نظم مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية ندوة عن الإتحاد الاوروبي والشرق الاوسط، في قاعة محاضراته في سن الفيل، شاركت فيها رئيسة بعثة المفوضية الاوروبية في لبنان انجلينا إيخهورست وسفير الدانمارك يان توب كريستنسن، في حضور عدد من السفراء والأكاديميين والمهتمين. بداية، تحدثت إيخهورست مشددة على ضرورة الحفاظ على الإستقرار والأمن في لبنان بالتلازم مع تطبيق الإصلاحات المطلوبة لتطوير المؤسسات اللبنانية وتنمية الإقتصاد والإفادة من الشراكة التجارية مع أوروبا، لافتة إلى أن زيارة الرئيس نجيب ميقاتي الأخيرة إلى بروكسل حيث التقى الرؤساء الأوروبيين الثلاثة، أي رئيس البرلمان ورئيس المفوضية ورئيس مجلس الوزراء، كانت للتداول في مسائل الأمن والإستقرار والإصلاحات في لبنان. واشارت إلى أنها دفعت باتجاه إنجاز هذه الزيارة من أجل إبقاء لبنان على خارطة أولويات الإتحاد الاوروبي في ظل ما تشهده المنطقة، ونظرا إلى أهمية لبنان ودوره كشريك استراتيجي لأوروبا ورمزيته كبلد ديموقراطي حاضن للتعدد والتسامح والحوار وتعايش المجموعات المختلفة. ولفتت إلى أن الإشكالية اليوم تتعلق بكيفية المحافظة على الإستقرار والامن بالتلازم مع ضرورة إحراز تقدم في إصلاح المؤسسات اللبنانية، معتبرة أن المعضلتين الرئيسيتين في مسألة الامن والإستقرار هما الجنوب والحدود اللبنانية - السورية. وفي هذا الإطار، نوهت بجهود اليونيفيل التي تؤمن 12 دولة اوروبية 60 في المئة من عديدها، في الحفاظ على الإستقرار في الجنوب، مشددة على أهمية منع تمدد حالة اللاإستقرار من الداخل السوري إلى لبنان. ودعت لبنان إلى العجلة في مسار الإنضمام إلى منظمة التجارة العالمية، لافتة إلى انه لا يزال متخلفا عن ركب مسارات التعاون الإقتصادي والشراكة التجارية مع أوروبا، وهو يقف خلف المغرب والأردن على سبيل المثال في هذا المجال، مشيرة إلى أن الوزارات اللبنانية لم تتقدم قيد أنملة منذ العام 2007 في الحوار الجاري مع الإتحاد الاوروبي حول تطبيق موجبات الشراكة التجارية. واعتبرت أن لبنان يضيع فرصا عديدة تتيحها هذه الشراكة إذا لم يصلح مؤسساته، آملة أن يحول لبنان التحديات إلى فرص والا يكون خارج مسارات التعاون الإقتصادية والسياسية والإجتماعية. وعددت إيخهورست أربعة اولويات للسياسة الخارجية للاتحاد الاوروبي في المنطقة حاليا وهي: العملية السلمية بين الفلسطينيين وإسرائيل، وإيران، وسوريا، إضافة إلى الربيع العربي. ولفتت إلى أن الإتحاد الأوروبي يعمل من اجل إعادة تحريك العملية السلمية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، كما انه يدعم خطة الامين العام السابق للامم المتحدة كوفي انان في الشأن السوري ويعتبرها الخطة أ وب وج للحل. الربيع العربي وعن الربيع العربي، رأت أن المنطقة تشهد مسارا تاريخيا يؤمل ان يكون باتجاه الديموقراطية التي هي الأداة الأساسية للازدهار، مشيرة إلى أن ذلك لا ينفي وجود تحديات عديدة تواكب هذا المسار. وأكدت أن الإتحاد الأوروبي لن يفرض أجندة خاصة به في المنطقة، وعلى الشعوب العربية أن تقرر مصيرها بنفسها، إلا أن الإتحاد جاهز لتقديم مساعدته وخبرته والدعم المالي من اجل إعادة إطلاق العجلة الإقتصادية في المنطقة وخلق فرص عمل. وأكدت أن أولوية الإتحاد الأوروبي هي العمل على بناء الثقة المتبادلة مع شعوب المنطقة، مؤكدة إدراك الإتحاد أهمية الحفاظ على التعدد وحقوق الاقليات المتنوعة في المنطقة، لافتة إلى أن هذا الامر يقع في صلب الحوار الذي تجريه البعثات الأوروبية مع الحكومات والقوى الفاعلة في المنطقة، ومنها لبنان وختمت إيخهورست بتأكيد الدعم الاوروبي للمجتمع المدني والجمعيات العاملة في مجال حقوق المرأة من أجل مواصلة الجهود للحفاظ على القيم المشتركة مع اوروبا في مجال حقوق الإنسان في الدول التي شهدت ثورات على أنظمتها، لافتة إلى أن هناك منحى عالميا باتجاه الإنعزال القومي والعرقي وبناء الجدران بين المجتمعات، في حين أن المطلوب هو تعزيز التواصل والحوار وبناء الجسور، كما هي الحال بين دول الإتحاد الاوروبي. سفير الدانمرك من جهته، أكد كريستنسن وعي الدانمارك لوضع الاقليات في الشرق الاوسط، مشيرا إلى ان بلاده سبق وان أعطت أولوية لهذا الملف وتطرقت اليه اكثر من مرة، وخصوصا أنها بلد يعتبر المسلمون فيه ثاني أكبر طائفة. وعن مصداقية الاتحاد الاوروبي في الدول العربية، اعتبر كريستنسن ان من غير العادل القول ان الاتحاد الاوروبي كان يدعم الانظمة التي كانت قائمة، بل إن الإتحاد كان يعطي الدعم لكافة الدول العربية إنطلاقا من عمله مع الحكومات العربية التي كانت موجودة، لافتا إلى وجود مشاريع تنموية عديدة بالتنسيق مع الجمعيات الأهلية. ونفى أن يكون الاتحاد الاوروبي يقف مع انتفاضة دون غيرها في المنطقة، مشيرا إلى إن الحكومة الدانماركية سعت ولا تزال الى حل قضية الناشط عبد الهادي الخواجة المضرب عن الطعام في البحرين منذ أكثر من 80 يوما، وهي على تواصل ومتابعة دائمة لهذا الملف، والان لم تعد قضيته في المحكمة العسكرية. كما أن موقف الدانمارك جزء من السياسة الاوروبية تجاه سوريا حيث هناك انتهاكات واضحة لحقوق الانسان. وردا على سؤال حول الازمة الاقتصادية التي تمر بها دول الاتحاد الاوروبي، أوضح كريستنسن ان الدانمارك استطاعت الخروج من هذه الازمة لكن لم تستطع كل دول الاتحاد الاوروبي الخروج منها في نفس المستوى، داعيا الدول الأعضاء في الاتحاد الاوروبي إلى إدراك انه يجب على كل دولة تلبية احتياجاتها. وعن فترة تولي بلاده رئاسة الاتحاد الاوروبي منذ بداية العام 2012 لمدة ستة أشهر، لفت إلى أن خطة الدانمارك خلال هذه الفترة توزعت ضمن ثلاثة أجزاء: سياسة خارجية، عسكرية وتنموية. وأوضح أنه في السياسات الخارجية، فصل الإتحاد الأوروبي بين رئاسته التي تخضع للمداورة كل ستة أشهر، والمفوضية العليا للسياسة الخارجية التي تظل ثابتة وتنفذ ما يجمع عليه وزراء خارجية الدول الأعضاء السبع والعشرين من مواقف وقرارات تحدد السياسة الخارجية للاتحاد، مشيرا الى أنه في هذا الإطار العام، عمل الدانمارك على منهجية سياسية مشتركة مع دول الاتحاد الاوروبي، وأجرى اجتماعات كثيرة في بلدان شهدت عنفا مثل نيجيريا وتونس، وعلى الصعيد التنموي، قام بعملية تواصل مع خبراء محليين في عدد من الدول العربية بهدف بناء القدرات لدى الشعب. وتعتبر الدانمارك في هذا الصدد بلدا رئيسيا مانحا، حيث دعم مشاريع خارجية عديدة في المنطقة. وفي المجال العسكري، أكد كريستنسن فاعلية بلاده في عدد من المهمات الدولية والأوروبية حول العالم، والدور الذي قامت به مع اليونيفل في لبنان، وقوات التحالف في العراق وأفغانستان، وفي ليبيا العام الماضي، لافتا الى أن الامين العام لحلف شمال الأطلسي هو رئيس الوزراء الدانماركي السابق اندرس فوج راسموسن