28 تشرين الأول 2009

لا يسع أي لبناني- وإن على مسافات بعيدة- تكريمك من منظمة إنترناشيونال كرايسز غروب إلا إدراك مغزى ما قدمت، ليس في سبيل وطنك فحسب، وإنما أيضاً على امتداد عالم رحب يحتاج باستمرار إلى من يشيع في أرجائه السلام والثقافة والتعاون والدعوة إلى حوار الشعوب والدول. لا يسع اي لبناني عرفك عن قرب إلا أن يرى في هذا التكريم- حريّ لو كان هنا أيضاً- تقديراً لشخصية تستطيع أن تكون في حجم أمة، عندما تعجز الأمة عن أن تكون صورة رجالاتها والاضطلاع بهذا الدور. هو أيضاً مغزى آخر جعل الحوار: كأحد وجوه السلام وقبول الآخر والاعتراف بحق الخلاف، مصدراً آخر لتقريب الشعوب بعضها إلى بعض، بعيداً عن كل اشكال العنف والتنابذ والتطرف.  ذلك ما عنته أدوارك الكثيرة على مرّ سنوات طويلة، في المؤسسات الوطنية وهيئات المجتمع المدني وبين الناس في البيوت والقرى والجامعات وفي قلب معاناتهم، في الحكم والدولة والمواطنية وفي العلاقات الإنسانية

لا يعني تكريم منظمة دولية ذات صدقية في نشر الأفكار والحوار والإصغاء إلى وجهات النظر، إياكم مع رجالات طبعوا تاريخ بلادهم، إلا أحد وجوه إنصاف يقدمه الآخرون من خلالك للبنان قبل أن يقدمه لبنان لنفسه ولأبنائه. ليست رسالتك في العالم إلا رسالتك نفسها في لبنان كي يقول لبنان إنك واحداً ممن حملوا رسالته إلى العالم كذلك. هو ايضاً تقدير وتذكير بما لا يزال يعوزه بلدنا، استمرار الحوار ونبذ الخلافات والتطلع إلى بناء مجتمع مدني منفتح متعدد يحتكم إلى القنون ويرتكر على الثقافة والسلام والاتصال، على صورة تاريخه وجغرافيته. 

لأ أود الاكتفاء بتهنئتكم- من القلب- على هذا التكريم فحسب، بل آمل في أن يكون تكريماً لرسالتك. لا أظنني إلا متيقناً من أنك لا ترى تكريمك إلا تكريم هذه الرسالة التي أشعتها في أبعد من حدود بلدك الصغير، على امتداد إنسانية فسيحة.

بكل محبة وتقدير.