غراسيا بيطار
"الآلية السحرية" التي قدّمتها ندوة مركز فارس لمنع الانقسام العربي من الانتقال الى خلاف لبناني تختصر بمعادلة «النأي بالنفس». «سحر» الآلية لا ينطلق من موقف لبنان في جامعة الدول العربية حيث نأى بنفسه عن قرار العقوبات التي فرضها «الأشقاء» العرب على واحد منهم وإنما في تلاقي الخطابين «الاشتراكي» و«الإصلاحي» على هذا المخرج .
هذا التلاقي جعل مدير مركز فارس السفير عبد الله بو حبيب «حكما» لطيفا لم يحتج الى إبراز أي من بطاقاته الحمراء ولا الصفراء. ليبقى اللافت للانتباه في خطاب الوزير وائل أبو فاعور «زوادة» الأرقام التي بحوزته عن عدد النازحين السوريين الى لبنان والبالغ، بحسبه 3790 نازحا، معتبرا أن تضخيم هذا الرقم من قبل البعض هو «تسييس لهذا الملف وإدخال للبنان في المأزق». بينما لوّن عضو «تكتل التغيير والإصلاح» فريد الخازن أسلوبه الأكاديمي المعهود بعبارات عامية أكثر وضوحا حين استغرب تحرك الجامعة العربية المفاجئ ضد سوريا وكأنها «شربت حليب السباع" .
ظاهرة «الربيع العربي» اعتبرها أبو فاعور «في بداياتها». وفي ما يشبه «الغزل» بالنصر المتتالي الذي يحققه «الإخوان المسلمون» من تونس الى ليبيا والمغرب ومصر، رأى أن «الإسلام السياسي العربي لم يجرّب بعد كي يحكم عليه فهذا الإسلام عاقل وسيزداد عقلانية بمجرد وصوله الى السلطة». أمام هذا الربيع، لبنان عصي، لاحظ أبو فاعور «نظرا الى نظامه الطائفي»، لافتا الانتباه الى ضرورة أن «ينأى لبنان بنفسه عن الأزمة السورية وأن يلتزم الحياد وألا يتورط في الصراع الدائر لأن مصلحة لبنان هي في خلاص سوريا واستقرارها ووحدتها والإصلاح فيها".
الانقسام الفعلي اللبناني قرأه الخازن في ما يحدث في سوريا. وإذ طرح تساؤلات عن دور الجامعة العربية التي «لم تكن فاعلة وفجأت تحركت ضد سوريا»، لفت الانتباه الى "التناقض في مواقف الجامعة من الأحداث في سوريا من جهة والأحداث في اليمن من جهة أخرى». وطالما أن الأنظار تتجه الى الإسلام السياسي ودوره في المجتمعات العربية، رأى أن هذا يبرر «هواجس الأقليات ومنها المسيحية". مشيرا الى أن «سوريا هي الساحة الأهم في التطورات العربية والتي تؤثر خاصة على لبنان»، معتبرا أن النموذج الأكثر نجاحا هو في تونس في حين ان الوضع في البحرين ما زال عالقا وتعتبر ليبيا حالة استثنائية في التدخل الخارجي". وخلص الى القول «بعدم وجود نموذج للديمقراطية العربية يمكن الاحتذاء به وإن كانت التجربة اللبنانية استثنائي".