مركز عصام فارس للشؤون اللبنانيّة
PrintEmail This Page
ندوة في مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية حول آفاق الانتفاضات العربية ومعوقات الاصلاح
30 نيسان 2011

الأنوار- 30 نيسان 2011


ناقش مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية خصائص التغيرات في المنطقة العربية والإحتمالات الممكنة في ندوة آفاق الإنتفاضات العربية ومعوقات الإصلاح، في قاعة عصام فارس للمحاضرات، وتحدث فيها المفكر والكاتب كريم مروة وأستاذ القانون الدولي في جامعة جورج تاون في واشنطن الدكتور داوود خير الله ومستشار المركز الدكتور رغيد الصلح. وحضر الندوة الوزير السابق الدكتور بهيج طبارة وحشد من الأكاديميين والمهتمين.


وبعد تقديم من مساعد مدير المركز ميشال أبو نجم اكد مروة أن القمع مهما بلغت حدته، لن يمنع التغيير الذي يشكل في الوقت الحالي أولى الخطوات نحو الحرية. وأضاف: اننا أمام ظاهرة غير مسبوقة في التاريخ العربي، إذ إن الثورات كانت عفوية ومفاجئة وجعلت ممكنا ما كان يظن أنه مستحيل لسنوات خلت. وأوضح أن لكل بلد خصوصيته النابعة من مسار الظروف التاريخية التي عايشها.


واعتبر أن الثورات العربية وخصوصا في تونس ومصر، تثير أسئلة كبيرة تتناول المستقبل كما الحاضر والماضي، داعيا إلى الحذر مما يخبئه المستقبل على رغم اقتناعه بأنه لن تكون هناك عودة إلى الوراء. ولفت إلى أن التغيير معقد لأن القوى التي قامت بالثورة متعددة الأصول، وعفوية، وجمهورها الأكبر غير منتم إلى قوى سياسية على رغم وعيه القادر على طرح شعارات جدية، ولأن الثورة لم تكن حتى الساعة قيادات قادرة على جمع الثوار حول برنامج واقعي ومرحلي للتغيير.

ولفت إلى أن الخلل الرئيسي في الثورات يكمن في الطروحات الراديكالية التي تريد تحقيق كل شعارات التغيير دفعة واحدة، من دون الأخذ في الإعتبار أن القوى القديمة المتمثلة بالنظام القديم والقوى العسكرية والسلفية، ما زالت موجودة ومنظمة وقادرة على العرقلة، مشددا على أن الإنهيار الإقتصادي يحتم وجود حكمة وعقلانية أكبر في التعامل مع الواقع.


واشار إلى ان الحركات اليسارية والانظمة الإستبدادية العربية لم تأخذ من دروس انهيار الإتحاد السوفياتي السابق وظلت على منهاجها القديم وعدم إعطاء قيمة للحرية.

خيرالله

واكد الدكتور خيرالله أن اليقظة الشعبية كفيلة عدم عودة عقارب الساعة إلى الوراء ولا بد للحاكم أن يكون أكثر انفتاحا واستجابة لمطالب شعبه، لكنه لفت إلى أن الإستنتاج أن المجتمعات العربية تعيش حال ولادة دولة مواطنة عصرية يسودها حكم القانون وتضمن مؤسساتها الحقوق والحريات والمشاركة في الحكم، يتضمن الكثير من التفاؤل في ضوء تجذر الهويات الفرعية والتجزئة وغياب التنظيم المؤسسي لدى قوى التغيير.


ورأى أن الثورة المضادة لمناهضة التغيير قائمة على قدم وساق وأن هذه الثورة ظهرت بوادرها ومنها التدخل العسكري في البحرين، مضيفا أن قوى مقاومة التغيير ستفعل كل ما لديها من أسلحة للسيطرة على الأحداث بما يخدم مصالحها. وقال: إن إيقاظ هويات التجزئة وانتماءاتها وإثارة الهواجس والمخاوف المذهبية والطائفية والعرقية هو من مظاهر الثورة المضادة وكذلك الإستنساب والتشويه الإعلامي في تغطية الأحداث.


