أخبار دولية
سلسلة محاضرات جامعة تافتس
PrintEmail This Page
جورج ميتشل: مبادىء السلام: إيرلندا الشمالية والشرق الأوسط


السيناتور ميتشل: إنّ سلسلة محاضرات عصام فارس هي معروفة في تطوير العلاقات الدولية



أشار زعيم الأكثريّة السّابق في الولايات المتّحدة السيناتور جورج ميتشل الذي قاد مسيرة السّلام في ايرلندا إلى سرور الرّئيس كلينتون وإدارته لانتخاب الجنرال اميل لحّود رئيساً للجمهوريّة اللّبنانيّة وإلى رغبتهم في استقبال الرّئيس الجديد في أقرب فرصة في واشنطن.
وكان الرّئيس بيل كلينتون أرسل ميتشل وهو أميركي من أصل لبناني إلى ايرلندا ليقود مفاوضات السّلام فيها.

ألقى السيناتور ميتشل الزّعيم السّابق للأكثريّة في البرلمان وفي مجلس الشّيوخ الأميركي خطاباً ضمن سلسلة محاضرات عصام فارس السّنويّة في جامعة تافتز في بوسطن. وشدّد فيه على ضرورة مواصلة الإدارة الاميركيّة جهودها لإحلال سلام دائم في الشّرق الأوسط أيضاً. ورأى ميتشل أنّ السيّد عصام فارس أنشأ مدرسة جديدة في التّفكير بفضل الانجازات التي بذلها في سبيل وطنه على الصّعيدين المحلّي والدّولي

. مقتطفات من خطاب السيّد فارس::

إنّها مناسبة خاصّة جدّاً بالنّسبة إليّ وفرصة فريدة لسلسلة محاضرات عصام فارس السّنويّة في جامعة تافتز. هي مناسبة خاصّة لأنّ المحاضر الذي بيننا في هذه الأمسية يجري في عروقه دم لبناني وايرلندي إلاّ أنّه قبل كلّ شيء أميركي صرف. وهو رجل دولة كبير ومفاوض مصلح من الدّرجة الأولى على المستوى الدّولي؛ إنّه رجل المهمّات الصّعبة. كان بوسعي أن أقول إنّه رجل "المهمّات المستحيلة" لكنّ "المستحيل" يصبح "ممكناً" معه. هذا الرّجل هو السيناتور جورج ج. ميتشل.

عندما يتكلّم مُحاضرُنا الكريم على مشاكل ايرلندا الشّماليّة والشّرق الأوسط فإنّه في الواقع ينكبّ على مشاكل مجتمعات مختلفة تعيش حالة اضطراب كما يتناول طريقة إحلال السّلام والاستقرار داخل هذه المجتمعات من خلال الحلول الوسط والمصالحة.
إنّ المشكلة الأساسيّة الّتي يواجهها عالم اليوم هي النّزاع المستمرّ بين مختلف المجموعات العرقيّة ومختلف الأديان ومختلف المجموعات اللّغويّة ومختلف الأمم ذات الايديولوجيّات المختلفة. فالتّحدي يكمن في أن نجيد التّعرّف إلى الآخر والاصغاء إليه وفهمه والعيش معه بسلام والتفاعل معه. وهذا ليس بالأمر اليسير لكن علينا بذل كلّ الجهد الممكن إذا كنّا نريد للحضارة أن تتطوّر وتدوم.
ساد السّاحة الدّوليّة خلال العقدين الأخيرين نزاعان كبيران هما نزاع ايرلندا الشمالية ونزاع لبنان وسيُكتب الكثير عن حلّ نزاع ايرلندا الشّماليّة في الصّيغة التي توصّل إليها محاضرنا.

إنّ في خبرة السّيناتور ميتشل كمفاوض في النّزاعات الدّوليّة فائدة كبيرة لنا في مسيرة السّلام الّتي تخصّنا في الشّرق الأوسط. فكما أنّه وظّف الرّوح الايرلنديّة فيه للعمل على حلّ النّزاع في ايرلندا الشّماليّة فإنّي متأكّد بإنه سيوظّف أيضاً الرّوح اللّبنانيّة فيه ليحلّ النّزاعات – المحتملة والحاليّة – التي تهدّد السلام والاستقرار والتّقدّم في لبنان والشّرق الأوسط.

