكتائب اللبنانية، المشاركة في الحكومة نيابة عن حلفائها، لمنع تسلّط ٨ آذار على القرار المتوقع اتخاذه في مجلس الوزراء، من المحكمة الدولية، وهو يلقى حتى الآن آذاناً مصغية من الجميع، نظراً لخبرته السياسية، وإن كان صدور هذا الموقف يمر في دهاليز ووهاد مظلمة وعميقة في آن. 


الا ان حنكة الرئيس نجيب ميقاتي تجلت في مواقفه، في اثناء حواراته مع رؤساء الكتل، وتأكيده انه يطلب منهم اسماء مرشحيهم لدخول الحكومة، وهو، أي الرئيس المكلف، يتولى مع رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان توزيع الحقائب على الوزراء، وفقاً لمقتضيات الاختصاص، ولا أحد يعين الوزراء والحقائب نيابة عن رئيس الجمهورية وعنه. 


وهذه عادة سبقه اليها الرئيس سليمان فرنجيه بعد فوزه برئاسة الجمهورية في العام ١٩٧٠، وكان فوزه بمثابة ثورة بيضاء عمّت البلاد من أقصاها الى أقصاها. 


يومئذٍ، أراد العميد ريمون اده، تسلم حقيبة الدفاع، وهو يعتبر نفسه شريكاً في الفوز على المكتب الثاني، الا ان الرئيس فرنجيه أحجم عن تلبية طلبه، وإن كان الرئيس المكلف صائب بك سلام، يعطف على طلب العميد ويتعاطف معه.
الا ان الرئيس فرنجيه رفض مجاراة العميد في طلبه، وحال دون جعله وزيراً في اليرزة ليتولى التنكيل بضباط المكتب الثاني أو بأي ضابط في الجيش اللبناني، مما دفعه الى تأليف حكومة الشباب، من قوى غير سياسية، وقد كان معظمهم مرشحين لتولي الأمانة العامة للوزارات، وهو منصب كان سيستحدث ويكون أعلى من المديرين العامين، وأدنى من الوزراء.
هل ما ذهب اليه الرئيس الميقاتي، ذريعة أو توجهاً سياسياً؟ 


الحقيقة ان رئيس الحكومة المكلف الآن مهمة تشكيل الحكومة، ليس مستعجلاً وإن كان السياسيون يستعجلونه التأليف نظراً لأوضاع البلاد وانتفاضات التغيير العاصفة في العالم العربي، لكن الذين يقفون على ما يضمره، يلمّون بنياته وأفكاره، ذلك أنه متفق مع رئيس الجمهورية على تأليف حكومة تكنوقراط مطعمة بوجوه سياسية، لتكون حكومة عمل وانتاج، لا حكومة مناكفة وخلافات على الحصص والمغانم، خصوصاً وان تجربة حكومة الوحدة الوطنية كانت سيئة، وإن كانت الفكرة جيدة، وينطبق عليها قول الإمام علي بن أبي طالب المرأة سيئة كلها، وشر ما فيها أنه لا بد منها. 


وحكومة الوحدة مطلوبة، خصوصاً في هذه الأيام، لأن البلاد في أوضاع حرجة، وتتطلب تضافر الامكانات في خدمة البلاد.
حكمة الجنرال ديغول 


عندما أراد الجنرال شارل ديغول اتخاذ قراره التاريخي، بإعطاء الجزائر استقلالها، استدعى مستشاره أندره مالرو وصارحه بأنه يزمع تأليف حكومة موسعة تضم اليمينيين جميعاً واليساريين قاطبة من شيوعيين واشتراكيين، فردَّ متسائلاً: كيف تريد أن تجمع هذا الخليط العجيب وأنت تكره الشيوعيين ولا تستمرئ اليساريين، فردَّ جنرال فرنسا العظيم: نحن الآن أمام خيار تاريخي. ثمة جنرالات متعصبون ويؤمنون بأن الجزائر فرنسية، وأنا أؤمن بأنها عربية، وفيها ثورة قدمت مليون شهيد من أجل أن تتحرر من الاستعمار الفرنسي. هل تريدني أن أتفرج على شعب غارق في الدم، من أجل تحرير بلاده؟ وأردف: ألا تذكر أنني قاومت الجنرال بيتان، وقاومت العدوان الهتلري، وان المقاومة الفرنسية هي التي انتصرت، وان هتلر رحل الى ألمانيا، وان بيتان أصبح في غياهب التاريخ؟ 


أنا أريد أن أجمع فرنسا المؤيدة للشعب الجزائري في نيل استقلاله، في حكومة ترعى الحرية التي ناضلت من أجلها. 