وأشار إلى أن القوى الخارجية وفي طليعتها الولايات المتحدة لن تألو جهدا في منع أي تغيير قد يعرض المصالح الإسرائيلية للخطر وخصوصا اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل. وأضاف: ان واشنطن ستسعى الى ضمان مصلحتها في استقرار الأمر الواقع في دول الخليج وبخاصة مصادر النفط والغاز مهما بلغت الحاجة الى الحد من الحكم القمعي واحترام حقوق الإنسان والحريات ومهما استشرى الفساد في تلك الدول.


وعدد معوقات الإصلاح وبلوغ الأهداف التي رفعتها الإنتفاضات، وهي أولا تجذر الهويات والإنتماءات الفرعية، وثانيا الفساد وثالثا الضغوط والمصالح الخارجية.

ورأى أن الديموقراطية التوافقية بين الطوائف وإن كانت تشكل حماية من الإستبداد فهي لا تؤسس لبناء دولة قوية متماسكة، وهي ليست ديموقراطية قائمة على المواطنة لأن الفرد هو الموضوع الأساسي للحقوق والواجبات وليس الجماعة والطائفة والعشيرة.

الصلح

وشدد الدكتور الصلح على أهمية توطيد الديموقراطية، وأكد أن المطالب التعجيزية في مرحلة ما بعد الثورة هي الوجه الآخر لمطلب إسقاط النظام، لافتا إلى خطر النزعة الشعبوية التي تدفع إلى محاولة ارضاء الجماهير. واعتبر أن هناك سيناريو متشائل بين سيناريوين في مرحلة ما بعد الإنتفاضات: الأول متفائل يستوحي التجربة التركية والثاني متشائم مستوحى مما يجري حاليا في دول عربية عدة، مشيرا إلى أن الدول التي شهدت أو ستشهد تغييرا سوف تواجه تحديات كثيرة منها أولا، معالجة الاوضاع الناجمة عن الثورات والانتفاضات، كمهمة ملحة وعاجلة.

وقال: إن هذه الدول قد تضطر الى دفع ثمن باهظ لهذه الثورات والانتفاضات من ناتجها الاقتصادي إذا استمرت الصراعات المسلحة في الدول العربية المعنية، كما قال جاستن لين أحد المسؤولين في البنك الدولي. ولفت الى ان التحدي الثاني هو معالجة الاسباب والعوامل التي أدت الى هذه الثورات، مؤكدا أن الامراض الاجتماعية والعلل الاقتصادية والسياسية لم تأت بالضرورة مع أمثال الحكام الذين سقطوا بل انها قديمة في تاريخ المنطقة.

ورأى ان معضلة النخب الحاكمة العربية انها لم تسر على طريق الخروج من هذه الاوضاع ولا وضعت الحلول المناسبة لها.

واضاف: ان الاوضاع الاقتصادية العربية وفرت الأرض المناسبة التي نبتت فيها عوامل التثوير الاجتماعي. ان العديد من المراقبين يتحدثون اليوم عن طابع الثورات المفاجئ ولكن عندما يتتبع المرء تطور الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية يجد ان البطالة والفقر والاحوال الاجتماعية الصعبة كانت تتراكم جنبا الى جنب مع ازدياد حدة الازمة الاقتصادية التي ضربت دول الغرب خصوصا. ولفت إلى أنه من البديهي ان هذه الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية اثارت تذمرا واسعا بين سائر المتأثرين بالسياسات المعتمدة من الانظمة، والذين ينتمون الى طبقات وفئات اجتماعية مختلفة، والى خلفيات ثقافية وسياسية متنوعة.


وقال: حتى هذا التاريخ اتجهت اكثر النخب الحاكمة في المنطقة الى تطوير التعاون مع دول الاتحاد الاوروبي، معتبرا ان التجربة خلال السنوات الفائتة أثبتت ان هذا الطريق غير مأمون لأن الشراكة غير متكافئة، مستشهدا برفض الاتحاد أي شكل من أشكال الشراكة مع مؤسسات العمل العربي المشترك. ودعا الى التعجيل في تحويل منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى الى اتحاد جمركي فسوق مشتركة.