مركز عصام فارس للشؤون اللبنانيّة
PrintEmail This Page
مؤتمر مركز عصام فارس: الاقتراع الأكثري أصل العلّة
18 تموز 2011

في مؤتمره السابع، انتقل مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية إلى قاعة مؤتمراته الخاصة في سن الفيل، التي دشنها أول من أمس نجاد فارس، ممثلاً والده نائب رئيس الحكومة السابق عصام فارس، والوزير السابق زياد بارود، بحضور ممثلين عن رؤساء الجمهورية ومجلس النواب والحكومة. الافتتاح لنجاد فارس، الذي أكد «الالتزام الراسخ والوثيق لدولة الرئيس عصام فارس بوطنه وقضاياه ومستقبله وآمال شعبه»، ورأى أن «مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية» يعبر عن سعي فارس الأب إلى نقل الصراع والخلافات من الشارع إلى طاولة حوار بنّاءة.

أما مستشار المركز الدكتور رغيد الصلح، فقدّم بارود داعياً إلى اهتمام أكبر بالجانب التطبيقي للديموقراطية، وخصوصاً الجانب الانتخابي، مشيراً الى أنه حتى تكون الانتخابات أداة المواطنين والمواطنات كي يحكموا أنفسهم بأنفسهم، لا بد من الاهتمام بتطوير الانتخابات وإغلاق الثغر في قوانينها. وبدوره قال بارود إن «هوياتنا القاتلة هي في هوية نظامنا الانتخابي، وإن النسبية باتت على قاب قوسين أو أدنى مما كانت عليه منذ سنوات».

الجلسة الأولى من المؤتمر، المتعلقة بالنظام الانتخابي الحالي، أدارتها عضو المكتب السياسي في تيار المردة فيرا يمّين، وتحدث فيها الوزير السابق دميانوس قطّار عن ضرورة «الخروج من نظام الإ`قصاء واعتماد الحداثة والخروج من خير الجماعة إلى الخير العام». وتبعه الدكتور غالب محمصاني في التشديد على أن نظام الانتخاب المبني على الاقتراع الأكثري هو أحد الأسباب الرئيسية، إن لم يكن الوحيد، للواقع المؤسف الحالي الذي يتميز بتكريس الطائفية والمذهبية والإقطاع.

أما رئيس مركز بيروت للدراسات والمعلومات عبده سعد، فرأى أن نظام الاقتراع الأكثري (مع اعتماد الدوائر الفردية أو القضاء) أسهم ويسهم في عدم الاستقرار السياسي المستمر، وأوقع لبنان في حربين أهليتين عبر إقصائه قوى سياسية عن التمثيل. وقال إن من الأسباب الرئيسة لعدم الاستقرار السياسي والاجتماعي، والأزمات المالية والاقتصادية المتكررة التي يشهدها لبنان منذ عام 1992، تحنيط نظام الاقتراع، أي الاكتفاء بتغيير حجم الدوائر من دون تغيير أسس النظام ذاته، مضيفاً إن المشكلة الأساس في قانون الانتخاب لا تكمن في أحجام الدوائر، بل في نظام الاقتراع السيّئ. وأكد أن تطبيق نظام الاقتراع الأكثري مع دوائر متعددة المقاعد مهما كان حجمها (الدائرة ـــــ القضاء)، يذهب بعدالة التمثيل وينتقص من مشروعيته وهو غير أخلاقي، لأنه في معظم الحالات يفوز المرشح الذي يحصل على أكثرية الأصوات ولو كان الفارق ضئيلاً. وأشار إلى أن النظام الأكثري على أساس القضاء يُعاب عليه أنه يؤدي إلى التفاوت في القوة الاقتراعية لأصوات الناخبين. ولفت إلى أنه لا حسنات للنظام الأكثري حتى في ظل الدائرة الصغرى، مقارنةً بالحسنات شبه المطلقة للنظام النسبي.

أما الجلسة الثانية، فأدارها الأمين العام السابق للجمعية اللبنانية من أجل ديموقراطية الانتخابات زياد عبد الصمد، الذي طالب بنظام انتخابي يخفف من حدة الاستقطاب الطائفي والمذهبي. قبل أن يعطي الكلام للنائب ياسين جابر، الذي أيّد اعتماد نظام الاقتراع النسبي مع التفضيل على مستوى لبنان دائرة انتخابية واحدة. أما وزير العدل الأسبق بهيج طبّارة، فشدَّد على أنّ المطلوب اليوم في لبنان أن تتمثّل في مجلس النواب القوى السياسية التي تتمتع بثقل معين، بنسبة حجم كل منها، وألّا تبقى خارج دائرة القرار، مشيراً إلى أن اعتماد النظام النسبي المقترن باللوائح المقفلة من شأنه أن يحقّق الغرض المطلوب، فضلاً عن أنه، في هذه المرحلة، يسهم في إخراج لبنان من الاصطفافات القائمة، ويسمح بالتعددية.

من جهته، رأى مدير «مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية» السفير الدكتور عبد الله بوحبيب في كلمته أن أي نظام انتخابي لبلد تعددي كلبنان له هدفان أساسيان على الأقل: حسن تمثيل الاتجاهات السياسية المختلفة للمواطنين، كل طائفة وفق حجمها، والتضمينيّة، التي تعني إشراك كل الفئات الرئيسية المكوّنة للمجتمع في السلطة، لحصر التنافس والخلافات داخل المؤسسات الدستورية، والمحافظة على الوحدة الكيانية والترابية للبلد.

ورأى أن «الصوت الفردي القابل للتجيير المحدود» أكثر تحقيقاً لهذين الهدفين من النظام النسبي مع التفضيل، إضافةً إلى كونه يقلل من تأثير عامل المال في الانتخابات، وخصوصاً أن معيار الانتخابات في هذه الحالة هو التواصل الفردي لا شراء «البلوكات الانتخابية»، ولا يتطلب حملات إعلامية كبيرة لأن الناخب يعرف مرشّحه المفضّل عن كثب لينتخبه وهو على تواصل دائم معه. كذلك، يعتمد نظام الصوت الفردي القابل للتجيير المحدود الدوائر المعمول بها حاليّاً، فيحترم الخصوصية التاريخية للقضاء كعامل مؤسس في الهويّة الإدارية والنيابية.

وختاماً كان للدكتور بول سالم كلمة رأى فيها أنه بعد دراسة عشرات مشاريع القوانين في الهيئة الوطنية الخاصة بقانون الانتخابات النيابية، أصبح على قناعة تامة بضرورة إدخال التمثيل النسبي على التجربة الانتخابية، مشيراً إلى أن الأكثرية السابقة فهمت الآثار السياسية لهذا النظام، ولذلك لم تسر به، وآملاً أن تكون الحكومة الجديدة والأكثرية الحالية جدّيتين في هذ الطرح.