وأعلن فارس انه سيعود الى لبنان، وإن يكن لم يحدد موعداً لها، مشيراً الى أنه وعد رئيس الجمهورية ميشال سليمان بهذه العودة. أما البطريرك صفير فنوّه بعطاءات فارس "الذي يحتاج اليه لبنان دوماً مدرسة في العطاء والمحبة، ومرجعية فاعلة لاستقامة الحياة الوطنية فيه".
والاحتفال الذي اتسم بالصفة العائلية، حضره سفير لبنان في فرنسا بطرس عساكر والنائب البطريركي العام المطران رولان ابو جودة والوكيل البطريركي الماروني في باريس المونسنيور سعيد الياس سعيد والوكيل البطريركي في الكرسي الرسولي المونسنيور طوني جبران، والقيم البطريركي الخوري جوزف بواري وشخصيات.
وتضمنت البراءة البابوية الصادرة عن أمانة سر الفاتيكان ان الوسام جاء "تقديراً لمساهمات وتعزيز حوار الحضارات، وتشجيع روح المصالحة بين الافراد والمجموعات داخل لبنان وخارجه"، وركّزت على "المبادرات الانمائية الرائدة التي تضطلع بها مؤسسة الرئيس عصام فارس، والهادفة الى ازالة معوقات النمو البشري من خلال تحسين فرص التطور والتقدم، وتخفيف حدّة التوترات الاجتماعية وتنمية الطاقات العلمية والثقافية في أوساط الأجيال الناشئة".
بداية، قصيدة لأمين النشر والتراث في "رابطة قنوبين للرسالة والتراث" جورج عرب، أشاد فيها بالبطريرك وفارس. ثم ألقى البطريرك صفير كلمة جاء فيها: "يسعدنا ان نلتقي بكم في هذا المساء، وان نشكر استضافة دولة الرئيس عصام فارس والسيد الفاضلة زوجته هلا لنا، استضافة تترجم محبة عامرة في قلبيهما تجاهنا، نبادلهما إياها مقرونة بالدعاء والتقدير. ويطيب لنا ان نسلمكم يا دولة الرئيس الاشارات الرسمية للوسام البابوي الرفيع، الذي منحكم اياه قداسة الحبر الأعظم البابا بينيديكتوس السادس عشر.
ان منحكم هذا الوسام البابوي الرفيع هو دليل على المكانة المميزة التي تحتلونها في قلب قداسة الحبر الأعظم، وفي قلبنا شخصياً. وهي مكانة تؤكد التقدير العميق لشخصكم وقد اضطلعتم بمبادرات انسانية رائدة في لبنان وخارجه، سعت الى تلبية حاجات كبيرة لدى المعوزين والفقراء، وطموحات كبيرة لدى الشباب التواقين الى العلوم، وتطلعات عالية لدى القيمين على مراكز الدراسات والأبحاث، كما سعت الى توفير مقومات التنمية الانسانية الشاملة في مختلف القطاعات والمجالات. وما قمتم به جاء عطاء مسيحياً متجرداً ومثلاً يقتدى به منزهاً عن كل غاية، ومترفعاً عن كل تمييز وفئوية، وكان في أساس ما لقيتم من تكريم وتقدير لدى الكثير من المرجعيات الدولية تتوجهما اليوم التفاتة قداسة الحبر الأعظم تجاهكم.
وفي كل مرة تكرّمون في المحافل الدولية تهدون التكريم الى وطنكم لبنان، الذي يحتاج اليكم دوماً مدرسة في العطاء والمحبة، ومرجعية فاعلة لاستقامة الحياة الوطنية فيه، ومساهماً أساسياً في برامج نهوضه الاقتصادي والاجتماعي (...)".
كلمة فارس
ورد فارس فقال: "صاحب الغبطة والنيافة، إنه لشرف كبير لعقيلتي هلا ولي ان نستقبلكم اليوم في دارتنا الباريسية ولنردد القول المأثور في قرانا اللبنانية: حلّت البركة يا سيد. هذا الوسام الرفيع أتقبله اليوم بشكر واعتزاز، ليس فقط لأنه صادر من أعلى سلطة كاثوليكية في العالم قداسة الحبر الأعظم البابا بينيديكتوس السادس عشر، بل لأن من يقلّدني إياه هو أعلى مرجع ماروني في لبنان والعالم صاحب النيافة والغبطة الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير بطريرك انطاكية وسائر المشرق. لقد شئتم ان تقلدوني شخصياً هذا الوسام وتكرمتم بأن يجري الاحتفال في هذه الدار لتباركوها كما تفضلتم وكرمتمونا أخيراً لدى تشريفكم دارتنا في بينو وبالكلمة المؤثرة التي خصصتموني بها النابعة من قلبكم الكبير الحامل هموم لبنان والساهر على هويته وتراثه ودوره.
