مركز عصام فارس للشؤون اللبنانيّة
PrintEmail This Page
"كتـاب التاريـخ علـى طاولـة "مركـز فـارس":التـربـويـون والمـؤرخـون قبـل السياسييـن
29 آذار 2012

السفير- غراسيا بيطار

تنتهي الندوة عن «كتابة التاريخ في مجتمع متعدد»، في «مركز عصام فارس»، من حيث بدأت. ففي بلد تاريخه أكبر أو ربما أصغر من أن يحصر في كتاب، يبدو الأكاديميون أمام مهمة صعبة. تكاملت مداخلتا وزير التربية السابق حسن منيمنة والجامعي هنري عويط. أطاحا معضلة البدء من الأول: «البيضة أو الدجاجة»، أي «التاريخ أو التوحد». فالمطلوب في رأي منيمنة «عرض كل وجهات النظر لتعزيز الحس النقدي لدى الطالب». والمسألة، يوضح عويط، لا تتعلق بـ«توحيد التاريخ بل بكتابة تاريخ واحد»، داعياً إلى سحب المشروع من أيدي السياسيين.

ملحم سلمان، من الحضور، ينتقد التوحيد كونه «مبدأ ديكتاتورياً بينما المطلوب تعزيز التعددية». وبين الوحدة والتوحد والتاريخ والكتابة، يدخل الأمين العام للمدارس الكاثوليكية بطرس عازار من زاوية مختلفة سائلاً: «هل سيكون لنا كتاب تاريخ في لبنان من ضمن مناهج تربوية لم تجدد منذ ثلاث عشرة سنة؟». لينتهي النقاش إلى ملاحظة أحد الضباط المتقاعدين إلى أن «التاريخ لا يكتب مرة واحدة، وليس المطلوب أن نجعل طلابنا مؤرخين».

«التاريخ والسيطرة»، صنوان دعا مدير المركز عبد الله بوحبيب الى التفريق بينهما. فبرأيه «بداية حل أزمة التاريخ تكون بعدم سعي أيِّ جماعة أو فئة للسيطرة على غيرها من المواطنين عبر استخدام الماضي».

شرح منيمنة مراحل الإعداد لمشروع كتاب التاريخ، مشيراً إلى أن هناك مرحلتين أساسيتين في المشروع، الأولى هي وضع منهاج لكتاب التاريخ وهي ما زالت موضع أخذ ورد؛ والثانية مرحلة كتابة التاريخ وهي الأصعب، ويمكن أن تمتد لفترة انتقالية تبلغ عشرين عاماً وأكثر.

ولفت إلى المحاولات التي جرت منذ الطائف لوضع كتاب تاريخ لكن سرعان ما ألغيت وتوقف المشروع، فيما لم تخرج المشاريع الأخرى إلى أبعد من دائرة اللجان التي شُكّلت لبلورتها. وفي موضوع الأخذ بوجهات النظر كلها شدد منيمنة على أن طرح الأفكار المتعددة في الكتاب يسهم في تنشيط حس النقد والحوار لدى الطالب ولو بطريقة غير مباشرة. وقال إن كيفية تأليف الكتاب أهم من الاختلاف على المنهاج، مؤكداً أهمية وجود تربويين إلى جانب المؤرخين في عملية التأليف.

ولفت عويط، وهو نائب رئيس «الجامعة اليسوعية» للشؤون الأكاديمية، إلى أن مرسوم تحديد أهداف كتاب التاريخ الصادر في 22 حزيران 2000 الرقم 3175 يشكل وثيقة بالغة الأهميّة في كيفية التوفيق بين قرار التوحيد ومبدأ التعدّد. وأشار إلى أن من شأن الالتزام بالمرسوم المساعدة في إيجاد الحلول والمخارج الملائمة، وإلى أن أبرز ما يميّز هذا المرسوم سعيه إلى استبدال الفرض والإلزام اللذين قد يجرّ إليهما قرار التوحيد، بالمشاركة المسؤولة في رسم الأهداف ووضع المناهج وتأليف الكتب، وإلى استبدال الأدلجة والتلقين بتقديم القراءات المتعدّدة للحدث التاريخي الواحد وبالعمل على تنمية روح النقد عند التلامذة. وقال إنه في مرحلة إعداد المنهج هناك إمكان لإعادة درسه من قبل اللجنة المتخصصة التي أعدته والأخذ بعين الاعتبار الاعتراضات التي يتحقق إجماع حول الاخذ بها. أضاف أن المرحلة التالية تتعلق بوضع نصوص الكتاب بعد الإتفاق على المنهج. ورأى أن ذكر قراءات متعددة للحدث الواحد في كتاب التاريخ يجعله كتاباً واحداً وليس موحداً، ودعا إلى سحب كتاب التاريخ المدرسي من اللجنة الوزارية لأن مشروعه خطير ولا يجوز أن يوضع بين أيدي السياسيين.