الدرس اللبناني
يقول مرجع سياسي، إن السياسيين في لبنان، يساعدون الرئيس نجيب ميقاتي، بمطاليبهم التعجيزية ومطامعهم السياسية، على الاتيان بمن يريد، أي حكومة تكنوقراط، للانصراف الى الأعمال الادارية والانسانية. الناس تريد أن تأكل وتعيش، وهم يريدون أن يأكلوا البلاد ولو أصابهم عسر هضم. والرئيس ميقاتي بات يعرفهم ويدرك أن الرأي العام معه لا معهم. 


وأضاف: أخاف أن يخطئ جماعة ٨ آذار، كما أخطأت جماعة ١٤ آذار، في ادراك سبل الانقاذ. الفريقان يحسبان أنهما يعملان لصالح البلاد، والحقيقة، ان المغالاة عند الاثنين في المطالب، قادتهما الى النتائج التي جعلت الأكثرية تصبح أقلية بثمانية أصوات، والرئيس فرنجيه فاز بصوت واحد برئاسة الجمهورية. لا أحد يتعلم من العبرة في التاريخ، قديمه وحديثه. وكان أهم عمل قام به، عندما استدعى خصمه الرئيس الياس سركيس، وقدم له قرار مجلس الوزراء بتجديد ولايته كحاكم مصرف لبنان وهو بعد متفوق عليه بمعركة الرئاسة. 


كان الياس سركيس يجمع أوراقه، ليغادر مصرف لبنان، وعندما تبلغ أن رئيس الجمهورية يريد أن يستقبله في اليوم التالي، ساوره اعتقاد بأنه سيبلغه قرار اقالته من منصبه.
وعندما صعد الى القصر الجمهوري، بادره بشكره لشرائه الذهب عندما كان سعره متدنياً، وأمن بذلك التغطية الذهبية لسعر الليرة اللبنانية. 


وسأل الرئيس فرنجيه الرئيس سركيس: كم باق لكم من مدتكم في حاكمية البنك المركزي، فأجاب: سبعة أشهر.
عندئذٍ، سحب من جاروره قرار مجلس الوزراء القاضي بالتجديد له ولاية أخرى.
هكذا كان يتصرف الرجال، في الحكم والادارة.
الآن، يقولون إن المراسلات مستمرة بين رئيس الجمهورية العماد سليمان وأركان بارزين في ٨ و١٤ آذار، لتعبيد الطرق أمام تأليف الحكومة الجديدة، بما لا يخل بالمواعيد المحددة للتأليف.
ويُقال إن الرئيس ميقاتي يسعى عبر البوابة الكتائبية، وإن موفداً منه زار النائب سامي الجميّل لمتابعة البحث في مشاركة فريق ١٤ آذار في الحكومة، في موازاة زيارة قام بها النائب السابق غطاس خوري، موفداً من الرئيس سعد الحريري للرئيس الجميّل في بكفيا، وان الميقاتي واصل من جانبه تحركه مع فريق ٨ آذار، من أجل ضبط ايقاع مطلب التوزير والحقائب التي بدت كثيرة ومتشابكة داخل الفريق الواحد، خصوصاً بعد لقاء آخر عقده شقيقه طه ميقاتي مع العماد عون في الرابية الذي يشترط حصة كبيرة تتناسب وحجم كتلته وتمثيله الشعبي. 


ويبدو أن العماد عون يطالب بحقائب سيادية وخدماتية محددة. الا ان ميقاتي يعتبر أن المسألة مرهونة بنتائج الاتصالات على الجبهتين، توصلاً الى حكومة تضم الأفرقاء جميعاً.
الا ان رئيس الحكومة المكلف، ليس منزعجاً من الشروط والشروط المضادة، لأنه يشعر أن الفريقين يؤديان له خدمة يريدها ولا يريدها الآخرون، أي حكومة مختصرة لا موسعة، حكومة يغلب عليها التكنوقراط لا السياسيون. وهذا لا يزعج الميقاتي ولا يغضبه. هو مع مشاركة الجميع لكنه لا يشعر أن الجميع يشاطرونه رأيه والأهداف.