إنّ السّيناتور ميتشل هو في الأساس مشرّع وتوّج مهنته هذه بتحوّله إلى داعيَة سلام. إنّ الانتقال من وضع رجل دولة أميركي إلى وضع رجل دولة عالمي ليس شرفاً كبيراً فحسب بل هو خصوصاً مسؤوليّة كبرى. وبصفته "رئيس المجموعة الدّوليّة لحلّ النّزاعات" التي أتشرّف بأن اكون عضواً فيها يعمل السيّد ميتشل مع فريق من الاختصاصيّين حول العالم على حلّ النّزاعات المحتملة قبل أن تتحوّل هذه الأخيرة إلى عنف وحروب. وفي هذا مقاربة جديدة للمشاكل العالميّة، مقاربة ذات أهمّيّة لا مثيل لها لمستقبل السّلام.
ملخّص لخطاب ميتشل: :

عبّر السّيناتور جورج ميتشل في مطلع كلامه عن غبطته وفخره للمشاركة في سلسلة محاضرات عصام فارس في جامعة تافتز لما لهذه المحاضرات من شهرة في مجال تطوير العلاقات الدّوليّة. فهي عبارة عن مزيج خاص بين مدرستين: الأولى جامعة تافتز التي هي مركز دولي والثّانية النّائب عصام فارس الذي في مجاله يشكّل مدرسةً في التّفكير حتى بلغ شهرة عالميّة ونجاحاً كبيراً في مجال عمله وفي بلده. وهو من جهة أخرى رجل ملتزم بالشّأن العام وبمبادئ السّلام والدّيموقراطيّة في الشّرق الأوسط وفي سائر أنحاء العالم.

وأعلن السيّد ميتشل عن خالص سروره لتزامن وجوده في بوسطن مع وجود النّائب عصام فارس فيها وأعرب عن أمله في أن يرى لبنان وسائر بلدان الشّرق الأوسط تنعم بسلام دائم كما هو الحال في ايرلندا.
إنتقل بعدها إلىالكلام على المراحل التي مرت بها مفاوضات السّلام التي تولاّها في ايرلندا وأعلن أنّ مبادئ السّلام في ايرلندا وفي الشّرق الأوسط هي تقريباً نفسها وإن اختلفت في بعض فصولها وعناصرها. غير أنّ طرق السّلام كافةّ، سواء في ايرلندا أو في الشّرق الأوسط، تمرّ مباشرة في الولايات المتّحدة.
أضاف ميتشل أنّ البديل الوحيد للسّلام هو الموت والسّلطات التي تعي مصالح شعبها هي وحدها القادرة على تحقيق السّلام المنشود ووضع حدّ للنّزاعات. ونجاح السّلام، أي سلام، في ايرلندا مرهون من جهة بتعاون القادة الايرلنديّين ومن جهة أخرى بدور الولايات المتّحدة وبتعزيز سلطتها وبتأثيرها على الصّعيد الدّولي وبالمساعدة الماليّة والاقتصاديّة التي تقدّمها.
"يجب أن يكون هدف الإدارة الأميركيّة الأساسي إحلال السّلام وصونه وضمان الازدهار والدّيموقراطيّة فللولايات المتّحدة تأثير كبير في العالم والاتّفاق الأخير الّذي وُقِّع في ايرلندا هو نتيجة التزام الرّئيس الأميركي الشّخصي بإنجاح مساعي السّلام".

رأى ميتشل أنّ مفاوضات السّلام كانت شاقّة رغم كونها إنجازاً تاريخياً علماً بأنّه لا يمكن إحلال السّلام بعصا سحريّة كما أنّ مبادئ السّلام تختلف من مكان لآخر. فلكلّ بلد هويّته الخاصّة وخصائصه ومنطقه الخاصّ لكن لكلّ نزاع حلّ والّذين يؤمنون بالسّلام ويدركون أسباب النّزاعات قادرون على إيجاد حلول لهذه النّزاعات. فكلّ ما يلزم هو التصميم على إحلال السّلام وايجاد فرص تحقيقه والبحث عن السّبل التّي ينبغي علينا سلوكها لبلوغ هذا السّلام أيّاً كانت الصّعوبات.
ثمّ عرض ميتشل لوضع الشّرق الأوسط وذكر العمليّات الحربيّة التي خلّفت الموت والدّمار والنّزاعات المسلّحة. ورأى أنّ العنف إذا استمرّ فإنّما يشير إلى أنّ الرّغبة في السّلام ضعيفة جدّاً وإذا لم تتغيّر المواقف المبنيّة على العنف والسّلطة فإنّ جهود السّلام ستُمنى بالفشل.

