غراسيا بيطار عن «مختبر العالم العربي»، تحدث السفير الفرنسي في بيروت باتريس باولي في محاضرة اختتم فيها «مركز عصام فارس» الفصل الأخير من نشاطاته لهذه السنة. لم يأت الديبلوماسي الخمسيني على ذكر «فئران الاختبار»، لكنه قال «إن العالم العربي أشبه بمختبر يمكن أن نعاين فيه كل التجارب، وعلينا الانتظار، فالنتائج مفتوحة على كل الاحتمالات، سواء كانت تسير الأمور في عمليات ديموقراطية أو تنحو نحو تطورات أشد عنفا». يتحدث باولي اللغة العربية بطلاقة. وهو درس في معهد الدراسات السياسية في باريس العربية والفارسية والروسية، وسجله الديبلوماسي يشي بأنه من فئة «الشطّار» لإتقانه أيضا الإنكليزية والألمانية والاسبانية، فضلا عن تجربته الديبلوماسية العريقة.هذا جزء من سيرة قدمها مدير المركز السفير عبد الله بوحبيب عن مزايا ضيفه الذي لاقاه حشد لافت للانتباه للاستماع إلى ما سيقوله عن «فرنسا والتغيرات العربية» في لحظة إقليمية حرجة. عرض باولي موقف بلاده المعروف حيال الأزمة السورية، محملا «النظام السوري المسؤولية» وقال: «لقد قتل حتى الآن نحو 25 ألف شخص في سوريا وهجر الآلاف بسبب الموقف القاسي للنظام، ونحن ندعم عملية سياسية انتقالية تفترض تنحي بشار الأسد». لم يستبعد إقامة مناطق عازلة ولكنه شرح أن «هذا الخيار تطبيقه بعيد لحاجته الى قاعدة قانونية من مجلس الأمن».وردا على المعولين على «فرنسا اليسارية» في عهد فرانسوا هولاند بحيث تخرج من «الجلباب» الأميركي، ردّ باولي: «نحن لا نأخذ تعليمات من واشنطن. هناك حوار منفتح وصريح بيننا منذ زمن وأميركا حليفة لفرنسا ولا أرى عيبا في علاقتنا، على العكس فقد نقرر مفهوما مشتركا للأمور ولا مانع من ذلك».وشدد باولي على أن فرنسا لا تقدم السلاح نظرا للحظر المفروض على الأسلحة و«لكننا قدمنا معدات غير فتاكة»، وأبقى جوابه حيال التدخل العسكري مبهماً بعض الشيء: «نحن نفضل الانتقال السياسي ولكن لا أحد يعرف ماذا يمكن أن يحصل»، معربا، ردا على سؤال، عن «قلقنا حيال المسيحيين في سوريا، وبعيدا من التشاؤم أو التفاؤل في هذا الموضوع نشجع كل الحكومات على إعطاء ضمانات للوجود المسيحي الآمن». «فرنسا كغيرها من الدول فوجئت بالربيع العربي لكنها تنبذ العنف وهي منفتحة على الحوار مع الحكام الجدد ما دام يحترم هؤلاء القواعد الديموقراطية. إن ما يحصل في الدول العربية كليبيا ومصر هو من إرادة الشعوب».أما في لبنان «الذي تجمعه حدود متحركة بين الشعبين اللبناني والفرنسي على ما قال أمين معلوف الذي نفتخر بضمه الى الأكاديمية الفرنسية»، فسئل باولي عن سـياسة النأي بالنفس فأجاب: «نرحب بالحوار الوطني وعلى لبنان أن يـبقى بعيدا عن تأثيرات الأزمة السـورية». أعاد وجـود قوات «اليونيفيل» الى القـرار الأممي الرقم 1701، وبالتـالي «لا إمكانية لانتشارها على الحـدود الشمالية أو في شرق البلاد إلا إذا قرر مجلس الأمن في المسـتقبل خلاف ذلك». وفي معرض رده على الأسئلة ترك باولي للقضاء اللبناني البت في قضية ميشال سماحة. نزع عن المفكر الفرنسي اليهودي برنار ليفي أي صفة تمثيلية «فهو لا يمثل الحكومة الفرنسية بل نفسه»، وأعطى لمداخلته خلاصة مفادها أن المنطقة لن تنعم بالاستقرار «ما لم يتحقق السلام العربي الإسرائيلي».