مركز عصام فارس للشؤون اللبنانيّة
PrintEmail This Page
ندوة في مركز عصام فارس عن التغطية الإعلامية للأزمة السورية
15 آذار 2012

وكالة الأنباء المركزية

رأى الصحافيان أروى دايمون مراسلة محطة ال CNN في بيروت وجيلالي بيلايد من وكالة الصحافة الفرنسية أن النظام السوري لا يزال يمتلك الكثير من عناصر القوة ويسيطر على معظم المناطق السورية، وأنَّ المعارضة السورية لم توحد جهودها ولم تقدم بديلاً واضحاً. وأكدا أن عدم التجانس الإجتماعي والإنقسامات المذهبية والإثنية في سوريا إضافةً إلى المصالح الدولية والإقليمية تجعل من الوضع مختلفاً عما جرى في ليبيا، ولفتا إلى وجود اكثرية صامتة في سوريا ليست مع النظام ولكنها في الوقت نفسه ليست ضده بالمطلق ومع الإستقرار وضد اي فوضى محتملة. كذلك استعرضا الصعوبات التي تواجه التغطية الإعلامية للأحداث السورية ومنها مواكبة القوى الأمنية للصحافيين في خلال عملهم، والإنتقال إلى المناطق التي تشهد عمليات عسكرية، وذلك في عرض لتجربتهما في ندوة عن "التغطية الإعلامية للأزمة السورية" في مركز عصام فارس، في حضور حشدٍ من الدبلوماسيين والإعلاميين والمهتمين.

بوحبيب: بداية كلمة لمدير المركز السفير عبدالله بوحبيب سأل فيها عن إمكانية بقاء الصحافي محايداً في تغطية الحروب وعن مدى تأثره بما يراه حوله وبسياسات بلده. وقال إن الصحافيين الذين يغطون الإحتجاجات يتهمون من قبل الأنظمة بالمبالغة وتعزيز النزاع، وهذا ما نشهده اليوم تجاه الصحافيين الغربيين الذين يغطون الأحداث في سوريا، مشيراً إلى ان هذا ما يحصل في كل الحروب والنزاعات ومنها الحرب في فيتنام حين برزت اتهامات مماثلة. وأشار إلى أن تغطية الانتفاضات في العالم العربي ومنها في سوريا لا تؤثر كثيراً في اللبنانيين والفلسطينيين والعراقيين الذين شهدوا ولا يزالوا على حروب ونزاعات دامية. وتساءل عمن يتحمل المسؤولية عن دفع المحتجين إلى الإستمرار في الإحتجاجات ومواجهة القتل، بسبب التأكيد ان الدعم الخارجي قادم لا محالة. 

بيلايد: أبدى الصحافي جيلالي بيلايد تفاؤله بقرب حصول حلٍ سياسي في سوريا برعاية دولية وعربية، وأكد أن أكثرية الشعب السوري تريد وقف إراقة الدماء والتخلّص من المعاناة اليومية. ولفت إلى أن الجيش ليس حيادياً في الأزمة ويدعم النظام، لكنه لن يذهب بعيداً في قمع التظاهرات لأن النظام بما في ذلك الرئيس بشار الأسد والمحيطون به لا يريدون ذلك. وقال ان الشعب السوري كسر حاجز الخوف في الإنتفاضة، مضيفاً أنَّ المصالح الإقليمية والإنقسامات الدينية والإثنية في سوريا تجعل الوضع مختلفاً عن غيره من الدول العربية التي شهدت انتفاضات مماثلة، وأنَّ المعارضة فشلت في توحيد جهودها ضد النظام. وأشار إلى أن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والإتحاد الاوروبي لديها تأثير سلبي على فئات الشعب ولن تحلّ المشكلة.

وعلى الرغم من تأكيده وجود توترات طائفية قوية في حمص وانتقال ديموغرافي في بعض المناطق السورية، أكد جيلالي وانطلاقاً من مراقبته مجموعة متعددة من الناشطين المعارضين، أن هناك مشاركة طوائف مختلفة في عدد من التحركات والتظاهرت، وان الناس لديها حساً تضامنياً قوياً فيما بينها تجاه أعمال العنف. وأشار جيلالي الى انه حضر عدّة اجتماعات لشباب من المعارضة، أبدوا خلالها عن تخوّفهم وعدم رغبتهم في اتّجاه الامور نحو المسلك الديني والتطرّف. كما لا حظ ان هؤلاء الشبان هم من طوائف مختلفة، مسيحيين وعلويين وسنة ودروزاً، وهم يرفضون ان تؤول الامور الى حرب أهلية. ولفت الى التغيير الذي شهده لدى الشعب السوري، إذ زار سوريا في العام 2005، وحينها لم يكن احداً يستطيع ان يتحدّث او ينتقد النظام، في حين ان في زياراته الأخيرة أصبح الجميع بإمكانه ان يعبّر عن رأيه سواء كان ضد النظام أو معه.