واعتبر أنّ إعطاء دفع جديد لمسيرة السّلام في الشّرق الأوسط يجب أن يقترن برغبة في السّلام صادقة لدى المسؤولين كما أنّ منطق العقل والحقّ والحوار الشّجاع الذي تبنّاه قادةُ شجعان يجب أن يتغلّب على العنف وعلى منطق القوّة وذلك للمضيّ قدماً في مسيرة السّلام.

وشدّد ميتشل من جهة أخرى على ضرورة وجود إدارة أميركيّة ملتزمة بمسيرة السّلام في الشّرق الأوسط وأعرب عن ثقته بإمكانيّة التّوصّل إلى سلام عادل وشامل ودائم في المنطقة لأنّ كلّ الأطراف ترغب في ذلك. ولكن على القادة السّياسيّين من جهتهم أن يتحلّوا بالاعتدال وأن يباشروا مفاوضات قائمة على الحقّ وعلى إرادة تقديم تنازلات متبادلة. ويجب أن يكونوا مستعدّين ومصمّمين على تحمّل ثقل مسيرة السّلام المنشود منذ أمد بعيد وتنفيذ الاتّفاقات المعقودة على الصّعيد الدّولي.

وتكلّم السّيناتور أخيراً على أمّه اللّبنانيّة وعلى حبّه لها كما على إرادته ورغبته في المشاركة في كلّ مسعى يسمح بتحقيق سلام عادل ودائم وشامل في لبنان لأنّ لهذا الأخير دوراً كبيراً في السّلام. وأعلن أنّ أباه وأمّه لم يكونا يجيدان القراءة أو الكتابة لكنّهما عملا بجدّ وإيمان ليصبح ابنهما في ما بعد زعيم الأكثريّة في البرلمان الأميركي وفي مجلس الشّيوخ وقائد مسيرة السّلام في ايرلندا. وأعرب عن أمله مع مطلع القرن الواحد والعشرين في أن يسود السّلام والازدهار هذا العالم الذي عرف الكثير من الويلات والمصاعب والأزمات وتمنّى أن يحلّ السّلام في العالم وخصوصاً في لبنان ودول الشّرق الأوسط بما فيه خير أولادنا.

وكان ميتشل أشار في مقابلة أجراها لدى وصوله إلى بوسطن إلى إرادة الولايات المتّحدة وتصميمها على دعم لبنان وصون سيادته واستقلاله. كما دعا إلى تطبيق كلّ القرارات الدّوليّة لوضع حدّ للنّزاع في الشّرق الأوسط.

وأعلن أنّه فخور بجذوره، بأمّه اللّبنانيّة وأبيه الايرلندي كما أكّد أنّه لم يتسّنَ له لقاء الرّئيس اللّبناني الجديد اميل لحّود شخصيّاً لكنّه سمع عنه الكثير وعن الدّعم الذي يحظى به من اللّبنانيّين وعن قوّة شخصيّته التي ستكون عوناً له في مهمّاته كقائد للبلاد. وتحدّث عن سرور الرّئيس كلينتون وإدارته لانتخابه وقال إنهما يتمنّيان لقاءه في أقرب فرصة في الولايات المتّحدة. وأضاف السّيناتور ميتشل بأنّ الأميركيّين من أصل لبناني يبذلون جهوداً بنّاءة لتوثيق الصّلات بين البلدين علماً بأنّ للبنان دوراً بالغ الأهمّيّة في المنطقة. وإذا قُدِّر للّبنانيّين تفادي الدخول في دوّامة النّزاعات الدّوليّة والاقليميّة فإنهم قادرون على تحقيق كلّ ما يصبون إليه من ازدهار بلادهم وإعمارها.