نظم مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية، ندوة في قاعة محاضراته في سن الفيل، عن لبنان والربيع العربي، حاضر فيها وزير الشؤون الإجتماعية وائل أبو فاعور، والنائب فريد الخازن، وحضرها عدد من الأكاديميين والإعلاميين والمهتمين. وشدد في خلالها أبو فاعور والخازن على ضرورة أن ينأى لبنان بنفسه ويبتعد عن الأزمة السورية والصراعات العربية - العربية .بداية، قدم مدير المركز السفير عبدالله بوحبيب الندوة التي تناقش الإنقسام اللبناني من الموقف تجاه الانتفاضات العربية وتعامل الانظمة العربية والمجتمع الدولي معها، سائلا عما إذا كان لبنان في حاجة إلى أن يكون له موقف موحد مما يجري، وإن كان الحياد تجاه الأحداث الداخلية في الدول العربية وفي الصراعات العربية - العربية ممكن، وعن آليات منع نقل الإنقسام العربي إلى خلاف لبناني، كما سأل عن حاجة لبنان إلى صيغة جديدة للميثاق الوطني . أبو فاعور
ورأى الوزير أبو فاعور أن الأنظمة والأحزاب المعارضة والنقابات في العالم العربي ودول العالم بأجمعها فوجئت على حد سواء بالربيع العربي، لافتا إلى ان استكانة الشعوب لأربعين عاما دفعت الأنظمة إلى الإستهانة وتصرف رؤسائها كأنهم آلهة، غير انه في غفلة منها فما جيل واع، وشجاع، ويمتلك أدوات التغيير . وأضاف: أن ظاهرة الربيع العربي لا زالت في بداياتها وأن الإسلام السياسي العربي لم يجرب بعد كي يحكم عليه، واشار الى أن هذا الإسلام السياسي عاقل وسيزداد عقلانية بمجرد وصوله إلى السلطة .
واعتبر أن فكرة المؤامرة غير واقعية، إذ لا يمكن القول إن ما جرى كان نتيجة قرار اتخذ في مكان ما، مستدركا أن هناك مصالح دولية تحاول الإفادة من سقوط الدول كي تفرض خياراتها واجنداتها. وقال إن لبنان عصي على تسرب الربيع العربي إليه نظرا إلى وجود نظامه الطائفي . وأكد ضرورة أن ينأى لبنان بنفسه عن الأزمة السورية وأن يلتزم الحياد وألا يتورط في الصراع الدائر هناك لأن في ذلك مصلحة وطنية عليا، مشددا على أن مصلحة لبنان هي في خلاص سوريا وإستقرارها ووحدتها والإصلاح فيها. وأشار إلى أن لبنان اليوم أسير رهانين للفريقين المتواجهين، فهناك فريق يراهن على أن النظام السوري سيسقط سريعا ليتسيد هذا الفريق الساحة السياسية اللبنانية، فيما يراهن الفريق الآخر على أن النظام سينتصر وسيعود قويا بعد الأزمة وسيستفيد من ذلك حلفاؤه اللبنانيون، مبديا خشيته من أن الرهانين قد يأخذان البلد إلى الخراب وأن تكون محنة سوريا محنة للبنان نظرا إلى الإنقسام الموجود فيه، وداعيا إلى الإتعاظ من الإتفاق الفلسطيني - الفلسطيني رغم هشاشته لتحييد الساحة الداخلية عن ما يجري .
ولفت إلى أن سوريا المقبلة لا نعرفها، في حين أن لبنان كعربة يقودها سائقان في واد منحدر، قائلا إن الإنقسام اللبناني حول المسائل الخارجية طالما قاد إلى انفجار داخلي وخصوصا حين كان يعتبر البعض أن وجوده على المحك. ورأى أن التهمتين اللتين يوجهها الفريقان اللبنانيان لبعضهما كفيلتين لوحدهما بتوليد الخراب، موضحا فريق يتهم الآخر بعمليات الإغتيال السياسي، فيما يرد الفريق الثاني بتوجيه تهمة التعامل والتآمر للفريق الأول . وكشف أبو فاعور أن آخر عدد للنازحين السوريين إلى لبنان هو 3790 نازحا، معتبرا أن تضخيم هذا الرقم من قبل البعض والقول إنه يصل إلى عشرين ألفا أو نكران وجود النازحين واعتباره شائعة من قبل البعض الآخر هو تسييس لهذا الملف وإدخال للبنان في المأزق . الخازن
بدوره، شدد النائب فريد الخازن على أهمية ابتعاد لبنان عن صراع المحاور العربية، معتبرا أن مسار الأحداث في العالم العربي يوفر فرصة يجب ألا يضيعها اللبنانيون لأن لبنان حاليا ليس ساحة للصراعات العربية - العربية وتداعياتها السلبية كما كان يحصل سابقا، إذ إن طبيعة الصراعات هي في داخل الدول العربية .
وقال إن الانقسام الفعلي اللبناني هو حول ما يحدث في سوريا لأن لبنان هو أكثر بلد معني بتداعيات التطورات المتسارعة هناك، معتبرا أن هناك سيناريوهات مختلفة لتطور الأوضاع. واعتبر أن بعض القوى السياسية اللبنانية يتعاطى مع هذه المتغيرات والمعطيات الجديدة وكأن شيئا لم يكن .
وأضاف: أن ما يثير التساؤلات هو دور الجامعة العربية التي لم تكن مؤسسة فاعلة وفجأة بدت وكأنها شربت حليب السباع واتخذت قرارات مستعجلة تجاه الأحداث السورية، مشيرا إلى التناقض في مواقف الجامعة العربية من الاحداث في سوريا من جهة والأحداث في اليمن من جهة أخرى . وأشار إلى أن كل الأنظار تتجه الآن إلى الاسلام السياسي ودوره في المجتمعات العربية، مذكرا ب أن هذا الموضوع ليس جديدا وفي كل التحولات الكبرى التي حصلت في المنطقة، طرح فيها دور الدين والاسلام. لكن حاليا هناك عودة لهذا مدوية المفهوم إضافة إلى الانقسامات المذهبية. وقال إن من الطبيعي في ظل هذا الجو أن تكون هناك هواجس للأقليات ومنها المسيحية . ولفت الى إن سوريا هي الساحة الاهم في التطورات العربية والتي تؤثر بخاصة على لبنان، واعتبر أن النموذج الاكثر نجاحا هو في تونس، في حين أن الوضع في البحرين ما زال عالقا، وتعتبر ليبيا حالة استثنائية في التدخل الخارجي، ولفت إلى عدم وجود نموذج للديموقراطية العربية يمكن الإحتذاء به، مشيرا إلى ان التجربة اللبنانية استثنائية وتجيب على حاجات مجتمعها .