أما ما نوّهتم به من انجازات انسانية وتربوية وانمائية وسواها، فأؤكد لكم أنها ما كانت لتتحقق لولا ايماني بتعاليم السيد المسيح وبخاصة منها: "أحبوا بعضكم بعضاً". وبعد، فالى قداسة الحبر الأعظم عظيم امتناني وعرفاني للفتته المباركة وتمنياتي وأدعيتي ان يحفظه الله بموفور العافية والعطاء لمجده تعالى وخير الانسانية، والى غبطتكم الشكر والتقدير الفائقين وقد طوقتم عنقي بهذا التكريم الذي سيبقى محفوراً في العقل والقلب. عشتم يا صاحب الغبطة والنيافة وعاش البابا بينيديكتوس السادس عشر وعاش لبنان الوطن الرسالة موئلاً للحق والحرية والقيم". وعلى الأثر قلّد البطريرك النائب السابق لرئيس الحكومة فارس الوسام، مع شاراته الرسمية، وسلّمه البراءة وقد كتب على العلبة التي حوتها: "الصديق كالنخل يزهر ومثل أرز لبنان ينمو".
ميدالية لهلا فارس
كذلك قلّد البطريرك الماروني السيدة هلا فارس ايقونة سيدة قنوبين البطريركية "عربون تقدير لدورها الانساني والاجتماعي". وقبيل اختتام الاحتفال، سئل الرئيس فارس عن موعد عودته الى لبنان، فأجاب: "لبنان في القلب، وقد غادرت بعدما نذرت نفسي لعشر سنين من أجل السياسة في لبنان، ووقعت الأزمة الاقتصادية، ولكن لا تكرهوا شيئاً لعله خيراً، وهذه مناسبة اليوم للعودة والعمل على بناء مؤسساتنا وشركاتنا التي اهملنا". وأضاف: "ان شاء الله تكون العودة قريباً، وكل اللبنانيين على اختلاف طوائفهم وانتماءاتهم في قلبي وأنا اينما ذهبت في العالم، لا أجد في قلبي إلا لبنان". وماذا يقول للسياسيين اللبنانيين؟ أجاب: "الله يقوّيهم ويأخذ بيدهم ويعطيهم القوة لكي يكونوا مخلصين لوطنهم". وكشف فارس انه سيعود هذا الصيف الى لبنان على الأرجح، مشيراً الى انه وعد رئيس الجمهورية ميشال سليمان في اتصال هاتفي معه بأنه سيعود هذا الصيف الى لبنان. وعن الاستحقاقات الانتخابية قال: "أنا بعيد عنها في هذه المدة، وسأعود الى بلدي الذي هو في قلبي دائماً، وأولادي وعيالهم لم يتركوا لبنان". وهل ينتظر التوقيت السياسي للعودة؟ أجاب: "في الحقيقة لا انتظر التوقيت السياسي، وفي كل مناسبة كنت أرغب في النزول الى لبنان، ولكن التوقيت السياسي يدفعني الى عدم النزول. وفي كل يوم سياسات جديدة وانتخابات جديدة، ولكن ان شاء الله ستكون العودة قريبة". وهل هو خائف على مستقبل لبنان في ظل ما يتعرض له من تهديدات؟ أجاب: "لبنان أبدي سرمدي دائم، وما دام فيه شعب من هذا النوع منتشر في كل انحاء العالم، فإنه لا ينتهي". وهل سيكون مع فريق ضد فريق آخر من السياسيين، عند عودته الى لبنان؟ اجاب: "شعاري دائماً هو الوفاق والمحبة بين الجميع، ولست متحيزاً لأحد، والخلاف الديموقراطي بين الافرقاء السياسيين شيء طبيعي في بلد ديموقراطي كلبنان، وإن لم يكن هناك من خلاف، فلا تكون ثمة ديموقراطية. هل تريدين ان يكونوا كلهم على رأي واحد؟". وتلقى فارس اتصالاً هاتفياً من بطريرك الروم الارثوذكس اغناطيوس الرابع هنأه فيه بمنحه الوسام البابوي. وكان صفير وفارس عقدا قبل حفلة تقليد الوسام، خلوة لنحو 45 دقيقة عرضا خلالها الأوضاع في لبنان والتطورات الخارجية ذات التأثير على الوضع الداخلي.
"يوم عصام فارس"
في "يوم عصام فارس" من الزيارة البطريركية المارونية لفرنسا، ثمة سؤال معكوس يطرح نفسه: "ماذا فعل الوطن لعودة مواطنيه؟". سؤال وجب التوقف عنده، وثمة مَن يجب ان يفعل لتأمين كل مستلزمات البقاء، أو لعودة كل من ابتعد لسبب أو لآخر.
باريس – من حبيب شلوق