وعرض جيلالي للتغطية الإعلامية للأحداث السورية، فأكد أن على الصحافي أن ينسج علاقات جيدة مع السلطات المحلية من اجل أن يقوم بمهمته في شكلٍ جيد نسبياً. وقال إنه عندما ذهب إلى درعا بعد السماح السلطات له بتغطية الاحداث كان الأمر الأصعب هو إجراء مقابلات مع الناس للإدلاء بآرائهم ومعلوماتهم، لكن أحد المواطنين تقدم وادلى برأيه، ولولا ذلك لكانت التغطية اقتصرت على وجهة نظر واحدة. ولفت إلى أن الصحافيين تتم مراقبة تحركاتهم من قبل الأجهزة الامنية ويجب عليهم ان يبلغوا السلطات عن أماكن التغطية والتصوير، وإلى أن في مرات عدة لم يسمح له بتصوير تظاهرات سلمية في منطقة دمشق.

وأضاف انه ذهب مرتين إلى حمص وحي باب عمرو برفقة السلطات لكن من دون السماح للصحافيين بلقاء الناس، مشيراً إنه في حال لم يكن الصحفي مرافقاً من ممثلين عن السلطة فلن يحظَ بالحماية، وخاصةً في مدينة حمص.

دايمون: أروى دايمون عبَّرت عن نظرتها التشاؤمية إزاء الوضع في سوريا وأبدت تخوفها من أنْ تطول الأزمة وانزلاق أعمال العنف إلى حرب أهلية، واصفة المشهد بأنه لا يمكن التوقع بنتائجه. وأكدت أنَّ النظام السوري لا يزال يمتلك الكثير من عناصر القوة، مشيرةً في المقابل الى أنَّ المعارضة يجب أن تكون قادرة على إيجاد أجوبة عن ضمان الأمن وحماية الأقليات في حال سقوط النظام. 

ورأت دايمون أن محرك الإنتفاضة هو الشارع الذين يحاول الناشطون ضبطه على الرغم من عمليات العنف والقتل على الهوية وخاصة في حمص. وقالت ان ناشطي الإنتفاضة الذين كانت تتواصل وإياهم كانوا متخوفين من ذهاب الانتفاضة نحو التشدد وانهم يحاولون الحفاظ على الموقف المعتدل والعقلاني.

ولفتت إلى انها كانت تحاول ان تتأكد من الاخبار والمعلومات والأفلام التي تصلها من خلال التواصل مع مجموعة من الناشطين على موقع "يوتيوب"، وذلك للمقارنة بين هذه المعلومات.

وقالت إن الإنتفاضة السورية تتميز بعدم وجود قيادات لها، مشيرة إلى أن الشباب يتمكنون من استخدام تكنولوجيا الإتصال الحديثة التي يحصلون عليها من خلال تهريبها. وأضافت أنهم يحضِّرون جيداً للتظاهرات، وفي بعض الاحيان يمضون أشهراً في التحضير لتظاهرة قد لا تستمر إلا لدقائق.

وأشارت دايمون إلى أن التحدي كان يتمثل في الدخول إلى المناطق السورية بطريقة غير شرعية، وقالت إنها حصلت مرتين على تأشيرة دخول من السلطات. وذكرت أنها في إحدى المرات اخذ عدد من قوات الامن يخيفونها من المتظاهرين الخارجين من المساجد بأنهم يحملون سكاكين، لكنها لفتت إلى ان قوات الامن تبدو حكيمة في التعاطي مع الاوضاع العاصمة السورية. وقالت إنها في إحدى التغطيات لتظاهرتين في دمشق إحداها معارضة للنظام واخرى موالية، لاحظت أن في التظاهرتين تخوف من المستقبل وغضب وإحباط، على الرغم من أن التظاهرة الموالية تميزت بالأناشيد الحماسية والفرح ووجود الأولاد إلى جانب أهاليهم. 

وشددت على انها لم ترَ تأكيداً على وجود إيرانيين يساندون قوات النظام، وقالت إن على العرب التوقف عن التفكير في الإعتماد على الولايات المتحدة لحل مشاكلهم، وأشارت إلى أنَّ السياسات الاميركية في المنطقة غير متوازنة وهذا ليس سراً، لأن سياسات واشنطن هي كما تظهر إلى العلن وليست مخفية.